"لا يتمتع بذكاء سياسي".. كيف وصل عزيز أخنوش إلى رئاسة الحكومة المغربية؟
تمكن عزيز أخنوش، قطب النفط وصاحب أكبر سلسلة محطات وقود في المغرب من إزاحة حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بعد عقد من الزمن في الحكومة.
وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية: إن عزيز أخنوش (الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار) هو رئيس مجموعة "أكوا" صاحبة العلامة التجارية "إفريقيا غاز".
وفي 10 سبتمبر/أيلول 2021، كلف ملك المغرب محمد السادس، أخنوش، بتشكيل الحكومة، بعدما تصدر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت 8 من الشهر نفسه.
سيطرة اقتصادية
تساعده سلسلة محطات الوقود، الأكبر في البلاد على تجميع ثروات طائلة. وتقدر مجلة "فوربس" الأميركية ثروته بملياري دولار، وهي الأعلى بعد ثروة صديقه الملك محمد السادس.
وأضافت الصحيفة أن أخنوش هو أيضا، منذ عام 2007، وزير الزراعة والثروة السمكية في بلد يعد فيه لهذين القطاعين تأثير كبير على الاقتصاد والعلاقات مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي.
لذلك، من الآن فصاعدا، سيصل نفوذ أخنوش إلى مستويات أعلى بكثير.
وبينت الصحيفة أن الانتخابات التشريعية التي جرت في الثامن من سبتمبر/أيلول 2021، مثلت نقلة نوعية لحزب أخنوش.
وانتقل أخنوش من كونه القوة السياسية الرابعة في البلاد، بعدد 37 نائبا، إلى المركز الأول بحصوله على 102 مقعد من إجمالي 395.
لكن، لمدة 60 عاما، كان أخنوش المرشح المثالي لرئاسة بلدية أكادير وليس لرئاسة الحكومة.
ونقلت الصحيفة أن رجل الأعمال مر بأسوأ لحظاته في أبريل/نيسان 2018، حيث انتشرت حينها حملة مجهولة على الشبكات الاجتماعية.
الحملة دعت إلى مقاطعة ثلاث علامات تجارية رائدة في السوق، مرتبطة ارتباطا وثيقا بنخبة البلاد، إحداها كانت محطات الوقود التابعة لإفريقيا غاز.
وأضافت الصحيفة أن الغالبية العظمى من وسائل الإعلام المغربية، التي تعتمد أو تنتمي مباشرة إلى إعلانات مجموعة أكوا، حاولت في البداية إخماد نار هذه الحملة. ومع ذلك، كانت المقاطعة ناجحة للغاية لمدة شهرين تقريبا.
وأفادت الصحيفة بأن العديد من قادة الأحزاب السياسية المختلفة اتهمت أخنوش بإفساد الانتخابات عن طريق الاستخدام المكثف للمال.
في الواقع، أنفق تشكيل التجمع الوطني للأحرار التابع لأخنوش ما يعادل 300 ألف دولار على صفحته في فيسبوك وحدها، في حين أن حزب العدالة والتنمية بالكاد استثمر حوالي 300 دولار.
هجمات وانتقادات
وأوردت الصحيفة أن أشد الهجمات ضراوة التي استهدفت أخنوش جاءت على يد عبد الإله بنكيران، الرئيس السابق للحكومة، والفائز في الانتخابات التشريعية عامي 2011 و2016، والرجل الأكثر جاذبية في حزب العدالة والتنمية.
وفي هذا الصدد، خاطب بنكيران أخنوش علنا في 2018 قائلا: "لديك الغاز والمال، ابتعد عن السياسة".
وفي 5 سبتمبر/أيلول 2021، قبل ثلاثة أيام من الانتخابات، كتب بنكيران عبر فيسبوك: "لم يتمكن أخنوش أبدا من حل مشكلة سياسية، في النهاية هو رجل أعمال تحيط به الشبهات، ليس لديه ثقافة ولا أيديولوجية ولا ماض تاريخي ولا حزب سياسي".
وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة النفط التابعة لأخنوش طالتها اتهامات، جنبا إلى جنب مع الشركات متعددة الجنسيات "توتال" و"شل"، بالتورط في جريمة محتملة ضد المنافسة الحرة، والتي يتم التحقيق فيها في المغرب من قبل مجلس المنافسة ولجنة عينها الملك خصيصا لدراسة القضية.
وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية (من حزب العدالة والتنمية) التي حققت أيضا في الأمر عام 2018، دون تسمية زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، أن الكارتل قد حصل على 17000 مليون درهم (1600 مليون يورو)، من خلال اتفاقية الأسعار المزعومة.
ومن جهته، أعلن أخنوش في مايو/ أيار أن هذه المعلومات هي "أخبار سياسية مزيفة".
ونقلت الصحيفة عن عضو منظمة الشفافية المغربية غير الحكومية الناشط والاقتصادي فؤاد عبد المؤمن، أن اللجنة البرلمانية كانت مكونة من أعضاء من التجمع الوطني للأحرار الذين حاولوا "إحداث فوضى".
ويقول: "لكن مجلس المنافسة أجمع على اعتبار أنه كان هناك اتفاق ضد المنافسة الحرة والتلاعب الجاد بالأسعار".
وذكرت الصحيفة أن أخنوش أعلن في أول مؤتمر صحفي له بصفته الفائز في الانتخابات، أن النصر هو "تعبير واضح عن إرادة الشعب للتغيير".
وتقول: "صحيح أن المغاربة اختاروا التغيير، لكن أخنوش، من الحرس القديم، ليس بالشخص الذي يمكن أن يحقق الهدف المنشود".
وبينت الصحيفة أن حزب العدالة والتنمية كان جزءا من حكومتين ائتلافيتين بقيادته على مدى السنوات العشر الماضية.
ولا يمكن القول: إن التغيير غريب على السياسة الاقتصادية الحالية التي أدت إلى زيادة البطالة والهجرة غير النظامية وهجرة الأدمغة.
صديق الملك
في الواقع، لدى التجمع الوطني محافظ الاقتصاد والمالية، بالإضافة إلى محافظ الصناعة والزراعة ومصايد الأسماك.
في هذا المعنى، يعتقد الناشط عبد المؤمن أن أخنوش "لا يتمتع بكاريزما ولا ذكاء سياسي".
أما ميزاته الأساسية فتتلخص في: "قربه من الملك وثروته". وهذه ستكون أيضا، حسب قوله: "نقاط ضعفه العظيمة".
وأشارت صحيفة تيل كيل الأسبوعية في ملف خاص عن أخنوش إلى أنه في السنوات العشر الماضية اتخذ سياسات طموحة لتطوير الثروة السمكية والزراعة، لكنه لم يحقق أهدافه.
وتقول المجلة: "بين الإنجازات والإخفاقات، فإن العمل الوزاري للمليونير بعيد كل البعد عن أن يكون نموذجيا".
نوهت الصحيفة بأنه لا يوجد سياسي آخر في المغرب قريب من محمد السادس مثل عزيز أخنوش.
في عام 2013، استضافه الملك في قصره بالدار البيضاء، في مأدبة عشاء تتزامن مع نهاية يوم من شهر رمضان.
كان لوالده أحمد أول الحاج أخنوش علاقات ممتازة مع الملك الحسن الثاني (1961-1999).
وأسس الأب مجموعة أكوا ووسع الابن مجاله بعد دراسة التسويق في كندا.
من ناحية أخرى، كانت الصحيفة الأكثر تميزا في انتقاد أخنوش علانية هي صحيفة "أخبار اليوم".
لكن، نجح أخنوش في دفع المحاكم إلى فرض غرامة قدرها 40 ألف يورو في 2018 على مديرها، توفيق بوعشرين، بعد نشر مقالات عن قضايا المحسوبية المزعومة في عام 2015، والذي سجن فيما بعد.
كما سجن في عام 2020 رئيس تحرير المجلة سليمان الريسوني. وقد أسندت لكلا الصحفيين اتهامات لا يزالان يرفضانها.