موفق طريف.. رئيس دروز فلسطين ربيب روسيا وإسرائيل المتطلع لتزعم السويداء السورية
عند كل صدام مباشر بين أهالي محافظة السويداء الواقعة جنوبي سوريا وذات الغالبية الدرزية، مع نظام بشار الأسد، ينبري الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة، الشيخ موفق طريف؛ لمناقشة روسيا حليفة النظام حول مطالب أبناء الطائفة.
ومع اندلاع حراك شعبي جديد في السويداء ضد النظام السوري من أجل تحسين الوضع المعيشي منذ 6 فبراير/شباط 2022، طار طريف إلى موسكو في 17 من الشهر المذكور "بشكل منفرد"، لعقد لقاء مع المسؤولين الروس وصفه بـ"الطارئ" لمساندة أبناء الطائفة الدرزية في السويداء.
ترسيخ المكانة
والتقى الشيخ طريف مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للرئيس فلادمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف.
وطرح الشيخ طريف جملة من القضايا التي تتعلق بأبناء الطائفة في سوريا، من دافع ما سماه "الغيرة التوحيدية والإنسانية والتزاما بمبدأ حفظ الإخوان" وفق قوله، معلنا رفضه "محاولات صبغ دعمنا وعلاقتنا بإخوتنا أبناء الطائفة الدرزية في سوريا بصبغة سياسية".
وأكد أنه طلب من المسؤولين الذين التقاهم، حل "الأزمات الأمنية والاقتصادية وعودة الأمن والأمان في السويداء، وإيجاد مشاريع لتمكين المحافظة اقتصاديا واجتماعيا".
وبين طريف، أنه قدم اقتراحا للروس، لفتح معبر آمن مع الأردن الملاصقة للسويداء بتنسيق بين عمان والنظام السوري؛ من أجل إنعاشها وتوفير فرص العمل لأبنائها.
ودعا خلال اللقاء إلى "ترسيخ مكانة الدروز في الدستور السوري الذي يجري العمل عليه برعاية دولية"، كما طلب من المسؤولين في موسكو دعوة الجيش الروسي في سوريا لإجراء لقاءات مع أهالي السويداء والاستماع لمطالبهم.
النشأة والتكوين
ولد موفق طريف عام 1963 في قرية جولس بمدينة الجليل شمال فلسطين المحتلة، وتخرج من المدرسة الدينية الدرزية العليا ومقرها في "خلوات البياضة" بلبنان.
وهو صاحب السلطة الدينية العليا للدروز في إسرائيل، وراعي الأماكن المقدسة وممثل الطائفة في القضايا الدينية مقابل المؤسسات الإسرائيلية.
وأنهى موفق طريف دراسة القانون في الكلية الأكاديمية "أونو" بإسرائيل، وفي العام 2010 جرى منحه شهادة الدكتوراه الفخرية من قبل جامعة حيفا، وانتخب لمنصب الرئيس الروحي للطائفة الدرزية بإسرائيل في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1993، خلفا لجده من ناحية والدته الشيخ أمين طريف.
وكان تعيينه عملا بوصية أوصى من خلالها جده قبل وفاته بتولية حفيده رئيسا للطائفة خلفا له، ووكيلا لوقف مقام النبي شعيب ومقام الخضر وخلوة جولس، بعدما كان الشيخ موفق مساعدا لجده لمدة 15 عاما.
وانتخب الشيخ طريف كذلك، لرئاسة المجلس الديني الأعلى عام 1997، وجرى تعيينه قاضي المذهب في المحكمة الشرعية الدرزية للاستئناف ومقرها في عكا عام 2002، وفي العام 2016 جرى تعيينه كرئيس للمحكمة.
في أبريل/نيسان 2018 وخلال احتفالات قيام ما يسمى دولة إسرائيل السبعين، اختير طريف ليكون أحد مشعلي شعلة الاستقلال خلال الاحتفال الرسمي.
وخلال زيارة قائد سلاح جو الكيان الإسرائيلي، الجنرال عميكام نوركين، للشيخ طريف في دار الطائفة بقرية جولس في 28 ديسمبر/كانون الأول 2018 أكد نوركين التزام ما سماها "دولة إسرائيل وجيشها تجاه حماية أبناء الطائفة الدرزية في جميع مناطق وجودهم".
ويلتقي عادة الشيخ طريف مع السفير الروسي في إسرائيل أناتولي فيكتوروف، وفي لقاء جمعهما بتاريخ 25 ديسمبر/كانون الأول 2018، طلب منه نقل رسالة إلى القوات الروسية بسوريا، بضرورة التنسيق بين قوات نظام الأسد ومشايخ عقل وقيادات الطائفة الدرزية، بحسب شبكة "السويداء 24" المحلية.
ويعد طريف دائم الحضور للندوات والمؤتمرات في دول العالم، ومن أبرز الشخصيات الفاعلة في لفت انتباه الرأي العالمي بخصوص الشأن الدرزي في سوريا.
مناصرة السويداء
ومنذ 9 سنوات ترزح محافظة السويداء تحت أوضاع معيشية واقتصادية صعبة، بسبب زيادة جرعة التضييق عليها من النظام السوري بهدف تركيعها.
وخصوصية السويداء تكمن في أنها تضم النسبة الأكبر من الأقلية الدرزية، وأجبرت النظام السوري لاتباع أسلوب مغاير في القمع الذي سلكته أجهزة الأمن في التصدي للمظاهرات ضد الأسد إبان اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011.
وهناك من ينتقد زيارة الشيخ طريف إلى روسيا وطرحه لقضايا تتعلق بحقوق الدروز في سوريا، إذ يعتبر أنه لا يملك تفويضا من قبلها، وخاصة عقب الزيارة التي قام بها مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وطرح حينها ورقة عمل تتعلق بأوضاع الدروز في سوريا وحقوقهم ودورهم في مستقبل البلد، وخاصة أنه ينادي بإعادة بناء مؤسسات الدولة وبسط سيادتها على كافة المناطق، في إشارة إلى نظام الأسد.
لكنه رغم قرب الشيخ طريف من موسكو، إلا أن نسبة الاستجابة لمطالبه تكاد تكون معدومة ولا تتجاوز الحيز الدبلوماسي، دون تطبيقها في الواقع.
ومنها عرضه موضوع تقديم ونقل المساعدات الإنسانية والمادية من الدروز في الأراضي المحتلة، إلى السويداء بوساطة روسية مباشرة، وذلك خلال لقاء جمعه مع السفير الروسي فيكتوروف، في 5 يناير/كانون الثاني 2021.
وحينما زار الشيخ طريف السويداء في سبتمبر/أيلول 2018، اعتبر بعض أبناء الطائفة الدرزية في المحافظة أن استقباله "خيانة"، بسبب جنسيته الإسرائيلية.
وإلى الآن ما يزال الشارع في السويداء منقسما حيال طريف، فمنهم من يراه شيخ الطائفة رغم علاقاته الوثيقة مع الإسرائيليين، فيما يذهب الفريق الثاني لاعتبار تصدره للمشهد عند كل تأزم في المحافظة يضر بسمعة الأهالي وبالنهج والخطاب الوطني الذي تتبناه الطائفة في المحافظة منذ اندلاع الثورة السورية.
ربيب إسرائيل
والدروز أقلية صغيرة في إسرائيل، ويشكلون أقل من 10 بالمئة من السكان العرب فيها.
ويعيش حوالي 138 ألفا من أصل عدد الدروز في العالم الذي يقدر بـ2.3 مليون، في إسرائيل، فيما يسكن في سوريا نصف مليون، وقرابة 250 ألفا في لبنان.
والدروز هم الأقلية الوحيدة التي تبنت التجنيد العسكري الإلزامي في إسرائيل، وهناك عدد كبير من الجنود الدروز في الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، وفق موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وكثيرا ما يظهر الشيخ طريف في لقاءات جانبية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، أو في مكتب الأخير.
وبشكل متكرر كان نتنياهو يبدي اهتمامه بـ"دروز إسرائيل"، وفي ذكرى عيد النبي شعيب، قال نتنياهو في بيان صادر عنه في 28 أبريل/نيسان 2018 "أرى أن تمكين السكان الدروز مهم للغاية، لقد قمنا بسن سياسات لزيادة الاستثمار في المجتمعات الدرزية من أجل تقليل الفجوات وزيادة تكافؤ الفرص".
وتعتبر مشايخ عقل السويداء أن المرجعية الدينية التاريخية والمعترف بها تتمثل بالشيخ طريف، كونه حفيد المرجعية الدينية للطائفة، أبو يوسف طريف، وهذه المرتبة متوارثة تاريخيا في الطائفة.
ونال طريف احترام أهالي السويداء لكونه سليل تلك المرجعية التاريخية وتولى المشيخة بناء على وصية جده.
لكنهم في المقابل يتوقفون عند "انتماء الرجل"، ويخشون من أي استغلال لقربه من إسرائيل في التشكيك بوطنيتهم السورية والتزامهم بها، باعتبار إسرائيل كيانا محتلا للجولان السوري وللأراضي الفلسطينية.
وفي السياق، يرى الإعلامي السوري نورس عزيز أنه "لا يوجد شخصية داخل السويداء يمكنها أن تخرج خارج عباءة سلطة الأسد، إن كان من مشيخة العقل ربيبة السلطة أو غيرها".
وأضاف لـ"الاستقلال" أن "محافظة السويداء منذ انقلاب الضابط سليم حاطوم جرى تهميشها من قبل رئيس النظام الراحل حافظ الأسد، مما سبب بعدم خروج شخصية سياسية كما هو عليه الحال في لبنان كوليد جنبلاط، لذلك كان التمثيل ممثلا بالقيادة الروحية لمشيخة العقل المرتهنة للنظام".
وذهب عزيز المنحدر من السويداء للقول: "من المؤكد يوجد كثير من الشخصيات المعارضة من محافظة السويداء قادرة على تمثيلها خير تمثيل، ليس مع الروس فحسب بل مع المجتمع الدولي بشكل عام، ولكن يبقى الداخل قلقا من هذا الموضوع".
وختم بالقول إن "الشيخ طريف هو شخص إسرائيلي، ولا شك فإن العلاقة بين الطائفة الدرزية في كل الدول التي توجد فيها علاقات أخوية بعيدا عن السياسة، وتسير وفق مبادئ المذهب المتمثلة بحفظ الإخوان ومن هنا يتحرك طريف ليس أكثر".