"مشكلتنا داخلية".. معاريف: إسرائيل أمام تهديد وجودي بغياب القيادة والإستراتيجية
.jpg)
رأت صحيفة عبرية أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لا تشكل تهديدا وجوديا أمنيا على الرغم من أنها "تحتجز إسرائيل رهينة"، مبينة أن المشكلة الحقيقية تنبع من داخل قيادة دولة الاحتلال.
وبينت صحيفة معاريف أن الحرب مع قطاع غزة مستمرة منذ سنوات، وأن الخوف يأتي بسبب غياب الردع الإسرائيلي و"الافتقار إلى القيادة والشجاعة، ونقص الإستراتيجية".
"إسرائيل تنحني"
وأشارت إلى أن "دولة ذات سيادة قوية مثل إسرائيل تنحني على ركبتيها، منذ 15 عاما، في مواجهة منظمة (حماس) تضم 20 ألف مقاتل".
ونوهت إلى أنه في صيف 2005، انسحبت إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة بموجب قرار رئيس الوزراء آنذاك أرئيل شارون.
وبدءا من ذلك التاريخ، لم يعد هناك مستوطنون أو جنود إسرائيليون موجودون داخل غزة. ولكن هذه الحقيقة لم تمنع الفلسطينيين من الاستمرار في تنفيذ العمليات الفدائية، وزيادة معدلات تهريب السلاح من الحدود المصرية، استعدادا للقتال المستقبلي.
وبدأت حماس في مهاجمة حركة التحرير الوطني "فتح" بالقوة في قطاع غزة بعد عدم تمكينها من الحكم الناتج عن فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2016.
ونفذ الجيش الإسرائيلي عدة عمليات عسكرية ضد قطاع غزة، "كانت جميعها ردة فعل ومحدودة الشدة، ونابعة من مبادرة ونشاط متزايد لحركة حماس ومنظمات فلسطينية أخرى ضد إسرائيل".
وأدت جميع العمليات إلى تدمير جزئي للبنية التحتية للتنظيمات الفلسطينية، وجميع العمليات تركت حماس في السلطة من دون أي مساس بقوة التنظيم، تقول الصحيفة.
ويركز الإعلام الإسرائيلي على الشخصيات القيادية بدلا من الأيديولوجية. وتقول الصحيفة: "يجب على إسرائيل أن تفهم أن محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس أو يحيى السنوار، زعيم الحركة في غزة ليسا المشكلة الرئيسية".
وأردفت: "حماس والأيديولوجية الكامنة بأساس نشاطها هي المشكلة، فالقادة والمحاربون ينهضون ويسقطون، لكن الأيديولوجيا عند الحركة دينية، وستبقى على مر الزمن".
وعندما يجرى الرد عليها عسكريا من قبل القيادة الإسرائيلية ولا يكون ردا عسكريا قويا حازما، فإنها تتطور وتنتشر مثل السرطان في الجسم، وهنا تكمن المشكلة الرئيسة، ولذلك فقدنا تماما الردع، وفق تقديرها.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن إسرائيل قررت على مر السنين، عدم اتباع أي سياسة إستراتيجية أو تحديد هدف واضح فيما يتعلق بمواقفها تجاه قطاع غزة.
وبذلك، فقد مكنت هذه السياسة ولا تزال تسمح لحماس بالتعاظم والتسلّح، واستمرار تحريض الحركة ضد إسرائيل وسياستها في الحرم القدسي، وكذلك تقويتها في الضفة الغربية.
غياب القرار
وأشار ليئور أكرمان، رئيس مجلس الشعب الجديد والمعلق الأمني إلى أنه إذا بحثنا عن أمثلة على العزلة الإسرائيلية، فلن نضطر إلى بذل الكثير من الجهد، بينما نسمح باستمرار حكم حماس في قطاع غزة.
وتشارك الحكومة الإسرائيلية في الوقت نفسه بمثل هذه المبادرات السياسية المصممة لتسهيل حياة سكان غزة من وجهة نظر إنسانية.
فعلى سبيل المثال، يهتم المجتمع الدولي بإمكانية إنشاء ميناء دولي وإدخال البضائع والسفن التجارية إلى قطاع غزة.
بالإضافة إلى ذلك، تجد الحكومة نفسها تعتذر من حين لآخر لجهات دولية عن إيقاف الجيش الإسرائيلي سفينة في المياه القريبة من قطاع غزة وإجراء عمليات تفتيش هناك.
وفي بعض الحالات، يجب الاعتراف بأن عمليات التفتيش، ليست بالصدفة أسفرت عن اكتشافات صعبة للمعدات والأسلحة الموجهة إلى القطاع، وفق قولها.
وتشير الصحيفة هنا إلى سفينة "كارين آي" التي تقول إنها كانت تحمل أسلحة إلى قطاع غزة في عام 2002.
وفي 3 يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، اعترضت وحدة كوماندوز إسرائيلية السفينة "كارين إيه" في المياه الدولية في البحر الأحمر.
وقد أعلنت "إسرائيل" يومها أنها وجدت على "متنها 50 طنا من الأسلحة مرسلة من إيران إلى الفلسطينيين".
كان على متن السفينة 14 بحارا من جنسيات مختلفة: 8 مصريين، وأردنيان، و 3 فلسطينيين ولبناني واحد.
وتطرقت الصحيفة أيضا إلى سفينة الصيد المعروفة باسم "أبو حسن" والتي "استخدمت لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عام 2003".
وأيضا "فيكتوريا" الإسبانية وهي سفينة أثرية جابت في جولة صعبة وتاريخ قاس بحار ومحيطات العالم وكانت تحمل أسلحة لتهريبها إلى قطاع غزة في مارس/ آذار 2011.
وسفينة "كلوس سي" التي كانت تحمل العلم البنمي وتحمل أسلحة لتهريبها إلى قطاع غزة في مارس 2014، حسب الصحيفة.
كما اعتذرت إسرائيل عن استيلائها على سفينة "مافي مرمرة" التركية التي كانت تهدف إلى كسر الحصار عن غزة عام 2010، ودفعت تعويضات من منطلق رغبتها في إغلاق هذا الملف وتجنب النزاعات الدولية.
سلوك انهزامي
ويرى المعلق الأمني "ليئور أكرمان" أن السلوك الانهزامي لدولة إسرائيل في مواجهة المقاومة في قطاع غزة لم ينته عند حد فشل الردع البحري.
إذ أظهرت إسرائيل ضعفا مستمرا تجاه حركة حماس في كل ما يتعلق بروتين الحياة في قطاع غزة، حيث تستمر ملايين الدولارات في التدفق من قطر ودول الاتحاد الأوروبي، بدعوى تلبية الاحتياجات الإنسانية.
ولكن عمليا يجرى تحويل الأموال إلى التسلح وبناء البنية التحتية العسكرية في القطاع، وفق زعمه.
وأردف: "حماس تقرأ الخارطة جيدا وتتصرف بعزم ومثابرة على عكس إسرائيل، لتحقيق رؤيتها، حيث تقود الخطاب في الحرم القدسي، وتملي توقيت العمليات والاعتداءات ونطاقها".
وبين أنها أيضا "تشجع وتمول الخلايا الفلسطينية المقاومة في الضفة الغربية، وتجري بشكل غير مباشر حوارا دبلوماسيا مع إسرائيل كما لو كانتا دولتين طبيعيتين وذواتي سيادة".
وبين أن حماس "تواصل احتجاز مئات الآلاف من الإسرائيليين في مستوطنات غلاف قطاع غزة كرهائن لسنوات".
والنتيجة المؤسفة لكل ما سبق أن منظمة فلسطينية إسلامية قوامها نحو 20 ألف مقاتل، تسيطر على قطاع غزة بأكمله وتحتجز دولة بأكملها رهينة تجرها مبادراتها وهجماتها بشكل ردة الفعل.
ولفت المعلق الأمني إلى أنه "قيل لنا لا توجد مشكلة في إسقاط حماس، لكن الخوف هو من سيأتي بعدها، فالجهاد الإسلامي، وتنظيم الدولة في سيناء لا يشكلان بديلا واقعيا للسيطرة على قطاع غزة، وإسرائيل تتفهم ذلك أيضا"، وفق قوله.
فربما يكون منبع القلق هو عودة حركة فتح إلى السلطة وضرورة إعادة النظر في الاتفاقات السابقة مع السلطة الفلسطينية بشأن إقامة دولة.
وهنا أيضا كما في حالة جدار الفصل، تمنع الأسباب السياسية الداخلية الدولة من خلق الردع والحكم والأمن لمواطنيها.