عمق إستراتيجي.. مجلة إيطالية: هذه التحديات أمام "الناتو" جنوب المتوسط

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

ترى مجلة إيطالية أن التحديات القادمة من جنوب حوض المتوسط "معقدة" ولها تأثير مباشر على أمن حلف الشمال الأطلسي، وهو ما يتطلب تجديد وإجراء تعديلات لنهج الأمن التعاوني بين أعضائه، وفقا للأهداف والتهديدات المحددة في تقرير "رؤية الناتو" بلشبونة لعام 2010. 

وفي تحليل نشرته مجلة "فورميكي"، أكد رئيس اللجنة الأطلسية الإيطالية (مركز دراسات بحثي)، فابريزيو لوشولي، أن "مستقبل المنظمات الدولية سيتم تقريره في إطار البحر الأبيض المتوسط". 

وقال الباحث الإيطالي إنه سيتعين على الخطة الإستراتيجية التالية لحلف الناتو "صياغة نهج ملائم وواضح ومتماسك تجاه الجنوب، قادر على مواجهة التهديدات التقليدية المنبثقة عن هذه المنطقة، مثل الإرهاب، ومجابهة أيضا المخاطر الجديدة، على غرار النفوذ المتزايد لروسيا وبدرجة أقل تغلغل الصين".

وأشارت فورميكي إلى أن هذه التوصية التي نص عليها تقرير بعنوان "الناتو 2030، متحدون لعصر جديد"، تسلط الضوء على مركزية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أفق "الناتو" عام 2030.

ويذكر أن التقرير تم إعداده عام 2020 من قبل مجموعة من  الخبراء قام بتعيينهم الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، بينهم الإيطالية مارتا داسو.

منهج شامل

وأوضحت المجلة أن المداخل الإستراتيجية الثلاثة إلى البحر الأبيض المتوسط​، مضيق جبل طارق والدردنيل وقناة السويس، تربط هذه المنطقة بالمحيط الأطلسي، وتعرضها لتهديدات من القواعد الروسية في شبه جزيرة القرم والبحر الأسود.

وتضعها أيضا في مواجهة تحديات جديدة قادمة من البحر الأحمر ومن المحيطين الهندي والهادئ عبر قناة السويس، كما تتدفق إلى داخل هذا البحر عناصر عدم استقرار ذات طبيعة ومصادر مختلفة.

وتشرح المجلة أن "تحرك العديد من دول الناتو، في أعقاب الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم، لاحتواء النهج العدواني للاتحاد الروسي في بحر البلطيق وشرق أوكرانيا، أغفل التفكير في التزام مماثل نحو تحقيق استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​وفق منهج شامل".

ونتيجة لذلك، استطاعت موسكو أن تكتسب عمقا إستراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما سمح لها بنشر أنظمة عسكرية ضخمة وصواريخ "كاليبر كروز" في قاعدة طرطوس البحرية السورية، وأيضا توقيع اتفاقيات عسكرية مع السودان تهدف إلى إنشاء قاعدة أيضا في البحر الأحمر.

بالإضافة إلى إبرام عقود مهمة لبيع الأسلحة وكذلك في القطاع الطاقي مع دول مثل مصر والجزائر، تشير المجلة.

كما أن مرتزقة "فاغنر" الروس باتوا يوجدون بشكل دائم في ليبيا، حيث أرسل الكرملين في مايو/أيار 2020  قرابة 14 طائرة مقاتلة وفقا لصور أقمار اصطناعية كانت قد كشفت عنها القيادة العسكرية الأميركية بإفريقيا (أفريكوم).

واعتبرت المجلة أن الصين تشكل تحديا أقل درجة وتهديدا لمصالح الحلف في المتوسط.

وإلى جانب إنشائها قاعدة بحرية عسكرية في جيبوتي وقيامها بمناورات بحرية في البحر الأبيض المتوسط بمشاركة روسية أيضا، "تستعمر" الصين منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بشكل رئيس من خلال استثمارات البنية التحتية المرتبطة بمبادرة "الحزام والطريق" وإبرام اتفاقيات اقتصادية تهدف إلى الاستحواذ على المواد الخام والأتربة النادرة.

نهج منسق

وجدير بالذكر أن الصين  تستحوذ حاليا على 62 بالمئة من إنتاج جميع الأراضي النادرة المستخرجة، فضلا عن 37 بالمئة من الاحتياطي العالمي لهذه للأراضي المعروفة. 

وأكدت المجلة أن هذا الوجود الحديث النشط لروسيا والصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتطلب تعزيز حضور الناتو في جنوب حوض المتوسط ونهجا منسقا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل الحلفاء اليونان وتركيا في المقام الأول.

وأردفت بالقول إن عوامل زعزعة الاستقرار الناجمة عن تدخلات جهات فاعلة حكومية "خارجية" في المنطقة تشكل إلى جانب عناصر عدم الاستقرار المتوطنة تقليديا، أكبر التحديات أمام المنظمات الدولية نحو تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا وليبيا مشددة أن المطلوب معالجتها بطريقة تآزرية ومتكاملة.  

ولتحقيق هذه الغاية، يجب على حلف الناتو والاتحاد الأوروبي مراجعة وتعزيز وتنسيق شراكات كل منهما، كما حدث مؤخرا مع تونس، تضيف المجلة.

وذكرت أن حلف الناتو على استعداد لتقديم المساعدة والتعاون في مجال التدريب وبناء القدرات في ليبيا، وهي نفس المهام التي تقوم بها القوات الإيطالية أيضا في العراق. 

وتمثل مكافحة الإرهاب والمقاتلين الأجانب والتطرف بالإضافة إلى عودة ظهور تنظيمي "الدولة" و"القاعدة" في منطقة الساحل وأيضا الاتجار غير المشروع بالأسلحة والبشر في المنطقة، عوامل عدم استقرار تحتاج إلى خطة جديدة إستراتيجية أكثر فاعلية.

لذلك ستؤكد، في قمة بروكسل في 14 يونيو/حزيران 2020، على تعزيز دور "المحور الجنوبي لحلف شمال الأطلسي" وإدراج أكثر فعالية لتدابير مكافحة الإرهاب في مختلف جوانب التخطيط لأنشطة الحلف، وفق قول المجلة.

وأوضحت المجلة أن "التحديات القادمة من الجنوب تفاقمت بسبب أزمة كورونا فضلا عما يتسبب فيه عامل تغير المناخ في زعزعة الاستقرار لتأثيره بشكل أكبر على ندرة الموارد المائية في المنطقة، مما يهدد بالتسبب في موجات جديدة من الهجرة غير النظامية".