"أفقدتها استقلالها".. صحيفة روسية تتهم أوروبا باستغلال أوكرانيا اقتصاديا
سلطت صحيفة روسية الضوء على تأثير توقيع اتفاقية بشأن منطقة التجارة الحرة بين أوكرانيا وتركيا، في 3 فبراير/شباط 2022، وأيضا الاتفاقيات السابقة خاصة مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت صحيفة "غازيتا دوت رو" في مقال للكاتبة، نيكيتا فولوموف، إن "وضع أوكرانيا تدهور اقتصاديا وسياسيا، رغم عقد العديد من الاتفاقيات بشأن منطقة التجارة الحرة".
تاج التعاون
وأوضحت الكاتبة فولوموف أن"كييف أبرمت سابقا حوالي 20 اتفاقية مماثلة مع ما يقرب من 50 دولة.
وقالت إن "بعض الأوكرانيين العاملين في مجال الصناعة لم يتقبلوا اتفاقية التجارة الحرة، وذلك رغم الضجة التي أحدثتها، حيث يخشى الكثير من التعدي على مصالح الشركات الصغيرة، بينما يدرك آخرون أن الدولة غير قادرة على تحمل منافسة الشركات العالمية".
فيما وصف رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، توقيع الاتفاقية مع تركيا بـ"تاج التعاون لثلاثة عقود" و"لحظة تاريخية".
وشدد على أن "تلك الاتفاقية ستؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في كييف وخلق وظائف جديدة".
واستدركت فولوموف قائلة: "لكن الآن بعد أن ألغت الدول الرسوم المفروضة على التجارة في هذه الفئة من السلع، قد تواجه الصناعة الأوكرانية منافسة أكثر صرامة".
وأضافت أنه على صعيد آخر تحدث الرئيس المشارك لمجموعة العلاقات البرلمانية مع تركيا، رومان جريشوك، لوكالة أنباء "ليجا دوت بيزنس" الأوكرانية أن "الحكومة ستمر بفترة انتقالية لمدة 3-5 سنوات، حيث ستوفر الدولة للشركات المحلية كل الدعم اللازم في شكل مزايا ضريبية وتعويضات".
أما عمال النسيج الأوكرانيون سيضطرون إلى الاستعداد لحدوث الأسوأ من ذلك، خاصة بظهور شائعات حول بوادر حرب قادمة".
وأشارت فولوموف إلى إن "تأثير اتفاقية التجارة الحرة ضئيل للغاية بالنسبة لأوكرانيا"، حيث قال الخبير في مركز التقنيات السياسية، نيكيتا ماسلنيكوف، إن "الصفقة مع تركيا هي مثال كلاسيكي على ذلك".
وأضاف: "عندما خفض الأوكرانيون الرسوم الجمركية على البضائع التركية بنحو 0.5 بالمائة، في حين لم يفعل الأتراك ذلك، وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، فقد وعدوا بعقد اجتماع بعد الاستقرار".
وتابع: "لكن لم يكن هناك تخفيض حقيقي في الرسوم على البضائع الأوكرانية، فلا يزال متوسط المعدل أعلى عدة مرات حيث يقدر بعض الخبراء المعدل بنسبة 10 بالمئة".
وأشار الخبراء إلى أنه رغم مناقشة اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا لمدة 10 سنوات تقريبا، "إلا أنها طورت النسخة النهائية من الوثيقة على عجل".
ولفت كثيرون إلى أن "كييف يمكن أن توافق على بعض البنود مقابل الدعم السياسي في بعض القضايا"، قائلين إن "كييف تقدم تنازلات كبيرة في اتفاقية التجارة الحرة مقابل توسيع إنتاج مسيرات بيرقدار التركية في أوكرانيا".
إيجابيات وسلبيات
وعلقت الكاتبة فولوموف أنه بحسب الإحصاءات الرسمية، أبرمت أوكرانيا 16 اتفاقية تجارة حرة مع 45 دولة قبل بدء عام 2017.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أضافت إسرائيل وكندا إلى قائمة الدول وتجرى المفاوضات مع فيتنام.
كما أعربت كييف عن مقترحات لإبرام اتفاقيات مماثلة مع الصين والولايات المتحدة، لكن مبادرة كييف "لم تجذب اهتمامهم".
ومع ذلك، تعتبر اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "علامة فارقة" في علاقات التجارة الخارجية لأوكرانيا مع العالم، والتي بموجبها نظمت كييف وبروكسل اتفاقية تجارة حرة في 1 يناير/كانون الثاني 2016، وذلك بعد تنفيذ الجزء السياسي من اتفاقية الشراكة.
وبعد سنوات قليلة فقط من التصديق على اتفاقية التجارة الحرة عام 2017، أصبح الاتحاد الأوروبي أحد الشركاء التجاريين الرئيسين لأوكرانيا.
وواصلت الصادرات الأوكرانية إلى أوروبا نموها خلال 2021، فحسب نتائج النصف الأول من العام، فقد ارتفع المؤشر بنسبة 43.9 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، بمبلغ 11.78 مليار دولار.
في الوقت نفسه، الميزان التجاري العام ليس في صالح أوكرانيا، فلا يزال الاتحاد الأوروبي راضيا عن الفائض التجاري في تجارته مع كييف، فهو يقدر بحوالي مليار دولار، مستغلا "عمق السوق" الأوكراني بالكامل لبيع سلعه الخاصة.
تدمير الاقتصاد
وقال العالم السياسي والاقتصادي الأوكراني، أولكسندر دودتشاك، إن "كييف فقدت استقلالها الاقتصادي بعد الانقلاب عام 2014، وبعد توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتم الترويج لهذه الاتفاقية بنشاط، ولكن حتى ذلك الحين كان من الواضح أن هذه كانت خطة لحرمان أوكرانيا من السيادة وفرض سيطرة اقتصادية على الدولة".
ووصف دودتشاك، العلاقات التجارية والاقتصادية لأوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي بأنها "لعبة أحادية الجانب"، قائلا: "أوكرانيا تبذل ما في وسعها اقتصاديا، في المقابل تحصل على دعم رمزي فقط".
وأشار دودتشاك، إلى أن "كييف صرحت خلال العام 2021 أن الوقت قد حان لمراجعة اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي".
وفسر نائب رئيس الوزراء الأوكراني آنذاك، فاديم بريستايكو، أن "كييف لم تعد راضية عن معظم الحصص التي اقترحتها بروكسل".
وتشعر كييف بالقلق حيال العديد من حصص المنتجات الأوكرانية فهي تنفد تقريبا في الأيام الأولى من كل عام جديد.
وحسب ما ذكره الخبراء فإن أوكرانيا "لم تتمكن حتى الآن من الاستفادة الكاملة من جميع مزايا اتفاقية التجارة الحرة، فالبلد غير قادر على القيام بذلك بسبب الوضع الاقتصادي الصعب".
واختتم دودتشاك حديثه قائلا: "تستمر الدول الغربية في تدمير اقتصاد أوكرانيا، فبالنسبة لهم هي كالمستعمرة".