فتيل مواجهة المقاومة والاحتلال.. هل تشعله قضية الأسرى الفلسطينيين؟
.jpg)
شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في توسيع نشر منظومة "القبة الحديدية" بالمستوطنات القريبة من قطاع غزة، لتشمل مشارف مدينة بئر السبع المحتلة.
وجاءت هذه الخطوة في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وسط توقعات باشتعال الجبهة الجنوبية لدولة الاحتلال جراء الإجراءات الأمنية الانتقامية التي تشهدها السجون.
إجراءات انتقامية
وفرض الاحتلال إجراءات صارمة تجاه الأسرى الفلسطينيين منذ تمكن 6 أسرى من انتزاع حريتهم عبر نفق حفروه أسفل سجن جلبوع في 6 سبتمبر/أيلول، ليجري اعتقالهم لاحقا.
ركزت هذه الإجراءات بالأخص على أسرى حركة الجهاد الإسلامي البالغ عددهم قرابة 400 أسير.
ومن بين الستة الذين فروا من جلبوع، 5 أسرى من حركة الجهاد التي بدأت لاحقا بتهديد الاحتلال بإشعال حرب.
وبحسب نادي الأسير فإن الإجراءات العقابية شملت تشتيت أسرى "الجهاد"، بحيث لا يوجد أكثر من معتقل واحد من الحركة في كل غرفة.
وكذلك نقل عدد كبير من الأسرى من سجون إلى سجون أخرى، وحملات تفتيش دقيقة وغيرها من الإجراءات العقابية.
وبعد فشل المفاوضات بين أسرى الجهاد وإدارة السجون الإسرائيلية، أعلن الأسرى الدخول في إضراب جماعي عن الطعام في 13 أكتوبر/تشرين الأول، حتى الاستجابة لمطالبهم.
وتتمثل مطالبهم المعلنة بعودة أسرى الحركة إلى أقسامهم وغرفهم في المعتقلات، بالإضافة إلى تجميع أبناء الجهاد في رامون ومجدو وعوفر في 3 أقسام فقط.
هذا إضافة إلى وقف النقل التعسفي للأسرى، وإنهاء الاعتقال الإداري وسياسة التضييق بحق الأسيرات وتحسين ظروفهن الاعتقالية.
وفي مقابل إضراب أسرى الجهاد الإسلامي يواصل 6 أسرى إداريين إضرابهم عن الطعام، وهم كايد الفسفوس، مقداد القواسمي، علاء الأعرج، هشام أبو هواش، شادي أبو عكر وعياد الهريمي.
وبعضهم وصل إلى مرحلة الخطر كالأسيرين كايد الفسفوس ومقداد القواسمي كما تم نقل علاء الأعرج لمستشفى الرملة بعد أن ساءت حالته الصحية.
وقالت والدة الأسير مقداد القواسمي في حديث لـ "الاستقلال" إن ابنها نقل ليلة 19 سبتمبر/أيلول للعناية المكثفة، وأبلغها الأطباء احتمال توقف قلبه في أي لحظة.
وطالبت بتوفير الحماية له وذلك بعد محاولة عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير الاعتداء عليه واقتحام غرفته بالمستشفى، بجانب حملة التحريض المستمر عليه.
ناشدت والدة الأسير القواسمي المؤسسات الحقوقية والجهات المسؤولة محليا ودوليا للتدخل السريع من أجل إنهاء اعتقاله الإداري الظالم.
صح إنه أخوي بس لليوم مش قادرة أصدق إنه هيك صار مش بستوعب شكله ،بضل أغُض البصر ع شكله عشان ما أتوجع أكتر����#الحرية_للمقداد #FreeMiqdad pic.twitter.com/KTTKPlj4r4
— مقداد القواسمة (@free_miqdad) October 12, 2021
فتيل الحرب
وبدوره، هدد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، مع بداية الإضراب في 13 أكتوبر/تشرين الأول بالذهاب نحو الحرب مع إسرائيل لمساندة أسرى حركته في السجون.
وقال النخالة، في تصريح صحفي "إن حركة الجهاد لن تترك أبناءها في السجون الصهيونية ضحايا بين أيدي العدو، وعليه سنقف معهم ونساندهم بكل ما نملك، حتى لو استدعى ذلك أن نذهب للحرب من أجلهم ولن يمنعنا عن ذلك أي اتفاقيات أو اعتبارات أخرى".
بدوره، قال الأسير المحرر والخبير في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات إن الأسرى سيكونون فتيل المواجهة المقبلة بين الاحتلال والمقاومة في غزة.
وبين في حديث لـ"الاستقلال" أن الاحتلال يمارس هجمة منظمة على الأسرى الفلسطينيين بعد عملية الهروب من سجن جلبوع.
وأضاف أن "عملية جلبوع أضرت الاحتلال كثيرا وأهانت المستويات الأمنية وخاصة المتعلقة بإدارة السجون، ووجهت ضربة للمستوى السياسي".
لذلك تعمل دولة الاحتلال على منع تكرار هذه العملية، والبحث عن أي أنفاق أخرى وتفرقة سجناء الجهاد الإسلامي واتخاذ سياسات جديدة تمنع أي أسير من التفكير في محاولة الهرب.
وأكد بشارات أن إعلان الجهاد الإسلامي جاهزيتها بالبدء بحرب لمساندة الأسرى وكذلك المواقف الغاضبة من الفصائل الفلسطينية كافة تجاه سياسة الاحتلال في وجه الأسرى الذين يمثلون العمود الفقري للشعب الفلسطيني، توحي بأن الانفجار وشيك.
وشدد على أن الاحتلال يخشى مواجهة جديدة مع غزة، وخصوصا بعدما ظهر ضعفه أمام المقاومة في المعركة الأخيرة مايو/أيار.ولأجل ذلك شرع في عدد من المناورات غير الاعتيادية وزاد أعداد بطاريات القبة الحديدة، وهذه مؤشرات على أن الاحتلال يعلم أن تهديد المقاومة جدي وأن الأمور قد تنقلب في أي لحظة، وفق تقديره.
وتعهد عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" خالد البطش، في 18 أكتوبر/تشرين الأول بأن "أسرى إسرائيليين جددا سيكونون في قبضة المقاومة حتى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين كافة".
وقال الناطق باسم الجهاد الإسلامي، داود شهاب إن ملف الأسرى من بين الملفات الحساسة والتي من الممكن أن تكون عامل تفجير في أي لحظة.
وأضاف في حديث لـ "الاستقلال": "إذا استدعت الضرورة سنخوض حربا لأجل الأسرى، ونأمل أن يحققوا أهدافهم من الإضراب".
إجراءات مشددة
وشهدت المناطق المحاذية للحدود مع غزة إجراءات أمنية إسرائيلية مشددة.
وأعلن جيش الاحتلال في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أنه بعد تقييم "للوضع الأمني"، قرر إغلاق عدد من الشوارع والطرق القريبة من الحدود مع قطاع غزة وبعد ساعات أعلن الجيش وقف هذه الإجراءات بعد انخفاض حدة الخطر.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن مصادر أمنية، أن سبب إغلاق المواقع والطرق في غلاف غزة هو مخاوف من نيران مضادة للدروع أو قناصة.
وأفادت إذاعة "كول براما" العبرية أن الإغلاقات في غلاف غزة جاءت بعد معلومات استخبارية عن نية الجهاد الإسلامي استهداف جنود بنيران مضادة للدروع.
وقال الخبير العسكري الإسرائيلي تال ليف رام في 19 أكتوبر/تشرين الأول إن الجيش يعتبر الأيام المقبلة متوترة؛ بسبب تهديد حركة الجهاد والفصائل فيما يتعلق بالأسرى المضربين.
وفي ظل التوتر المتصاعد، بدأت قوات الاحتلال مناورات عسكرية مفاجئة؛ جاءت لتختبر مدى استعداد القطع البحرية للتعامل مع حالات الطوارئ على جبهتي غزة ولبنان حسب ما أعلنه الجيش في ذات التاريخ.
ومن جانبه، قال الباحث الفلسطيني زكريا السلاسلة إن تهديد الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة، وإعلان النفير العام ينذر بقرب المواجهة مع الاحتلال.
وبين في حديث لـ "الاستقلال" أن المعركة لن تبقى كما جرت العادة داخل جدران السجون، بل ستطال أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة كافة في حال لم يستجب الاحتلال لمطالب الأسرى وأوقف انتهاكاته الصارخة بحقهم.
وخصوصا أن الغضب الشعبي آخذ بالازدياد تجاه هذه السياسة الإسرائيلية الجديدة بحق الأسرى وتعنته في إطلاق سراح أسرى السجن الإداري وبعضهم وصل لـ 100 يوم من الإضراب.
وأضاف أن "الجهاد الإسلامي والمقاومة في غزة بفصائلها كافة لديها قرار مسبق بتصعيد الأوضاع في وجه الاحتلال في ملف الأسرى، وخصوصية هذا القرار تأتي بعد حرب سيف القدس التي أثبتت فيها المقاومة قدراتها العسكرية الكبيرة".
ومن المحتمل بحسب السلاسلة أن يؤدي تهديد النخالة إلى تراجع الاحتلال عن إجراءاته لتفادي تجدد المعركة، وخصوصا أن معركة أخرى مع غزة بعد 5 أشهر فقط ستثير الشارع الإسرائيلي وتناقض نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على حروب قصيرة وأمن طويل المدى.