شروط خليجية جديدة لإنهاء الأزمة مع لبنان.. لماذا يصعب الموافقة عليها؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

حملت زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح إلى بيروت مبادرة عربية خليجية دولية، لإعادة "بناء الثقة" مجددا بين لبنان ومحيطه الإقليمي والدولي، التي تدهورت بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي عن دور السعودية في حرب اليمن.

وفي 23 يناير/ كانون الثاني 2022، سلّم الوزير الكويتي أحمد الصباح المقترحات إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، والرئيس ميشال عون، خلال زيارة هي الأولى لمسؤول خليجي كبير إلى لبنان منذ نشوب التوتر الدبلوماسي في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

12 شرطا

قال الصباح للصحفيين عقب لقائه الرئيس عون، إن قائمة "أفكار ومقترحات قُدّمت بالأمس، وذكرتها اليوم إلى فخامة الرئيس". وأضاف "ننتظر منهم إن شاء الله الرد عليها" رافضا الخوض في مزيد من تفاصيل المقترحات.

ولفت إلى أن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، سيزور الكويت نهاية ذات الشهر، مشيرا إلى أن ميقاتي دُعي أيضا لزيارة الكويت من دون أن يحدد موعدا.

رغم عدم كشف الوزير عما أسماها "أفكار ومقرحات" المقدمة للجانب اللبناني، فإن صحيفة "الأخبار" المحلية المقربة من حزب الله، نشرت في 24 يناير 2022، ما أسمته نص "ورقة الشروط الخليجية".

تضمنت بنود الورقة: "التزام لبنان باستحقاقات مؤتمر الطائف كافة، وبقرارات الشرعية الدولية وجامعة الدول العربية، ومنها التأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني، وأن سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولا وفعلا".

وشملت أيضا: "وضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح المليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 (2006) بشأن دعم سيادة واستقلال البلد السياسي والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني.

والقرار 1701 (2006) الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.

ودعت الوثيقة في شروطها إلى "وقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون".

وكذلك، طالبت بوقف جميع أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد الحكومات الخليجية.

ومن ضمن الشروط، الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في مايو/أيار 2022 ومن ثم الرئاسية في أكتوبر 2022 وفق المواعيد المقررة دون تغيير.

وتضمنت أيضا: "التدقيق على الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون عبر آلية تواجد مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلو الصادرات من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد نفس الآلية الأوروبية".

وشملت الوثيقة: "بسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على منافذ الدولة كافة. وضع نظام تبادل معلومات أمنية بين دول مجلس التعاون والحكومة اللبنانية".

وأيضا "العمل مع البنك الدولي لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من استلام ودائعهم في البنوك المحلية".

مدخل مفاوضات

وبخصوص إمكانية تطبيق الشروط من الجانب اللبناني، قال الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير إن "هذه الورقة تحمل بنودا لا يمكن تطبيقها نهائيا في هذه المرحلة، وهناك بنود إصلاحية لا مشكلة فيها وهي جزء من خارطة طريق الحكومة اللبنانية".

ونقل تقرير في 25 يناير 2022 عن قصير قوله: "أما البنود الإشكالية فهناك نقطتان، الأولى تتعلق بالقرارات الدولية خصوصا القرار 1559 وبند سلاح (حزب الله) وهذا موضوع لا يمكن للحكومة اللبنانية لوحدها أن تتعاطى معه لأن الموضوع إقليمي ودولي".

وتابع: "لذلك لا أظن أن هناك إمكانية لتطبيق هذه البنود وهذا يحتاج إلى حوار وطني، وهناك بند آخر له علاقة بدور لبنان على صعيد علاقاته العربية".

وأردف: "الورقة تطلب من بيروت ألا تكون ساحة للتصعيد ضد الدول العربية أو نقطة للصراع في المنطقة، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن ضبط كل الآراء التي تعترض على سياسة دولة عربية معينة أو دولة أجنبية لأن لبنان بلد الحريات".

ولفت إلى أن "هذه الورقة هي محور نقاشات داخلية وأظن أنه في الأيام المقبلة سيجرى التعاطي معها بشكل رسمي سواء القبول ببعض بنودها أو رفض البنود الأخرى".

وأضاف: "ينبغي على هذه الدول جميعا أن تدرك خصوصية الوضع اللبناني، وأنه لا يمكن التعاطي معه بالمزيد من الحصار والعقوبات".

ورأى قصير أن "لبنان بحاجة إلى حوار وطني أولا ثم إقليمي ودولي لمتابعة بعض المسائل لأن البلد لا يمكن أن يتخلى عن بعض أسلحته القوية مثل المقاومة لمصلحة رغبات خارجية".

وخلص الكاتب إلى أنه "قد يكون ما قدم هو مدخل لمفاوضات وعلى ضوء ما سيجرى في الأيام المقبلة سنرى كيف ستتعاطى الدول العربية".

أما المزيد من التصعيد والضغط فهو يدفع لبنان إما باتجاه حرب أهلية أو ضرب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وهذا لن يتحمله البلد في المرحلة المقبلة، وفق تقديره.

"خريطة طريق"

من جهته، رأى الوزير السابق مروان حمادة أن "الوثيقة التي حملها وزير الخارجية الكويتي من أهم وأخطر ما بُلغ به لبنان منذ صدور القرار 1559 عام 2004".

ونقل تقرير في 24 يناير 2022 عن حمادة قوله إن "الوثيقة العربية- الدولية تتطرق إلى الواقع الذي وصل إليه لبنان، وتسمّي الاشياء بأسمائها وهي بالتالي ليست مبادرة كما تحدث عنها بعض أصحاب اللغات الخشبية في الحكم أو في الاعلام".

بل هي إنذار بكل معنى الكلمة بأن لبنان مصيره الهلاك والارتطام، إن لم يعد إلى أصالته وعروبته واستقلاله وإلى احترامه للقرارات الدولية، وفق تعبيره.

ونوه حمادة إلى أنه "بين اليوم والسبت وهو موعد انعقاد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، على اللبنانيين أن يعوا خطورة الأوضاع، وضرورة الخروج من هذه الأجوبة المموهة، التي اعتدنا علينا من بعبدا والسرايا".

وأشار إلى أن "قضية طرح السياسة الدفاعية وسلاح حزب الله، ووحدة القرار في الحرب والسلم، ووقف الحملات على أنواعها ضد الدول الشقيقة، وضبط الحدود من السلاح والمخدرات واستعادة السيطرة على مؤسسات الدولة، وإجراء الانتخابات النيابية، وكل ما هو وارد في هذه الوثيقة، هو خارطة طريق دولية- عربية".

وبين أن هذه الخريطة "وضعت أمام اللبنانيين ليستفيقوا من هذا السبات الطويل في هبوطهم إلى جهنم".

ولفت حمادة إلى أن "لبنان الرسمي لا بد أن يأخذ هذه الوثيقة على محمل الجد، ويجب أن تبدأ حركة شعبية- ديمقراطية – سياسية، وغدا انتخابية، للتصدي لهذه الهيمنة الكاملة لحزب الله على كل شيء، ومنعه من وقف التحقيقات في ملف (انفجار) المرفأ ببيروت، والهيمنة على القضاء اللبناني الذي هو آخر ملاذ للقانون في البلد".

ودعا الوزير السابق "الجيش أيضا أن يقرأ جيدا هذه الرسالة، من دون أن يكون المطلوب منه أن يتخطى طبعا القرار السياسي والمرجعيات، بل أن يعي أنه هو أيضا، آخر ملجأ للإبقاء على وحدة لبنان وسيادته وهويته العربية في آخر المطاف".

وعن موقف حزب الله من الوثيقة، قال حمادة: "بالتأكيد سيكون جوابه المواربة ومحاولة استعمال العهد العوني للتغطية على موبقاته وكل ما أوصلنا إلى وضعنا الحالي".

وأثارت تصريحات مسجلة لوزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي، عن حرب اليمن غضبا خليجيا استدعت على إثره السعودية والإمارات والبحرين والكويت سفراءها من بيروت للتشاور، ثم استتبع ذلك سريعا بالطلب من السفراء اللبنانيين المعتمدين في هذه الدول مغادرة عواصمها، وكذلك أوقفت الرياض وارداتها من لبنان.

وحاولت الحكومة اللبنانية رأب الصدع مع دول الخليج، وطلبت من عواصم كبرى، مثل واشنطن وباريس، التوسط للجم التدهور الحاصل في العلاقات.

وفي 3 ديسمبر/كانون الأول 2021، قدم الوزير جورج قرداحي استقالته من منصبه، كـ"بادرة حسن نية لحل الأزمة"؛ وجاء ذلك عشية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسعودية.

وخلال زيارة ماكرون لجدة، ولقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جرى اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، قيل إنه لكسر الجليد؛ لكن لم تتبعه أي خطوات أخرى منذ ذلك الحين.