سواء عقدت أم تأجلت.. سيناريوهات الانتخابات الليبية تؤكد فشل المجتمع الدولي

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

ساعات تفصل ليبيا عن موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المحدد في إطار خريطة طريق الأمم المتحدة في 24 من ديسمبر/كانون الأول 2021، لكن الوضع في البلاد لا يزال يتسم بضبابية وعدم وضوح في الرؤية.

وقد دفع هذا، وزير الخارجية الإيطالي لويجي في 20 من الشهر نفسه، لتوجيه نداء عاجل إلى جميع الأطراف الليبية لـ"الالتزام البناء" بإنجاح الانتخابات الليبية، وفق وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء.

وفي 22 ديسمبر، اقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، تأجيل الاقتراع الرئاسي، إلى 24 يناير/ كانون الثاني 2022.

وأضافت المفوضية، في بيان لها: "على أن يتولى مجلس النواب، العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة، التي تواجه استكمال العملية الانتخابية".

ووفق مراقبين مختصين بالشأن الليبي، فإن تحديد 24 يناير لإجراء الانتخابات يعد أمرا صعبا إذ لا يكفي شهر واحد لإقراره من قبل مجلس النواب، وإغلاق باب الطعون ونشر القائمة النهائية وبدء الحملات الانتخابية.

حصار وتهديد

اعتبر مركز دراسات إيطالي أن محاصرة التشكيل العسكري المعروف باسم "لواء الصمود" في الليلة الفاصلة بين 15 و16 ديسمبر، مكتب رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في طرابلس ومقار حكومية أخرى بمثابة استعراض واضح للقوة. 

وأمام هذا التصعيد، طلب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بشكل عاجل تدخل قوة عسكرية لحماية منزله، ليجرى بعد ذلك نقله مع أعضاء المجلس الآخرين إلى مكان آمن.

وجاء ذلك بعد ورود معلومات عن نية عناصر مسلحة اقتحام منازلهم، وفق ما نقلته بعض وسائل الإعلام الليبية والدولية نقلا عن مصادر صحفية. 

وقال موقع مركز الدراسات الدولية الإيطالي إن "سبب تصاعد التوتر في العاصمة الليبية يعود إلى قرار المنفي نفسه، بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة، بإعفاء آمر منطقة طرابلس العسكرية عبد الباسط مروان وتكليف الجنرال عبد القادر خليفة مكانه".

وبحسب الموقع، أملى اتخاذ هذا القرار الحاجة إلى تعيين شخصية أكثر حيادية من مروان في التعامل مع مختلف الكتائب والتشكيلات العسكرية وفي مقدمتها اللواء 444 القتالي، التابع للمنطقة العسكرية بطرابلس. 

نتيجة لذلك، قال قائد لواء الصمود، صلاح بادي، إن الانتخابات لن تجرى في البلاد معلنا إغلاق جميع مؤسسات الدولة. 

وذكر الموقع أن "الأخير يتهم بتنفيذه هجمات ضد حكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة فايز السراج، فضلاً عن قيادته للعديد من العمليات المسلحة في العاصمة". 

ولفت إلى أن مناخ العنف والتوتر لم يؤثر على طرابلس فحسب، بل تمتد آثاره أيضًا إلى المدن الرئيسية الأخرى في البلاد، حيث تسعى الجماعات المسلحة المختلفة إلى تنفيذ حملات مستقلة لمنع إجراء العملية الانتخابية.

وأشار إلى زعزعة بعض المليشيات والكتائب الاستقرار للتسبب في تأجيل الانتخابات التي يهدد إجراؤها نفوذها داخل مناطق تخضع بالكامل لسيطرتها بالإضافة إلى خسارة محتملة في العائدات الاقتصادية التي تكسبها. 

وعلى الرغم من حدة التوتر، أشار مركز الدراسات الإيطالي إلى أن وسائل الإعلام المحلية كانت قد استبعدت فرضية الانقلاب.

واعتبر الموقع أن حصار هذه التشكيلات العسكرية للمقار الحكومية حدث على خلفية الظروف الأمنية غير المستقرة لضمان إجراء الانتخابات في ليبيا في 24 ديسمبر والتي بات من المرجح تأجيلها إلى موعد جديد لن يكون قبل فبراير/شباط 2022. 

فشل دولي

من جانبه، ضغط المجتمع الدولي منذ 2014 على السلطات المحلية من أجل إجراء الانتخابات إلا أنه فشل في مبادراته بسبب الانقسامات الكبيرة داخل البلاد وما ترتب على ذلك من أزمة في شرعية المؤسسات الرئيسية، يشير الموقع. 

ولفت إلى أنه هذه المشاكل، المتجددة بشكل دوري، عادت إلى الظهور أيضًا في هذه المحاولة الأخيرة لتنظيم الجولة الانتخابية.

وأفاد بأن الاستحقاق المقبل بات موضع شك خطير من قبل المفوضية الليبية العليا للانتخابات، التي أرجأت نشر القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة إلى تاريخ لاحق، مما حال دون الانطلاق الرسمي للحملات الانتخابية. 

من جانبهم، أكد مراقبون دوليون هذه المخاوف بالتشديد على عدم توفر الظروف الأمنية الدنيا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. 

وحذر موقع الدراسات الإيطالي بأن إمكانية تزوير الانتخابات لن يؤدي إلى تقليل نسبة الإقبال فحسب، بل أيضا إلى طعن كبير في نتائجها.

ويفترض الموقع أن أكثر السيناريوهات المحتمل وقوعها في ليبيا يتعلق على الأرجح بتأجيل التصويت إلى عام 2022. 

في هذا السياق، يتوقع أن تستمر الجهات الفاعلة المشكوك في شرعيتها بإلقاء ثقلها على الهيكل المؤسسي الليبي، مما سيتسبب في حالة من عدم استقرار طويل الأمد و تفاقم الانقسامات السياسية والجغرافية السائدة في البلاد منذ عام 2019.

 كما لن تقبل بعض الفصائل بالنتائج في حال توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع وستحمل الأسلحة متحججة بوجود مخالفات انتخابية، يحذر الموقع الإيطالي. 

مع ذلك، في كلتا الحالتين، لا يرجح مركز الدراسات امتداد الصراع على نطاق واسع متوقعا حدوث أعمال عدائية وعنف محلي، في مناطق ستستمر الشخصيات السياسية والمليشيات التحرك فيها للسيطرة على الموارد الاقتصادية والمراكز الإستراتيجية مثل البنك المركزي الليبي وشركة النفط الوطنية. 

واعتبر بأنه سيجرى تدشين مرحلة جديدة من المواجهة السياسية، حيث ستتجه مجموعة من الأطراف الوطنية والدولية نحو إعادة تموضعهم في المنطقة في محاولة لنزع الشرعية عن خصومهم. 

في هذا السياق، ستتجلى إخفاقات المجتمع الدولي، الذي لم يتمكن من تقديم مبادرات ملموسة من شأنها أن تضمن الانتقال السياسي والديمقراطي للبلد، يتوقع الموقع الإيطالي.

ويشرح بأن الوضع الحالي في ليبيا لم يعد من الممكن تأطيره بمصطلحات أيديولوجية، وإنما باتت في صدارة المشهد المصالح الخاصة لعدد قليل من الأشخاص.

في الواقع، أصبحت البلاد مسرحًا لصراع أطماع الفاعلين المحليين وغير الحكوميين الذين يستغلون السرديات المتعلقة بالفساد المستشري والحوكمة السيئة وعجز السياسات التقليدية من أجل تعزيز مواقعهم داخل خطوط الصدع الملحوظة للدولة، وفق توصيف الموقع. 

ويرى الموقع أنه أمام عدم القبول بقواعد اللعبة الديمقراطية و عدم اعتماد آليات سياسية مؤسسية قادرة على خلق نظام الضوابط والتوازنات، سيدفع الشعب الليبي ثمن عواقب العنف المتفشي وعدم الاستقرار المحلي.