بعد "محاولة الانقلاب".. ما أهداف التعديلات الدستورية في الأردن؟
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ناقش البرلمان الأردني حزمة واسعة من التعديلات الدستورية والقانونية كانت قد أحالتها إليه الحكومة.
يتوقع موقع مركز دراسات إيطالي أن هذه الإصلاحات من شأنها أن تغير بشكل كبير هيكل الحكم في المملكة الهاشمية إذا ما تمت المصادقة عليها.
وقال موقع "مركز الدراسات الدولية" إن العاهل الأردني عبدالله الثاني كان هو الذي طلب من رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي، تشكيل لجنة مؤلفة من 92 عضوا، ممثلين عن أطياف سياسية إسلامية ويسارية وليبرالية ومستقلة.
تحديث النظام
وجرى تكليف هذه اللجنة بتحديث النظام السياسي بعد محاولة الانقلاب في أبريل/نيسان 2021، بالإضافة إلى تطوير مشاريع قوانين تضمن تمثيلا عادلا أفضل للمواطنين في البرلمان.
ويذكر أنه بعد أيام قليلة من الأنباء التي جرى تداولها عن ذلك، نفى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في خطاب أمام مجلسي النواب والأعيان خلال ذات الشهر أن تكون الأزمة التي حدثت بالبلاد محاولة انقلاب.
وكان قد أضاف أن "الأمير حمزة الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني عبد الله لن يحاكم".
وكانت الحكومة الأردنية قد اتهمت في الرابع من نفس الشهر حمزة وآخرين بالضلوع في "مخططات لزعزعة أمن الأردن واستقراره".
وبالعودة إلى مسألة حزمة التعديلات، أشار الموقع الإيطالي إلى أن العاهل الأردني عبر عن رغبته في أن يتمكن الأردن من إيجاد صيغ قانونية وسياسية لتعزيز نظام الملكية الدستورية مما يسمح بتوسيع قاعدة المشاركة في عملية صنع القرار.
من جانبه، قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة إن الإصلاحات المقترحة ستسمح بأن يعين رئيس وزراء مستقبلي من الأغلبية البرلمانية، بدلا من أن يعينه الملك.
علاوة على ذلك، ذكر الموقع الإيطالي أن مشاريع التعديلات تضمن تمثيلا نسائيا أكبر في البرلمان الموسع الذي يضم 138 عضوا، في حين يمكن تخفيض سن الترشح للانتخابات النيابية إلى 25 عاما.
سيشمل المشروع أيضا إنشاء مجلس الأمن القومي، الذي سيكون تحت إشراف العاهل الأردني ويتألف من رئيس الوزراء وقائد الجيوش.
بالإضافة إلى مديري الأجهزة الأمنية، ووزيري الخارجية والداخلية، إلى جانب عضوين موثوقين يعينهما الملك.
أفاد الموقع بأن هذا المجلس لن يشمل الأمن القومي بمعناه التقليدي فحسب، بل تمتد صلاحياته إلى الأمن الغذائي والمناخي- البيئة والصحة والتعليم.
ولفت إلى أن حزمة التعديلات ارتكزت على المستوى الدستوري على ما نصت عليه المادة 45 من الدستور، والتي تسمح بتفويض جزء من السلطات التنفيذية المتعلقة بإدارة الشؤون الداخلية والخارجية إلى أي هيكل تابع للدولة.
وبين موقع مركز الدراسات الإيطالي أن إمكانية إنشاء مجلس الأمن القومي أثارت جدلا كبيرا ليس فقط في البرلمان، ولكن أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي وبين النخب السياسية بشكل عام.
"انتهاك تشريعي"
بالإضافة إلى الشكوك المثارة حول آليات المحاسبة والرقابة، تعني المصادقة على دستورية المجلس في الواقع توسيع صلاحيات الملك عبد الله، يفيد الموقع.
من جانبهم، يشير منتقدو التعديلات المقترحة إلى أنها تحتوي أيضا على ثغرات قانونية من شأنها أن تجرد الحكومة البرلمانية المستقبلية من صلاحياتها، وذلك بإسنادها مهام مهمة إلى هيئات جديدة لا تخضع لأي سلطة رقابية.
كما سيكون جميع أعضاء المجلس على رأس هيئات مختلفة تمارس مهامها وفقا للقوانين، لكن المشروع ينشئ نظاما يمنحهم سلطة ممارسة نفس المهام في انتهاك واضح للتسلسل التشريعي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في ختام جلسة البرلمان، انتقد النواب مجمل التعديلات التي أدخلت على حوالي 30 مادة من الدستور.
من جانبه، أوضح وزير التنمية السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، أن مجلس الأمن القومي لن يجتمع إلا في حالات الطوارئ على سبيل المثال، في حالة وجود تهديد محلي أو خارجي ضد المملكة الأردنية.
بالإضافة إلى التأكيد على النأي بالمصالح الوطنية عن أي نزاع يمكن أن يحدث في حالة تمكن حزب واحد أو أكثر من تشكيل حكومة حزبية.
علق الموقع الإيطالي على التوضيحات بالقول إنها لم تشرح ماهية هذه التهديدات ضد المملكة أو المقصود بالنزاع، مما يتيح للمجلس الجديد إمكانية التدخل بشكل تقديري وخارج الإطار التشريعي المحدد.
من جهته، قال رئيس مجلس النواب، عبد الكريم الدغمي، إن البرلمان بأكمله سيعمل على فتح حوار وطني مع جميع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين لمناقشة الإصلاحات من خلال لجنة قانونية.
لفت الموقع إلى أن الإشارة إلى الحديث عن تشكيل هذه اللجنة اعتبر وسيلة لتجنب التدخلات البرلمانية الجديدة التي كانت ستضع التعديلات موضع تساؤل.
لذلك يتحدث النواب عن مشاريع قوانين الأحزاب والانتخابات، محذرين من العبث بخريطة الدوائر الانتخابية بما يضر بحقوق تمثيل الناخبين في مناطق جغرافية واسعة.
اعتبر الموقع الإيطالي أن مشروع الإصلاح الدستوري يعد جزءا من مناخ وطني متوتر بسبب زيادة معدل البطالة والأزمة الاقتصادية المتنامية نتيجة آثار جائحة كورونا وكذلك الاضطرابات السياسية المختلفة.
ويذكر في ذات الصدد، أن البلاد شهدت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات قادتها بشكل أساسي معارضة إسلامية دعت إلى سن قوانين لمكافحة الفساد، وإقرار حريات سياسية أكبر فضلا عن مطالبات بالتشغيل.
قال الموقع إنه "في إطار عدم استقرار إقليمي، أظهرت عمان دافعا إصلاحيا خجولا اعتبره الشعب الأردني غير كاف".
وقد التزم الأردن بتعزيز البنية المؤسسية الجديدة وإعادة إطلاق النمو الاقتصادي، وكذلك تحسين كفاءة وشفافية المالية العامة.
في الختام، أكد الموقع بأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مشاريع القوانين الجديدة تخفي محاولة من جانب الملك للحفاظ على تدخل قوي في الشؤون السياسية للبلاد.