انتهاكات عباس تضاعف الغضب الفلسطيني.. هل اقتربت نهاية سلطة رام الله؟

12

طباعة

مشاركة

"جواسيس جواسيس" هذا ما هتف به مشيعون فلسطينيون بعد أن أطلقت القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريق جنازة الشهيد جميل الكيال.

وارتقى الكيال في اشتباك مع قوة خاصة من جيش الاحتلال، في البلدة القديمة بنابلس فجر 13 ديسمبر/كانون الأول 2021.

ذات المشهد تكرر في استقبال الأسير المحرر محمد عارف من طولكرم بالضفة الغربية، والذي أمضى في سجون الاحتلال 20 عاما، حيث هاجمت أجهزة السلطة 13 ديسمبر/كانون الأول موكب استقباله.

 ثم هاجمت الاحتفال وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع داخل القاعة؛ ما أدى لإصابة عارف بالاختناق.

كما اعتقلت شقيق الأسير المحرر حتى تسلم عائلته كل المطبوعات والرايات في استقباله.

وأصيب عدد من الشبان الفلسطينيين، اثنان منهم وصفت جراحهما بالخطيرة، إثر انقلاب مركبتهم في أثناء مطاردة أجهزة أمن السلطة لهم خلال استقبال الأسير المحرر المنتمي لحركة المقاومة الإسلامية حماس شاكر عمارة في أريحا في 13 ديسمبر/كانون الأول.

حرب على المحررين

كما اعتقلت الأجهزة الأمنية في قلقيلية الأسير المحرر موسى صوي 7 ديسمبر/كانون الأول.

وكشفت أسرة صوي أن السلطة استدعت أكثر من 30 أسيرا محررا من قلقيلية، ودفعتهم للتوقيع على تعهدات بعدم المشاركة في استقبال الأسير مصطفى خدرج، الذي تحرر من سجون الاحتلال بعد 19 عاما من الاعتقال في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، وكان صوي من ضمنهم.

وضمن حملتها ضد الأسرى المحررين، اعتقلت مخابرات السلطة في 15 ديسمبر/كانون الأول، 3 أسرى محررين وهم معتصم الخواجا وعبدالله ومصعب سرور من بلدة نعلين قضاء رام الله.

وفي ذات اليوم سلمت استدعاء للأسيرة المحررة أمل طقاطقة من بيت لحم.

واعتقل جهاز الأمن الوقائي في نابلس الأسير المحرر مجاهد مزيد التلفيتي بعد اقتحام منزله في 15 ديسمبر/كانون الأول.

 وأفادت أسرته بأنه جرى "الاعتداء عليه بوحشية أمام زوجته وطفله".

كما اعتقل "الوقائي" في الخليل الأسير المحرر عدي العمور من مكان عمله في المدينة.

وحاصر منزلي الأسيرين المحررين محمد فطافطة وحمد الزير في مدينة دورا بالخليل بغرض اعتقالهما منتصف ديسمبر/كانون الأول.

وحاصرت أجهزة السلطة منازل لعائلة قفيشة في الخليل لاعتقال الأسير المحرر أنس، وأيضا حاصرت منزل المحرر سامي الدويك في المدينة، دون أن تتمكن من الإمساك بهما.

 وضمن ذات الحملة في الخليل، اعتقلت أجهزة السلطة الصحفي مصعب قفيشة كما حاصرت منزل زميله علاء الربعي لاعتقاله.

 وعقبت كتلة الصحفي الفلسطيني على الحملة بأن "اعتقال السلطة للصحفيين تعاون أمني مع العدو، وامتهان للكرامة الوطنية وعدوان على القانون".

وقالت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين بالضفة إن مخابرات السلطة في الخليل اختطفت في 15 ديسمبر/كانون الأول الطالب في جامعة القدس المفتوحة "محمد سعيد العبادلة" من أمام الجامعة.

وخلال الأسابيع الأخيرة، ازدادت اعتداءات الأجهزة الأمنية على مواكب استقبال عدد من الأسرى المحررين، مثل مصطفى خدرج في قلقيلية، وعبادة قنيص في بيت لحم، وعزمي أبو عودة في طمون، تخللها مصادرة رايات تعود لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وكثفت أجهزة السلطة من حملاتها الأمنية لاعتقال ناشطي المقاومة، كان من ضمنهم العشرات من "الجهاد الإسلامي" في أريحا ونابلس وجنين والخليل ورام الله.

وقال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، خضر عدنان في 14 ديسمبر/كانون الأول: إن معظم الذين اعتقلتهم السلطة مؤخرا، أعيد اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال، والأمن يتحمل مسؤولية ذلك.

أما حركة حماس فقد أعلنت 15 ديسمبر/كانون الأول أن العشرات من أنصارها جرى اعتقالهم في الحملة الأمنية المستمرة من قبل أجهزة السلطة الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة.

حالة فزع

وبدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة في حديث لـ "الاستقلال" إن السلطة تعيش حالة فزع من الشارع الفلسطيني مع استمرار التنسيق الأمني وتنفيذها لطلبات الاحتلال، وهو ما نتج عنه تنامي الغضب الشعبي ضدها.

وأضاف أنه منذ لقاء رئيس السلطة محمود عباس مع رونين بار رئيس الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك" نوفمبر/تشرين الثاني 2021، شددت قوى الأمن إجراءاتها ضد كافة الفصائل التي ترفع راية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال.

وأكد أبو شمالة أن حكومة الاحتلال استشعرت ضعف السلطة وقرب انهيارها لذلك استنفرت لإنعاشها اقتصاديا وفي المقابل طلبت منها تنفيذ هذه الإجراءات القمعية بحق الأسرى المحررين وتعزيز التعاون الأمني.

وشدد على أن مظاهر التمرد والرفض الشعبي بدأت تظهر بشكل واضح، بل وأصبحت تتخذ منحى عنيفا نوعا ما حيث ازدادت وتيرة إطلاق النار على مقرات الأجهزة الأمنية والاشتباكات مع عناصر السلطة.

وتابع "الكراهية الشعبية للسلطة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تنامت وظهرت جليا في الانتخابات المحلية الأخيرة وكانت أكبر دليل على الرفض الشعبي".

وأردف: "خسرت فتح أمام مرشحين مستقلين وآخرين محسوبين على عائلات، وهو ما أثبت ضعف الحركة شعبيا وتراجعها، حيث كانت شعبيتها عام 1994 بنسبة تقارب الـ 90 بالمئة، ومع استطلاع مركز فلسطين للبحوث الذي أجري مؤخرا أظهر تراجعها لـ 15 بالمئة".

وشبه الكاتب السلطة بكتائب السلام التي أسسها الانتداب البريطاني عام 1937  وكان هدفها إخماد الثورة، وحينها واجهها الشعب الفلسطيني كما يواجه الانتداب.

 واليوم يتكرر ذات المشهد مع السلطة التي أسست وجرى تمويلها بالاتفاق مع الاحتلال مقابل توفير الأمن للمستوطنات و"ستكون ذات المصير بانتفاضة الشعب ضدها كما حصل عام 1939 لكتائب السلام".

وقالت قناة كان العبرية في 14 ديسمبر/كانون الأول، إن حماس هي التهديد الحقيقي بالضفة الغربية للسلطة الفلسطينية وإسرائيل.

 وبالرغم من جهود أجهزة الأمن الفلسطينية لإعادة السيطرة على الوضع، يوجد حتى الآن أماكن مركزية بالضفة تعمل فيها حماس بحرية كاملة وكما تريد بدون خوف، وفق قولها.

وتمارس السلطة إجراءات ضد حماس والجهاد الإسلامي وكذلك الجبهة الشعبية، لمنع إظهار شعبيتها وتقييد نشاطاتها.

 وقال جال برغر مراسل قناة كان في 13 ديسمبر/كانون الأول إن هدف إجراءات السلطة ومهاجمتها تجمعات حركة حماس وأسراها هو الشعبية الكبيرة التي تحظى بها الحركة والهتافات لها ولمحمد الضيف قائد جناحها العسكري "كتائب القسام".

ومن جانبه قال الشاب الفلسطيني  محمد حمد من مدينة نابلس في حديث لـ "الاستقلال" إن أجهزة أمن السلطة وبالأخص المخابرات والأمن الوقائي يشنان حملة أمنية شرسة ضد مناصري المقاومة والأسرى المحررين، وتمنع أي نشاط ترفع فيه رايات التنظيمات. 

وأكد أن الاعتقالات في الفترة الأخيرة شملت أعضاء في الأطر الطلابية وناشطين في العمل الخيري وآخرين في النقابات التي ترأسها حركة حماس في الضفة.

تابع حمد "بعد كل عمل مقاوم ترى انتشارا لقوات الأمن واعتقالات بالعشرات من السلطة قبل الاحتلال ويتولى عناصر المخابرات مهمة تحصيل تسجيلات الكاميرات من المحال التجارية".

غضب عارم

وأشعلت تجاوزات السلطة الشارع ما ينبئ حسب مراقبين بمرحلة جديدة في تعامل فلسطينيي الضفة الغربية تجاهها.

ورغم أن الضفة الغربية شهدت احتجاجات كبيرة عقب مقتل المعارض السياسي نزار بنات على يد قوات الأمن في 24 يونيو/حزيران.

 وطالبت الاحتجاجات بإسقاط السلطة ورحيل رئيسها محمود عباس، إلا أن حالة الغضب الحالية تفوق تلك المرحلة.

وخلال جنائز الشهداء يردد المشيعون عبارات منددة بالسلطة والتنسيق الأمني وهتافات تطالبهم بالرحيل كما حصل في جنازة جميل الكيال وهو ما بات يتردد في الكثير من التجمعات الشعبية.

 ووصل التعبير عن الغضب لإطلاق النار تجاه مقرات الشرطة، كما حدث في بيت لحم 12 ديسمبر/كانون الأول.

وكذلك في مخيم جنين حيث استهدف مقاومون مقر السلطة هناك بعد اشتداد حملة الاعتقالات في نوفمبر/تشرين الثاني.

وبدوره، قال الصحفي هلال وائل في حديث لـ "الاستقلال"  أن الشعب اليوم يرفض السلطة ولا يؤمن بها إلا كوكيل للاحتلال يوفر لإسرائيل الأمن المجاني في حين تعجز أجهزتها عن رد المستوطنين عن هجماتهم ضد الفلسطينيين.

وأضاف "لا شك أن الحالة الفلسطينية في الضفة باتت مختلفة عما كانت عليه في السابق، فالسلطة فقدت حاضنتها الجماهيرية والسخط الشعبي في حالة ازدياد وبدأ بالخروج من منصات التواصل الاجتماعي إلى الشارع وهو ما ينبئ بقرب التحرك الشعبي الشامل لإسقاطها".

وشدد وائل على أن الاحتلال يسعى للحفاظ على السلطة وعدم انهيارها ولكن مقدرته محدودة ولا تتعدى دعمها ماليا.

ولذلك أعد خططا لإدارة الأوضاع في الضفة في حال انهيار السلطة ووقف سيل المعلومات الأمنية الواردة منها.

وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم إن مهاجمة الأجهزة الأمنية للسلطة في الضفة الغربية جنازة الشهيد جميل الكيال، يعني أنها ذهبت بعيدا في انتهاك كل القيم الوطنية والأخلاقية .

وأضاف في حديث لـ "الاستقلال" السلطة لا تحترم دماء الشهداء وتضحيات ذويهم، وكذلك تقمع الأسرى المحررين، وفي ذلك خروج عن أي اعتبار وطني فلسطيني، وهو ما يخدم سياسات الاحتلال في محاولة تحطيم الرموز الوطنية.

وقال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي بالضفة الغربية طارق عز الدين، 15 ديسمبر/كانون الأول إن الجهاد ترفض ملاحقة السلطة للأسرى المحررين والتضييق على مواكب استقبالهم.

وأضاف عز الدين في بيان: "ندين حادثة التعرض لموكب استقبال الشيخ المحرر شاكر عمارة، وملاحقة الناشطين وحاملي الرايات في الاستقبال".

وبدورها ، قالت حركة الأحرار في بيان صحفي 15 ديسمبر/كانون الأول، إن اعتداء أجهزة أمن السلطة على المشاركين في حفل استقبال الأسير المحرر محمد العارف جريمة تؤكد فساد عقيدتها الأمنية وعداءها لكافة مكونات شعبنا. 

وأكدت الأحرار في تصريح صحفي أن هذا السلوك العدواني هو جزء من وظيفة السلطة لقمع شعبنا والتنغيص على فرحته إرضاء للاحتلال.