هجمات "تنظيم خراسان".. ما تداعياتها على حكم طالبان في أفغانستان؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت الهجمات التي يشنها "تنظيم الدولة" في أفغانستان منذ تولي حركة "طالبان" السلطة في البلاد بعد انسحاب الولايات المتحدة في أغسطس/آب 2021.

وأعلن "تنظيم الدولة" في أفغانستان مسؤوليته عن 224 هجوما منذ ذلك التاريخ، استهدف معظمها "طالبان"، كما استهدفت الهجمات أقليات "الهزارة" الشيعية، حسب تقرير نشر عام 2022 لموقع "سايت" الأميركي الذي يرصد نشطات الجماعات المسلحة.

سلسلة تفجيرات

وفي 30 سبتمبر/أيلول 2022 شن تنظيم الدولة في خراسان تفجيرا انتحاريا استهدف مركزا تعليميا يسمى "كاج" غرب العاصمة، وقتل 35 شخصا، حسبما أفادت بعثة الأمم المتحدة في كابول.

ومركز "كاج" مؤسسة خاصة تعقد معظم البرامج التحضيرية لدخول امتحان القبول ما قبل الجامعة، حيث وصف المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، الهجوم بـ"المرعب".

وقبل أسبوع من ذلك ضرب انفجار مسجدا وسط كابول، خلف ما لا يقل عن 7 قتلى و41 جريحا، فيما وقع في أبريل/نيسان 2022 تفجير استهدف مسجدا للشيعة في مدينة "مزار شريف"، قتل 11 شخصا وأصاب 32 آخرين.

وفي 5 سبتمبر 2022 وقع تفجير قرب السفارة الروسية، قتل فيه 6 أشخاص، منهم اثنان من موظفي السفارة، وأصيب 10 آخرون، وسط إجراء موسكو محادثات مع "طالبان" للاعتراف بحكومة الأخيرة.

وفي يونيو/حزيران 2022 أسفر تفجير مسجد شيعي في مديرية "الإمام صاحب"، أثناء صلاة الجمعة عن مقتل شخص وإصابة 4 آخرين، وكذلك وقع في مايو 2022 تفجير بمسجد شيعي في كابول، قتل فيه 14 شخصا.

فيما استهدف "تنظيم الدولة" في أكتوبر 2021 مسجدا للشيعة بولاية قندوز، قتل فيه 46 شخصا وأصيب 143 آخرون.

إحراج طالبان

توسع الهجمات الدامية، وتنامي دور "تنظيم الدولة" في المشهد الأفغاني بشكل أكبر، يضع حكومة "طالبان" الحاكمة في حرج كبير أمام المجتمع الدولي الذي تسعى الحركة لكسب الشرعية الدولية لحكمها أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي.

وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد دياب المصري، أن صعود وبروز دور التنظيم في أفغانستان "أكبر التحديات الراهنة أمام حكومة طالبان".

وأضاف المصري خلال حديث نقله موقع "حفريات" في 4 أكتوبر 2022 أن استمرار عمليات  التنظيم "سيؤدي إلى تعثر جهود طالبان في الحصول على الشرعية الدولية، خاصة إذا استمر فشلها في فرض سيطرتها الكاملة وتوفير الاستقرار التام في البلاد، ونقضت التزاماتها بكبح التنظيمات المتطرفة".

ورجح أن "تظل أفغانستان تحت حكم الحركة مرفوضة دوليا، وستصل جهودها للحصول على اعتراف دولي إلى طريق مسدودة"، لافتا إلى أنه "بعد مرور أكثر من عام من حكم طالبان يمكن القول إن حكومتها تواجه تحديات عديدة".

وتوقع المحلل السياسي أن "لا تتغلب طالبان على هذه التحديات في المستقبل القريب"، وذلك في ظل تزايد نفوذ تنظيم الدولة في خراسان.

إضافة إلى "تصاعد نشاط التنظيمات المعارضة للحركة، واتساع الخلاف بين فصائل طالبان حول كيفية إدارة الحركة لعلاقاتها الإقليمية والدولية، وأيضا تفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية في البلاد"، وفق المصري.

من جهته، قال "المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية" إن التنظيم يحاول استثمار إخفاقات طالبان وعجزها عن التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية المستفحلة التي تواجهها في تشويه سمعة حكمها داخليا، وإحباط تحركاتها المكثفة على الصعيد الدولي لنيل الشرعية الدولية الغائبة عنها.

وأشار في تقرير نشره في 8 يونيو 2022، إلى "تعدد أوجه استفادة التنظيم من عثرات الحركة، ومنها استغلاله لحالة الرفض الشعبي لحكمها والانقسامات الدائرة حتى داخل صفوفها لتعزيز تجنيده وتوسيع تمدده، لا سيما بين الفئات السكانية المهمشة والعرقيات الرافضة لممارسات الحركة ضدها".

وفي أكتوبر 2021 قال المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة "طالبان"، سعيد خوستي: "بصفتنا حكومة مسؤولة، نحن مسؤولون عن حماية جميع مواطني أفغانستان، وخاصة الأقليات الدينية في البلاد".

ضغوط شديدة

من جهته، يرى الباحث عبد الباسط، من كلية "إس. راجاراتنام للدراسات الدولية" في سنغافورة، أن "تنظيم خراسان يمارس ضغوطا شديدة على طالبان من خلال الهجمات المادية واللفظية، ما يجعل من الصعب على الأخيرة إظهار أي مرونة أيديولوجية وتساهل سياسي".

وأكد خلال مقال نشره عبر موقع "عين أوروبية على التطرف" في 5 أكتوبر 2021 أن "خراسان يحاول بذلك التشكيك في تعهد طالبان بتحقيق الاستقرار في أفغانستان، ويجعل من الصعب على الحركة الوفاء بالتزاماتها في مجال مكافحة الإرهاب، وزيادة تفاقم الانقسامات داخل طالبان نفسها".

ولفت الباحث إلى أن "حملة تنظيم خراسان المناهضة لطالبان أوقعت الحركة في مأزق، حيث تحاول تحقيق التوازن بين موقفين مستحيلين، أن تكون مرنة سياسيا وشاملة لضمان الحصول على الاعتراف الدولي والمساعدة الاقتصادية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على نقائها الأيديولوجي، من خلال اتباع سياسات متشددة".

وتوقع عبد الباسط أنه "سيكون للتطورات في أفغانستان تداعيات بعيدة المدى على السلام الإقليمي والعالمي، ومن شأن التنافس بين خراسان وطالبان أن يوسع خطوط الصدع الطائفية القائمة، ويجذب الجهاديين الأجانب من معسكرات متنافسة على حساب الجماهير الأفغانية والأقليات الدينية".

وفي هذه المرحلة، أكد الباحث أن "الولايات المتحدة لا تملك في أفغانستان سوى قدرات ضئيلة لمكافحة الإرهاب، وفي غياب قاعدة إقليمية آمنة في الجوار المباشر ستظهر نقاط ضعف استخباراتية، ما يضر بالسلام والأمن العالميين".

ورأى أن "تنظيم خراسان يحاول في الوقت الراهن الحصول على مكاسب سياسية من هجماته العنيفة لتعزيز حربه الدعائية بدلا من تحقيق مكاسب مادية، وهكذا، يصعد من هجماته الدعائية واللفظية على طالبان لإجبارها على اعتماد سياسات متشددة، ما يحرم نظامها من الاعتراف الدولي والمساعدة المالية".

وشدد عبد الباسط على أنه "من شأن حرمان أفغانستان من النقد في ظل اقتصاد يوشك على الانهيار أن يجعل تنظيم خراسان يواصل بقوة مهاجمة طالبان لفرض انهيار داخلي، من أجل الاستفادة من الفوضى الناجمة عن ذلك".

ويحمل مراقبون حركة طالبان المسؤولية عن تنامي نشاط "تنظيم الدولة"، إذ بعد سيطرتها على أفغانستان، أفرغت العديد من سجون البلاد، بما فيها سجن "باروان"، في قاعدة "باغرام" الجوية، وكان يحتجز فيها المئات من مقاتلي التنظيم، فيما أعدمت الزعيم السابق للتنظيم، أبو عمر خراساني.

وعقب ذلك مباشرة بادر "تنظيم الدولة" إلى فرض نفسه مجددا على الساحة، وذلك عبر تفجير 26 أغسطس/ آب 2021، في مطار كابول الذي أسفر عن مقتل 13 أميركيا، وأكثر من 170 أفغانيا.

ويعود تأسيس “تنظيم خراسان” بأفغانستان إلى عام 2015، كفرع لـ"تنظيم الدولة"، الذي ظهر عام 2014 في سوريا والعراق، وجعل من جنوب آسيا وآسيا الوسطى نطاقا لعملياته.

وعلى عكس “طالبان” التي تعتمد على الأفغان في تكوينها، يتكون "تنظيم الدولة" من جنسيات عدة.

واستهدفت عمليات التنظيم القوات الأفغانية والأميركية والباكستانية وطالبان، إلى جانب المدنيين.