"شراكة مخيفة".. ابن زايد يستعين بضباط موساد لتنفيذ عملياته المعقدة في الإمارات

أحمد يحيى | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

باتت الإمارات خلال السنوات الماضية ملعبا رئيسا لشركات الحرب السيبرانية الإسرائيلية، التي يديرها ضباط كبار بجهاز المخابرات العبري "موساد". 

ولم يتوقف الأمر على مجرد انتشار الشركات الإسرائيلية داخل الإمارات، وإشرافها بشكل أو بآخر على التقارب بين قطاعي الإنترنت الإسرائيلي والإماراتي.

بل امتد ليتخذ ولي عهد أبوظبي، الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد من رؤساء الموساد مثل تامير باردو، شريكا أساسيا في تلك المعاملات المعقدة.

ووصل هذا التعاون المشبوه إلى درجات قصوى في التجسس، واستهداف الناشطين والحقوقيين، وإقامة شبكة متطورة، قادرة على تهديد الأمن الإقليمي برمته. 

الإمارات والموساد 

في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية عن إحداثيات جديدة في التعاون السيبراني بين الإمارات وإسرائيل، القائم بالفعل منذ سنوات طويلة من قبل التطبيع الرسمي في 2020. 

وقالت المجلة الفرنسية، المعنية بشؤون الاستخبارات إن "شركة (بيكن رد) التابعة لمجموعة شركات الدفاع الإماراتية (إيدج جروب)، أعلنت أخيرا عن شراكة مع شركة (إكس إم سايبر)، المملوكة لرئيس الموساد الأسبق تامير باردو". 

وأضافت "أنهما سيعملان بشكل وثيق على إدارة الثغرات الأمنية في الإمارات، بعدما أعلنوا عن شراكتهما في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، خلال أسبوع (جيتكس) للتكنولوجيا، الذي أقيم في دبي". 

واستكمالا للتعاون الإماراتي الإسرائيلي المشترك في هذا المجال، أوردت "إنتيليجنس أونلاين" أن "الشراكة الجديدة ستركز بشكل واضح على إدارة نقاط الضعف في الإمارات.

وستستغل "بيكن رد" الإماراتية، خبرة "إكس إم سايبر" الإسرائيلية، في طرق الهجوم لتحديد نقاط الضعف الأكثر عرضة للخطر في الإمارات. 

وتعمل الشركة الإسرائيلية، وفق المجلة الفرنسية، بشكل جيد في أوروبا والولايات المتحدة، وتحرص بقوة على تعزيز علامتها التجارية في الشرق الأوسط.

بيكن رد 

وتأسست "بيكن رد" الإماراتية، التي تقود محور الشراكة السيبرانية مع إسرائيل، في عام 2018، وهي خليفة شركة "دارك ماتر" التي كانت الرائدة في مجال الهجمات الإلكترونية في الإمارات، ويشرف عليها محمد بن زايد.

واستوعبت "بيكن رد" عددا كبيرا من المديرين التنفيذيين في "دارك ماتر"، بما في ذلك الرئيس التنفيذي للشركة ماوريسيو دي ألميدا، فيما تقلصت أنشطة الأخيرة.

ولفتت المجلة الفرنسية إلى أن دارك ماتر المتخصصة في استشارات الإنترنت والحرب الهجينة، أقامت إستراتيجيتها على الخبرة الإلكترونية الأسترالية والأميركية.

عبر تعيين عدد كبير من قدامى المحاربين في مجال الاستخبارات والدفاع مثل رئيس قسم الدفاع والإنترنت، الضابط الأميركي إريك إيفرت. 

لكن بيكن رد أخذت منحى مختلفا، إذ اتجهت بقوة إلى الخبراء وضباط الموساد الإسرائيليين، مستغلة أجواء تطبيع العلاقات الدبلوماسية الإماراتية الإسرائيلية.

وتسعى بيكن رد لأن يكون لها دور يتخطى حدود بلادها، حيث أوردت عبر موقعها الرسمي، أنها سوف تجعل جل تركيزها قائما على رفع مستوى التأهب لحفظ الأمن الوطني في أنحاء الشرق الأوسط ككل.

وتمتلك الشركة إمكانيات فائقة بعائدات تتجاوز 5 مليارات دولار سنويا، و12 ألف موظف، إضافة إلى 25 شركة فرعية، لذلك فإن دخولها في شراكات بعيدة مع الموساد، مثير للقلق.

صديق ابن زايد 

يعد تامير باردو (68 عاما)، رئيس الموساد السابق (2010-2016)، من ضباط المخابرات الإسرائيلية البارزين على مدار عقود، ويرتبط بعلاقات متقدمة مع محمد بن زايد، منذ أن كان رهن منصبه الحساس. 

وفي سبتمبر/أيلول عام 2018، كشفت القناة 13 الإسرائيلية النقاب عما وصفته بـ"أسرار العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي"، حيث بثت حلقة تناولت العلاقة مع الإمارات، خاصة إمارة أبو ظبي. 

وأزاحت القناة الستار عن الدور الذي لعبه باردو في إعادة التواصل مع الإمارات، عقب أزمة سياسية حدثت عام 2009، على أثر تعثر صفقة بيع طائرات مسيرة أسفرت عن شرخ في العلاقة بين تل أبيب وأبو ظبي. 

وكانت الصفقة آنذاك تتعلق ببيع الطائرات المسيرة من دون طيار من شركة إسرائيلية إلى الإمارات، مقابل التعاون الثنائي بخصوص إيران. وبعد فشل الصفقة، قالت القناة إن ابن زايد استشاط غضبا. 

لكن حسن إدارة باردو الذي حاول إطفاء الحريق بين تل أبيب وأبو ظبي، بالتعاون مع أصدقائه في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، استأنفت المباحثات مرة أخرى عبر طرق سري.

وقبل ذلك، كشف الصحفي الإسرائيلي "يوسي ميلمان" المتخصص في الشؤون الأمنية عن توغل إسرائيلي هائل في الإمارات، من خلال شركات أمن، قال إن "مديريها مسؤولون حاليون وسابقون في الموساد". 

وأكد في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في 27 أبريل/ نيسان 2015 أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي باتت مرتعا للشركات الإسرائيلية التي ذكر أنها "وجدت بيئة صالحة للعمل في تلك المجتمعات رغم أنها عادة ما توصف بأنها محافظة".

 

وبعد ذلك، لم يبرح باردو موقعه عند محمد بن زايد، بل تعددت زياراته إلى الإمارات، وتوج تلك العلافة بعقد شراكة إستراتيجية مع قطاع الأمن السيبراني الإماراتي عبر شركته الصاعدة. 

مأوى الموساد 

التعاون بين الإمارات وضباط الموساد في سائر المجالات ليس وليد اللحظة، ففي السنوات الأخيرة غدت أبوظبي، مأوى حقيقيا لضباط المخابرات الإسرائيلية، وفق إعلام عبري. 

ففي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن توظيف شركات أمنية إماراتية ضباطا إسرائيليين سابقين في الموساد، لملاحقة صحفيين وناشطين بمجال حقوق الإنسان.

وكشفت أن الرواتب التي تعرضها شركة دارك ماتر الإماراتية على ضباط الموساد تصل إلى مليون دولار سنويا.

وتأسست دار ماتر في العاصمة أبوظبي، عام 2015، مدعية أن مهمتها الأساسية تقتصر على "الدفاع الإلكتروني"، لكن تقارير إعلامية كشفت أنها تقدم خدمات القرصنة لصالح المخابرات الإماراتية. 

وفي نفس العام، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (آنذاك) في تصريحات إعلامية أن "الموساد يساعده على تطوير علاقات دبلوماسية وسياسية مع دول عربية وإسلامية دون أن يسميها".

وعزز نتنياهو تلك الإستراتيجية بتعيين "يوسي كوهين" في منصب رئيس جهاز الموساد، المعروف أنه يتمتع بعلاقات واسعة بحكام الدولة في الإمارات. 

وكوهين هو من توجه إلى الإمارات في أغسطس/ آب 2020، للقاء ابن زايد لبلورة تفاصيل اتفاقية السلام التي تم توقيعها نهاية العام بين إسرائيل والإمارات والبحرين.