"عقل نتنياهو".. صحيفة إسرائيلية تحلل دور رون ديرمر في اتفاق غزة

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

وصفت قسيسة يهودية وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بأنه"مهندس نجاة إسرائيل"، مدعية أن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة ما كان ليتم إلا بانخراطه فيه.

وقالت أليزا بيليشوسكي، وهي أيضا عمدة مستوطنة "متسبيه يريحو" في الضفة الغربية: "تخيّل أن تقضي سنوات من حياتك تخرج من منزلك كل صباح قبل أن يستيقظ معظم الناس، وتعود متأخرا في الليل بعد أن يكون معظمهم قد عادوا، كل ذلك لتخدم شعبك".

وأضافت في مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية: "تفوتك الاحتفالات والإجازات والاجتماعات العائلية، وحتى متعة العشاء البسيطة في البيت، ويوم السبت لم يعد يوم سبتٍ حقيقيا، والنوم الهانئ أصبح حلما عابرا، ويوم الراحة صار خيالا أشبه برحلة إلى المريخ".

“أحد أعظم أبطال إسرائيل”

وتابعت القسيسة: "ربما يظن المرء أن خادما مخلصا لشعبه وعائلته كهذا سيستقبله أهله في منزله بجموع غفيرة حاملة الهدايا، تعبيرا عن امتنانها للتضحيات التي قدمها من أجل البلاد".

"حتى أولئك الذين يختلفون مع سياسات وقرارات الحكومة سيتمتعون باللياقة للاعتراف بجهود المسؤول الحكومي وإظهار احترامهم له".

واستدركت: "لكن هذا الظن خاطئ. فبدلا من أن يحتفي بهم الجمهور، واجه رون ديرمر وعائلته محتجين أمام منزلهم لما يقرب من عامين، يصرخون ويهتفون بغضب جامحٍ على مدار الساعة. بل إن أحد الحاخامات عد من المقبول الصراخ داخل شرفات منزل ديرمر عبر مكبرات الصوت".

ورأت بيليشوسكي أن "سلوكهم لا يحمل فقط وصمة العار، بل يسبب إحراجا بالغا".

رون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية والسفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، يعد "المهندس الصامت" لبقاء إسرائيل، وفق وصف بيليشوسكي. 

وأضافت: "هذا القائد صاحب الرؤية المولود في ميامي، الذي جمع بين الخبرة الأميركية والحماسة الصهيونية، حوّل التهديدات الوجودية إلى انتصارات إستراتيجية".

"فلم يقتصر دوره على تعزيز دفاعات إسرائيل ضد حماس وإيران والعزلة الدولية خلال العامين الماضيين فحسب، بل أعاد تعريف الدبلوماسية على أنها وضوح أخلاقي وقوة لا تلين". بحسب تعبيرها.

وترى الكاتبة أن "ديرمر هو أحد أعظم أبطال إسرائيل المجهولين"، مشيرة إلى أنه غالبا ما يُلقَّب بـ "عقل بيبي"؛ نظرا لدوره المحوري في تقديم المشورة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وشارك ديرمر مع ناتان شارانسكي في تأليف كتاب "أفضلية الديمقراطية" (The Case for Democracy) الأكثر مبيعا عام 2004، مؤثرا بذلك على الخطاب العالمي حول الحرية.

وانضم إلى فريق نتنياهو عام 2008، وصاغ خطاباتٍ شكّلت الرواية الإسرائيلية، بما في ذلك خطاب الكونغرس الشهير عام 2015 حول التهديد النووي الإيراني.

وبصفته سفيرا لإسرائيل لدى واشنطن من عام 2013 إلى عام 2021، شكّل تحالفاتٍ رئيسة، وعزز الدعم الحزبي -الديمقراطي والجمهوري- لإسرائيل، وسط علاقاتٍ أميركية إسرائيلية مضطربة.

ثم عُين ديرمر وزيرا للشؤون الإستراتيجية عام 2022، وقد برع في مواجهة العدوان الإيراني ودفع عملية تطبيع العلاقات وفق اتفاقيات أبراهام، بحسب المقال.

وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.، عُين صديق نتنياهو المُقرّب مباشرة عضوا مراقبا في مجلس الحرب المُكوّن من خمسة أعضاء.

وفي هذا المنصب، نجح في بناء جسور بين القادة العسكريين والإرادة السياسية، ضامنا ردا إسرائيليا قاسيا وعادلا، وفق توصيف بيليشوسكي.

وقالت: "بفضل شجاعته الأخلاقية، لعب ديرمر دورا محوريا في تأمين وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مقنعا مجلس الوزراء المتشكك بقبول شروط أفضت إلى تحرير أكثر من 100 رهينة".

ورأت أن "هذا كان أول انتصار دبلوماسي كبير ضد حماس، دمج بين الرحمة والفطنة الإستراتيجية".

إدارة العلاقات مع أميركا

وقالت الكاتبة: إن "ديرمر اضطر للتعامل مع التوترات مع إدارة [الرئيس الأميركي السابق جو] بايدن"، مضيفة أنه "في المراحل الأولى للحرب، عمل كحلقة وصل حيوية مع الولايات المتحدة".

وأوضحت أنه "نجح في تجاوز التوترات مع إدارة بايدن، وتجنب فرض حظر على الأسلحة، وضمان مليارات الدولارات كمساعدات وسط غضب غزة. ورغم خلافاته السابقة مع إدارة أوباما، أعاد بناء الثقة، ليضمن وقوف أميركا وإسرائيل جنبا إلى جنب في القضاء على حماس".

وفي فبراير/شباط 2025، عُين لرئاسة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، خلفا لمدير الموساد ديفيد بارنيا. ورث ديرمر كأسا مسموما -بحسب قولها- 50 رهينة وسط جولات الدوحة المتوقفة.

وقالت: "قد حولت إستراتيجيته المسار من التنازلات إلى النصر الكامل؛ إذ أصر على نزع سلاح حماس واحتفاظ الجيش الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا، محبطا نفوذ الإرهاب ومحرزا تقدما في صفقات جزئية".

وفي قمم ترامب–نتنياهو عالية المخاطر لعام 2025، وضع ديرمر ما وصفتها بيليشوسكي بـ "صيغة القرن" التي ربطت إعادة الرهائن بتسليح غزة وتطبيع السعودية، محولا اليأس إلى خارطة طريق للسلام.

وأشارت إلى أنه "كان على ديرمر أن يوازن بين الإحباط والغضب المفهومين لعائلات الرهائن والحاجة إلى نزع سلاح حماس والقضاء عليها".

وفي خطاب ألقاه في أبريل/نيسان 2025 في قمة القدس، شرح إستراتيجية إسرائيل القائمة على "الركائز الثلاث"؛ حيث هدفت إسرائيل إلى تفكيك حماس، وتحييد تهديدات غزة، وإعادة جميع الرهائن في غضون عام.

وقالت: "كان زعيم حماس، يحيى السنوار، قد خطط لـ 7 أكتوبر لإعاقة محادثات تطبيع إسرائيل–السعودية، وقد نجحت خطته جزئيا: فكلما طال أمد القتال في غزة، زادت تحفّظات السعوديين على المشاركة في المحادثات".

واستدركت: "ورغم توتر الحرب، أعاد إحياء زخم اتفاقيات أبراهام، ودفع محادثات السعودية قدما. وفي مكالمة هاتفية في سبتمبر/أيلول 2025 مع ولي العهد محمد بن سلمان، اشترط ديرمر هزيمة حماس للتطبيع".

وفي حرب الإثني عشر يوما مع إيران في يونيو/حزيران 2025، لعب ديرمر دورا محوريا كحلقة وصل بين إسرائيل وأميركا. وقد ضمنت جهوده الدبلوماسية تعاونا وثيقا بين القيادة السياسية الإسرائيلية والأميركية وبين القوات العسكرية لدى الطرفين.

وأسهمت الضربات الأميركية والإسرائيلية ضد إيران في عرقلة، إن لم تكن تدمير، البرنامج النووي الإيراني وإضعاف أقوى أعداء إسرائيل.

وقالت: "تابع العالم باهتمام بينما اعترف كل من رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الكنيست أوهانا والرئيس الأميركي ترامب بدور ديرمر في الاتفاق الأخير لإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن".

"وقد كان دوره المحوري في ضمان أمن إسرائيل، وإعادة الرهائن، وتحقيق الانتصارات الدبلوماسية الإسرائيلية واضحا للجميع؛ فالاتفاق الأخير لم يكن ليتم لولا مشاركته".

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيرا أن نتنياهو أعلن خلال اجتماع لمجلس الوزراء أن ديرمر "سيُنهي قريبا دوره" كوزير في الحكومة. وأضاف رئيس الوزراء أن مساعده المقرب سيظل مشاركا في عدة ملفات لم يحددها. وقالت: "وحتى لو بقي ديرمر، وأسهم في بعض الأمور، فإن تراجع دوره سيُضعف بلا شك فعالية إسرائيل. فلقد كانت مساهماته بالغة الأهمية في نجاح إسرائيل، وغيابه سيُلحق الضرر بها".

وقالت القسيسة اليهودية: "يمثل ديرمر النموذج الأمثل لما وصفه حكماؤنا بالخادم العام، الذي يخدم المجتمع بإخلاص؛ فقد كان بإمكانه أن يعيش حياة هانئة بعيدا عن الانتقادات المستمرة والإساءات المقيتة التي تواجهها عائلته كلما خرجوا من منازلهم".

وبدلا من هذه الراحة، دفعه إخلاصه للشعب اليهودي وقوة انتمائه للصهيونية إلى تولي أدوار أجبرته على التخلي عن جنسيته الأميركية، والابتعاد عن وطنه لأكثر من عشر سنوات، وفقدان الحياة الطبيعية التي يستحقها. بحسب تعبير الكاتبة.

وختمت بدعاء، قائلة: "يدين له الشعب اليهودي بجزيل الشكر والامتنان. أدعو الله أن يصدق فيه وفي عائلته دعاء الشعب اليهودي لخدّامه. جزى الله آل ديرمر خير الجزاء، وأبعد عنه وعن عائلته كل داء، وشفاهم، وغفر لهم ذنوبهم. أسأل الله أن يباركهم ويوفقهم في كل عملهم، مع جميع إخوانهم في إسرائيل".