ارتفاع أسعار الوقود.. كيف أدخل أخنوش "نادي الأغنياء" وأخرج آهات المغاربة؟
انتقاد شديد يتعرض له رئيس الحكومة في المغرب عزيز أخنوش، بعد ارتفاع أسعار المحروقات مجددا، ما دفع المواطنين إلى المطالبة بالتدخل العاجل، لحمايتهم من موجة الغلاء التي انعكست على قدرتهم الشرائية مع زيادة أسعار الوقود.
واستنكرت أحزاب وهيئات مدنية هذه الأسعار بمبرر "الزيادة الدولية"، مؤكدين أنه حتى في فترة "الانخفاض" تظل الأثمان على حالها، في وقت صنفت فيه مجلة "فوربس" أخنوش المعروف بـ"رجل البنزين" ضمن قائمة أغنياء إفريقيا بثروة قدرت بـ 2.2 مليار دولار.
وأخنوش، رئيس مجموعة "أكوا" القابضة، المالكة لإحدى أكبر محطات توزيع المحروقات في المغرب.
بشكل مهول
وخلال الفترة الأخيرة، تعالت الأصوات المستنكرة للزيادة الكبيرة التي شهدتها هذه الأسعار، حيث وصل سعر البنزين إلى 13 درهما (1.4 دولار) للتر الواحد، فيما ناهز سعر الغازوال (الديزل) 11 درهما (1.18 دولار) للتر.
رئيس المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية”، عبد الله بوانو، قال إن "المغرب يعرف حالة من الاحتقان بسبب غلاء الأسعار"، محذرا من "إمكانية حدوث انفجار، دون القدرة على التحكم فيه".
ولفت بوانو خلال ندوة صحفية في 7 فبراير/شباط 2022، إلى أن "أخنوش، هو أحد المستفيدين اليوم من غلاء أسعار المحروقات، ويرمي كل شيء لمجلس المنافسة (حكومي)"، داعيا إلى "تغيير قانون المجلس لتحسين أدائه"، مشددا على أنه "لا يمكن تبرير الزيادات بغلاء المواد الأولية، وترك الشعب يأكل العصى (يعاني)".
بدوره، طالب رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، بتسقيف (تحديد سقف) للأسعار؛ لحماية القدرة الشرائية للمغاربة.
وأوضح حموني، خلال برنامج بث على صفحة موقع “اليوم 24″، في 3 فبراير/شباط 2021، أن "ارتفاع أسعار المحروقات يؤثر بدوره في رفع أسعار مختلف المواد بشكل مهول، وهو ما لوحظ خلال الأشهر الأخيرة".
واعتبر أن "الحكومة وإن كانت غير مسؤولة عن هذا الارتفاع بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بارتفاع الأسعار عالميا، فإنها مدعوة للتدخل للحد من آثار الغلاء، لا سيما على الطبقة المتوسطة، وحماية القدرة الشرائية للمغاربة".
رئيس حزب "المغربي الحر"، إسحاق شارية، أشار عبر تدوينة على فيسبوك في 5 فبراير 2022، إلى أن "رئيس الحكومة يستغل (الأوضاع الحالية) ويمرر قرارات مصيرية تتعلق بزيادات صاروخية في أسعار المحروقات ومجموعة من المواد الأولية والعودة لإجبارية جواز التلقيح".
زيادات صاروخية
وأكد الاتحاد النقابي للنقل الطرقي في المغرب، في بيان صادر في 3 فبراير 2022، أنه "تفاجأ بزيادات صاروخية وفي ظرف وجيز شملت أسعار المحروقات".
وعبر الاتحاد عن "رفضه المطلق لهذه الزيادات" معتبرا أنها "تدخل في سياق سياسة عامة أغنت الغني وأفقرت الفقير".
وشدد على "ضرورة تسقيف أسعار المحروقات وتحديد هوامش الربح للشركات المختصة في الاستيراد والتخزين والتوزيع"، داعيا إلى "الاستعداد والتأهب لخوض كافة الأشكال النضالية المشروعة دفاعا عن القدرة الشرائية لعموم المواطنين".
من جانبه، أوضح رئيس "الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود" بالمغرب، جمال زيركم، أن "الارتفاعات الحالية بالمحروقات، هي الأعلى منذ حوالي ثلاث سنوات".
ولفت "زيركم" في حديث لموقع “لكم" في 2 فبراير إلى أن "ارتفاع الأسعار أو تحديدها خاضع لقرارات الشركات المغربية والعاملة بالمغرب، ولا علاقة لأرباب المحطات به، فصاحب أو مسير المحطة يجد نفسه مجبرا على مسايرة أسعار السوق".
وبخصوص تناسب الأسعار في السوق الدولية بنظيرتها الوطنية، شدد المتحدث على "ضرورة عمل الحكومة من أجل تنظيم القطاع، وتفعيل دور مجلس المنافسة فيما يخص تسقيف هوامش ربح المحروقات، وتسقيف الأثمان".
وفي "إنفوغرافيك" لموقع "أصوات مغاربية" (مقره واشنطن)، نشره في 1 فبراير، أبرز أن أغلى سعر للبنزين بالدول المغاربية، في المغرب.
من جهته، أوضح وديع مديح رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن السوق الدولية لها أثرها الكبير في زيادة أسعار المحروقات، وهو ما قد ينعكس على أسعار النقل، وكذا المنتوجات الخاضعة للنقل في طريق وصولها للمستهلك.
وشدد مديح خلال تصريحات صحفية في 2 فبراير على أن "هذه الزيادة في السوق الدولية، ينبغي ألا تؤثر على معاش المستهلك المغربي، وعلى الحكومة ألا تتركه يتصارع مع الزيادات لوحده، لافتا إلى أن بعض الدول كفرنسا، قدمت دعما للمستهلكين على زيادة المحروقات".
واعتبر أن الحكومة "لا تقوم بالمجهود اللازم لحماية المستهلك من الزيادات التي يكتوي بنارها كل يوم"، مشددا على "ضرورة التدخل الصارم للحد من الزيادات، ومراقبة تطبيق القانون، فرغم أن الأسعار حرة، إلا أنه لا ينبغي أن تكون “سايبة” (دون ضوابط)، خاصة مع وجود من يستغل الزيادة ليضاعفها على المستهلك".
"عقلنة الأسعار"
وتقدم عدد من البرلمانيين من ألوان سياسية مختلفة بمقترحات قوانين لحكومة أخنوش، طالبوا فيها بتنظيم أسعار المحروقات، وزجر المخالفات.
ودعت مجموعة "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" بمجلس المستشارين، في 9 يناير 2022 إلى "ضبط فوضى الأسعار بالمغرب، بعد التداعيات السلبية لتحرير سوق المحروقات (عام 2015)، وغياب شروط المنافسة بين الشركات، بل والاتفاق على الأسعار لمراكمة الأرباح".
وأوضحت أن مقترحها يهدف أساسا إلى "حماية القدرة الشرائية للمواطنين والوقاية من الآثار السلبية لارتفاع أسعار المحروقات على مصاريف التنقل وعلى أثمنة المواد الغذائية".
كما تقدم فريق "التقدم والاشتراكية" بمجلس النواب، بمقترح مماثل، دعا فيه إلى عقلنة وتقنين قطاع المحروقات، ومحاربة كل أشكال الممارسات غير المشروعة، مع إتاحة تزويد السوق الوطنية والمستهلكين بهذه المادة بأسعار معقولة.
ونص المقترح على تدخل الدولة لدعم أسعار المحروقات في حال تجاوزها القدرة الشرائية للمستهلك، والإضرار بمصالح المقاولة والاقتصاد الوطني.
بدوره، تقدم تحالف فيدرالية اليسار، في 19 يناير 2022، بمقترح قانون يتعلق بتنظيم أسعار بعض المواد الأساسية والخدمات بالمغرب، وعلى رأسها أسعار المحروقات.
ونص المقترح على استثناء عدد من المواد الأساسية منها المحروقات، من لائحة المواد المحررة أسعارها، وعمل الحكومة على تنظيم الأسعار من خلال التسقيف، أو تحديد هوامش الربح القصوى.
"اللا مبالاة"
وفي السياق، قال الصحفي مصطفى الفن إن "أسعار المحروقات بالمغرب ارتفعت ارتفاعا صاروخيا قد يفتح الباب على المجهول إذا استمرت هذه اللا مبالاة الحكومية..".
وأضاف "لقد أصبحنا اليوم على منحنى يتجه نحو 13 درهما للتر الواحد من البنزين، في وقت عندنا رئيس حكومة هو الذي يبيع لنا "المازوط" (الوقود)".
وتابع: "وإذا كان صحيحا أن ارتفاع أسعار المحروقات له علاقة بارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية..، لكن ما هو ثابت في المغرب هو أن أسعار المحروقات تظل ثابتة ولا تنزل أبدا حتى وإن نزلت الأسعار في كل أنحاء الدنيا..".
واستطرد متهكما: "يا لهذه الحقيقة المرة: كل الأثرياء في العالم (تراجعت) ثرواتهم في هذا الزمن الكوفيدي.. وحده رئيس حكومتنا الموقرة الذي ازدادت ثروته ولو على حساب فقر الناس في بلد لا يوجد فيه بترول ولا هم يحزنون..".
وفي أحدث تصنيف لمجلة "فوربس" العالمية، نشر في 24 يناير 2022، جاء أخنوش ضمن قائمة أغنياء إفريقيا، الـ13 على مستوى القارة السمراء، والأول مغربيا.
واستخدمت "فوربس" أسعار الأسهم وأسعار صرف العملات اعتبارا من 19 يناير 2022 لقياس صافي الثروة.
من جانبه، لفت المدون مومني أشرف، إلى أن "هناك ارتفاعا صاروخيا في أثمنة جميع المواد الاستهلاكية مباشرة بعد تسلم زمام الحكومة الجديدة مهامها.. وفي عهد التقشف والحكومة الجديدة التي أصلا رئيسها مستثمر محروقات".
واعتبر في تدوينة عبر فيسبوك أن "هذه الزيادات على سبيل المثال لا الحصر، لتغطية النفقات الضخمة للحملة الانتخابية لحزب أخنوش (التجمع الوطني للأحرار) التي أنفقها من دعم الدولة والزيادات المفروضة على الشعب/السوق".
وتابع: إنها "مكافأة" بداية الخدمة لإنعاش "شركات و مقاولات" الملياردير ومن معه، والذي طبعا جاء لخدمة "الفقراء" تحت شعار: "تستهلو ما حسن!" (في إشارة لشعار حزب التجمع الوطني للأحرار خلال الحملة الانتخابية في سبتمبر 2021)".
فيما قال الناشط المدني، أحمد المدني، إن "الزيادات الأخيرة في أثمنة المحروقات غير معقولة، تدفع المسؤولين على إيجاد حل سريع ومستعجل يقف بجانب المواطن لا أصحاب الأموال الذين اغتنوا خلال هذه السنوات الأخيرة الحرجة، خاصة مع جائحة كورونا".
واستغرب المدني لـ"الاستقلال"، صمت الحكومة بـ"كافة تلاوينها، دون تقديم توضيحات بشأن ذلك أو اتخاد قرار فعلي للتخفيف من هذه الأزمة، فيما المواطن يعاني من نار ارتفاع أسعار المحروقات التي أثرت على المواد الاستهلاكية".
وشدد على أن "الحكومة برئاسة أخنوش، مطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الشعب من نيران الأسعار التي ترهقهم".