رغم تصدر إفريقيا للمتضررين.. إجراءات غربية أحادية للنجاة من أخطار الجفاف

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تطرق معهد دراسات إيطالي إلى آثار ظاهرة الجفاف المهددة للعالم بأسره، من أوروبا إلى أستراليا، وكذلك الولايات المتحدة وإفريقيا، مستعرضا حلول بعض الدول في مجابهتها والتقليل من أضرارها. 

وقال معهد الدراسات السياسية الدولية إن "ما بدا في البداية ظاهرة مناخية ومحلية بحتة، ينتشر الآن ليصبح كارثة اقتصادية واجتماعية، كما حدث مع الجفاف الكبير الذي ضرب أستراليا منذ الأعوام الأولى للعقد الأول من القرن الـ21".

آثار عالمية

وحذر المعهد في تقرير نشره على موقعه، من أن "الجفاف يعرض للخطر التوازن الهيدرولوجي الذي تتضمنه البنى التحتية من قنوات وشبكات المياه والسدود إلى جانب آثاره الحتمية على اقتصادات العالم".

وفي "تقريرها الخاص عن الجفاف"، قدرت الأمم المتحدة على سبيل المثال، الأضرار الناجمة عن الجفاف في الولايات المتحدة وحدها بأكثر من 6 مليارات دولار في السنة.

في حين ترتفع أخطار التأثير الاقتصادي المتوقع على الاتحاد الأوروبي بنحو 9 مليارات يورو.

بينما تسبب جفاف الألفية في أستراليا في انخفاض الإنتاجية الزراعية للبلاد بنسبة 18 بالمئة بين عامي 2002 و2010.

وفي الهند، لا يزال تأثير الجفاف الشديد يتراوح بين 2 و5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي تقرير آخر بعنوان "الجفاف بالأرقام 2022" صدر في مايو/أيار 2022، حذرت منظمة الأمم المتحدة من موجة جفاف عالمية قد تؤثر على ثلاثة أرباع سكان الأرض بحلول عام 2050، مشيرة إلى أن الجفاف زاد خلال العقدين الأخيرين بنسبة 29 بالمئة.

وأبرز التقرير أن العديد من البلدان الإفريقية تعاني أكثر من غيرها من عواقب الظواهر الطبيعية والجفاف، لافتا إلى أن هذه المشاكل بدأت تتزايد بشكل أكبر في بلدان أخرى من العالم، ما يدعو إلى "دق ناقوس الخطر"  في أوروبا أيضا.

وبحسب المنظمة العالمية، يعيش نحو 3.6 مليارات شخص في مناطق تعاني من نقص المياه لمدة شهر واحد على الأقل سنويا، وبحلول عام 2050، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى ثلاثة أرباع سكان العالم.

وأكد الموقع الإيطالي أن هذه الظاهرة تؤثر على اقتصادات العالم، ولهذا السبب تحاول الحكومات مجابهتها باستجابات مجزأة ومعزولة في كثير من الأحيان، لكنها لا تزال ضرورية للحد من المعضلة.

وذكر المعهد أنه في الثمانينيات تم التخطيط لبناء سد في جبال إقليم أومبريا وسط إيطاليا في منطقة مليئة بالغابات وغنية بالمياه التي كانت تتدفق بغزارة من التلال والجبال. 

وبعد مرور 40 عاما تم الانتهاء من بناء سد كياتشو عام 2022 وامتلأ الخزان بـ16 مليون متر مكعب من المياه المتدفقة من نهر كياتشو. 

وأشار المعهد إلى أنه عند التشغيل الكامل للبحيرة الاصطناعية ستصل إلى 50 مليون متر مكعب بطول 20 كيلومترا، وسيصل ارتفاعها إلى 305 أمتار، وهو مستوى سيسمح أيضا بإنتاج طاقة كهرومائية نظيفة ومستدامة.

ولفت إلى أنه "لم يتبق في هذه المرحلة سوى خطوة استكمال شبكة التوزيع التي ستنقل المياه الضرورية للزارعة ولسكان منطقة كبيرة وسط أومبريا تمتد من بيروجيا إلى مونتيفالكو وتشمل حوالي 8 آلاف هكتار من الأراضي".

ونوه المعهد بأن بناء السد سيساعد في التخفيف من الجفاف الصيفي "الرهيب"، لا سيما وأن إقليم أومبريا لا يعد الوحيد في إيطاليا الذي يعاني من نقص المياه عام 2022، إذ إن نهر بو، الأكبر في البلاد يعاني بدوره أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاما.

وبحسب "وي بيلد" (المجموعة الصناعية الإيطالية المختصة في أعمال البناء والهندسة)، فإن إنشاء محطات تحلية جديدة من شأنه أن يسمح بالاستجابة على المدى القصير لمشكلة الجفاف في إيطاليا التي يشكو 32 بالمئة من سكانها من صعوبات في الحصول على مياه الشرب.

تهديد راهن

ولفت الموقع الإيطالي أن "موجات الجفاف تضرب أيضا أقصى شمال جبال الألب، حيث يكون الصيف عادة باردا وممطرا"، مشيرا إلى أنه "نتيجة لذلك تحولت حديقة هايد بارك في لندن إلى سهوب محترقة". 

ووصف الموقع الماء بـ"ذهب الألفية الجديدة"، مؤكدا بأن "السدود لا غنى عنها الآن للجميع". 

وأفاد بأنه في "بورتسموث، مدينة ساحلية جنوب غرب لندن، تقوم إنجلترا ببناء أول سد للمياه العذبة منذ الثمانينيات". 

وأوضح أن "بحيرة هافانت ثيكيت الاصطناعية، التي ستنشأ من بناء السد باستثمار 100 مليون جنيه إسترليني، ستتولى مهمة توفير المياه للزراعة والمنازل لمنطقة جنوب شرق بريطانيا".

وذكر الموقع أن "المنطقة تعرضت لأزمة شح في المياه خلال السنوات الأخيرة، بسبب نقص هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة". 

جدير بالذكر أن الخزان يحتل مساحة 160 هكتارا، وسيحتوي على 8.700 ملايين لتر، بسعة 21 مليون لتر يوميا. 

كما يتضمن المشروع إنشاء شبكة من مسارات الدراجات وللمشاة والخيول، بالإضافة إلى حماية المنطقة البرية الواقعة على الجانب الشمالي والتي ستصبح محمية طبيعية.

وألمح المعهد الإيطالي إلى أن "استخدام البنى التحتية لضمان الإدارة السليمة للمياه، كان امتيازا للعديد من الولايات الأميركية". 

وذكر أن "أحد الأمثلة الأكثر أهمية هو بالتأكيد سد روزفلت، الذي تم الإنتهاء من بنائه عام 1911، والذي لا يزال يمثل أحد أكبر الخزانات لمدينة فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا الواقعة في واحدة من أكثر المناطق الصحراوية للبلاد".

وعلق بأن الإدارة السليمة للأراضي والمياه تخفف من تأثير الجفاف، بينما على العكس من ذلك، تؤدي زيادة الطلب على المياه والاستخراج من الأحواض الطبيعية والاصطناعية للزراعة المكثفة إلى تفاقم مشاكل نقص المياه. 

وأضاف أن "المسألة باتت تهديدا راهنا بشكل خاص كما يتضح من الجفاف الذي يتعرض له نهر كولورادو الإستراتيجي للمحاصيل الزراعية في سبع ولايات أميركية".

ويشكو النهر، مثل العديد من الأنهار الأميركية الأخرى، انخفاض مستويات المياه.

وأوضح أن هذه المشكلة جرى حلها من خلال إنشاء محطة لسحب المياه من أكبر بحيرة صناعية في أميركا، بحيرة ميد، مما يسمح رغم الجفاف بتأمين مياه الشرب لمدينة لاس فيغاس.

وشدد الموقع على "ضرورة أن تكون الاستجابة لأزمة تطرق أبواب أوروبا اليوم أكثر من أي وقت مضى بطريقة فعالة وتكنولوجية".