إبعاد أميركا للانقلابي حفتر.. هكذا يرى عضو في "الأعلى الليبي" حل الأزمة

12

طباعة

مشاركة

أكد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي عبدالقادر حويلي، أن الجنرال الانقلابي خليفة حفتر وأذناب نظام معمر القذافي يقفون وراء الممارسات التخريبية التي جرت تحت ستار التظاهرات الأخيرة، من أجل إثارة الفوضى والانقضاض على المشهد.

وأضاف حويلي، الذي يشغل أيضا عضوية "ملتقى الحوار السياسي" الليبي، في مقابلة مع "الاستقلال"، أن القوات في العاصمة طرابلس تعي هذا السيناريو وتقف أمامه بالمرصاد، لكن بالوقت ذاته من حق الشعب الليبي أن يتم تحسين الخدمات له وحل الأزمة الراهنة.

وفي الأسبوع الأول من يوليو/ تموز 2022، شهدت عدد من المدن في غرب وشرق وجنوب ليبيا مظاهرات تطالب برحيل جميع المؤسسات السياسية القائمة وإجراء الانتخابات دون أي تأخير، وتخللها اقتحامات لهيئات رسمية، في مقدمتها مبنى برلمان طبرق شرقي البلاد.

تطور لافت

وقال حويلي إن المتمرد حفتر  وأذناب نظام القذافي يقفون وراء هذا المخطط، وهدفهم إثارة الفوضى وإخراج الأوضاع عن السيطرة، لكنهم فشل في ذلك.

وأضاف أنه للأسف هناك بعض الثوار تماهوا معهم وذلك بسبب الأداء السيئ للأجهزة التنفيذية الحكومية وكذلك النيابية المتمثلة في مجلس الدولة وبرلمان طبرق، ونتيجة خلافاتهما وعدم اتفاقهما على القاعدة الدستورية والتوجه للانتخابات.

ولفت إلى أن الشعب الليبي كان ينتظر من اجتماع مجلسي النواب والأعلى للدولة في جنيف خيراً واستبشر خاصة بعد تصريحات المبعوثة الأممية ستيفاني وليامز بأن الأمور جيدة.

واستدرك: لكن للأسف عدم الوصول إلى حل نتيجة لمحاولة تفصيل قاعدة دستورية على مقاس شخص بعينه (خليفة حفتر) وهو شرط الجنسية، والذي سبق أن اتفقنا عليه في القاهرة بأنه لا يجوز ترشح مزدوجي الجنسية، لذلك فشل الحوار مرة أخرى.

وفي 30 يونيو/ حزيران 2022، أعلنت المستشارة الخاصة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، انتهاء اجتماعات رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح ومجلس الدولة الاستشاري خالد المشري في جنيف، دون الاتفاق على النقاط الخلافية العالقة وأبرزها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

كما رأى حويلي أن إضرام النار في مبنى برلمان طبرق بمثابة رسالة من حفتر إلى عقيلة صالح بأنه لا يستطيع أن يعمل دون حمايته، ورأينا أن الكتيبة 106 المناط بها حماية مجلس النواب انسحبت قبل وصول المتظاهرين.

وأضاف أن هذا يفسر وجود تماهٍ من حفتر مع عمليات الحرق والتخريب ليبين عجز صالح عن حماية نفسه، ويؤكد أنه لا يستطيع أن يستمر إلا بالاتفاق معه، وهذا مجرد إنذار.

وعن مستقبل حفتر، أوضح عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي أنه لم يبق أمام حفتر سوى أحد الخيارات الأربعة التالية:

- إما أنه يكون شخصا ميتا في القبر مثل أعوانه محمود الورفلي، وونيس بوخمادة، وابريك اللواطي.

- أو أن يكون مُهجَّرا مثل المنشقين محمد الحجازي وعبد السلام البرغثي.

- أو أن يكون في السجن مثل بعض الضباط الموجودين بيد حفتر الآن .

- أو أن يكون شخصا يعمل بدون إرادة مثلما هو عقيلة صالح الآن وفتحي باشاغا.

وأكد وجود مخططات من طرف النظام السابق، لنشر الفوضى بالبلاد من أجل التأكيد للشعب أنهم الأقدر على خدمته، وظهرت معالم ذلك في المناطق التي يسيطر عليها حفتر وسيف الإسلام القذافي ولم تحدث في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية.

كما أكد أن هذه التظاهرات المفتعلة من قبل أذناب حفتر والقذافي هي كلمة حق يراد بها باطل، ومن حق الشعب الليبي أن يتم تحسين الخدمات له، لكن بعيدا عن الحرق والتخريب فهذا مخالف للقوانين.

الخطوة التالية

وعن مصير الخلاف بين المجلسين، أوضح حويلي أنه على البعثة الأممية أن تتدخل لإنهاء الأزمة، حيث إن إحالة الأمر مجددا إلى مجلسي النواب والأعلى للدولة لن يحل الأزمة، لأن أعضاء البرلمان مسلوبو الإرادة ولا يستطيعون التصويت علانية على شيء ضد رغبة حفتر.

وأضاف كما يمكن أن تُحال المسألة إلى الشعب الليبي، عبر أن يضع المجلس الأعلى للدولة مشروع دستور على حسب شروط الترشح التي يراها، وكذلك مجلس النواب يضع مشروع دستور على حسب شروط الترشح التي يراها، ويتم عرض المشروعين على الشعب ليختار بينهما.

كما لفت إلى أن الذهاب إلى انتخابات برلمانية قد يحل الأمر إلى حد كبير؛ لأن الذهاب إلى انتخابات رئاسية صعب للغاية وغير متفق عليه حتى هذه اللحظة وتسبب في إشكالات عديدة، وعلى البعثة أن تضغط على مجلس النواب والدول الداعمة له على أن يرضوا بالانتخابات البرلمانية لتوحيد السلطة التشريعية في أقرب الآجال.

وأردف أنه مع رحيل الأجسام الحالية سينتهي الصراع في ليبيا لأنه أصلا مُشكل سياسي، حيث إن الانقسام السياسي الحاصل في عام 2014 كان سبب المشكلة التي تشعبت إلى أمنية وعسكرية واقتصادية وكان لها تداعيات اجتماعية، فإذا حلت المشكلة السياسية سوف ينتهي الانقسام.

وشدد على أن أي حل لا يسفر عن إنهاء عمل مجلس الدولة ومجلس النواب لن يكون حلا ناجعا، ويجب إنهاء عمل هذين المجلسين لتُحل مشاكل ليبيا كافة ويتم توحيد السلطة التشريعية وطي كل المشاكل بانتخابات رئاسية بعد ذلك.

وبشأن مصير حكومتي الدبيبة وباشاغا، قال حويلي إن حكومة الأخير ولدت ميتة أصلا وبالنسبة لحكومة الأول في حال انتخاب سلطة تشريعية جديدة تقوم باختيار رئيس وزراء جديد يقوم بتشكيل حكومته ويعرضها على مجلس النواب وساعتها تسلم حكومة الدبيبة السلطة لتلك الجديدة.

وعن إمكانية توحيد الحكومتين، استبعد أن تحل هذه الخطوة المشكلة؛ بل ستزيد الاحتقان والغضب تجاه الحكومتين، مضيفا أن حكومة باشاغا بتشكيلتها غير مرضي عنها، كما أن حكومة الدبيبة لم تستطع أن تقدم خدمات جيدة، والاثنتان فاشلتان.

على الصعيد الأمني، استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي أيضا أن تشهد ليبيا انفلاتاً أمنياً بعدما تم احتواء أزمة التظاهرات المفتعلة وإفشال محاولة زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

وقال إنه تم كشف نوايا الانتهازيين الذين يستغلون معاناة الشعب الليبي وظهرت وجوههم القبيحة التي لا تريد حلا للأزمة بقدر ما تريد تدمير الوطن.

تعقيد دولي موازِ

دوليا، لفت حويلي إلى أن ثمة تأثيرا كبيرا على الأزمة بسبب التدخل السلبي السافر من بعض الدول الإقليمية والأوروبية، فضلا عن عدم التوافق على حل للأزمة بمجلس الأمن الدولي.

ومضى يقول: "فهناك خلاف بين فرنسا وإيطاليا، وآخر بين أميركا وروسيا، وتنافسات إقليمية أخرى، فلم يستطع مجلس الأمن تعيين مبعوث خاص لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وهذا خلل كبير في منظومة الأمم المتحدة".

وأشار إلى أن ردود الفعل الدولية على المظاهرات والتخريبات الأخيرة كانت سيئة طبعاً، فهم يقولون أنهم يريدون تهدئة واحترام القانون وحقوق الإنسان، وهذه كلمات فضفاضة لا تثمن ولا تغني من جوع ولا تخرج الأزمة الليبية من عثرتها.

واستدرك بالقول: بينما نحن نريد أن يرفع المجتمع الدولي يده عنا وخاصة فرنسا وإيطاليا وأميركا التي يمكنها أن تسحب مواطنها خليفة حفتر عن ليبيا.

وزاد أن الولايات المتحدة يمكنها أن تفعل الكثير بإبعاد حفتر الذي يقتل وينهب يدمر ويشرد الشعب الليبي، وينتهك القوانين المحلية والدولية.

وتابع: وعلى فرنسا وإيطاليا أن يتوقفا عن دعم المهربين للثروات الليبية، وعلى المجتمع الدولي إفساح المجال لحل ليبي محلي 100 بالمئة، ولا نريد حلا يفرض علينا برؤية وأجندات أجنبية.

ورغم تعقيد هذا المشهد، شدد حويلي على ضرورة أن يعتمد الليبيون على أنفسهم ولا ينتظروا من المجتمع الدولي حلاً، حيث أنه منقسم على نفسه في الأصل.

وأضاف: كما أنه لا توجد مبادرات دولية ولكن توجد مبادرات منفردة من بعض الدول التي تسعى إلى الهيمنة على ليبيا وحدها، والتدخلات الدولية للأسف سلبية.

وأكد أنه "ما لم يتوحد الليبيين فيما بينهم لحل أزمتهم فأنها لن تحل لأن المجتمع الدولي لن يفعل شيئا".

حويلي دعا أيضا الليبيين إلى التعجيل بحل مشكلتهم قبل حل الحرب الأوكرانية، مضيفا، "لنستغل انشغال روسيا ودول أوروبا في الحرب الأوكرانية لتخليص بلادنا من المرتزقة ونحقق توحيد مؤسساتنا المالية والتشريعية".

وأردف: "الصراع الليبي سينتهي عندما يعي الشعب الليبي طبيعة المشكلة، ويفرق بين من يريد حل الأزمة وبين من يذهبون إلى جنيف والقاهرة، من أجل خدمة مصلحة شخص واحد هو حفتر".

وختم عضو المجلس الأعلى للدولة بالقول: "من المعلوم أن ليبيا كبيرة على الأشخاص وتستحق أن تُحكم بإرادة ليبية لا من خلال شخوص ما لصالح جهات أجنبية".