معهد إيطالي يتهم إيران وإسرائيل بالمساهمة في الفوضى السياسية بالعراق
تحدث معهد دراسات إيطالي عن تداعيات الفوضى السياسية الداخلية في العراق على منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وعلى العلاقات والديناميكيات مع بعض البلدان خاصة، مثل إيران وإسرائيل.
وتطرق موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" إلى الدور التاريخي للزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر في البلاد، خاصة تأثير علاقاته مع طهران وباقي الفصائل الشيعية الموالية لها.
عائلة الصدر
وأثار قرار الزعيم الشيعي الانسحاب من الحياة السياسية في 23 أغسطس/آب 2022 احتجاجات في جميع أنحاء البلاد، إثر نزول أنصاره إلى شوارع العاصمة للتظاهر، ما تسبب في أعمال عنف أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى.
ووصف الموقع الإيطالي قرار الصدر بأنه "كان غير متوقع وجاء مثل الصاعقة، لا سيما وأنه أحد أشهر الشخصيات العامة وأكثرها نفوذا على الساحة السياسية العراقية".
قبل ذلك، أعلن الزعيم الشيعي في يونيو/حزيران 2022 قرار الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين"، وفق قوله.
يأتي ذلك بعد أن تصاعدت حدة الخلافات والصراع على السلطة بين المكونات الشيعية في العراق، نتيجة الخلاف بشأن تشكيل الحكومة إثر انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، خاصة بين الصدر و"الإطار التنسيقي".
و"الإطار التنسيقي"، يجمع أحزابا شيعية عراقية وكان قد تشكل في مارس/آذار 2021، في بيت رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، قبل أن تنضم إليه القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات في مواجهة مع التيار الصدري.
وذكر الموقع أن مقتدى الصدر سليل "عائلة شيعية شهيرة وقوية"، وهو الابن الرابع للزعيم الشيعي محمد محمد الصادق الصدر الذي اغتيل عام 1999 في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.
وبحسب الموقع الإيطالي، جمع مقتدى الإرث السياسي لوالده صادق، الذي كان شخصية بارزة ومرجعية للعالم الشيعي العراقي في السنوات الأخيرة من الألفية الماضية.
وتابع أن الزعيم الشيعي ورث عن والده نفس النفور من "أولئك الذين حاولوا على مر السنين فرض نفوذهم أو هيمنتهم على العراق".
في البداية انحاز ضد التدخل العسكري وغزو الولايات المتحدة وحلفائها للبلاد عام 2003، ثم حارب "تنظيم الدولة" ومحاولته إنشاء خلافة جديدة في الشرق الأوسط.
وانسجاما مع أفكاره الخاصة بشأن استقلال الشعب العراقي عارض بشدة النفوذ الذي تمارسه إيران في البلاد ومحاولاتها زيادة سلطتها.
وأدى القمع العنيف أيضا من قبل المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران للمظاهرات والاحتجاجات في الشوارع نهاية عام 2019، إلى توتر العلاقات بين الطرفين.
كما تجلى الانفصال بين الصدر والنخب الدينية السياسية الإيرانية بشكل واضح بعد أن شكك رجل الدين الشيعي كاظم الحائري في شرعية الصدر لقيادة التيار الصدري الذي أسسه والده، رغم فوز تحالف "سائرون" بالانتخابات السياسية بحلول عام 2021 بأغلبية نسبية في مقاعد مجلس النواب.
صراع ديني
وأشار الموقع إلى أن الغزو الأميركي للعراق وسقوط نظام صدام حسين أدى إلى التفكك الكامل للقوات المسلحة والنظام الأمني ونزع الشرعية عن الغالبية العظمى من دعاة المشهد السياسي في البلاد، وهو ما عجل بدخول البلد في دوامة من عدم الاستقرار المستمر.
كما انعكس الانقسام العرقي والديني الذي يميز البلاد على المستوى السياسي لدرجة أن البلاد غرقت منذ عام 2006 في حالة دائمة من الصراع المسلح بين الشيعة والسنة، غذتها السياسات التمييزية للحكومة الشيعية لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي بين عامي 2005 و2014، وكذلك التدخل الأجنبي، وفق الموقع الإيطالي.
ويرى "معهد تحليل العلاقات الدولية" أن "التأثير المتبادل الذي تمارسه ديناميكيات السياسة الداخلية والخارجية واضح في بلد مثل العراق".
وشرح بأنه "في الواقع، تلعب بغداد دورا رئيسا ضمن نظام الأمن الإقليمي المعقد، نظرا لخصائصها الداخلية وخصوصيات جيرانها، خصوصا وأنها موطن لمواقع وأماكن دينية عديدة ومهمة بالنسبة للشيعة" .
وذكر بأن حوالي 60 بالمئة من السكان ينتمي إلى هذه العقيدة الدينية.
ولفت إلى أنه "مع ذلك، بعد انسحاب الصدر من الحياة السياسية وجد المجتمع الشيعي نفسه أكثر انقساما مما كان عليه بالفعل".
وتابع: "يبدو أن طهران قد خسرت، بدءا من وقائع احتجاجات 2019، مرورا باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في يناير/كانون الأول 2020 بغارة أميركية في بغداد، جزءا من النفوذ الذي مارسته على البلاد".
ثانيا، عانى الميثاق الاجتماعي الذي استند إليه استقرار البلاد، أي الاتفاق بين الشيعة والسنة والأكراد، من صدمات شديدة بعد محاربة "تنظيم الدولة"، مما زاد من صعوبة الوصول إلى حل وسط يسمح بتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلاد.
ويتجلى ذلك في حقيقة أنه بعد مرور حوالي عام من انتهاء الانتخابات السياسية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ما زالت البلاد دون حكومة منبثقة عن نتائجها.
وشرح الموقع أن "عناصر عدم الاستقرار هذه تولد مخاوف في المنطقة، خصوصا وأن من مصلحة العديد من الدول تجنب اندلاع صراع داخلي في بغداد".
وخص بالذكر إيران، وذلك نتيجة الأسباب المذكورة أعلاه، خاصة من ناحية فرض النفوذ.
من جانبها، شرعت إسرائيل عقب توقيعها لاتفاقيات التطبيع في الحفاظ على علاقات مستقرة وسلمية إلى حد ما مع العديد من الدول العربية في المنطقة، من أجل "كبح النفوذ الإيراني"، وفق تعبير الموقع.
لذلك، شرح أن أي "ضرر جانبي" تسببه القوى الشيعية سيؤدي إلى استقطاب جديد في المواجهة بين طهران وتل أبيب.
وشدد الموقع على أن ذلك "سيترتب عليه تداعيات على سلسلة من العمليات الجارية التي تهدف إلى تطبيع العلاقات بين دول المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بشأن إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني".