"دموع التماسيح".. كيف فضح انتصار جوني ديب وجه منظمات النسوية؟

12

طباعة

مشاركة

نعى كثيرون "المنظمات النسوية" فور "انتصار" نجم هوليود الأميركي جوني ديب في معركته القضائية ضد زوجته السابقة الممثلة الشهيرة آمبر هيرد التي شوهت سمعته في مقال زعمت فيه أنها كانت ضحية عنف أسري.

الضربة التي تلقتها تلك المنظمات أتت من جوانب كثيرة، كشفتها جلسات الاستماع في محكمة بولاية فيرجينيا، لتفاصيل زواج ديب وهيرد المتقلب.

ومطلع يونيو/حزيران 2022، خلصت هيئة المحلفين الأميركية بعد ستة أسابيع من المحاكمة لإعلان نتيجة القضية لصالح جوني.

جوني يكسب

وشهد العالم محاكمة أشبه بفيلم قصير بين جوني وآمبر، تدور أحداثها في أروقة المحكمة، والتي ظهرت فيه الزوجة "كاذبة ومتصنعة وشاذة في آن معا"، واكتشف الجمهور خداع عينيها وبكائها المتصنع.

وبينما زعمت هيرد تعرضها للتعنيف المنزلي والإساءة والاغتصاب من قبل ديب، عرض الأخير أدلة كشفت على نحو واضح تعرضه هو للتعنيف منها.

وأصدرت هيئة المحلفين الأميركية، في الأول من يونيو 2022 قرارا يدين الممثلة، آمبر هيرد، بتهمة التشهير بزوجها السابق جوني ديب، من خلال ترويج مزاعم بأنه اعتدى عليها وعرضها للعنف الأسري.

والتقت آمبر بجوني عام 2011 أثناء تصوير فيلم "ذا رام دايري" وتزوجا في فبراير/شباط 2015، قبل أن ينفصلا عام 2017

وقرر المحلفون أن يحصل ديب البالغ من العمر 58 عاما، الذي نفى الإساءة إلى هيرد، على تعويضات تأديبية وعقابية بقيمة 15 مليون دولار.

بينما فازت هيرد البالغة من العمر 36 عاما بواحدة من ثلاث دعاوى مضادة ضد ديب، وحصلت على مليوني دولار كتعويض.

وكانت آمبر هيرد نشرت في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 مقالا في صحيفة واشنطن بوست الأميركية، زعمت فيه تعرضها للعنف المنزلي، ولكنها لم تذكر اسم زوجها السابق بشكل صريح، لكنه جاء بعد حادثة الطلاق بينهما.

وسبق أن رفع جوني ديب دعوى على زوجته السابقة مطالبا بتعويض قدره 50 مليون دولار، نظرا لتشويه السمعة التي أضرت بشكل كبير بعمله كممثل عالمي؛ مما أدى لخسارته دوره في كل من سلسلتي "قراصنة الكاريبي" و"وحوش رائعة" عقب نشر ذلك المقال.

كما طالته حملات تشهير من صحف عالمية، مثل صحيفة" ذا صن" البريطانية التي أطلقت عليه لقب "ضارب الزوجة".

ضربة للنسوية

الدراما التي خلقتها المحكمة وتابعها العالم بشغف، لم تقف عند بعدها القضائي، لكون ما حصل بينهما أمرا مشابها يحصل مع المتزوجين بالعموم.

بل كشفت وعرت المحاكمة "المنظمات النسوية"، التي وقفت بدون إنصاف مع آمبر، وحكمت مسبقا بمظلوميتها وحملت زوجها مسؤولية تعنيفها لمجرد أنها امرأة.

لقد انبرت بعض المنظمات النسوية بالدفاع عن آمبر منذ انفصالها عام 2017، وسار في الدفاع عنها كذلك بعض الناشطات النسويات.

وحين المحاكمة لعبت تلك المنظمات في مناصرة آمبر ضد زوجها السابق دون أدلة، بل فقط لمجرد التشهير بجوني ديب، وشيطنته وجعله منصة لمهاجمة الرجال بشكل عام.

وأولى نتائج التشهير بجوني قبل صدور الحكم، سحب شركة "ديزني" من جوني دوره في تمثيل جاك سبارو الأساسي في فيلم "بايرتس أوف ذي كاريبيين"، وهو من الأفلام العائلية التي حققت إيرادات عالية.

ووقتها أرجع كريستيان كارينو مدير أعمال ديب السابق في 28 أبريل/نيسان 2022، خطوة "ديزني" إلى تهم العنف المنزلي التي وجهتها إليه طليقته.

لكن عقب انتصار ديب على زوجته السابقة، رجح مسؤول تنفيذي سابق فى ديزني، استدعاءه لإعادة تمثيل دور كابتن سبارو.

وقال المدير التنفيذي السابق، الذي لم يذكر اسمه لمجلة People: "أعتقد أن ديب قد يعود بصفته قرصانا مارقا متعجرفا، وسيحصل على الكثير من ملايين الدولارات".

وخلال المحاكمة عرض كريستيان كارينو الذي تولى لفترة إدارة أعمال الزوجين سابقا، في 27 أبريل 2022، لوحة مثيرة من حياة أمبر خلال العلاقة التي أقامتها مع رئيس شركة "تسلا" الملياردير الأميركي الكندي إيلون ماسك بعد طلاقها من جوني ديب.

وقرأ كارينو أمام هيئة المحلفين مجموعة من الرسائل تبادلها مع الممثلة عام 2017 حين كان من بين مقربيها. وتحدثت هيرد في إحدى الرسائل عن انفصالها عن ماسك، وكتبت "أنزعج عندما تصبح الأمور علنية، فأنا حزينة جدا".

ورد الوكيل عليها "لم تحبيه يوما وقلت لي ألف مرة إنك على علاقة به فقط لسد الفراغ الذي تركه ديب في حياتك".

وأجابت هيرد: "أعلم ذلك، لكنني احتجت إلى وقت لاستعادة قوتي"، ليرد عليها كارينو بالقول: "كان بإمكانك تجنب الأمر بالتوقف عن مواعدة رجال مشهورين جدا".

نقاط مثيرة

محاكمة "جوني- آمبر"، منحت الكثيرين في العالم العربي والإسلامي الفرصة لإعادة حساباتهم في الحركة النسوية، وما تتبناه من أفكار دخيلة على المجتمعات العربية، وعلى رأسها قبولها للشذوذ الجنسي والدفاع عن أصحابه.

وخاصة أن المنظمات النسوية تعمل على التغلغل في مجتمعات عربية إسلامية تحكمها أخلاق ومعايير مجتمعية فطرية، تختلف عن الرؤية الغربية لحرية المرأة.

ومن ذلك ما جرى في تونس مؤخرا، إذ أورد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في 16 أبريل 2018 تحت عنوان "الجرأة في وجه المخاطر نضال مجتمع المیم في الشرق الأوسط وشمال إفریقیا"، كيف لعبت الحركة النسوية هناك دورا في قبول المثلية الجنسية داخل منتسبيها.

 ونقل التقرير عن ناشطة مع منظمة "شوف" النسوية في تونس والتي تعمل مع نساء من جميع التوجهات الجنسية قولها: "إن الحركة النسوية في تونس لم تكن صديقة للمثليين سابقا لكنها تغيرت. كن يخفن من الانخراط في هذه الأمور في السابق".

 ومضت تقول: "أتى التغيير من داخل الجمعيات، وانضمت شابات مثليات ومزدوجات التوجه الجنسي للجمعيات النسوية وغيرن الأمور من الداخل".

والنسوية (Feminism) هي مجموعة من الحركات الاجتماعية والسياسية والأيديولوجيات التي تهدف إلى تعريف وتأسيس المساواة السياسية والاقتصادية والشخصية والاجتماعية بين الجنسين.

وتتبنى النسوية موقفا مفاده أن المجتمعات تعطي الأولوية للذكور، وأن النساء يعاملن بشكل غير عادل في هذه المجتمعات، وبالتالي فهي تعمل على محاولة تغيير ذلك ومحاربة الصورة النمطية الجندرية (رجل - امرأة) وإنشاء فرص ونتائج تعليمية ومهنية وشخصية مساوية لهما.

ومما رصد، غياب التعليق على مواقع التواصل الاجتماعي من نسويات عربيات كن قبل بدء محاكمة "جوني - آمبر"، يستغللن المساحات الزرقاء للترويج لمظلومية النساء، وأن المرأة مهما اقترفت فهي ضحية، ومهما صدق الرجل فهو كاذب في نظرهن.

ولهذا ذهب أحمد الصالح للقول على صفحته الشخصية في فيسبوك: "لقد كانت محاكمة آمبر لجوني ديب محاكمة للنسوية كلها، بل قل محاكمة للمرأة".

ومضى الصالح يقول: "لقد أعلنت المحكمة أن العالم اليوم يعد المرأة متى ما واجهت الرجل فهي الضحية، ضحية فقط لمجرد أنها امرأة، لا أدري كيف أقنعوا العالم اليوم أن المرأة ملاك والرجل شيطان، لقد كانت هذه الفكرة ستكون أكثر تصديقا لو كانت في زمن قديم".

وتابع قائلا: "رغم ذلك لم يكن العالم يعطي البراءة للمرأة لأنها أنثى، لأن الفساد متعلق بالنفس لا بالعضلات، أما اليوم، فهذه الفكرة أبعد للواقع، فمعايير القوة اليوم تغيرت، وصارت القوة للقانون".

وزاد الصالح منشوره بالقول: "ستظل محاكمة آمبر مصدرا لعلماء النفس والاجتماع المتخصصين في العلاقات وفي دراسة التوجهات الفكرية للمجتمعات حول الجنسين".

وختم بالقول: "ستحاول بعض المنظمات النسوية والنسويات استنكار فعلتها ليس إنكارا لفعلتها ولا دفاعا عن جوني وإنما لتصوير أن فعلتها عمل معزول وأنهن لسن كذلك ووأد النقاش حول هذا الموضوع لأنه سيغير كثيرا التوجه المجتمعي وسيكون بمثابة الصفعة التي توقظ الكثير من أشباه الرجال من سباتهم".

"دموع التماسيح"

ومما ينسف وقوف المنظمات النسوية مع "مظلومية آمبر" بشكل مسبق دون أدلة صوتية أو محادثات أو رسائل أو وقائع تدينها، هو وجود المحامية الشابة كاميل دياز فاسكيز ضمن فريق الدفاع عن الممثل جوني.

وبدت الأخيرة متمتعة بثقافة واسعة وفهم عميق للقانون الأميركي عدا عن بلاغتها في تقديم الحجج وتفنيدها.

وتمكنت فاسكيز من إثبات كذب ادعاء هيرد في شهادتها خلال حوارات صحفية سابقة أنها تبرعت بمبلغ تسوية الطلاق البالغ 7 ملايين دولار للمؤسسات الخيرية.

هذا فضلا عن تفنيد فاسكيز البالغة من العمر 37 عاما، التناقضات الواردة في ادعاءات آمبر، حول تعنيف جوني لها.

ومن أكثر العصارات التي تمخضت عنها المحاكمة هو توجيه ضربة للنسوية الغربية، وخاصة في إمكانية حدوث مراجعات لطبيعة عملها، وأن السير الأعمى في طريقها يهدد بتفكك الأسر وتشبع المرأة بأفكار بعيدة عن حريتها.

ولذلك أثناء وعقب كسب جوني ديب للمحكمة راجت منشورات كثيرة على وسائل التواصل تكشف أن الكثير من النساء، كن يستغللن موضوع النسوية والاستضعاف.

وأيضا إطلاق دموع التماسيح (مصطلح يشير إلى البكاء التمثيلي الكاذب) أمام شاشة الموبايل لحشد المناصرة ضد الرجل، مما سبب في تدمير كثير من الأسر واستقرارها، دون جعل القضاء هو الحكم والفيصل.

وهنا يحاجج البعض المنظمات النسوية ويؤكدون أن دورها لو اقتصر على تثقيف وتعليم وتمكين المرأة من حقوقها الطبيعية لاستقامت الحياة العائلية.

إلا أن برامج هذه المنظمات جل فيها ما هو للتفرقة بين الأزواج وتشويه بعض المجتمعات التي تحرم بعض الثقافات الدخيلة والمنبوذة دينيا.

"يوم أسود"

ولهذا يحذر مناهضو "النسوية"، من محاولة تلك الجمعيات الترويج للتسوية ما بين الرجل والمرأة في كل شيء، دون مراعاة لطبيعة بعض المجتمعات مثل الإسلامية التي تسير ضمن ثوابت وضعها وشرعها الإسلام. 

كما أن المنظمات النسوية التي تتاجر بقضية المرأة وتصدق روايتها ضد العنف لمجرد سردها من طرفها، تكشف عبث النسوية بالنساء وتحويلهن لأداة ابتزاز رخيصة.

بمعنى أن المرأة وفق "منطق النسوية"، تحتاج فقط لاتهام الرجل بأي شيء علنا بهدف تشويه سمعته، لتنال مساندة ودعما من الجميع دون أدلة وبراهين، حتى لو كانت المرأة المعتدية.

ولهذا ذهب البعض للقول: إن محاكمة جوني - آمبر أعطت درسا لعدم تصديق الحملات التي تروجها بعض "الفمنيستات" دون دليل بدعوى أنها تدافع عن الضحية أو المظلومة.

وفي هذا الإطار، عد الكاتب والباحث أحمد دعدوش، أن محاكمة "جوني – آمبر" هو "يوم أسود في تاريخ النسوية، ويوم عزاء لكل أتباعها".

وأضاف في منشور له على صفحته بفيسبوك: "النسوية زرعت في عقول النساء فكرة أن الحق مع المرأة دائما، فقط لأنها ولدت أنثى، وعندما يظهر العكس خلال جلسات محاكمة جوني وآمبر فلا بد أن يتبعوا إستراتيجية أخرى للمظلومية والبكائية، وهي اتهام الدولة كلها بالظلم، وربما الشعب كله".

فلا ينبغي من حيث الأصل أن يكون هناك رجل على حق حتى لو وقف العالم كله معه، بحسب ما قال.

وأضاف قائلا: "بلغني من بعض الأصدقاء أن النسويات المتأسلمات (وأصدقاءهن من النسويين الذكور) سارعوا أيضا لتأييد أمبر منذ بدء القصة، انطلاقا من القاعدة نفسها (المرأة على حق دائما)، ولا أدري ما موقفهن بعدما تسربت تسجيلات لها وهي تهدد جوني ديب بأن العالم لن يصدقه".

ولفت دعدوش إلى أن آمبر "كانت على يقين بأن القضاء والإعلام والمنظومة كلها ستقف معها، وبالفعل كان الجميع يؤيدها في البداية، حتى دمرت سمعة طليقها المهنية، وربما لم يخطر على بالها أن خصمها سيصمد في هذه الحرب الصعبة حتى نهايتها".

وبالمحصلة، لم تخرج الممثلة الأميركية وحدها خاسرة من معركة قضائية مع زوجها السابق بل تلقت معها المنظمات النسوية ضربة مثلها برهنت على اصطفافها دون أدلة مع الدعم الإعلامي الذي تحظى به وتروج لأفكارها.

ويرى الكثير أن واقعة محاكمة آمبر هيرد وانكشاف خداعها يؤسس لمرحلة تجعل من المنظمات النسوية تعيد حساباتها في كثير من القضايا التي تدافع عنها بشكل أعمى، أولها محاولة شرعنة الشذوذ الجنسي بقوة القانون.