قطيعة وإغلاق للأجواء والحدود.. هل تتجه الجزائر إلى خيار الحرب مع المغرب؟
قرارات متتالية تتخذها الجزائر بحق المغرب، جراء "الخلافات" المستمرة لسنوات، فمع إغلاقها الحدود البرية منذ 1994، أعلنت الجزائر قطع العلاقات مع المملكة في أغسطس/آب 2021، تبعه إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المغربي.
وتحدثت تحليلات عديدة عن احتمال ذهاب التصعيد إلى الخيار العسكري، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المجال الجوي، فيما يشعر الشركاء الأوروبيون بـ"القلق" من أن التصعيد الجزائري المغربي، قد يكون له "تأثير مدمر" على التعاون المتوسطي بشأن قضايا حاسمة، مثل الإرهاب والطاقة والهجرة غير النظامية.
تأجيج الأوضاع
عندما أعلن وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، قطع علاقات بلاده الدبلوماسية مع جاره المغرب في أغسطس/آب 2021، قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بالمغرب، رشيد لزرق، إن هذا "الحادث الدبلوماسي المؤسف، ينذر بتحولات في المنطقة".
واعتبر لزرق في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن "نظام الحكم في الجزائر لا يفهمون عدا لغة السلاح، وقد لا يتباطؤون في تأجيج الأوضاع على الحدود".
صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قالت من خلال تقرير لها في 23 سبتمبر/أيلول 2021، إن غالبية الخبراء لا يرون "خطر" المواجهة العسكرية، لكنهم قلقون من تداعيات "النمط المدمر" الذي حدد مسار العلاقات بين الرباط والجزائر.
لكنها شددت أن الخلاف بين الخصمين لا يضر فقط بمصالحهما، إنما هناك قلق كبير بشأن تداعيات ذلك على شمال إفريقيا بأكملها، حيث تواجه الدول عدم الاستقرار وخطر التطرف.
كما ستؤدي التوترات بين البلدين المغاربيين الأكثر اكتظاظا بالسكان، وفق التقرير، إلى إعاقة العلاقات مع غرب إفريقيا، وإعاقة الجهود لوقف تدفق المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
وأفادت بأن قطع العلاقات يعكس "نزعة تصاعد سريع" للقضايا الخلافية بين الجزائر والمغرب، ومن ثم تظل غير قابلة للتسوية السريعة.
ولا يتوقع الصحفي الجزائري مولود الصياد انفراج الأزمة "على المستوى القريب أو البعيد"، مضيفا: "الأمور في تقديري ستظل على ما هي عليه حتى نهاية الولاية الرئاسية الحالية في 2024، وبعده يمكن أن يكون انفراج لكنه سيظل رهينا بشخصية الرئيس الجديد وإذا ما انتخب تبون لعهدة ثانية".
أسباب خفية
في 22 سبتمبر/أيلول 2021، قالت الرئاسة الجزائرية إن الجزائر أغلقت مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المغربية، في أحدث نزاع بين البلدين المتنازعين بشكل رئيس حول إقليم الصحراء الغربية، وجاء في بيانها أن "المجلس الأعلى للأمن قرر إغلاق مجاله الجوي على الفور في وجه جميع الطائرات المدنية والعسكرية وتلك المسجلة في المغرب".
وكانت الجزائر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع جارها المغرب في 24 أغسطس/آب 2021 متهمة إياه بارتكاب "أعمال عدائية" بعد شهور من التوترات المتصاعدة بين البلدين الشمال إفريقيين، وقالت الرئاسة إن "الاجتماع بحث الوضع على الحدود الجزائرية مع المغرب وأخذ في الاعتبار، استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من قبل المغرب".
ويعتبر المغرب الجزائر هي الداعم الأجنبي الرئيس لجبهة "البوليساريو" التي حاربت المغرب منذ عقود من أجل استقلال إقليم الصحراء الغربية.
ويرى المستعمرة الإسبانية السابقة (الصحراء) جزءا لا يتجزأ من أراضيه، وتتميز المنطقة الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة بموارد كبيرة من الفوسفات، وساحل المحيط الأطلسي الطويل مع إمكانية الوصول إلى مياه الصيد الغنية.
كما أثار تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020، كمقابل لاعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية غضب الجزائر.
مجلة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية قالت في تقرير نشرته في 24 سبتمبر/أيلول 2021، "من المؤكد أن هذا التوتر الجديد بين البلدين، سيدفع العديد من أعضاء المجتمع الدولي لإلقاء نظرة فاحصة على الأسباب الكامنة وراء هذه التطورات الأخيرة، وهي رغبة الجزائر في الحصول على هيمنة بلا منازع في شمال إفريقيا"، وفق المجلة.
فيما قالت صحيفة “لوبينيون” في تقرير لها 25 سبتمبر/أيلول 2021 إن "الجزائر تسعى لإضعاف المغرب تجاريا في إفريقيا، حيث تريد أن تجعل من ميناء شرشال المستقبلي، غير البعيد عن الجزائر العاصمة، منافسا لميناء طنجة المتوسط، كما أنها تسعى إلى استخدام الطريق العابر للصحراء لنقل منتجاتها إلى المناطق النائية الإفريقية".
وأشارت الصحيفة إلى أن التبادل التجاري بين البلدين الآن في أدنى مستوياته، حيث انتقلت من أقل من 800 مليون يورو في 2016 إلى 500 مليون عام 2020، ومن المفترض أن تنخفض أكثر خلال العام 2021 مع عدم تجديد عقد خط أنابيب الغاز بين الجزائر وإسبانيا.
ومع ذلك، كان الميزان التجاري يصب في مصلحة الجزائر، التي تصدر الغاز والنفط ومنتجات الكهرباء إلى جارتها، بينما يشحن المغرب المنتجات الحديدية والأغذية والأسمدة والمنسوجات.
لا حرب
نقلت "لوبينيون" عن مصدر مقرب من الحكومة المغربية قوله: "موقف الجزائر سيكلفنا مزيدا من الوقود، لكنه لن يمنعنا من المضي قدما، قطر قاومت حظرا أكبر من دول الخليج (2017-2011)، ونحن نستعد للعيش بدون جارنا، كانت التجارة غير الرسمية على قدم وساق، رغم إغلاق الحدود البرية منذ عام 1994".
من جانبه، اعتبر رئيس المركز المغاربي للدراسات، الموريتاني ديدي ولد السالك أن "التصعيد الذي تتخذه الحكومة الجزائرية والسلطات في البلاد، هو أداة من أدوات السياسة العسكرية لإلهاء الشعب والتغطية على الإخفاقات التنموية".
وذهب ولد السالك للقول في حديث مع "الاستقلال": "لا أعتقد أن يصل الأمر إلى حرب بين البلدين، لأسباب أهمها أن الوضع الجزائري منهك, ويعاني مشاكل عدة".
ورأى دكتور العلاقات الدولية أن "المجتمع الدولي لن يقبل بصراعات في المنطقة، لأن الأخيرة أصلا ملتهبة نتيجة محاذاتها لمنطقة الساحل والصحراء، التي أغلب دولها فاشلة وأصبحت مدخلا ومأوى للإرهابيين ولأنواع الجريمة المنظمة واقتصاد الجريمة".
وتابع المتحدث: "فأي صراع في حوض البحر الأبيض المتوسط سيهدد الأمن الأوروبي والعالمي خاصة بين دولتين مهمتين في العالم وفي المنطقة وإفريقيا وشمالها والساحل والصحراء وحوض البحر الأبيض المتوسط المهمة لأوروبا".
واعتبر ولد السالك أن "التصعيد هو من جانب واحد من قبل السلطات الجزائرية، والدافع هو العقيدة العسكرية لجيشها منذ وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين على إلهاء الشعب بالنزاع المفتعل مع المغرب حول قضية الصحراء الغربية ودفاعا عن مشاكل حقيقية التي يعانيها الشعب واهتماماته"، وفق قوله.
وبعد أيام من إغلاق مجالها الجوي في وجه الطائرات المغربية، بعث الملك محمد السادس في 24 سبتمبر/أيلول 2021 برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وذلك إثر وفاة سلفه عبد القادر بن صالح، في لفتة اعتبرها متابعون أنها "رسالة" مواصلة الرباط مد اليد لجارته الجزائر.
المصادر
- بعد قطع العلاقات... هل تتجه الأزمة بين المغرب والجزائر نحو توترات خشنة؟
- مصطفى طوسة: تقاطع الجزائر وإيران حول "البوليساريو" يثير المخاوف الأمنية في المنطقة
- صحيفة فرنسية: إلى أين يمكن أن تذهب الجزائر في تصعيدها مع المغرب؟
- L’Algérie ferme son espace aérien au Maroc
- Algeria's Foreign Minister speaks out after cutting diplomatic ties with Morocco
- Pourquoi l’Algérie se réfugie derrière un « complot marocain »
- L’Algérie ferme son espace aérien à tous les avions marocains, sur fond de crise diplomatique
- Algeria Shuts Airspace to Moroccan Planes as Feud Escalates Read more at: https://www.bloombergquint.com/business/algeria-closes-airspace-to-moroccan-aircraft-as-feud-escalates Copyright © BloombergQuint
- Algeria closes airspace to all Moroccan planes, civilian and military
- الجزائر تغلق مجالها الجوي أمام المغرب.. كيف يعمّق القرار معاناة الشعبين؟