صحيفة روسية: أميركا وأوروبا تحمي "النازية الجديدة".. وهذه الدلائل
سلطت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الروسية الضوء على عدم وقوف دول مثل الولايات المتحدة وأوكرانيا ضد دعم النازية وتمجيدها، محذرة من مخاطر تصاعد مظاهر النازية الجديدة في أميركا وأوروبا.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2021، مشروع قرار لمكافحة تمجيد النازية والنازية الجديدة في العالم، قدمته روسيا.
وأيدت 130 دولة المشروع، فيما امتنعت 49 عن التصويت بينها عديد من دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وجورجيا ومولدوفا، بينما عارضته الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وتنتقد روسيا باستمرار موقف أميركا ودول أوربية، المتمثل في اعتبار الترويج للنازية كأحد مظاهر حرية التعبير.
والنازية هي حركة سياسية ظهرت في ألمانيا في عشرينيات القرن العشرين بقيادة أدولف هتلر، وتحولت فيما بعد إلى نظام سياسي سلطوي تمييزي، صادر باسم الوطنية الحريات وتسبب في حرب عالمية راح ضحيتها الملايين.
تصالح مع النازية
وتعليقا على التصويت الأممي، قالت الصحيفة في مقال للكاتب بيتر ليخومانوف إنه إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء فسنجد أن جميع الدول التي امتنعت عن التصويت تقريبا كانت لديها جثث ترتدي الزي الرسمي المتحلل لفرق قوات الأمن الخاصة "الوطنية".
وأضافت: عاد القوميون البالغون من العمر ثمانين عاما ليصبحوا أبطالا وطنيين ببلدانهم في السنوات الأخيرة مثل هوريا سيما، وجون أنتونيسكو، وأنتي بافيليتش، وسلافكو كواترنيك، وفيكتور أراجس، وفيرينك زومباثيلي.
وأوضحت أن دولا عديدة أعلنت مجرمي الحرب هؤلاء بمثابة معارضين للشيوعية حاربوا من أجل استقلال أوطانهم.
وأكدت الصحيفة أن أوروبا "تصالحت" مع ماضيها النازي.
فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي (عام 1991) وصف المتعاونون والمعاقبون والمشرفون في معسكرات الاعتقال أنفسهم بـ"أرواح ضائعة " وأحيانا يطلقون على أنفسهم "ضحايا" تلك الحرب.
ومن بين هؤلاء الذين يرون أنفسهم أيضا ضحايا، أعضاء فرق "أينزاتسغروبن"، وهي كتائب إعدام شبه عسكرية كانت تابعة للوحدة الوقائية الألمانية وتحملت مسؤولية عديد من جرائم القتل الجماعي التي ارتكبتها السلطات النازية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه من المدهش كيف تم دمج القوميات القبلية بنجاح في النسيج الأيديولوجي لأوروبا حاليا جنبا إلى جنب مع القيم الإنسانية العالمية وجميع أنواع الحريات.
ومن بين هذه الدول المتصالحة مع النازية ومناصريها، ألمانيا وبولندا، وكلاهما، وفق الصحيفة، لهما دافعهما الخاص.
وأضافت: ألمانيا بهذه الطريقة تسعى إلى تكملة تاريخها الذي يحوي الجريمة البشعة التي ارتكبتها بحق العالم عبر سفك دماء الملايين وتنفيذ المحرقة.
أما بولندا التي ورثت الوصايا القومية ليوزف بيلسودسكي (تولى الرئاسة بين 1918-1922)، فتسير ببساطة مع التيار الأوروبي.
انقلاب أخلاقي
ووفق الصحيفة الروسية، فإن حالة كل دولة أوروبية فريدة من نوعها لكنها في النهاية تهدف الدوائر الليبرالية الفكرية الأوروبية إلى شيء واحد وهو التعريف الإجرامي البحت للنازية والشيوعية والمساواة المخزية لأدوار الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية.
ونتيجة لذلك يأتي الرفض الأوروبي لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر يالطا، واستبعاد روسيا من قائمة الدول "المتحضرة" وفرض عقوبات على موسكو لم يتم دراستها جيدا.
وعقد مؤتمر يالطا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي بزعامة جوزيف ستالين وبريطانيا بزعامة ونستون تشرتشل والولايات المتحدة بزعامة فرانكلين روزفلت، في الفترة بين 4 و 11 فبراير/ شباط 1945
وخلال المؤتمر في مدينة يالطا السوفياتية على سواحل البحر الأسود وقع الأطراف على اتفاقية حول تقسيم ألمانيا ومحاكمة أعضاء الحزب النازي وتقديمهم كمجرمي حرب.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة في حين تفرض عقوبات على روسيا، صوتت بجرأة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد منع تمجيد النازية.
وأضافت: في الأصل الولايات المتحدة التي تدعي أنها بلد الحرية الكاملة، لا تحظر الأحزاب الفاشية، والصليب المعقوف "الهتلري" رمز غير مدان في أميركا بموجب القانون.
وأوضحت أن النازية كانت تعامل دائما هناك على أنها أداة سياسية، لأن الولايات المتحدة نفسها، التي كانت اليابان عدوها الرئيس، لم تعان من النازية. لذا ليست مصادفة أن عديدا من النازيين البارزين وجدوا الملاذ والمأوى هناك.
ودللت على ذلك باستضافة الولايات المتحدة عالم الصواريخ الألماني "فيرنر فون براون" صاحب الإسهامات البارزة في إرسال أول رجل إلى القمر، كما أنه أول مخترع للصواريخ العابرة للقارات ويتهم بماض نازي تسبب من خلاله في موت ومعاناة الآلاف خلال الحرب العالمية الثانية.
وأضافت أن الأمر لا يتعلق بـ"فيرنر فون براون" فحسب، بل يشمل أيضا المتعاونين الذين أشركتهم وكالة المخابرات المركزية الأميركية في القتال ضد الاتحاد السوفييتي ودول حلف وارسو (ألبانيا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا الشرقية، المجر، بولندا، رومانيا).
كما استضافت الولايات المتحدة وكندا، وفق الصحيفة، آلافا من مجموعة "بانديرتيز" اليمينية في أوكرانيا الهاربين بعد مشاركتهم في الإبادة الجماعية للبولنديين واليهود والأوكرانيين والروس.
وأشارت إلى أن رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي، يريد اليوم التخلي عما حدث في الماضي وإعطاء جوازات سفر أوكرانية لأحفاد هؤلاء المجرمين.
ولهذا السبب صوت ممثل أوكرانيا لدى الأمم المتحدة ضد القرار الروسي. ولم يكن من المتوقع أي سلوك آخر من ممثل دولة تبني هويتها على النازية الإقليمية والسعي من أجل أوروبا التي تدافع عن دعم النازية في الأساس، تضيف الصحيفة.
وتابعت: فلا يمكن للشاعر البريطاني روديارد كبلينغ ولا للعالم البريطاني تشارلز داروين (صاحب نظرية التطور) إلغاء طبيعة النازية الأوكرانية.