لعبة مكشوفة.. هذه أدوات حكومة الكاظمي لإلهاء العراقيين بعد كل أزمة
"مسرحية هزيلة، وتزوير للحقائق" هكذا وصف سياسيون وناشطون عراقيون طريقة تغطية حكومة مصطفى الكاظمي، على أزمات وأحداث تعصف بالعراق.
تلك الأزمات كان بينها حادثتا تفجير "سوق الوحيلات" في بغداد، واحتراق "مستشفى الحسين" في ذي قار جنوب العراق.
الحادثتان وقعتا خلال أقل من أسبوع في 12 و19 يوليو/ تموز 2021، وسببتا مقتل نحو 125 عراقيا وإصابة ما يزيد عن 160 آخرين.
الأمر الذي أحدث نقمة كبيرة بين العراقيين على حكومة الكاظمي لسوء إدارتها المؤسسات الصحية والأمنية، وعدم قدرتها على الحد من هذه الحوادث.
"مسرحية هزيلة"
بعد مرور خمسة أيام على تفجير استهدف "سوق الوحيلات" في مدينة الصدر شرقي بغداد، أعلن الكاظمي، عبر "تويتر" في 24 يوليو/ تموز 2021 القبض على "الشبكة الإرهابية" التي خططت ونفذت الهجوم.
الكاظمي، قال: إن "دموع ولوعة قلوب أهلنا عوائل شهداء مدينة الصدر كانت طريقنا ومنارتنا لتنفيذ عملية اعتقال كل الشبكة الإرهابية الجبانة التي خططت ونفذت الهجوم الغادر".
وأكد أنهم سيعرضون "أمام القانون وأمام شعبنا، وسيكونون عبرة لكل معتد باغ أثيم".
دموع ولوعة قلوب أهلنا عوائل شهداء مدينة الصدر كانت طريقنا ومنارتنا لتنفيذ عملية اعتقال كلّ الشبكة الإرهابية الجبانة التي خططت ونفّذت الهجوم الغادر على "سوق الوحيلات"، وسيعرضون اليوم أمام القانون وأمام شعبنا، ويكونون عبرةً لكل معتدٍ باغٍ أثيم
— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) July 24, 2021
الرحمة لشهداء العراق، والقصاص للمجرمين pic.twitter.com/fBFXiUOCaK
وفي اليوم ذاته، نشرت "خلية الإعلام الأمني" الحكومية اعترافات المسؤولين عن تفجير مدينة الصدر، وذكرت أن "وكالة الاستخبارات في وزارة الداخلية أطاحت بشبكتين إرهابيتين في محافظتي كركوك والأنبار".
وحملت الخليتين المسؤولية عن تفجير مدينة الصدر، وأكدت أنهما كانتا "تخططان لإسناد منفذي تفجير سوق الوحيلات في مدينة الصدر واستمرار التفجيرات الإرهابية بالباب الشرقي في بغداد ".
وإضافة إلى استهداف الأبرياء الآمنين بمناطق أخرى من العاصمة والمحافظات؛ أشارت إلى أن "الخليتين أرادتا تنفيذ العمليات الإرهابية من خلال ما يسمى(غزوة العيد)".
تنظيم "الدولة"تبنى العملية، مشيرا في بيان منسوب له تداولته صفحات ومواقع إلكترونية موالية للتنظيم في 19 يوليو/ تموز 2021، إلى أن "انتحاريا يدعى أبو حمزة فجر نفسه في تجمع للشيعة بمدينة الصدر".
لكن الباحث السياسي العراقي عبد القادر النايل، كتب تغريدة بـ"تويتر" أثارت جدلا واسعا.
إذ وصف عرض اعترافات من قالت السلطات الأمنية أنهم منفذو تفجير "الوحيلات" بأنها "مسرحية هزيلة قام بها الكاظمي للتغطية على إجرام المليشيات التي نفذت الجريمة النكراء".
النايل أوضح أن ما يؤكد أنها مسرحية هزيلة، هو تغريدة سابقة نشرها في 2 مايو/ أيار 2021، عن اختطاف ثلاثة أشقاء من الأنبار على يد مليشيا حزب الله العراقي.
وأوضح فيها أن الكاظمي أظهرهم على أنهم مخططون لتفجيرات "سوق الوحيلات" في مدينة الصدر.
#مسرحية_الكاظمي_الهزيلة اتمنى ان تقروأ تاريخ التغريدة أدناه التي أعلنت فيها اختطاف ثلاثة إخوة من الانبار على يد أحد المليشيات والذي أظهرهم الكاظمي الان أنهم مخططين لتفجيرات سوق الوحيلات في مدينة الصدر للتغطية على اجرام المليشيات التي نفذت الجريمة النكراء https://t.co/KYxfesLSLR pic.twitter.com/5W3yOnylK3
— عبد القادر النايل (@ABDLQADERALNAEL) July 25, 2021
"تزوير الحقائق"
قبل تفجير السوق الشعبي في بغداد، التهمت نيران كبيرة في 12 يوليو/ تموز 2021، مستشفى "الحسين" المخصصة لمعالجة مصابي كورونا في مدينة الناصرية جنوب العراق.
وذلك نتيجة انفجار أسطوانات الأكسجين، ما أدى إلى سقوط 92 قتيلا ونحو 125 جريحا، الأمر الذي تسبب بسخط شعبي واسع.
الغليان الشعبي ضد حكومة الكاظمي تفاقم، لأن الحريق لم يكن الأول من نوعه فقبل ثلاثة أشهر اندلع حريق مماثل في مستشفى "ابن الخطيب ببغداد".
وتحديدا في 24 أبريل/ نيسان 2021، أدى إلى مقتل 82 شخصا وإصابة 110 آخرين، وتعهدت الحكومة في وقتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم تكرار الفاجعة.
السلطات العراقية لم تكشف حتى 26 يوليو/ تموز 2021 أسباب اندلاع حريق مستشفى الحسين.
لكنها أعلنت بشكل مفاجئ الكشف عن قتلة الخبير الأمني والسياسي العراقي البارز هشام الهاشمي بعد مرور عام كامل على اغتياله.
قناة "العراقية" الرسمية، عرضت اعترافات قاتل الهاشمي، المدعو أحمد حمداوي عويد معارج الكناني، والذي يحمل رتبة ملازم أول في وزارة الداخلية منذ عام 2007.
ولفتت إلى أنه ينتمي لـ"جماعة ضالة خارجة عن القانون"، دون الكشف عن اسم هذه الجهة، ولا دوافع ارتكاب الجريمة.
بمرور الذكرى الأولى لاغتيال الهاشمي، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان يوم 7 يوليو/ تموز 2021، إصدار مذكرات قبض بحق المتهمين بقتل الخبير والباحث العراقي الذي اغتيل في 6 يوليو/تموز 2020.
في ذكرى الاغتيال أيضا، أكدت مصادر أمنية عراقية (لم تكشف عن هويتها) خلال تصريحات إعلامية في 8 يوليو/ تموز 2021، صدور مذكرات قبض بحق متهمين اثنين بقتل الهاشمي.
المصادر لفتت إلى أن مرتكبي الجريمة هاربين خارج البلاد في دولة جارة وهما يعملان مع مليشيا "كتائب حزب الله" في العراق.
ومن المفارقات الغريبة، تداول ناشطين بمواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة تؤكد شمول أحمد حميداوي الكناني بقرار ترقية ضباط وزارة الداخلية في يوليو/ تموز 2021.
الأمر الذي أثار شكوكا كثيرة حول قصة هروب قتلة الهاشمي خارج البلاد، وتوقيت الكشف عن اعتقالهم وعرض اعترافاتهم.
المحلل السياسي العراقي رعد هاشم، قال: إنها مفارقة غريبة تكشف، وتزوير للحقائق.
وتساءل: إن كان قاتل هشام الهاشمي جرى اعتقاله والتحقيق معه منذ أشهر، فكيف ورد اسمه بجدول ترقيات لضباط وزارة الداخلية؟!
وأضاف عبر "تويتر" في 16 يوليو/ تموز 2021: "اعتقلوه بعد عودته من إيران، أم بقي مستمرا بالدوام ولم يهرب، إبعادا للشبهة؟".
⛔️مفارقة غريبة تكشف
— رعد هاشم��Raad Hashim (@raad_arabi) July 16, 2021
تزوير الحقائق!!
❌
▪️إن كان قاتل قاتل #هشام_الهاشمي قد تم إعتقاله والتحقيق معه منذ اشهر ، فكيف ورد اسمه في جدول الترقيات التي صدرت قبل اسبوع لضباط وزارة الداخلية.
تم ترقيته الى رتبة ملازم أول في تموز 2021 pic.twitter.com/YtTGeft2X1
كسب الرصيد
وفي السياق ذاته، قال الباحث في الشأن العراقي نجم المشهداني: إنه "خرج بهذه الطريقة المستعجلة"، بعد مرور عام على ارتكاب جريمة اغتيال هشام الهاشمي.
وأضاف أيضا: بعد الوعد الذي قطعه رئيس الوزراء أمام عائلة الأخير وبثته وسائل الإعلام، كان ذلك دافعا لإنهاء الملف بأي طريقة.
المشهداني خلال تصريحات صحفية في 18 يوليو/ تموز 2021 رأى أن "توقيت الكشف عن قاتل هشام الهاشمي يعود إلى الكثير من الأسباب".
ذكر أن "أولها صرف أنظار الشعب العراقي عن فاجعة مستشفى الحسين في الناصرية، إضافة إلى الاحتقان السياسي بعد انسحاب مقتدى الصدر من الانتخابات".
وتابع الباحث: "أحد أسباب عرض الاعترافات الآن؛ زيارة الكاظمي لواشنطن، فهو بحاجة لرصيد لعرضه أثناء لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن في 26 يوليو/ تموز 2021".
وعلى نحو مماثل، قال المحلل السياسي العراقي صالح الحمداني في تصريحات صحفية في 18 يوليو/ تموز 2021: إن "الشعب الذي شاهد اعترافات قاتل الهاشمي يعرف أن هناك حقيقة غائبة".
وأضاف الحمداني، أن "المثير هو عدم خشية الحكومة من القول إن هذا الشخص ينتمي إلى وزارة الداخلية، لكنها في الوقت ذاته لم تعلن اسم الجهة المسلحة التي ينتمي إليها".
ورأى المحلل السياسي أنها "كانت سابقة لأول مرة تحصل أن يكون مرتكب الجريمة ينتمي إلى المؤسسة الأمنية العراقية".
وتعجب كذلك من "ذكر الاسم الرباعي واللقب، والذي أحرج حتى عشيرته، التي أصدرت بيانا تبرأت منه"، لافتا إلى أن "التوقيت لا بد أن يربط مع الأحداث".
واستدرك: "لكن هل كانت الحكومة متعمدة إظهار المقطع في الوقت الذي يشهد فيه البلد أزمات سياسية، وزيارة الكاظمي إلى واشنطن؟".
المحلل السياسي العراقي شدد على أن "الخبير الأمني هشام الهاشمي شخصية بارزة ليست اعتيادية، ويمتلك علاقات واسعة داخل وخارج العراق".
وجزم بأن "عرض موضوع الاعترافات في هذا الوقت لا شك أنه يرفع من رصيد الكاظمي".
المصادر
- تفجير مدينة الصدر: 35 قتيلا و60 جريحا على سوق مزدحم
- العراق: ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مستشفى الناصرية إلى 92 قتيلا
- السلطات العراقية تنشر اعترافات المسؤولين عن تفجير بغداد الأخير (فيديو)
- لماذا لم تكشف حكومة العراق عمن أصدر الأمر باغتيال الهاشمي؟
- مذكرات قبض بحق متورطين في قتل الهاشمي ومصدر يؤكد فرارهما إلى خارج العراق
- القضاء العراقي يعلن إصدار مذكرات قبض بحق قتلة المتظاهرين والخبير الأمني هشام الهاشمي