ظاهره التيسير وباطنه التضييق.. هذه أهداف الحوثيين من تحديد المهور

12

طباعة

مشاركة

لا تزال جماعة "الحوثي" ماضية في طريق فرض مزيد من القيود على المجتمع اليمني، بعقوبات وغرامات مالية على كل من يخالفها، لتفتح بابا واسعا من أبواب الجباية والحصول على مزيد من المقاتلين في معركة طويلة الأمد.

وفي واحد من أغرب قراراتها، حددت جماعة "الحوثي" مهر الزواج، إذ ألزمت عددا من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها بذلك، من بينها "إب" وأجزاء من "تعز، وحجة، ومديرية وصاب، التابعة لذمار". 

وفي محافظة إب، وقع عدد من المشايخ والشخصيات الاجتماعية على وثيقة أسموها "وثيقة اليسر الاجتماعية" نصت على أن يكون المهر 800 ألف ريال (نحو 1300 دولار) للبنت البكر، ونصف ذلك المبلغ لمن سبق لها الزواج، وفرضت عقوبات على من يخالفها.

وافتتحت الوثيقة بنودها الملزمة بالقول: "استجابة لدعوة قائد الثورة سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية بشأن تسهيل الزواج والحد من المغالاة في المهور، حفاظا على النسيج الاجتماعي والعادات والتقاليد المجتمعية..".

وقال الكاتب شاكر خالد: "ما يجري هو تسليع المرأة وتسعيرها من قبل الجماعة، وهذه مسألة دخيلة على المجتمع اليمني، بمبرر زائف هو تيسير الزواج، ودخيلة حتى على الدين الإسلامي، فالله سبحانه وتعالى قال: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا)".

وأوضح خالد لـ"الاستقلال" أن "هذه إشارة إلى أن للزوج أن يمنح زوجه حتى قنطارا من المال، وهناك حادثة مشهورة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تراجع عن أمره بتحديد المهر، بناء على هذه النص القرآني".

مدخل للجباية

وأثارت تلك الوثيقة غضب كثيرين الذين رأوا ذلك الإجراء حلقة جديدة من حلقات التضييق التي تمارسها الجماعة بحق المجتمع اليمني، ومدخلا من مداخل الجباية والإتاوة تفرضها "الحوثي"، خصوصا أن فرض الوثيقة لم يكن قائما على الاختيار أو التصويت بل كان ملزما من قبل شخصيات حوثية أو موالية لها.

في حين رأى آخرون أن هذا الإجراء ظاهره "التيسير" لكن أصله "التضييق"، بدليل أن الجماعة ضيقت على اليمنيين حياتهم كلهم، فقطعت الرواتب على الموظفين منذ سيطرتها على البنك المركزي بصنعاء.

إضافة إلى الإتاوات الهائلة التي تجبيها كضرائب وزكاة ومجهود حربي ومشاركة في المناسبات الدينية بشكل إلزامي، إلى جانب احتكار المشتقات النفطية وقطعها من المحطات الرسمية مقابل بيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة.

وقال الكاتب خالد: "إذا أرادت الجماعة التي استولت على الحكم بقوة السلاح أن تيسر على المجتمع اليمني فأمامها الكثير لتفعله، يجب عليها دفع الرواتب، وعدم إلزام الناس بإتاوات لا تنتهي، تارة بحجة المجهود الحربي، وتارة بحجة المولد النبوي، وتارة بحجة يوم القدس العالمي"

وشدد على أن "الجماعة يجب عليها أن توفر للناس المشتقات النفطية، والخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، يعني أن هناك الكثير أمامها لتفعله إذا أرادت بالفعل أن تيسر على الناس".

الجدير بالذكر أن الجماعة قامت بتغيير معظم الأمناء الشرعيين الذين يحررون عقود الزواج ووثائق بيع وشراء الأراضي والعقارات منذ عدة عقود، ودفعت بأمناء شرعيين موالين لها، وهو إجراء تسعى من خلاله إلى إحكام قبضتها وضمان قدرتها على فرض عقوبات وغرامات مالية.

وقود للحرب

تحديد المهور لا يتوقف عند مفهوم "تيسير الزواج" بل الهدف منه هو الحصول على مقاتلين في حربها الطويلة، وهو الأمر الذي رآه الكاتب خالد عندما قال: "الجماعة في إجرائها هذا تسعى إلى هدفين، أحدهما على المدى القريب وآخر على المدى البعيد".

وأوضح أن "الهدف الأول يتمثل في كون الجماعة تسعى لفتح باب من أبواب جباية الأموال، وهو أمر معروف عنها، فهي لا تكاد تجد مدخلا لجباية الأموال إلا وسلكته".

أما الهدف الثاني، وفقا لخالد، فإن "الجماعة تريد مزيدا من المقاتلين الذين تجندهم في حربها، وهو هدف يأتي ضمن خطة الجماعة بإطالة أمد الحرب (معركة النفس الطويل) كما يسمونها، والاستفادة منها في تحسين شروط المفاوضات والحصول على أكبر قدر من الأهداف السياسية".

وفي 13 يونيو/حزيران 2021، غرد القيادي في جماعة الحوثي حسين العزي قائلا: "عندما ألتقي شخصا لأول مرة فإن أول سؤال أسأله هو كم عدد أولادك؟ ثم لا شيء يسعدني أكثر من أن أسمع منه: 10 فما فوق أيها الشباب، لذا من يقترح عليكم تحديد النسل قولوا له: اسحب مقترحك ولا نرى وجهك بعد اليوم".

تغريدة "العزي" أثارت غضب وسخرية الكثيرين الذين رأوا أن اليمنيين لم يعودوا قادرين على الإيفاء باستحقاقات أولادهم في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها عليهم جماعة الحوثي، وأن الفائدة الوحيدة من كثرة الإنجاب هو تربيتهم لجماعة الحوثي كمقاتلين.

وكانت حالة الاستنزاف في صفوف الحوثيين قد دفعتهم للتخطيط إلى إعداد قوة عسكرية بحاجة لها لاحقا في معركتهم الطويلة، وخلق أجيال جديدة يتم الاعتماد عليها كوقود للحرب، وفق متابعين.

وأصدر الصليب الأحمر الدولي تقريرا قال فيه: إن جماعة "الحوثي" تعتمد بشكل كبير على الأطفال في رفد معاركهم، حيث يمثل الأطفال ثلث المقاتلين.

وفي تقرير صدر 19 ديسمبر/كانون الأول 2020 لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، كشف مسؤول عسكري كبير يتبع الجماعة الحوثية، رفض الكشف عن اسمه للوكالة، أن "الجماعة قامت بتجنيد 18 ألف طفل منذ بدء الحرب في عام 2014.

.

منع الإنجاب

وبالإضافة إلى تحديد المهور من أجل الحصول على مزيد من المقاتلين، قلصت جماعة "الحوثي" استيراد وسائل منع الحمل، وشنت في ديسمبر/كانون الأول 2019، حملة على وسائل تنظيم الإنجاب ومنع الحمل، في الصيدليات والمراكز الصحية بالمدن الخاضعة لسيطرتها وسحبت وصادرت الكميات الموجودة.

وقامت الجماعة بسحب وسائل منع الحمل التي تقدمها منظمات دولية، ويتم توزيعها بشكل مجاني أو بأسعار رمزية على الأسر اليمنية، ضمن برامج دولية لتحفيز وتشجيع الأسر على تنظيم النسل.

وأصدرت وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء، تعميما للصيدليات والمراكز الصحية ومراكز تنظيم الصحة الإنجابية يقضي بمنع وسائل منع الحمل، سواء التجارية أو المقدمة من المنظمات الدولية.

ومن بين هذه الوسائل "المجرمة حوثيا" حبوب وحقن منع الحمل، وحبوب الميكروجينون التي تقلل من احتمالات حدوث الحمل.

إيران، بدورها اتخذت خطوة مماثلة، وشن مرشدها علي خامنئي، هجوما على برامج تنظيم الأسرة، والحد من النسل وقال: إنها "تقليد غربي"، مشيرا إلى أن إيران تواجه مشكلة شيخوخة السكان، إذا استمر الأزواج على سياسة عدم إنجاب المزيد من الأطفال، داعيا إلى زيادة عدد السكان إلى 150 مليون نسمة على الأقل.

ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بالتحالف العربي من جانب، والحوثيين  المدعومين من إيران من جانب آخر، المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.