بسبب صندوق النقد.. الاتحاد التونسي للشغل يكشف عن أنيابه أخيرا أمام سعيد

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت صحيفة لوموند الفرنسية، أن الاتحاد العام للشغل، أكبر نقابة عمالية في تونس، يشكل سدا منيعا أمام ما تسمى "خطة الإصلاحات" التي يروج لها الرئيس قيس سعيد بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

وأضافت أن الجهات الدولية تعي قوة الاتحاد العام للشغل في تونس، وتشترط لبدء توفير القروض لحكومة سعيد، أن يتوافق مع التكتل النقابي، الذي بدوره يرفض أي عمليات خصخصة تمس الشركات العمومية بالبلاد.

ويرى مراقبون أن علاقة الاتحاد مع قيس سعيد تتسم منذ انقلابه في 25 يوليو / تموز 2021 بالغموض، فلم يبالغ الجانبان في مهاجمة بعضهما ولم يتوافقا أو يتحالفا منذ ذلك الحين.

اختناق مالي

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن تونس اليوم على وشك الاختناق المالي وفي صعوبات اقتصادية خطيرة، إذ تعاني من تضخم تجاوزت نسبته 6 بالمئة، ودين يزيد عن 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ونمو ضعيف يبلغ 3 بالمئة، ومعدلات بطالة عالية تزيد عن 18 بالمئة.

كما أن تونس تمر بأزمة سياسية منذ الانقلاب الذي قام به قيس سعيد، والذي أحكم بموجبه قبضته على سلطات البلاد كافة منذ 25 يوليو 2021.

وصرح أخيرا أن "الإصلاحات المؤلمة" ستكون ضرورية لتجاوز الأزمة التي تعصف بالبلاد.

من جانبه، حذر رئيس الاتحاد العام للشغل نور الدين الطبوبي، في بيان بتاريخ 16 مارس/ آذار 2022، حكومة قيس سعيد، من أي "إصلاح مؤلم" بموجب قرض جديد من صندوق النقد الدولي.

وقال إنه سيحارب الإصلاحات غير الشعبية كافة، ودافع عن أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب للشعب "لم يؤخذ بعين الاعتبار" في الوثيقة التي تم إرسالها إلى صندوق النقد الدولي على خلفية تداعيات وباء كورونا، كما لم يتم تحديثها في ضوء آثار الأزمة الروسية الأوكرانية.

وكانت تونس قد طلبت برنامج مساعدات جديد بقيمة أربعة مليارات دولار في ربيع 2021 مقابل ما دعا إليه صندوق النقد الدولي بالفعل لـ"إصلاحات هيكلية".

في المقابل، دعا صندوق النقد إلى إصلاحات "عميقة للغاية"، لا سيما تخفيض فاتورة رواتب الوظيفة العمومية (16 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، 650 ألف موظف حكومي) التي تمتص أكثر من نصف الإنفاق الحكومي، والدعم الموجه إلى بعض السلع.

وجعلت هذه المطالب السكان يخشون المزيد من التضحيات، لذا أعرب الطبوبي عن "الرفض القاطع" للاتحاد العام التونسي للشغل "لترك المؤسسات العمومية جانبا"، رافضا أي خصخصة مسبقا.

وتونس لديها عشرات الشركات العمومية (التي توظف أكثر من 150 ألف شخص)، وتحتكر العديد من القطاعات (الكهرباء، والمياه، والحبوب، والوقود، والفوسفات).

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن الطبوبي يعارض الإصلاحات "المؤلمة" التي يطلبها المقرضون الدوليون في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى حزمة إنقاذ دولية لتجنب أزمة في المالية العامة.

مواجهة حساسة

فبعدما حث صندوق النقد الدولي على إجراء إصلاحات لخفض الإنفاق على الشركات المملوكة للدولة والإعانات وكشوف الرواتب الحكومية.

قال الطبوبي: "الشركات العمومية ليست للبيع والقطاع العام خط أحمر، إصلاحات مؤلمة، انس الأمر"، بل لم يكتف بذلك ودعا إلى زيادة الأجور في 2022 و 2023.

وأضاف موجها كلامه لقيس سعيد في أول خطاب له منذ إعادة انتخابه كرئيس للنقابة في وقت سابق بمارس 2022: "إذا كنت ترغب في مناقشة الإصلاحات، فإن رؤيتنا للإصلاح شاملة وعميقة، وأساسها هو العدالة المالية".

وأكد أن ما وصلت إليه البلاد هو نتيجة لما وصفه بـ”عدم الوعي بأهمية المحطات الانتخابية التي تم فيها تغليب مصلحة الأحزاب والمنطق الجهوي على مصلحة البلاد”، معتبرا أن تونس “في منعرج خطير، وهذه المرحلة تقتضي تغليب مصلحة الوطن”.

وتابع، موجها انتقادات لسعيد: “من اختار الجمع بين جميع السلطات يتحمل مسؤولية ما آل إليه الوضع في ظل حالة التخبط”، مشددا على أن الاتحاد “سيبقى قلعة وصمام أمان رغم ما يتعرض له من شيطنة”.

ويقول الاتحاد العام للشغل إنه يضم أكثر من مليون عضو وقد تمكن من إغلاق الاقتصاد من خلال الإضرابات العمالية، ما أجبر الحكومات على التخلي عن السياسات السابقة.

ونقلت الصحيفة عن مقرضين أجانب أنهم لن يعتبروا الإصلاحات التي أعلنها المفاوضون التونسيون بشأن صفقة قرض مع صندوق النقد الدولي ذات مصداقية ما لم يحظوا بدعم الاتحاد العام للشغل.

ويُنظر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على أنه أمر حيوي لإطلاق العنان للمساعدات المالية الثنائية المحتملة الأخرى من الجهات المانحة التي أنقذت تونس مرارا وتكرارا على مدار السنوات الأخيرة.

 ومع ذلك، بعد سنوات من الركود الاقتصادي، يواجه العديد من التونسيين بالفعل صعوبات كبيرة مع قلة فرص العمل وتدهور جودة الخدمات الحكومية وارتفاع الأسعار.

ويبدو أن مشاكل المالية العامة تضرب تونس بالفعل في شكل نقص في بعض السلع المدعومة، على الرغم من أن الحكومة ألقت اللوم على المضاربين من القطاع الخاص.

ويطالب الأمين للاتحاد العام للشغل، قيس سعيد، بالإسراع بفتح مفاوضات اجتماعية حول الزيادة في الأجور في القطاع العام.

ويبرر الطبوبي هذا المطلب بتدهور المقدرة الشرائية للموظفين واهترائها وتزايد غلاء الأسعار مع تفاقم نسب الفقر في البلاد وتنامي البطالة، معتبرا أن الدخول في مفاوضات اجتماعية جديدة يعد استحقاقا ومطلبا ملحا لعموم الشغالين والموظفين.