إحياء شبكة السكك الحديدية.. هل يساعد السودان على العودة لمساره الصحيح؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة التلغراف البريطانية أن السودان يخطط لإحياء شبكة سكك حديدية ضخمة من المنتظر أن تكون بمثابة شريان حياة للمنطقة بأسرها. 

ويعمل المدير العام لمؤسسة السكك الحديدية السودانية وليد محمود أحمد على إيجاد طريقة لإحياء ثالث أكبر شبكة سكك حديدية في إفريقيا وإعادة واحدة من أكثر مؤسسات بلاده فخرا إلى مجدها السابق.  

وأكد المسؤول السوداني أن "سياسات النظام السابق دمرت جزءا كبيرا من شبكة سكك الحديد لدينا".

خطة للتجديد

وفي يوليو/تموز 2021، أعلن السودان عن خطة بقيمة نصف مليار جنيه لتجديد شبكة السكك الحديدية المتهالكة التي جرى بناؤها لأول مرة منذ أكثر من قرن من قبل الغزو الاستعماري البريطاني. 

وتعد هذه الخطوة جزءا من خطة الحكومة الجديدة لإعادة بناء الدولة بشكل أساسي بعد انتهاء ديكتاتورية رئيس النظام السابق عمر البشير في ثورة 2019.

وقال برنامج الغذاء العالمي لصحيفة التلغراف: إن شبكة سكك حديدية فعالة في هذه المنطقة من العالم يمكن أن تمنح "شريان الحياة" للملايين.

كما يمكن أن تساعد العاملين في المجال الإنساني على توفير الغذاء للجياع في دارفور وجنوب السودان وإقليم تيغراي.

وفي سياق متصل أكد مصطفى أحمد فضل، مدير متحف صغير في مدينة عطبرة، أن التاريخ الحديث للسودان يمكن سرده من خلال شبكة السكك الحديدية.

ويروي متحفه كيف جرى وضع بعض الخطوط الأولى من القاهرة على يد الجيش الأنجلو-مصري، الذي قاده الجنرال هربرت كيتشنر في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر. 

واستخدم كيتشنر القطارات لإمداد قواته أثناء سيرها عبر الصحراء.

 

وعندما وصلت إلى ضواحي العاصمة الخرطوم، قتلت قواته 12 ألف جندي من جنود المهديين سيئ التجهيز بالمدافع الرشاشة، حيث طالبت الإمبراطورية البريطانية بحقها في السيطرة على السودان.

وبعد حوالي 60 عاما طالب عشرات الآلاف من النقابيين في قطاع السكك الحديدية بالحرية، مما جعل موقف بريطانيا لا يمكن الدفاع عنه.  

وأكد فضل "لقد بدأ التغيير في السودان دائما من هنا في عطبرة".

بعد الاستقلال عن بريطانيا في عام 1956، عبرت حوالي 2500 ميل من المسارات الصحراء، لقطارات تعمل من مناجم الذهب في الغرب إلى حقول القطن والقمح في الشرق باتجاه البحر الأحمر، حيث ربطت بين كل أجزاء السودان.

ولكن بعد ذلك في عام 1989، منح الديكتاتور عمر البشر لجنرالاته احتكارا مربحا لشاحنات النقل وكسر ظهر النقابة، تاركا السكك الحديدية في حالة من الصدأ وسط انتشار للفساد وسوء الإدارة، وفق الصحيفة. 

وعقب الإطاحة بالبشير، تأمل الحكومة السودانية الانتقالية في تعزيز اقتصادها المنهار وربط الخطوط القديمة بإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان. 

وأفادت تقارير أن الصين وبنك التنمية الإفريقي وشركات خليجية غير معروفة أبدت بالفعل اهتمامها بالمشروع الضخم.

وتريد الحكومة في نهاية المطاف تغيير المسار بأكمله ليشمل مصر وكينيا.  

وتبدو القطارات التي تعود إلى حقبة الإمبراطورية البريطانية في عطبرة، في الوقت الحالي أشبه بالمقابر أكثر منها ورش عمل.

محاولات النهوض

ويندفع العشرات من المهندسين والميكانيكيين الذين يرتدون شبشبا (زنوبة) بين أكوام ضخمة من الخردة المعدنية والعربات المعطلة، ويمسحون العرق باستمرار من حواجبهم في حرارة 46 درجة مئوية، بعد أن غطت كثبان الرمال عبر العقود الماضية قاطرات من ألمانيا والولايات المتحدة والهند والصين. ومعظمها محطم بشكل لا يمكن إصلاحه. 

وهناك حوالي 130 قاطرة في البلاد، لكن أكثر من عقدين من العقوبات الأميركية تعني أنه من الصعب الحصول على قطع الغيار.

ويقول المهندسون في الحظيرة: إن عليهم شراء الإمدادات المستعملة من أماكن مثل رومانيا وكوريا الجنوبية، وغالبا ما يجدون أنفسهم في النهاية ضحية صفقات فاشلة. 

وتبدو حوالي نصف الشبكة في حالة خراب. وفي العديد من الأماكن التي من المفترض أن يعمل فيها الخط، لا يمكن للسائقين تجاوز 10 أميال في الساعة خوفا من الخروج عن المسار. 

وبالتالي، قد يستغرق الأمر أكثر من أسبوع لعبور البلاد.

من جانبها، تكافح مؤسسة السكك الحديدية للحصول على وقود كاف لتحريك قطار 300 متر أو دفع رواتب عمالها، مما يدفع الموظفين غالبا إلى بيع الخردة المعدنية لشراء الطعام. 

وقال أحد العمال متذمرا: "عندما كنت طفلا، كانت القطارات تأتي وتغادر في الوقت المحدد، أما الآن، القطارات تغادر عندما يريد المسؤولون". 

ويتعين على برنامج الغذاء العالمي إرسال آلاف الشحنات الغذائية على طول الطرق السريعة الخطرة في السودان، والتي تصطف على جانبيها الشاحنات المحترقة والمقلوبة. 

لذلك، قادت المنظمة مهمة إعادة تأهيل عدة أقسام من السكك الحديدية خلال السنوات القليلة الماضية.

ويخطط البرنامج لإنفاق عشرات الملايين من الجنيهات لمساعدة الحكومة السودانية على تجديد حوالي مائة قاطرة ، وإصلاح أنظمة الإشارات وتدريب الموظفين الجدد. 

ويقول رئيس برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم "إيدي رو": "سيصبح نظام النقل بالسكك الحديدية المحدث شريان حياة لسلسلة الإمداد الغذائي عبر السودان وخارجه".

وأضاف "إن إعادة تأهيل خطوط السكك الحديدية الرئيسة سيجعل نقل الأغذية المنقذة للحياة والمساعدات الغذائية أسرع وأرخص وأكثر أمانا وصديقة للبيئة أكثر".

وهذا سيمكن برنامج الأغذية العالمي من إنقاذ الأرواح، فهو استثمار منطقي لشعب السودان والحكومة والمنطقة بأسرها، كما قال. 

وقال مدير محطة عطبرة عبد الرحمن إدريس أحمد: "كانت المحطة تشاهد مرور حوالي 30 قطارا كل يوم، أما الآن نحصل أحيانا على عدد قليل من قطارات البضائع وقطار ركاب واحد إلى الخرطوم".

ويتابع: "في أحيان أخرى، لا نحصل على أي شيء بالمطلق".

وأضاف "في الهند، ركزوا على بنيتهم ​​التحتية، وعلى السكك الحديدية الخاصة بهم، لكن هنا كانت لدينا سياسات المصلحة الذاتية. النخبة أرادت امتلاك أسطول من الشاحنات، لذلك عانينا". 

وتابع "آمل أن تتمكن بريطانيا من الاستثمار هنا، كانت أول دولة أنشأت هذه المؤسسة العظيمة".

وبين أنه "على مر السنين، لعبت السكك الحديدية دورا كبيرا في انفتاح البلاد وفتح عقول الناس، الوضع ليس جيدا، ولكننا نكافح من أجل تحسينه".