أوضاع ملتهبة.. مجلة إيطالية: شهباز شريف أمام اختبار صعب للتهدئة في باكستان
أشارت مجلة "فورميكي" الإيطالية إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف، يواجه اختبارا صعبا، من أجل تهدئة الأوضاع الملتهبة في الشارع والجيش والبرلمان، عقب سحب الثقة من سلفه عمران خان.
وفي 9 أبريل/ نيسان 2022، تمكنت المعارضة الباكستانية من الحصول على 174 صوتا من أصل 342 مقعدا في البرلمان، لصالح سحب الثقة عن حكومة خان، في عملية اقتراع على مقترح قدمته المعارضة في 8 مارس/آذار 2022.
صعود شريف
وانتخب البرلمان الباكستاني زعيم المعارضة السابق شهباز شريف رئيسا جديدا للوزراء، بعد امتناع نواب حزب رئيس الوزراء المقال عمران خان عن التصويت.
ورأت المجلة الإيطالية أن المجهول الآن يتعلق برد فعل أنصار خان، الذين دعاهم بالفعل للاحتجاج ضد الحكومة الجديدة التي تشكلت على إثر مؤامرة حبكتها واشنطن، وفق قوله.
وذكرت أن شريف مثّل المرشح الوحيد البارز لخلافة خان منذ بداية الأزمة الحكومية على إثر توترات سياسية استمرت لأسابيع.
وهو شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي حكم من 2013 إلى 2017، قبل أن تقرر المحكمة العليا إقالته لأنه "لا يتمتع بالأهلية" ليكمل مهامه، على خلفية قضية فساد متعلقة بتسريبات أوراق بنما في عام 2018، قبل أن يتم اعتقاله وإدانته بالسجن لمدة 10 سنوات لشراء شقق فاخرة في لندن.
وتساءلت المجلة هل ينجح شريف في ضمان مسار سلمي؟ وهل سيتمكن رئيس الوزراء الجديد من حل مشاكل باكستان الاقتصادية العديدة، بما في ذلك التضخم المرتفع وأزمة الطاقة المتزايدة؟
واعتبرت أن هذين السؤالين هما الأبرز فيما يتعلق بتوازن إسلام آباد الذي بات يكتسي أهمية نظرا لانخراط البلاد في العديد من الملفات الدولية.
وأفادت بأن شهباز شريف انتخب بأغلبية 174 صوتا لصالحه بعد أن خرج أكثر من 100 نواب من حزب حركة الإنصاف الباكستانية من البرلمان احتجاجا على ذلك.
وأكدت أن المعارضة السابقة ستدير حكومة يمكنها الاعتماد على أغلبية صغيرة بما يكفي لتمرير القوانين في المجلس المؤلف من 342 مقعدا لكنها لن تكون في مأمن من أي ديناميكيات سياسية معاكسة.
وقالت إن "نجم الكريكيت السابق الذي اتسمت ولايته التي استمرت لثلاث سنوات وثمانية أشهر بأيديولوجية إسلامية محافظة ومواقف شعبوية، أُطيح به من منصبه بعد أن خسر الأغلبية بالبرلمان".
وشرحت أن إحدى المشاكل الفورية التي تواجه الحكومة الجديدة في الوقت الحالي قد تكون الاضطرابات التي يمكن أن تزعزع استقرار البلاد في صورة تواصل احتجاجات أنصار خان على إقالته.
اختبار صعب
ولم تستبعد "فورميكي" أن تنجرف الأوضاع إلى العنف في باكستان مرجحة أن يُفرض المزيد من الضغط على البرلمان في هذه الحالة وبذلك تتفاقم الأزمة.
وذكرت بأن خان كان قد انتقد في 10 أبريل 2022، أمام الآلاف من المؤيدين للاحتجاج ما أسماه "الحكومة المفروضة" من الخارج وهو ما ينذر بتصعيد محتمل في الخطوات التالية.
وأوضحت بأن رئيس الوزراء المقال "استغل المشاعر المعادية للولايات المتحدة في البلاد، والتي نمت أيضا من الاختراق الإستراتيجي الصيني للبلاد واتهم واشنطن بالتآمر مع خصومه للإطاحة بها".
وتابعت أن "صدى نظريته في المؤامرة يتردد بين الشباب، الذين يشكلون العمود الفقري لأنصار حزبه، كما شكلوا غالبية الحشود المحتجة رافعين شعارات لدعم زعيمهم مشابهة لهتافات جماهير الملاعب".
من جهته، يجادل عمران خان أن المعارضة تتواطأ مع واشنطن للإطاحة به بسبب سياسته الخارجية المستقلة التي تميل إلى الصين وروسيا على الأرجح.
كما تعرض لانتقادات بسبب زيارته لموسكو في 24 فبراير/شباط حيث أجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع دخول الدبابات الروسية إلى أوكرانيا.
من جانبها، نفت وزارة الخارجية الأمريكية أي تدخل في السياسة الداخلية لباكستان إلا أن خان يستند إلى حادث محدد لتبرير اتهاماته.
ويشير في ذلك إلى أنه في 7 مارس/آذار 2022، قبل يوم واحد من تقديم مقترح المعارضة بسحب الثقة، تلقت وزارة الخارجية الباكستانية نسخة من محادثة بين دبلوماسي باكستاني وآخر من دولة أخرى.
ونقلت المحادثة المزعومة استياء الغرب من موقف باكستان بشأن الأوضاع في أوكرانيا على إثر الهجوم الروسي وكذلك توجيه تحذير بمعاقبة إسلام آباد ما لم يتم سحب الثقة من خان.
وأشارت "فورميكي" إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة المتهمة المعنية بإرسال الرسالة، في حين أن الدبلوماسيين هما السفير الباكستاني السابق لدى واشنطن أسد مجيد، ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون جنوب ووسط آسيا دونالد لو.
وقالت المجلة إنه لا يوجد دليل على ما حدث، فيما نفى البيت الأبيض الوقائع واعتبر أنها غير صحيحة.
ائتلاف غير مستقر
وبينت المجلة الإيطالية أن حكومة شريف ستعتمد على ائتلاف مكون من أحزاب مختلفة تماما تضم اليسار مع الجماعات الدينية الأصولية.
والحزبان الرئيسان هما الرابطة الإسلامية الباكستانية، بقيادة رئيس الوزراء الجديد، وحزب الشعب الباكستاني، الذي يشترك في رئاسته نجل، وزوج رئيسة الوزراء المقتولة بينظير بوتو بوتو التي اغتيلت في 2007.
وبحسب المجلة، تظهر هذه القيادات، كيف سيطرت العائلات الغنية والقوية في باكستان على السياسة لعقود، مع تناوب على السلطة في كثير من الأحيان بين عائلتي شريف وبوتو.
ولفتت إلى أن اتهامات وُجهت للعائلتين السياسيتين وإدانتهما في بعض الأحيان بالفساد المستشري إلا أنهما نفتا الاتهامات دائما.
وذكرت "فورميكي" بأنه بالإضافة إلى قضية نواز شريف وأوراق بنما، أمضى آصف علي زرداري، زوج ابنة بوتو، ورئيس باكستان من 2008 إلى 2013 أكثر من سبع سنوات في السجن مدانا بالفساد.
ويُذكر أن شهباز شريف تقلد في ثلاث مناسبات منصب رئيس وزراء مقاطعة البنجاب الباكستانية الأكبر والأكثر نفوذا، حيث يعيش 60 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 220 مليون نسمة.
بينما انتخب برلمان إقليم البنجاب نجله حمزة أخيرا رئيسا جديدا للوزراء، بعد أن تفوق على مرشح عمران خان الذي يحتج حزبه على نتيجة الانتخابات لذلك لم يؤد شريف اليمين بعد.
ووصل خان إلى السلطة في عام 2018، ووعد بكسر هذه الهيمنة المألوفة للسياسة في باكستان، لكن خصومه زعموا أنه فاز في الانتخابات بمساعدة الجيش الذي حكم باكستان طيلة 75 عاما من تاريخ البلاد ومازال يحتفظ بدور قوي للغاية، تصفه فورميكي.
وخلصت المجلة إلى القول إن "هذا الدعم الآن غير موجود خصوصا مع ضغط قائد القوات المسلحة، الجنرال قوار جاويد باجوا، إحدى الشخصيات الرئيسة في البلاد، من أجل تغيير رئيس الحكومة لإعادة ترتيب الموقف الباكستاني في إطار الشؤون الدولية".