يوم "الولاية".. كيف تحول إلى أداة بيد جماعة الحوثي لإذلال اليمنيين؟

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد الأزمة السياسية في اليمن وعدم قدرة الحوثيين على انتزاع اعتراف دولي بهم كسلطة شرعية، لجأت الجماعة إلى الحديث عن "حقهم الإلهي" الحصري بالحكم.

وتسعى جماعة الحوثي للاستفادة من "الولاية" في الحصول على مكاسب سياسية واجتماعية ودينية ومالية، وتعمل على ترويجها على نحو واسع مع كل ذكرى لهذا اليوم أو "عيد الغدير" نسبة إلى منطقة "غدير خم" الذي يوافق 18 من ذي الحجة من كل عام هجري (28 يوليو/تموز 2021).

ومع أن نظرية "الولاية" من أدبيات جماعة الحوثي وضمن أهم قواعدهم الفكرية والسياسية، فإنها ضاعفت مؤخرا ترويجها لهذه النظرية السياسية وجعلتها إحدى الحقائق الدينية المطلقة وركنا من أركان الإسلام.

وتنص نظرية الولاية وفق المذهب الشيعي على أن "الحق في الحكم والسلطة السياسية لعلي بن علي أبي طالب ولذريته من بعده"، وذلك بناء على حديث للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، الذي قال: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"، على حد زعمهم.

ومع أن هذا النص النبوي لا يظهر فيه ما يمكن أن يمنح السلطة السياسية بشكل حصري أو بشكل عام لعلي أو لمن بعده، إلا أن الحوثيين وهم جماعة زيدية تحولت إلى المذهب الشيعي الاثني عشري، رأوا أن هذا تصريح واضح بأحقية علي وذريته من بعده بالحكم.

ويدعي الحوثيون أنهم من آل بيت النبي، ومن سلالة الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب، ووفقا لهذا الادعاء فقد منحوا أنفسهم امتيازات دينية وسياسية ومالية واجتماعية بشكل حصري.

حشد غير مسبوق

امتلأت المحافظات والقرى اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بالحشود المشاركة في الاحتفالات، في حين تحولت المدن إلى اللون الأخضر، الذي اختارته جماعة الحوثي كهوية لها.

 وغدت كل الشوارع والأزقة تحمل لوحات ويافطات تتناول عيد الغدير والولاية ومكانتها في الإسلام، ضمن حملة و"بروباغندا" إعلامية تسعى من خلالها الجماعة إلى تغيير هوية المجتمع اليمني وخلق وعي شعبي يدين للحوثي بالطاعة الحصرية والإذعان السياسي.

في عددها الصادر في 28 يوليو/تموز 2021، أوردت صحيفة الثورة الرسمية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي في تقرير لها بعنوان: الغدير عيد إسلامي يمتاز به اليمنيون إحصائية عن عدد الساحات أنه: "يحيي الشعب اليمني اليوم فعاليات الاحتفال".

وأضافت الصحيفة: "هي المرة الأولى التي يبلغ فيها عدد الساحات أكثر من 117 ساحة وميدانا لإقامة فعاليات الاحتفال بيوم الغدير، بعدما اقتصرت العام الماضي على 30 ساحة وميدانا".

وكانت مديرية شرعب الرونة التابعة لمحافظة تعز مثالا لتلك التجمعات، حيث حشدت جماعة الحوثي المواطنين إلى ساحات الاحتفال، ضمن فعالية سموها "الفعالية الخطابية والثقافية المركزية".

 وفي الحفل ألقى المشرف الحوثي ومدير عام المديرية علي القرشي كلمة قال فيها: إن إحياء يوم الولاية هو إحياء للمبادئ والقيم الدينية السامية التي تجسدت في شخصية الإمام علي، محذرا من مكائد أعداء الدين وفي مقدمتهم الوهابية التي تسعى لتشويه عيد الغدير بالافتراءات والأكاذيب الزائفة، على حد قوله.

وأكد القرشي في الكلمة التي ألقاها أن أبناء مديريته يقفون خلف القيادة الثورية (عبدالملك الحوثي) ويتصدون لكل من يحاول التشويه بالمسيرة وإعلامها ومنهجها القرآني.

وفي الخطاب قال القرشي: "لو كان علي بن أبي طالب بوابا على باب الجنة لقال لأهل شرعب ادخلوا الجنة بسلام".

وكان الصحفي اليمني شاكر خالد قد علق على هذه الجهود بالقول في منشور له على فيسبوك: " علي القرشي، قرر أن يكون مشرفا لسيده عبد الملك الحوثي، وعمل بجهد حثيث على "تحويث: منطقة شرعب الرونة خلال فترة وجيزة، وقد نجح إلى حد كبير في المهمة حتى الآن.

تكريس ثقافي

وعن هذا، يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد الأحمدي: "فيما يتعلق بمزعوم الولاية لدى الحوثيين ومحاولة تكريس هذه الثقافة في المجتمع اليمني، هي جزء من الثقافة الدخيلة على المجتمع اليمني فيما بعد ثورة 26 سبتمبر/أيلول التي ألغت الفوارق الطبقية وكرست مبدأ المساواة والمواطنة المتساوية".

لكن مليشيا الحوثي تسعى جاهدة منذ سيطرتها على الدولة وحربها على المجتمع إلى فرض ثقافتها وإلى محاولة إحياء هذه المفاهيم المتخلفة التي يزعمون من خلالها أنهم أصحاب الحق الحصري في الحكم وفي السلطة باليمن على أساس مبدأ الولاية، بحسب تصريح الأحمدي لـ"الاستقلال".

يضيف: "بموازاة جهود الحوثيين وحربهم العسكرية، يخوضون حربا أخرى في الجانب الثقافي والفكري والسياسي".

وتابع: "يحاولون تطبيع المجتمع اليمني بمفاهيم متخلفة وبمزاعم الاصطفاء السلالي وبأكذوبة الولاية التي يستندون إليها لفرض سلطتهم ومحاولة إقناع المجتمعات اليمنية في مناطق سيطرتهم أن هذا هو دين الله، وأن مزعوم الولاية والاصطفاء السلالي وغيرها من المفاهيم المتخلفة أنها دين الله".

وعن التنكيل بمن يخالفهم في مفهوم الولاية ويعارضهم يقول الأحمدي: "بناء على ذلك التأسيس الذي يعملون من أجل ترسيخه  كدين من عندالله، يعد الحوثيون من يخالف مفهومهم للولاية أنه مخالف لدين الله".

ولهذا شاع عنهم القول: "من لا يؤمن بالولاية فمشكلته مع الله وليست معنا"، وبناء على ذلك يتعامل معه الحوثيون كمرتد ومستباح الدم والعرض، بحسب ما قال.

ويختم الأحمدي بالقول: "نلاحظ كيف يفتك الحوثيون بكل من يخالفهم أو يقف في وجه مشروعهم العنصري، ويمارسون في حقه أبشع صنوف التنكيل استنادا إلى هذه الثقافة الدخيلة وإلى هذا الأساس الذي يعتبرون الخروج عنه خروجا عن دين الله".

وفي لقاء متلفز له على برنامج "فضاء حر" الذي تبثه قناة بلقيس الفضائية قال المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد البخيتي: إن "من يرفض الولاية هم من المرتزقة وعبيد أميركا الذين يرفضون ولاية المؤمنين ويسعون لفرض ولاية أميركا بقوة السلاح".

وبين أن هؤلاء "يقفون إلى جانب العدوان من أجل فرض قرارات مجلس الأمن وفرض ما يسمونه إرادة المجتمع الدولي والوصاية على اليمن وفرض المبادرة الخليجية"، على حد قوله.

كان ذلك التصريح قد أتى بعد قول البخيتي: "إن الله فضل الأولياء كما فضل الأنبياء وأن عبدالملك الحوثي من الأولياء الذين فضلهم على الله على سائر الناس".

وأضاف أن "الله لم يساو بين البشر بل قال: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وأن عبدالملك الحوثي أعلى درجة من ناحية الإيمان ومن ناحية التقوى، على حد قوله.