"فورميكي": هكذا ستحدد روما مستقبل الانتخابات الليبية وتحسم مصير البلاد
يمر الملف الليبي بمنعطف خطير إثر فشل "مؤتمر جنيف" في الوصول إلى صيغ نهائية تحقق رغبة الأمم المتحدة في عقد الانتخابات الليبية نهاية 2021، ولكن يرى مراقبون أن مؤتمر روما ربما يكون الفرصة الأخيرة أمام الفرقاء الليبيين.
وترى مجلة "فورميكي" الإيطالية أن الاجتماع الذي تشهده روما خلال الأسبوع الثالث من يوليو/ تموز 2021 بين الأطراف الليبية لكسر الجمود الراهن بشأن الانتخابات، سيكون حاسما في تحقيق الاستقرار التام وتجنب انهيار العملية السياسية الجارية.
المجلة قالت إن مصير ليبيا يمر (مرة أخرى) عبر إيطاليا التي تستضيف اجتماعا مهما لتقرير مصير إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالبلد العربي الإفريقي الذي عانى ويلات الحرب لسنوات.
الأمم المتحدة حددت موعد الانتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، باعتبارها تتويجا لمرحلة الاستقرار التي بدأت بعد وقف إطلاق النار الذي أنهى الصراع الأخير بين الشرق والغرب الليبي.
المجلة، ذكرت أن هذه المرحلة تقودها حاليا حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والمنبثقة عن انتخابات ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وأشارت إلى أن الملتقى، المكون من 75 عضوا يمثلون جميع الأطياف والمكونات السياسية والقبلية الليبية، واصل جلساته".
وأوضحت أنه سعى لـ"التوصل إلى توافق حول قاعدة دستورية للانتخابات، إلا أن الديناميكيات الداخلية أدت إلى فشل الجلسة الأخيرة المنعقدة بجنيف 3 يوليو/ تموز 2021.
دور هام لروما
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا يان كوبيش، أعلن في جلسة مجلس الأمن الدولي عن الوضع في ليبيا يومي 15 و 16 يوليو/ تموز 2021، عقد اجتماع حاسم في إيطاليا بعد نحو أسبوع.
"فورميكي" الإيطالية، نوهت إلى أن الدبلوماسية والاستخبارات الإيطالية تتمتع بعلاقات جيدة مع الأطراف الليبية وعليهم استغلالها للتوصل إلى اتفاق حول المسائل العالقة وعلى رأسها الإطار التشريعي للانتخابات.
وتابعت بالقول: إن "إجراء الانتخابات يعتبر خطوة ضرورية وأساسية لمسار تحقيق الاستقرار، وذلك من خلال اختيار مباشر من قبل الشعب لرئيس وبرلمان منتخب".
واعتبرت أن "هذا يسمح بتحقيق جميع الأهداف التي حددها المجتمع الدولي أخيرا خلال مؤتمر (برلين - 2) بشأن ليبيا في 23 يونيو/ حزيران 2021.
وأضافت أن "إجراء الانتخابات سيسهم في تشكيل حكومة في طرابلس تكون قوية وأكثر استقرارا، قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية في تحقيق الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي للبلاد".
وترى أن ذلك يقود إلى "إمكانها ممارسة نفوذ أكبر في المطالبة بخروج القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير قانوني على التراب الليبي".
"فورميكي" لفتت إلى أن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، عبر خلال جلسة استماع برلمانية انعقدت مؤخرا عن هذه الرؤية التي تتقاسمها روما تماما مع واشنطن.
وتدفع الأخيرة نحو تشكيل حكومة منتخبة قوية بما يكفي لطلب خروج المرتزقة الروس من مجموعة "فاغنر".
ودعمت "فاغنر" الجنرال الانقلابي خليفة حفتر للإطاحة بحكومة "الوفاق" السابقة المعترف بها دوليا، وتمثل حاليا النفوذ الروسي في ليبيا وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط.
انقسامات وتكتلات
المبعوث الأممي، من جهته اعترف بوجود "انقسامات وتكتلات ذات مصالح، وانتماءات بملتقى الحوار السياسي الليبي أفشلت التوافق على مقترح نهائي للإطار التشريعي والقانوني الذي ستجرى على أساسه الانتخابات".
وحذر من أن " الوضع في ليبيا أصبح أكثر صعوبة وتصادما وتوترا بسبب هذا الفشل".
وعبر عن استيائه من تضارب "مصالح مؤسسية وسياسية وفردية تعيق الطريق نحو الاتفاق على الإطار التشريعي اللازم لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021".
كوبيش، استنكر ذلك الوضع قائلا: "جميع القوى الراهنة الجديدة تستخدم تكتيكات وحججا مختلفة، غالبا ما تكون مشروعة والنتيجة واحدة: عرقلة الانتخابات".
وقال: إن المبعوث السابق للأمم المتحدة غسان سلامة، "مر بتجارب مماثلة، ووصفهم بالمخربين، وهو وصف دقيق بالنظر إلى نهجهم وطريقتهم بالمناورة".
وأضاف: "تم تشكيل لجنة برلمانية جديدة بالأسبوع الثاني من يوليو/ تموز 2021، لصياغة قانون انتخابي يسمح بإجراء الانتخابات، وتعتزم هذه اللجنة الاجتماع في إيطاليا".
وذكرت المجلة أن هذه اللجنة تضم من بين أعضائها رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، وكذلك أعضاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
ترى "فورميكي" أن المبعوث الأممي، رسم بكلمته أمام مجلس الأمن صورة كاملة عن الصعوبات التي تمر بها حكومة الوحدة الوطنية، وما تعانيه أمام الأجهزة والجهات الفاعلة الحالية في ليبيا.
الفرصة الأخيرة
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي علي الوندي، للمجلة الإيطالية: إن كلمة كوبيش، "انطوت على تحذير من أن العملية السياسية في ليبيا مهددة بالكامل إذا لم يتم حل الخلافات".
وأضاف الوندي، أن المبعوث الأممي أكد على "ضرورة تدخل مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارات ملزمة لإنجاح خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي".
كما أنه على مجلس الأمن "إصدار قرارات صارمة ضد معرقلي الانتخابات لقطع الطريق أمام أي محاولة أخرى للتملص والاعتراض عليها"، وفق المحلل الليبي.
وشدد على أنه يجب "استغلال الزخم الذي خلقه مجلس الأمن بالجلسة الأخيرة؛ لأنها ربما تكون الفرصة الأخيرة أمام الأطراف الليبية لتجاوز أي صراعات أخرى".
واعتبرها أيضا فرصة لـ"المضي قدما نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي من شأنها أن تضع حدا للانقسام".
وختمت المجلة مؤكدة أن "الوضع في ليبيا غير مستقر"، ما يؤكده اختطاف وكيل وزارة الشباب 14 يوليو/ تموز 2021، أمام منزله في طرابلس، وتعنيفه من قبل مجموعة مجهولة قبل أن تطلق سراحه.