تطور مفاجئ.. بأي صفة يزور محمد دحلان روسيا ويلتقي وزير خارجيتها؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، جرى دعوة محمد دحلان المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي سابقا والرئيس الإماراتي حاليا محمد بن زايد رسميا إلى العاصمة الروسية موسكو.

التقى دحلان، وهو قيادي مفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، في روسيا وزير الخارجية سيرغي لافروف، مباشرة بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها نفتالي بينيت إلى موسكو. 

رفع شأن

ويرى منتدى الفكر الإقليمي، ومقره في تل أبيب، أن هذا امتياز غير عادي يشير إلى محاولة روسية لرفع شأن دحلان، متسائلا "ماذا تريد موسكو من ذلك وكيف ربطت الإمارات العربية المتحدة بذلك؟".

وأشار المنتدى العبري إلى أنه في 18 أكتوبر، نُشر مقال للصحفي الفلسطيني "ماجد عزام" على موقع العربي الجديد، حلّل فيه مغزى زيارة دحلان الأخيرة لموسكو ومحاولة روسيا إعادته إلى موقع قيادي في الساحة الفلسطينية.

وأشار الصحفي عزام إلى أن دحلان زار موسكو بدعوة رسمية والتقى بوزير الخارجية لافروف ومسؤولين حكوميين آخرين.

وبحسب وسائل إعلام يسيطر عليها دحلان وموالية له، فإن المباحثات تناولت المصالحة الداخلية في حركة "فتح" والساحة الفلسطينية ككل وعملية المفاوضات مع إسرائيل. 

ويرى عزام من جهته أن الدعوة الروسية جاءت استجابة لتقارير عن محاولات دولة الإمارات تقييد خطوات دحلان، رغم أنه يمثّل القطب المعاكس للأنظمة القديمة مثل عبد الفتاح السيسي في مصر، وخليفة حفتر في ليبيا وبشار الأسد في سوريا. 

من ناحية أخرى، يشير عزام إلى أن هؤلاء الحكام يمثلون جزئيا أيضا شكلا قديما من النظام، بصفته "مزيجا فريدا". 

ويرى الكاتب أنه لا يحق لكل شخصية فلسطينية مقابلة لافروف، وأن توقيت الزيارة ومكانها بعد نفتالي بينيت وقبل زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (في نوفمبر/تشرين الثاني 2021) أي في الشهر التالي، "دليل على جهود روسيا لرفع شأن دحلان". 

ولفت الموقع العبري إلى أن مصر لم تبد أي قلق من اتصالات الروس، ربما لضعفها مقارنة بروسيا، وربما كان ذلك لأن الخطوة الروسية عُدَّت دعائية وخارجة عن السياق.

ويصف عزام كيف حاول إعلام دحلان تقديمه على أنه رجل طاهر لا يتصرف بدافع الشهوة وإنما من منطلق رغبته الصادقة في المصالحة وصياغة موقف فلسطيني موحّد تجاه إسرائيل. 

عزلة عباس

كما أكدت هذه الحملة على العزلة التي يعيشها الرئيس عباس وعدم قدرته على أداء الدور الوطني والتاريخي المطلوب من حركة فتح.

ويقول عزام: "يعلمون في موسكو أنه لا توجد فرصة لزيادة شعبية دحلان وإعادته إلى فتح، بسبب المعارضة القوية للرئيس عباس وقادة آخرين في الحركة". 

وأشار الباحث "عمير تاوبر" إلى أن الروس يدركون أن دحلان ومقرّبيه ليسوا حاضرين أو مقبولين في الضفة الغربية، خاصة أن الرجل متّهم بالتآمر ضد حركة فتح في غزة.

ومن المؤكد أن دحلان الذي يعيش في أبو ظبي لن يكون له دور في جهود المصالحة التي قادتها مصر والتي جرى تجميدها بعد أن قرّر الرئيس عباس إلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أبريل/نيسان 2021، فهذا القرار أعاد الحوار والمصالحة إلى نقطة البداية.

ويوضح عزام أن "التقارير التي سمعناها أخيرا عن محاولات استئناف جهود المصالحة هي أكاذيب هدفها فقط تسهيل حفاظ القاهرة على السلام ومنع حدوث تصعيد في قطاع غزة والضفة الغربية".

وعلى غرار المصالحة الفلسطينية، يشرح عزام أن محاولة بدء عملية السلام غير مجدية أيضا.

ويعزو ذلك إلى تجاهل الحكومة الإسرائيلية للموضوع من أجل الحفاظ على نزاهة الائتلاف ومنع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو من العودة إلى الحكم. 

ولفت الباحث تاوبر إلى أن المجتمع الدولي يقبل الموقف الإسرائيلي، فلا مجال للتقدم في هذا الشأن.

لا يمكن فرضه

ويرى عزام أن دور الإمارات في زيارة القيادي الفلسطيني محمد دحلان لموسكو لا ينبغي تجاهله.

ويذكر أن العديد من قادة فتح والسلطة الفلسطينية يؤكدون بشدة أنه لا يعمل في الخارج كمسؤول فلسطيني، ولكن كبعوث إقليمي لحكومة الإمارات العربية المتحدة.

ويتابع: "وفق هذه الخلفية، يجب أن نعي لماذا بعد زيارة دحلان، دُعي وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد إلى روسيا لتنسيق الجهود لتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد".

وهكذا يمكن تفسير زيارة صدام (نجل اللواء الانقلابي خليفة حفتر) لإسرائيل، لأن والده يمثل مصالح الإمارات وروسيا في ليبيا.

ووفقا لعزام يبدو أن روسيا تستخدم القضية الفلسطينية كغطاء لجهودها التدخلية الأخرى في المنطقة، كما أن علاقة روسيا بإسرائيل "أكثر تنسيقا وأقل تحالفا".

ويرى الباحث تاوبر أن التحليل الذي قدمه عزام دقيق للغاية، كما أن دحلان شخصية غير مرغوب فيها في حماس، ووردت أنباء أخيرا عن وضعه قيد الإقامة الجبرية بعد تدهور علاقاته مع حكام الإمارات.

وتساءل تاوبر: "هل تؤمن روسيا ودولة الإمارات حقا أنه (دحلان) الذي يعد شخصا مهتما بذاته ووقحا، ثريا بطرق مشبوهة وإجرامية، يمكن أن يُفرض على الفلسطينيين؟".

وخلص الباحث تاوبر في نهاية مقالته إلى القول: الأرجح أن دحلان كان يُنظر إليه على أنه خادم وليس أكثر، ويبدو أن فرصه في استبدال الرئيس عباس في يوم من الأيام معدومة في الوقت الحالي.

تطور مفاجئ

وفي سياق متّصل، أشار المركز المقدسي الأورشلمي -في مقال سابق- إلى أن هناك تطورا مفاجئا في موسكو، إذ يلتقي محمد دحلان وزير الخارجية الروسي.

وتساءل المركز العبري: "هل هذا اللقاء علامة تحذير لعباس؟"، لافتا إلى أنه من التطورات المفاجئة في اليوم الأخير على الساحة الفلسطينية الدولية لقاء محمد دحلان لافروف.

وأشار المحلّل السياسي في المركز "بنحاس عنبري" إلى أنه جاء في رسالة نشرت على موقع دحلان أن اللقاء كان حول تصحيح جبهة فتح في مواجهة سياسات الاحتلال من جهة وقيادة المشروع الوطني من جهة أخرى.

وهذا يعني أن دحلان تحدث مع لافروف عن خلافة أبو مازن، إن لم يكن عن إزاحته.

ويرى المحلّل عنبري أنه من الصعب التعامل مع هذا التطور باستخفاف، فالعلاقة الشجاعة مع روسيا هي إحدى الركائز الأساسية لسياسة أبو مازن.

كما أن الباحثتين إيزابيلا جينور وجدعون رامز زعمتا أن أبو مازن كان عميلا لـلاستخبارات السوفيتية "كي جي بي" خلال فترة من حياته في دمشق.

وحتى الآن، فإن إحدى العقبات في استئناف المحادثات مع إسرائيل هي إصرار عباس على حرمان الولايات المتحدة من الدور القيادي في محادثات السلام.

ولكن يريد تسليم هذا الدور إلى اللجنة الرباعية التي تتمتع فيها روسيا بوضع مساو للولايات المتحدة، تمهيدا لإقامة مؤتمر دولي أقرب إلى روسيا منها إلى الولايات المتحدة.

وفي نظر عباس، فإن دحلان هو ورقة حمراء، أطاح به من فتح وكاد يقبض عليه في رام الله، لكنه هرب، ليطلب بعدها أبو مازن من الإنتربول اعتقاله.

وخلص المحلل السياسي عنبري إلى القول: إذا توجهت روسيا نحو دحلان، فمن المحتمل أن يكون هناك إجماع بين القوى والدول العربية القيادية على أن طريق أبو مازن السياسي قد انتهى.