حرب باردة.. هل تشكل قمة "شنغهاي للتعاون" نظاما عالميا بديلا للغرب؟
رأت صحيفة تركية أن هجوم روسيا على أوكرانيا والأزمة في العلاقات الروسية الغربية زادت من أهمية الاجتماع الثاني والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في مدينة سمرقند.
واستضافت سمرقند الأوزبكية قمة شنغهاي يومي 15 و16 سبتمبر/أيلول 2022 بحضور رؤساء دول ومراقبين.
وتضم المنظمة التي تأسست في يونيو/حزيران 2001، ثماني دول هي روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وباكستان والهند وأوزبكستان، بينما نالت تركيا صفة "شريك في الحوار" ضمن المنظمة عام 2012.
وبينت صحيفة يني شفق التركية في مقال للكاتبة إيلنور إسماعيل أنه كان لدى الدول الحاضرة مقاربات مهمة للأزمات على المستوى العالمي وخاصة للحرب الباردة الجديدة بين الغرب وروسيا.
النظام أحادي القطب
وسلطت الكاتبة الضوء على اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، وعلى المحاولات الأخيرة التي بذلتها موسكو وبكين، اللتان تعارضان نظاما عالميا تحت سيطرة الولايات المتحدة، لتعظيم علاقاتهما في جميع المجالات.
وأردفت: الصين، التي تعد واحدة من الدول التي حمت روسيا من العزلة في النظام الدولي بعد هجومها على أوكرانيا، مترددة في دعم الكرملين علنا بشأن أوكرانيا.
ويجدر هنا أيضا أن نتذكر قرار "التعاون غير المحدود" في اجتماع بوتين وشي جين بينغ في بكين قبل وقت قصير من هجوم روسيا على أوكرانيا.
وأضافت: عسكريا، تظهر التدريبات العسكرية المشتركة للبلدين والزيادة في واردات الغاز الطبيعي الروسي من قبل شركات الطاقة الصينية أيضا مستوى العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة.
في وقت الاجتماع الثنائي، لوحظ أن شي جين بينغ لم يذكر قضية أوكرانيا. من ناحية أخرى، أكد بوتين أنه يدعم الصين في مسألة تايوان.
واستدركت: أعلن كلا الزعيمين أنهما لن يسمحا للولايات المتحدة بإعادة إدارة النظام الدولي بشكل أحادي القطب تحت سيطرتها في النظام العالمي المتغير، وأنهما يؤسسان نظاما بديلا للعالم الغربي.
وعلى الرغم من كل هذه العلاقات الإيجابية، فمن المعروف أيضا أن الصين، (التي تعلن أن لديها خطوطا حمراء)، دقيقة بشأن سياساتها الجزائية ضد روسيا في العديد من المجالات.
وهي طرف في العقوبات حتى لا تمنع بعض الشركات الصينية من الوصول إلى الأسواق الغربية. وأشارت الكاتبة إلى أن الرسالة التي يريد زعيم كل بلد مشارك إيصالها في هذا الاجتماع مهمة.
وإذا كانت روسيا قد أعطت رسالة مفادها أنه لا يمكن عزلها، فإن الصين تظهر في هذه المعادلة أن أهميتها في جميع المشاكل العالمية قد ازدادت أكثر من ذلك، وخاصة قبل الانتخابات (الخاصة بالحزب الشيوعي) المقرر إجراؤها في الصين في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وتابعت الكاتبة أن "وزن شي جين بينغ في الخارج سينعكس أيضا بشكل إيجابي على السياسة الداخلية".
كما تظهر زيارة شي جين بينغ إلى دول آسيا الوسطى بعد الاجتماع أن المنطقة سيكون لها أهمية إستراتيجية في السياسة الخارجية الصينية على المدى الطويل، بحسب تقييمها.
واستدركت: جاءت نتائج مهمة في إعلان القمة في سمرقند، مثل تحسين التعاون المتبادل بين الدول الأعضاء، وضمان الأمن والاستقرار الإقليميين والعالميين، والتدريبات المشتركة في مكافحة الإرهاب، وتحسين التنمية الاقتصادية.
وعلى وجه الخصوص، ذكر في الإعلان بشكل غير مباشر، أن المنظمة التي تعارض النظام العالمي المتمركز حول الغرب، لا تستهدف أي دولة ومنظمة دولية.
وتأكيدا على المشاكل الراهنة في النظام الاقتصادي العالمي، قال المجتمعون إن مؤسسة مثل منظمة التجارة العالمية تحتاج أيضا إلى إصلاحات.
وذكروا أن الأمن والاستقرار الدوليين ينبعان من محاولات بعض الدول تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي من جانب واحد.
ودعا قادة الدول الأعضاء إلى الامتثال لأحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتكديس واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها.
وشددوا أيضا على دعمهم لتجريد الفضاء من السلاح والتوقيع على وثيقة دولية ملزمة قانونا يمكن أن تضمن منع حدوث سباق تسلح فيه.
أهمية تركيا
واستدركت: تكشف الأزمات التي يواجهها النظام الدولي اليوم وأهميته الجيوستراتيجية أن قرارات السياسة الخارجية التركية يجب أن تكون أكثر براغماتية وبعيدة عن الأيديولوجية والعاطفية.
وبهذا المعنى، وعلى الرغم من كونها عضوا في منظمة مهمة مثل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فإن وجود تركيا في منظمة شانغهاي للتعاون مهم جدا.
وأشارت الكاتبة إلى أن الاجتماعات الثنائية للرئيس رجب طيب أردوغان مع قادة الدول الأعضاء في قمة سمرقند مهمة أيضا.
وفي الوقت الذي يبتعد فيه العالم الغربي عن المحادثات مع الرئيس الروسي ويفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على روسيا، فإن اجتماع أردوغان وبوتين والجهود المبذولة لزيادة تعزيز العلاقات الثنائية مهمة للغاية.
وأضافت: في الوقت الذي انتقدت فيه الدول الغربية سياسات تركيا تجاه روسيا التي لم تتبع نفس السياسات التي اتبعتها، جرى اتخاذ قرارات مهمة لمصالح أنقرة الوطنية من خلال اجتماع أردوغان وبوتين في سمرقند.
فمن ناحية، وعلى الرغم من ضغوط العالم الغربي، التي تمنع روسيا من جلب حبوبها الخاصة إلى الأسواق العالمية، فإن تصريحات تركيا بأنها تستطيع تصدير الحبوب الروسية من موانئها الخاصة بعد الاجتماع مهمة جدا حتى لا تسمح لأزمة الغذاء العالمية بالتعمق.
وتابعت: على وجه الخصوص، إذا أخذت في الحسبان انتقادات بوتين بشأن تسليم الحبوب الأوكرانية إلى البلدان المتخلفة والنامية بوساطة تركيا، فإن مثل هذا التصدير من الموانئ التركية وتحت سيطرة تركيا سيجرى تسليمه إلى البلدان الفقيرة في إفريقيا وآسيا على نطاق أكثر إنسانية.
ولفتت الكاتبة إلى أنه "في فترة تتمتع فيها أوروبا، التي تعتمد على الغاز الطبيعي الروسي لفترة طويلة، بنصيبها من الأزمات، فإن السياسات التي تتبعها تركيا مهمة حتى لا تواجه مشاكل مماثلة".
في الاجتماع الأخير للقادة، يجب تقييم حقيقة أن تركيا يمكنها دفع 25 بالمئة من الغاز الطبيعي الذي تشتريه من روسيا بالروبل بشكل إيجابي في نطاق تحقيق التجارة مع العملات المحلية في العلاقات الاقتصادية الثنائية لفترة طويلة.
وأردفت: في نطاق فقدان أهمية أحزمة الغاز الطبيعي الممتدة من أوكرانيا والطرق الأخرى إلى أوروبا مع العقوبات المفروضة على روسيا، تزداد أهمية مشروع السيل التركي وتكشف أن تركيا واحدة من أكثر الدول موثوقية لروسيا.
كما أن القرارات المتخذة بشأن بناء محطة أكويو للطاقة النووية مهمة أيضا بالنسبة لتركيا.
وأضافت: في الفترة التالية، هناك احتمال كبير بأن تدرج عضوية تركيا في منظمة شانغهاي للتعاون على جدول الأعمال.
وبالنظر إلى النظام العالمي المتغير والأهمية المتزايدة لتركيا، يمكن تحقيق هذه العضوية.
وعلى وجه الخصوص، من شأن هذه العضوية أن تزيد من الأهمية الإستراتيجية لتركيا لمراعاة أهداف إنشاء المنظمة ومصالح أنقرة في الجغرافيا التي يقع فيها التركيز، بحسب تقييم الكاتبة التركية.