أكثر إثارة.. هكذا يرى إعلام عبري تمديد "مينورسو" بإقليم الصحراء الغربية

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة عبرية الضوء على قرار الأمم المتحدة الجديد بشأن نزاع إقليم الصحراء الغربية، في ضوء السياق الإقليمي المتميز بالتوتر غير المسبوق بين المغرب والجزائر.

وقالت "جيرزاليم بوست" إن "قرار الأمم المتحدة رقم 2602 بشأن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء بإقليم الصحراء (مينورسو) عاما إضافيا حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، فيه انحياز إلى المغرب في نزاع الكركرات ويوجه صفعة جديدة للجزائر".

وأضافت أنه "لطالما ختمت الخلافات الإستراتيجية السياسية والصراع الإعلامي العلاقات بين هذين الجارين المغاربيين لمدة أربعة عقود على الأقل".

وتابعت: "لكن العداء وصل إلى منعطف حاسم وأكثر إثارة للقلق في الأشهر الأخيرة، وبلغ ذروته بقطع الجزائر جميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وما إلى ذلك مع المغرب".

تحول كبير

واعتبرت الصحيفة العبرية أن "الجزائر لم تكتف بهذه القطيعة الدبلوماسية المفاجئة، وبوابل الاتهامات غير المثبتة، وبالهجمات اللاذعة للمغرب، فقد ذهبت الجزائر أخيرا إلى حد إصدار بيان ضد الأمم المتحدة".

وأضافت "في الواقع، بعد يوم واحد فقط من اعتماد القرار 2602 من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حذرت الجزائر، التي كانت غاضبة بالفعل، المجلس من أي استمرار للعملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء الغربية ضمن المعايير التي اعتمدتها المنظمة منذ عام 2007".

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 طردت قوات الأمن المغربية مجموعة من عناصر جبهة البوليساريو الذين أغلقوا الطريق بين جنوب وشمال المغرب، واعترفت الإدارة الأميركية بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في ديسمبر/كانون الأول 2020، مما أدى إلى "تحول كبير في ميزان القوى الإقليمي لصالح المغرب".

وعلى مدى الأشهر الـ12 الماضية أصدرت البوليساريو والجزائر، عددا كبيرا من البيانات الصحفية التي ترى أنها "حرب مستعرة" وتلمح إلى أن الوضع قد يتفاقم إذا فشلت الأمم المتحدة في الوفاء بتعهدها بالسماح للصحراويين بممارسة حقهم في تقرير المصير من خلال استفتاء.

وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها صادر بعد تمديد ولاية "المينورسو"، أعربت عن أسفها العميق من مضمون القرار الجديد الصادر عن مجلس الأمن الأممي حول البعثة، بسبب مقاربته غير المتوازنة، والدعم لمطالب المغرب "بشكل تعسفي".

لكن كانت كل هذه الإيماءات والخطاب من الجزائر و"البوليساريو" تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف، وفق الصحيفة العبرية.

أولا، أرادوا إقناع مجلس الأمن بمناقشة أحداث 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 (بشأن طرد البوليساريو من منطقة الكركرات) وإعادة المغرب إلى الوضع الذي كان قائما قبل ذلك اليوم.

وبعبارة أخرى، كانت الجزائر مصممة على استباق أو معارضة موافقة مجلس الأمن الضمنية على السيادة المغربية على الكركرات بأي ثمن.

وكان الهدف الثاني هو جعل مجلس الأمن يعيد النظر في موقفه بشأن رجحان أو مركزية حل سياسي واقعي قائم على التسويات لنزاع الصحراء.

وثالثا، بدلا من تفويض مدته عاما واحدا، كانوا يتطلعون إلى تقليص مدة ولاية بعثة "المينورسو" إلى ستة أشهر، كما كانت بين عامي 2017 و2018.

وبالنسبة للجزائر وجبهة البوليساريو، فإن مثل هذا التغيير سيزيد الضغط على المغرب ويجبره على تقديم تنازلات تسمح لهم بتعويض "النكسات الدبلوماسية" التي عانوا منها في الأشهر الأخيرة.

تسوية النزاع

وبعبارة أخرى، في سياق تميز بـ"انتصارات دبلوماسية متكررة للمغرب، ترغب الجزائر العاصمة في وضع الرباط في موقف دفاعي"، وفق الصحيفة العبرية.

وتوحي لهجة القرار الأممي الجديد بأن مجلس الأمن قد انحاز لصالح المغرب فيما يتعلق بالكركرات، وأن هذه المنطقة، التي كانت في السابق جزءا من المناطق العازلة، أصبحت الآن تحت سيطرة المغرب فعليا.

ويعد القرار 2602 "صدمة" للجزائر، لأنه بالإضافة إلى تسوية قضية الكركرات، فإن القرار يوضح بجلاء أن الواقعية السياسية والتسوية هي الطريقة الوحيدة لتسوية النزاع الإقليمي.

وعلاوة على ذلك، يحافظ مجلس الأمن، كما ورد في قراراته السابقة، على إطار المفاوضات القائم على المائدة المستديرة الذي تم وضعه في ديسمبر/كانون الأول 2018، ويعتبر الجزائر مشاركا كاملا في الصراع وليس مجرد مراقب.

ويعتبر ذلك خطوة سياسية مهمة؛ لأن مجلس الأمن الدولي يقول صراحة إن "الجزائر يجب أن تشارك في محادثات جنيف مع المغرب وموريتانيا والبوليساريو".

وينعكس موقف المغرب القوي أيضا في لهجة مجلس الأمن الدولي، الذي ظل قائما منذ أكثر من عامين.

وحثت المملكة الواقعة في شمال إفريقيا الأمم المتحدة مرارا وتكرارا على الاعتراف بدور الجزائر الريادي في نزاع الصحراء، فضلا عن مسؤوليتها في إيجاد حل سياسي يحفظ الاستقرار الإقليمي.

عنصر مهم آخر في القرار الجديد هو دعوته الأطراف المتصارعة إلى تبني البراغماتية والواقعية السياسية باعتبارهما السبيل الأكثر قابلية للتطبيق، والوحيد، للخروج من الركود الدبلوماسي المستمر منذ عقود.

وهكذا يمثل القرار 2602 استمرارا للتحول النموذجي الذي حدث في دبلوماسية الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء على مدار الـ15 عاما الماضية: الاعتراف باستحالة إجراء استفتاء على تقرير المصير.

وبشكل أكثر تحديدا، منذ اعتماد القرار 2414 في أبريل/نيسان 2018 شدد مجلس الأمن الدولي على أنه فقط من خلال التسويات والمفاوضات السياسية القائمة على الواقعية يمكن إنهاء نزاع الصحراء.

وتم ذكر مصطلح "حل وسط" ثلاث مرات في ذلك القرار، وأربع مرات في القرار 2440، وخمس مرات في القرارات 2468 و2494 و2548 و2602 على التوالي.

روح التوافق

ولقياس الأهمية السياسية للهجة الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء، يجب مقارنة القرار الحالي بالقرارات السابقة، ولا سيما تلك التي تم تبنيها بين أبريل/نيسان 2007 وأبريل/نيسان 2017. باستثناء القرارين 1754 و1783، اللذين لا يستخدمان مصطلح "حل وسط"، "شدد كل قرار من القرارات الأخرى على ضرورة أن تسترشد الأطراف بروح التوافق مرة واحدة فقط.

ويمكن قول الشيء نفسه عن مصطلح "الواقعية"، الذي لم يظهر في القرارين 1754 و1783 المعتمدين في أبريل/نيسان 2007، بينما ورد مرة واحدة فقط في كل من القرارات المعتمدة بين أبريل 2008 وأكتوبر 2018.

وأدى تبني القرار 2440، الذي يشدد على الحاجة إلى الواقعية مرتين، إلى تحول دراماتيكي بعيدا عن تقرير المصير نحو حل سياسي واقعي قائم على التسوية، وتم الاستشهاد بمبدأ "الواقعية" ثلاث مرات في كل قرار للأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء منذ اعتماد القرار 2464، بما في ذلك القرار 2602.

وهذا جانب مهم بشكل خاص لأي تحليل نزيه لنزاع الصحراء، بالنظر إلى أهمية كل كلمة، فعل أو ظرف أو صفة، في قرارات مجلس الأمن أو هيئات الأمم المتحدة الأخرى، وحقيقة أن وفود الدول الأعضاء تقضي أحيانا يوما كاملا في المناقشة اختيار هذه الكلمة أو تلك.

ومن خلال التأكيد على ضرورة إجراء مفاوضات "قائمة على التسوية" لإيجاد حل سياسي "عملي" لنزاع الصحراء، رفض مجلس الأمن الدولي مرة أخرى مناشدات الجزائر والبوليساريو لتنظيم استفتاء لتقرير المصير.

وقد أظهرت جميع القرارات التي اتخذت منذ عام 2007 أن حل القضية لا ينبغي أن يؤدي إلى منتصرين ومهزومين، بل ينبغي بدلا من ذلك أن يقوم على التسوية والواقعية السياسية وأن يكون مدفوعا برغبة حقيقية لإنهاء مأساة آلاف العائلات الصحراوية وتجنب المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي.

ومع ذلك، بصفتها المزود الرئيس للدعم المالي والإستراتيجي واللوجستي لجبهة "البوليساريو" لأكثر من أربعة عقود، تعتبر الجزائر أي حل بخلاف إقامة دولة مستقلة في جنوب المغرب هزيمة غير مقبولة.