لمواجهة قراصنة أجانب.. صحيفة إفريقية: هكذا يحمي الصومال ثروته السمكية
عانى الصومال كثيرا من سطوة القراصنة لعدة سنوات في القرن الـ20، واستباح لصوص الصيد الأجانب مياهه الإقليمية للسطو على ثرواته من الأسماك، ما دفع السلطات لإصدار مشروع قانون يمنع اللصوص ويقنن الصيد ويمنحه للأساطيل الموثوقة.
صحيفة "ذا سيتيزن The Citizen" التنزانية، كشفت عن مشروع قانون صومالي يسعى إلى إنقاذ مصائد الأسماك من اللصوص، وتوحيد جهود الدولة في حماية مياهه وثروته السمكية.
الصحيفة الناطقة باللغة الإنجليزية، قالت: إن للصومال موارده السمكية المربحة، التي سيجري حمايتها من اللصوص بمجرد دخول قانون جديد حيز التنفيذ، والذي يؤسس لنظام صيد موحد في جميع أنحاء البلاد.
مشروع القانون الصادر عن وزارة "الثروة السمكية والموارد البحرية" يضم جميع وكالات الدولة على مستوى الحكومة الفيدرالية والوكالات في الولايات الفيدرالية، لتوحيد الجهود ووقف الفوضى المستمرة منذ 4 عقود بمناطق الصيد.
"ذا سيتيزن" نقلت عن المدير العام لمصائد الأسماك في الوزارة محمود شيخ عبدالله، رؤيته لنتائج القانون الجديد.
وقال شيخ عبدالله: "الهيكل الفيدرالي الناشئ سينهي استغلال اللصوص لهيمنة ونفوذ بعض الولايات على حساب الولايات الأخرى، للصيد بشكل غير قانوني في مياه الصومال"، موضحا أنه "لم تكن هناك شروط وتراخيص".
وأضاف: "وضع الصومال قانونا جديدا لمصائد الأسماك من شأنه معالجة الثغرات في نظام تقاسم السلطة الفيدرالي، وكذلك معالجة إدارة مصائد الأسماك، والتعامل مع الفساد، ونظام التراخيص وحماية البيئة".
صيد مقابل رشوة
المسؤول الصومالي، أكد أنه سيجري تعزيز "التنسيق الحكومي الدولي داخل بلدنا ومع الوكالات البحرية الأخرى".
ولفت إلى أن "سبب الارتباك هو أن الهيكل الفيدرالي الجديد، لم يتم تحديثه بعد لتحديد حدود السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات".
ذلك القانون، يأتي بعد أسابيع من تقرير لـ"المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود" الذي انتقد اللوائح الصومالية المفككة لتغذية الصيد غير القانوني.
التقرير، كشف أن سفنا من مناطق بعيدة مثل إيران واليمن وجنوب شرق آسيا كانت تشارك "بشكل روتيني" في صيد الأسماك بشكل غير مشروع وغير مبلغ عنه وغير منظم في المياه الصومالية.
الوثيقة، أشارت إلى أن المشكلة تفاقمت بسبب قيام بعض الولايات الفيدرالية في الصومال بإصدار وثائق غير معترف بها في أجزاء أخرى من الصومال.
وأوضحت أن بعض الوكلاء الصوماليين ساعدوا سفن صيد أجنبية في الحصول على إذن أو تسجيل سفن الصيد من خلال تزوير الوثائق مقابل رشوة.
كما ظل بعض المسؤولين الذين ذكرهم تقرير المبادرة العالمية صامتين، مما أثار بعض الاستياء العام في البلاد.
الصومال تقدم في 14 مارس/ آذار 2020، بشكوى إلى القوة الدولية في المياه الصومالية والتي تعمل على مكافحة القراصنة، لردع السفن غير القانونية، محذرة من أن عمليات الصيد غير القانونية ستشجع عودة القراصنة.
حينها، أعلن وزير الثروة السمكية والموارد البحرية الصومالي عبدالله بطان، رصد 43 قطعة بحرية إيرانية في المياه الإقليمية الصومالية، قبالة سواحل ولايتي جلمدغ وبونتلاند، ودعا سفن الصيد غير القانونية إلى الخروج سريعا من المياه الصومالية.
تصاعد القرصنة
الصومال كافح لحماية مناطق الصيد التابعة له وسط انهيار مؤسسات الدولة بعد سقوط نظام سياد بري عام 1991.
ومع ظهور الولايات الفيدرالية، بدأت بعض الدول في الاستفادة من تراخيص سفن الصيد، على الرغم من أن الحكومة الفيدرالية هي التي يمكنها التحقق مما إذا كانت السفن تشارك في الصيد غير القانوني.
جهود سابقة لحماية وحراسة مناطق الصيد أدت إلى ظهور القرصنة، وهي الظاهرة التي تم القضاء عليها منذ ذلك الحين من قبل تحالف من الدول البحرية التي تقوم بدوريات في المحيط الهندي.
وزارة الثروة السمكية الصومالية، اعترفت بوجود مشاكل، في مراقبة مياه الصومال، وتوحيد تسجيل السفن، وتوقيف الذين ينخرطون في الصيد غير القانوني.
لكن الوزارة المعنية، قالت: إنها تعوض ذلك بالتواصل مع المنظمات البحرية ومصائد الأسماك العالمية للمساعدة في توقيع اتفاقيات صيد شفافة، إذ إن ذلك يعد شرطا لصندوق النقد الدولي والمقرضين الآخرين.
ثروات غير مستغلة
الدولة العربية الواقعة في القرن الإفريقي تمتلك أطول خط ساحلي في القارة، يقدر بـ3300 كيلومتر، ونحو ثلاثة ملايين كيلومتر مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وهي المنطقة الخارجية للبحر التي تعتبر أراضيا تابعة للصومال، وهي مناطق غنية بالأسماك والوقود الأحفوري غير المستغلين.
الوزارة، تقول: إن موارد الصيد تدر على الصومال نحو 135 مليون دولار سنويا.
ومع ذلك ما زالت الثروة السمكية إما غير مستغلة أو تتعرض للنهب من قبل السفن الأجنبية عندما غرقت البلاد في حرب أهلية.
ومنذ العام 2018، أبرم الصومال اتفاقية لتقاسم الموارد البحرية وبدأت في تنفيذ نظام تسجيل للسفن.
الوزارة، أقرت بوجود عدد من العقبات، لكنها أكدت أن مشروع القانون الجديد يمنح أساطيل الصيد الأجنبية الموثوقة الفرصة لتطوير مناطق الصيد غير المستغلة بشكل قانوني ومستدام في المحيط الهندي.
عبدالله، يوضح أن "الحكومة الفيدرالية الصومالية الكيان الوحيد القادر على تحديد ماهية الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم وهذا ما نقوم به".
تؤتي ثمارها بالفعل
تنفيذ القانون الجديد محتمل بعد الانتخابات المقرر إجراؤها بين يوليو/تموز وأكتوبر/ تشرين الأول 2021.
لكن المسؤول الصومالي يقول: إن نظام الترخيص بدأ يؤتي ثماره بالفعل.
ويوضح أن عدد السفن المرخصة بالكامل نما من أقل من 30 عام 2018، إلى 55 عام 2021.
وتقول وزارة الثروة السمكية: إنها كسبت ثلاثة ملايين دولار عام 2020، من الرسوم وعائدات المشاريع السنوية من مبيعات تراخيص الصيد.
وتوقعت أن تزيد العائدات إلى 10 ملايين دولار بمجرد تشغيل النظام والقانون بشكل كامل، ارتفاعا من مليون دولار عام 2018.
وتختم الصحيفة بالقول: "لكن ربما تظل الحكومة الفيدرالية والولايات الفيدرالية بحاجة إلى مناقشة كيفية تنفيذ صيغة تقاسم الإيرادات، بعد أن تحدت بعض الولايات اتفاقا سابقا بشأن تقاسم الموارد الطبيعية".