موقع إيطالي يستنكر دور أوروبا في إثيوبيا: تنشغل بالاستثمار وتتجاهل المجازر
استنكر موقع إيطالي تعامل الغرب مع تطور الأوضاع في إثيوبيا نتيجة الحرب الأهلية وانشغاله بالاستثمارات وتعزيز التعاون على حساب المجازر والأزمة الإنسانية الجارية.
وقال موقع معهد تحليل العلاقات الدولية إنه "بينما تحذر منظمة العفو الدولية من كارثة إنسانية على وشك الوقوع بإثيوبيا، أدى وزير خارجية إيطاليا لويجي دي مايو زيارة إلى البلاد والتقى بكبار المسؤولين لبحث مسائل تتعلق بالتعاون ومزيد الاستثمارات".
تفاقم الهجمات
ووقع هجوم جديد في 19 يونيو/حزيران 2022 في إقليم أوروميا، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن مائة شخص معظمهم من المدنيين من جماعة الأمهرة العرقية وذلك بعد مقتل حوالي أربعين شخصا في إقليم غامبيلا قبلها بأيام قليلة.
وفقا للمعلومات المتوفرة، يقف وراء الهجوم جيش تحرير أورومو، وهو جماعة متمردة صنفتها الحكومة المركزية منظمة إرهابية.
وهي إحدى المجموعتين الرئيستين اللتين تعارضان الحكومة الفيدرالية إلى جانب جبهة تحرير شعوب تيغراي التي تمثل الأقلية العرقية التيغرينية.
وصف الموقع الهجوم "بالأعنف خلال العامين الماضيين وذلك منذ أن شرعت الحكومة بقوة وعنف في قمع التمرد الذي اندلع من إقليم تيغراي".
وذكر أن الأعمال العدائية اندلعت بشكل رئيس مع وصول آبي أحمد رئيس الوزراء الحالي الحاصل على جائزة نوبل للسلام في عام 2019، إلى السلطة.
وتصاعد الخلاف بين آبي أحمد وإقليم تيغراي عندما أقر البرلمان بطلب من رئيس الوزراء تأجيل الانتخابات العامة التي كانت مقررة في يونيو/حزيران 2020، وتمديد ولاية رئيس الوزراء التي انتهت في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، وهو ما عده التيغراي غير دستوري.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اتهم أحمد، بدعم من القوات المسلحة الإريترية، باستخدام العنف المفرط في قمع انتفاضة التيغراي، حيث أجريت انتخابات لم يجر الاعتراف بها وهو ما أشعل فتيل العلاقات مع إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.
كل هذا أدى إلى حرب أهلية على أساس عرقي مستمرة منذ عامين وتسببت في سقوط الآلاف من الضحايا وتشريد الملايين من الأشخاص.
في الأشهر الستة الماضية، وبفضل وساطة كينيا، جرت محاولات للتفاوض بشأن السلام وتنفيذ هدنة إنسانية في تيغراي، لكن أحداث الأسابيع القليلة الماضية صارت في اتجاه معاكس، بحسب الموقع الإيطالي.
من الناحية الاقتصادية، أدى الصراع إلى وقوع البلاد في حالة طوارئ إنسانية، كما زاد التضخم وغادر المستثمرون الأجانب مما رفع معدل الفقر.
يذكر الموقع الإيطالي بأن إثيوبيا شهدت بين عامي 2000 و2020 نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9 بالمئة تقريبا لدرجة أن الدول الأخرى في القارة عدتها نموذجا للتنمية لجميع إفريقيا.
وأشار إلى أنه على مر السنين، اجتذبت المشاريع وإستراتيجيات النمو طويلة الأجل استثمارات صينية كبيرة.
في إثيوبيا، تمتلك الحكومة فعليا جميع الأراضي تقريبا، ويوفر قطاع الزراعة 80 بالمئة من اليد العاملة.
وعلى مر السنين أدى هذا القطاع إلى خفض الفقر المدقع بشكل كبير من 45 بالمئة في عام 1995 إلى 24 بالمئة عام 2015.
كما جرى إنشاء بنى تحتية مهمة في العقد الماضي مثل سد النهضة، مجمع هواسا الصناعي، المنطقة الصناعية الشرقية، مجمع بولي ليمي الصناعي.
استثمار يتجاهل الحقوق
بحسب الموقع الإيطالي، وضعت الحرب حدا لمستقبل مأمول من التنمية، وأدت إلى انتهاك حقوق الإنسان ووقوع تجاوزات كالاغتصاب والقتل وكذلك قمع الصحفيين.
وأضاف بأنه بالتوازي مع الحرب، تعاني إثيوبيا، كما هو الحال في كامل منطقة القرن الإفريقي تقريبا، من أسوأ موجة جفاف في الأربعين عاما الماضية، أدت إلى نفوق الماشية واستحالة الزراعة في الحقول، وبالتالي انخفاض في توافر الغذاء.
ويفيد الموقع بأن أزمة التغذية تؤثر حاليًا على عشرين مليون مواطن، معظمهم في شمال البلاد الذي يعيش حالة حرب.
وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، ارتفع عدد الأشخاص الذين يتجهون إلى مراكز مخصصة لعلاج سوء التغذية إلى أكثر من 320 بالمئة بين سبتمبر/أيلول 2021 ويناير/كانون الثاني 2022، كما أن هناك 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
استنكر الموقع الإيطالي صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية لعلاج الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية، كما أن أعداد النازحين في ارتفاع متواصل شهرا بعد شهر، فضلا عن ظاهرة الاتجار بالبشر والأطفال بصفة خاصة.
بدورها، أثارت ديميتو هامبيسا بونسا، السفيرة الأثيوبية في روما والممثلة الدائمة لبلدها لدى منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، هذه النقاط الحساسة في مقابلة متلفزة.
ونددت بنهب متمردي جبهة شعوب تيغراي مساعدات إنسانية متكونة من غذاء وأدوية ولقاحات مرسلة من أوروبا.
ذكر الموقع أن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، كان قد التقى بين 12 و14 يونيو، خلال جولة أيضا إلى كينيا والصومال، برئيسة البلاد سهلورق زودي ورئيس الوزراء آبي أحمد وكذلك نائبه ووزير الخارجية ديميكي ميكونين.
وهدفت الزيارة بحسب البيان الرسمي الإيطالي إلى تعزيز العلاقات بين الدولتين وبحثت كذلك الاستثمارات الاقتصادية المحلية وزيادة التعاون. فيما تحدثت مصادر غير حكومية عن منح قرض ميسر بنحو 22 مليون يورو.
واستنكر الموقع الإيطالي منح هذه الأموال خصوصا في ظل تورط القوات الحكومية في الحرب الأهلية.
وتابع استنكاره بالقول إن "هناك مجزرة حقيقية تحدث في إثيوبيا" لافتا إلى أن التقرير الصادر عن مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية والأمم المتحدة اتهم "جميع الأطراف بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية وقانون اللاجئين، وبعضها قد يرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
لذلك، يتساءل العديد عما إذا كانت هذه الأموال ستستخدم للتنمية أو لشراء أسلحة جديدة لاستخدامها ضد الجماعات المعارضة، يضيف الموقع.
وبحسب المعهد الإيطالي، لطالما كان موقف الدول الغربية في إثيوبيا غامضا تماما، فضلا عن الاتهامات ضده بعدم الاهتمام بما يتعلق بالمساعدات الإنسانية للسكان ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الفيدرالية الإثيوبية والمليشيات القومية العرقية للأمهرة.
وخلص إلى القول إن "مساعدة ملايين الإثيوبيين المحتاجين للدعم في النمو والتنمية واجب، لكن يجب التأكد من أن المساعدات ستخصص للغذاء والصحة بدلا من استمرار الحرب".