إسرائيل تسرق مزارع الضفة والمرض يفتك بالماشية.. أين السلطة الفلسطينية؟
أكد موقع المونيتور الأميركي أن تفشي مرض الحمى القلاعية بالضفة الغربية في أوائل العام 2022 تسبب بنفوق آلاف الماشية، ودفع المزارعين الفلسطينيين إلى حافة الإفلاس.
من هؤلاء المزارعين محمد بشير الذي قال إنه اضطر إلى حرق المئات من الحملان (مواليد الأغنام) النافقة بعد أن دمر تفشي المرض الماشية في جميع أنحاء الضفة الغربية، مما زاد من هول المصيبة وضاعف شعور المرارة لديه.
وبالنسبة لبشير، تبرز هذه المحنة التحديات الكبيرة التي يواجهها المزارعون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذين يشتكون من أن السلطة لا تقدم لهم الخدمات الكافية وتركتهم يواجهون تهديدات مستمرة من المستوطنين اليهود.
وقال بشير الذي يملك آلاف الماشية بالقرب من مدينة نابلس "لم أتلق مساعدة من السلطة الفلسطينية ولا حتى مكالمة هاتفية"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وأعرب عن استيائه مما وصفه بتقاعس وزارة الزراعة الفلسطينية. وألقى المزارعون باللوم على السلطة في وقف برنامج التطعيم الذي ثبت أنه ضروري لحماية الماشية من هذا المرض الخطير.
ومع غياب الحيوانات عن مساحات شاسعة من أراضي الرعي، يخشى المزارعون الاستيلاء على الأراضي من قبل المستوطنين اليهود الذين أقاموا مرارا بؤرا استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية.
وقال بشير "ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تحمينا لأننا نحمي الأرض، إذا تركتم المزارعين، فإن إسرائيل ستأخذ أراضينا".
تدمير المزارعين
جرى اكتشاف سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية (FMD) التي تسبب حمى وبثورا قاتلة في الحيوانات الصغيرة، والماشية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في الأردن.
وسرعان ما انتشر عبر الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وتعتمد بشدة على الزراعة.
لكن وزارة الزراعة في السلطة الفلسطينية لم تنفذ حملة تطعيم منتظمة منذ عام 2019.
وصرح مسؤول في الوزارة طلب عدم ذكر اسمه أن السنة العادية تشهد تحصين 60 إلى 70 بالمئة من الماعز والأغنام في الضفة الغربية ضد مرض الحمى القلاعية.
وقال المسؤول إن هذا الرقم انخفض إلى 20 بالمئة في 2020 و2021، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وألقت الوزارة باللوم على جائحة كورونا، قائلة إن الحصول على لقاحات مرض الحمى القلاعية أصبحت أصعب.
إذ وجه صانعو اللقاحات في جميع أنحاء العالم عملياتهم لتلبية الطلب على لقاحات كورونا.
كما ألقت الوزارة باللوم على إسرائيل، مبينة أنها منعت السلطة الفلسطينية من شراء إمدادات كافية.
وقالت هيئة في وزارة الجيش الإسرائيلي مسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية إن الادعاء كاذب.
وقال بيان لمكتب تنسيق الحكومة الإسرائيلية "لم يكن هناك طلب رسمي من السلطة الفلسطينية لاستيراد مثل هذه اللقاحات".
مع ذلك، وبالنظر إلى المتطلبات الصحية التي نشأت، فقد نقلت دولة إسرائيل جرعات اللقاح التي كانت بحوزتها إلى السلطة الفلسطينية، وفق زعم المكتب.
وأكدت الوزارة الفلسطينية رسميا نفوق حوالي 2000 حيوان نتيجة لسلالة مرض الحمى القلاعية خلال العام 2022.
لكن المزارعين ومسؤولا بوزارة الزراعة قالوا إن نفوق الماشية ربما يكون أعلى بكثير من العدد المعترف به.
وقال بشير إن خسائر مرض الحمى القلاعية كلفته 150 ألف دولار، متهما إسرائيل بتخزين اللقاحات.
وأردف أن "سلطات الاحتلال لديها لقاحات كافية لجميع المزارعين، لكننا لم نحصل على أي منها منذ ثلاث سنوات. لدمروا المزارعين".
سرقة الأراضي
في منطقة (ج) بالضفة الغربية والتي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، تعد الأراضي الزراعية الشاغرة هدفا رئيسا لتوسيع المستوطنات اليهودية، وفقًا للخبراء.
وقال إيال هاروفيني، الباحث في منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية للرقابة على الاستيطان، إن الاستيلاء على الأراضي من قبل المستوطنين غالبا ما يكون مدعوما بـ"التفسير الملتوي" الإسرائيلي لقانون العهد العثماني.
وينص ذلك العهد على إمكانية المطالبة بالأرض التي لم تجر زراعتها لمدة ثلاث سنوات متتالية، وفق زعم الاحتلال.
وقال هاروفيني: "يمكن لإسرائيل تصنيفها كأراضي دولة وتأخذها لاستخدامها الخاص، حتى لو كانت أرضا مسجلة كأرض فلسطينية خاصة"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
ويعيش أكثر من 475 ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية في مجتمعات تعد على نطاق واسع غير شرعية بموجب القانون الدولي.
ومع عدم اكتشاف حالات جديدة منذ أبريل/نيسان 2022، يقول مسؤولو السلطة الفلسطينية إن تفشي مرض الحمى القلاعية أصبح الآن تحت السيطرة.
وأوضح المدير التنفيذي لنقابة المزارعين الفلسطينيين عباس ملحم أنه وبتعثرها في توفير التطعيمات، أعطت السلطة الفلسطينية دعما فعليا لحركة المستوطنين.
وقال إن المعركة الحقيقية ضد الاحتلال والضم هي في الأرض، لكن المزارعين لا يستطيعون الوقوف بمفردهم "ونحن بحاجة إلى بعض المساءلة عن ذلك".
وأوضح مركز الإعلام الدولي للشرق الأوسط أن عددا من الإسرائيليين هاجموا بداية يونيو/حزيران العديد من المزارعين الفلسطينيين في أراضيهم بقرية شوفة جنوب طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة.
وقال المزارع تيسير حامد إن المستوطنين جاءوا من مستعمرة أفني حيفتز غير الشرعية التي أقيمت على أراض فلسطينية مسروقة في القرية، وهاجموا العديد من المزارعين.
وأضاف حامد أن الفلسطينيين اشتبكوا مع المحتلين ورفضوا مغادرة أراضيهم قبل أن يضطر المهاجمون الإسرائيليون إلى التراجع وهددوا بقتل المزارعين.
ويتعرض الفلسطينيون لانتهاكات مستمرة مماثلة، بما في ذلك اقتلاع الأشجار وتدمير المحاصيل والممتلكات والاعتداءات الجسدية.
وتحدث الاعتداءات بشكل رئيس على أراض قريبة من مستعمرات غير شرعية وبؤر استيطانية مبنية على أراض فلسطينية مسروقة وتهدف إلى محاولة إجبار الفلسطينيين على الخروج لبناء أو توسيع المستوطنات.