خط الغاز نحو أوروبا.. هل ينهار آخر شريان يغذي علاقات الجزائر والمغرب؟
.jpg)
سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على قضية انتهاء عقد ترانزيت (نقل) الغاز الجزائري نحو إسبانيا عبر المغرب، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
واعتبرت الصحيفة أن "عقد الترانزيت هذا يعتبر من آخر الجسور بين الجزائر والمغرب، وهو الآن على وشك الانهيار".
وقد يتوقف عن العمل قريبا، خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يربط منذ عام 1996 بين حقول حاسي الرمل الجزائرية في الصحراء بأوروبا عبر خط أنابيب طوله 540 كيلومترا.
وإذا لم تقل الجزائر ذلك بعبارات واضحة، فإنها تبدو مصممة على الاستغناء عن المملكة في علاقة نقل غازها إلى القارة العجوز، تقول "لوموند".
وتعهد وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، خلال لقاء مع السفير الإسباني في 26 أغسطس/آب 2021، بعد يومين فقط من القطيعة الدبلوماسية مع المغرب الذي أعلنته الجزائر، "بتغطية جميع إمدادات الغاز الطبيعي الإسباني عبر خط ميدغاز العابر للبحر الأبيض المتوسط".
وبعبارة أخرى: ستركز الجزائر على إيصال غازها الطبيعي إلى إسبانيا على قناة واحدة، تلك التي تربط بني ساف مباشرة في غرب الجزائر، بمنطقة بالميريا في جنوب إسبانيا.
خسارة جسيمة
في حين أن خط أنابيب الغاز الذي يمر عبر المغرب تبلغ طاقته الإنتاجية 13 مليار متر مكعب سنويا، فإن "ميدغاز"، الذي تم إطلاقه عام 2011، تبلغ طاقة إنتاجه الأولية 8 مليارات متر مكعب فقط.
وأعلنت مجموعة النفط والغاز الجزائرية المملوكة للدولة (سوناطراك)، في يونيو/حزيران 2021، أنه من المفترض أن تكون قادرة على نقل 10 مليارات متر مكعب بحلول نهاية العام.
وبصفتها المورد الرئيس للغاز لإسبانيا عام 2020، فقد صدرت الجزائر 9.6 مليارات متر مكعب إلى شبه الجزيرة الإيبيرية.
وانتشرت التكهنات في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2021، حول توقف المفاوضات بشأن عقد نقل الغاز من جانب العاهل المغربي محمد السادس بعدما كانت تسير بشكل جيد حسب الصحافة الإسبانية، حيث عانى المغرب وجارته الأوروبية من فترة أزمة مرتبطة بمسألة الصحراء الغربية وبتدفق المهاجرين المغاربة إلى جيب سبتة الإسباني الذي يتبع جغرافيا المغرب.
ومنذ ذلك الحين، أوضح المغرب موقفه من خلال تأكيد استعداده لتمديد عقد خط أنابيب غاز المغرب العربي-أوروبا.
وفي 19 آب/أغسطس 2021، قالت المديرة العامة للمكتب المغربي للمحروقات والمناجم أمينة بن خضرة: إن تجديد العقد "إرادتنا، كما عبرنا عنها شفهيا وخطيا، علنا وفي نقاشات خاصة، دائما بنفس الوضوح والاتساق" .
ضربة قاسية
وحسب خبير الطاقة والمدير التنفيذي السابق لسوناطراك، مراد بريور، فإن عدم تجديد عقد خط أنابيب غاز المغرب العربي-أوروبا، الذي يبدو كواحد من الشراكات الاقتصادية البارزة الوحيدة بين البلدين المغاربيين، من شأنه أن يوجه "ضربة قاسية إلى حد ما" للمغرب.
وأضاف أن "المغرب يستفيد من حق الطريق وسيخسر ما بين 800 ألف ومليار متر مكعب من الغاز يشتريه في ظروف جيدة من مصدر قريب منه".
ويسمح الغاز الجزائري للمملكة المجاورة بتزويد محطتين للطاقة جزئيا والاستفادة من تكاليف العبور المقدرة بما يزيد قليلا عن 50 مليون دولار عام 2020، وهو رقم متفاوت وفقا لصادرات الغاز الجزائرية.
وذكرت لوموند أن "الجزائر، من ناحية أخرى، لم تغلق الباب بالكامل أمام المفاوضات وستستمر الشكوك حول مستقبل عقد خط أنابيب غاز المغرب العربي-أوروبا حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021".
وردا على سؤال خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، في 24 أغسطس/آب 2021، أجاب وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن "هناك اعتبارات تخضع لمعاهدات دولية" وأن هذا القرار "هو مسؤولية الشركة الوطنية سوناطراك وشركائها".
واعتبر مسؤول جزائري كبير سابق أن لعمامرة يرى في قضية عقد الغاز قضية تجارية، وأنه لم يكن يريد من جانبه تسييس بيع الغاز الطبيعي الجزائري، سواء للإسبان أو المغاربة أو غيرهم".