"بدون دراما".. فرنسا تسحب آخر جنودها من مالي وتعيد تحديد إستراتيجيتها
.jpg)
قال تقرير إسباني إن التوتر بين باريس وباماكو، ودخول المرتزقة الروس إلى البلد الإفريقي؛ أدى إلى إنهاء عملية برخان لمكافحة الإرهاب بعد تسع سنوات من التدخل الفرنسي في مالي.
وقالت صحيفة إلباييس إن فرنسا أخرجت منتصف أغسطس/آب 2022، آخر جندي لها في مالي، الدولة التي تدخلت فيها الدولة الأوروبية في عام 2013 عبر عملية لمكافحة الإرهاب. وجاء هذا التطور بعد سنة تحديدا من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.
في جميع الأحوال، يعد الانسحاب الذي بدأ قبل نصف سنة نتيجة للتوترات بين باريس ونظام باماكو الانقلابي ووجود مرتزقة روس في الدولة الإفريقية، وفق تعبير الصحيفة.
وأوضحت أن فرنسا، القوة الاستعمارية القديمة، تسعى في الوقت الراهن إلى إعادة تحديد
لكن منذ التسعينيات تآكل هذا الثقل تدريجيا في ظل اهتمام الصين ودول أخرى بالمنطقة. وبشكل عام، يفتح الفشل في مالي نقاشا حول فعالية التدخلات العسكرية.
ظروف غير مواتية
وجاء في بيان لقصر الإليزيه أنه "في 17 فبراير/شباط 2022، بعد التحقق من أن الظروف السياسية والعملياتية غير مواتية للاستمرار في مالي، قررت فرنسا بالتشاور مع الشركاء الأفارقة والأوروبيين إعادة صياغة عملية برخان خارج أراضي مالي".
وبدءا من 15 أغسطس 2022، يصبح هذا الانتشار الجديد ساري المفعول مع مغادرة آخر جندي فرنسي مالي. ونوهت الصحيفة بأن رحيل فرنسا من البلد لا يعني انتهاء عملية التدريب العسكري الأوروبية التي تلعب فيها إسبانيا دورا مركزيا.
لكن، أصبح عدد الجنود المشاركين في هذه المهمة أقل، وانخفض بشكل كبير وبات مستقبلها غير واضح. من جهة أخرى، لا تعني نهاية ما يسمى بعملية برخان في مالي انسحابا فرنسيا من إفريقيا أيضا.
وعلى الرغم من أنها حاضرة بأعداد قليلة، فإن قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية ستحافظ على وجودها في دول أخرى بالمنطقة.
وغادر آخر جندي فرنسي الحدود بين مالي والنيجر في حدود الساعة الواحدة ظهر 15 أغسطس بتوقيت باريس، بعد نقل السيطرة على قاعدة جاو إلى القوات المسلحة المالية، بحسب بيان صادر عن هيئة الأركان العامة الفرنسية. ومن هناك توجهوا إلى قاعدة نيامي في النيجر.
ونقلت الصحيفة أنه دون صور درامية أو خطب رسمية أنهت فرنسا تدخلا بدأ قبل نحو عقد من الزمان بطلب من السلطات المالية لوقف تقدم الإرهابيين، وأودى بحياة 59 جنديا فرنسيا.
ونتيجة هذا التدخل الفرنسي لم تسقط باماكو عاصمة مالي. لكن في الواقع لم يمنع الوجود الفرنسي والدولي دون أن يتحول الساحل إلى بؤرة عالمية للإرهاب، ولم يحل دون توجيه اتهامات مستمرة تعد التدخل الفرنسي بمثابة الاستعمار الجديد، وفق الصحيفة.
وفي هذا المعنى، وصل عدد الجنود الفرنسيين في مالي، خلال أحد الفترات، إلى حوالي 5500 جندي.
بعد الانقلاب العسكري المزدوج في مالي، خلال عامي 2020 و2021، شهدت العلاقة بين باماكو وباريس توترا، بلغ أوجه في يناير/كانون الثاني 2022 عندما طردت حكومة مالي السفير الفرنسي.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قد وصف حكام هذا البلد من قبل بأنهم "غير شرعيين".
وذكرت الصحيفة أنه عشية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير كان الوجود المتزايد لقوات فاغنر الروسية في مالي، وقربهم من المجلس العسكري أحد أسباب الانقسام والتوتر بين فرنسا ومالي.في هذا السياق، قال أحد مساعدي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال تلك الأزمة: "من غير المعقول أن يكون الجيش الفرنسي مرتبطا بشكل مباشر أو غير مباشر بفاغنر". وبعد أيام قليلة أعلن الانسحاب من الأراضي المالية.
منافسة وذرائع
ونقلت الصحيفة أن الخبير في شؤون الإرهاب إيلي تينباوم والعقيد لوران بانسيبت كتبا في مقال لهما، يحمل عنوان "ما بعد عملية برخان: إعادة التفكير في الموقف ال
وبالإضافة إلى تقدم القاعدة أو تنظيم الدولة، يحذر التقرير من "عودة المنافسة ال
وفي هذا السياق حذر ماكرون خلال جولة في إفريقيا خلال يوليو/تموز 2022 مضيفيه من أن "روسيا واحدة من آخر القوى الإمبريالية الاستعمارية، فهي تقرر غزو دولة مجاورة للدفاع عن مصالحها".
وأشارت صحف إسبانية إلى أن ماكرون اتخذ من فاغنر ذريعة للضغط على المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس) لمعاقبة "حليفته" مالي.
ونتيجة لذلك فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عقوبات قاسية على مالي.
كما أرادت فرنسا توريط شركائها في الاتحاد الأوروبي في فشل حملتها الإفريقية، تقول الصحيفة.
وفي هذا المعنى تساءلت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، في لقاء عقدته في مدينة بريست مع نظرائها الأوروبيين عن كيفية مواصلة العمليات العسكرية "في بلد يخضع لعقوبات ويستخدم مرتزقة".
وتتهم الحكومة الفرنسية مالي باللجوء إلى شركة الأمن الروسية الخاصة "فاغنر"، في محاولة لإشراك موسكو بشكل مباشر في نزاعاتها مع دولة كانت حتى الآن، مثلها مثل غيرها من المستعمرات الفرنسية السابقة في المنطقة، جزءا من مجال النفوذ الخاص بها.
في المقابل، لطالما رفضت روسيا وجود روابط رسمية مع مجموعة فاغنر، لكنها لا تتخلى عن الحفاظ على علاقاتها مع الدول الإفريقية وتوسيعها.
وهذه المنافسة ليست فقط مع فرنسا والقوى الاستعمارية السابقة الأخرى، ولكن أيضا مع الولايات المتحدة والصين وتركيا.
عموما، لا تعد علاقات موسكو مع مالي حديثة تماما. في اليوم التالي لرحيل آخر جندي فرنسي وإعلان الاستقلال عام 1960، باشر الاتحاد السوفيتي اتفاقا يوفر للبلد الإفريقي المواد الحربية، وأيضا تدريب الطيارين المدنيين والعسكريين، تخلص الصحيفة.
















