سهام شديدة.. صحيفة فرنسية: اللهجة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد انتهت
سلطت صحيفة فرنسية الضوء على اتهام وزارة الخارجية المغربية إسبانيا بـ"التآمر مع أعداء المملكة"، وذلك على خلفية أزمة المهاجرين المغاربة القابعين في كل من الجيبين الإسبانيين سبتة ومليلة.
وقالت صحيفة "لاكروا": إن "هذه الأزمة المفتوحة بين البلدين المرتبطة بمستقبل الصحراء الغربية تنعكس على حركة الهجرة".
وانتقدت وزارة الخارجية المغربية في 31 مايو/أيار 2021، "المواقف العدائية" و"الإستراتيجيات الضارة" لمدريد.
سهام شديدة
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن "لهجة الدبلوماسية لم تعد هي سيدة الموقف بين كل من المغرب وإسبانيا، إذ أطلقت الرباط سهاما شديدة بشكل متزايد على مدريد".
وأشارت إلى أن "الزعيم الانفصالي الصحراوي إبراهيم غالي عاد في 1 يونيو/ حزيران 2021 إلى الجزائر بعد دخوله المستشفى في 21 أبريل/نيسان بإسبانيا".
واستدركت "لكن عودته لم تهدئ بأي حال من الأحوال غضب المملكة المغربية، التي وصفت زعيم جبهة البوليساريو بأنه جلاد ومجرم عبر موقع (لو 360) المقرب من البلاط: لقد غادر حرا دون توجيه اتهامات إليه من قبل المحاكم الإسبانية التي استجوبته بشأن شكوى تتعلق بالتعذيب والإبادة الجماعية".
ويتساءل وزير الخارجية المغربي ناضر بوريطة عن "كيف تعرف الرباط أن إسبانيا لن تتآمر مرة أخرى مع أعداء المملكة؟" ، مذكرا أن "الصحراء الغربية - التي يعتبرها المغرب مغربية منذ فجر التاريخ- قضية مقدسة للشعب المغربي كله".
وتشهد العلاقة بين الرباط ومدريد أزمة، على خلفية استضافة إسبانيا لـ"غالي" من أجل العلاج من فيروس كورونا بـ"هوية مزيفة"، منذ 21 أبريل/نيسان 2021، إضافة إلى تدفق حوالي 8 آلاف مهاجر غير نظامي بين 17 و20 مايو/أيار 2021، من المغرب إلى "سبتة" الخاضعة لإدارة إسبانية.
ولإظهار غضبه، رد المغرب باللعب على "الوتر الحساس" للهجرة، إذ سمحت المملكة لأكثر من 8 آلاف مهاجر - كثير منهم قاصرون- بعبور الحدود إلى سبتة في شمال المغرب.
المتحدثة باسم خدمة العمل الخارجي للمفوضية الأوروبية نبيلة مصرالي، عبرت في 1 يونيو/حزيران 2021 عن استياء المفوضية بقولها إن "حدود سبتة هي حدود أوروبية والاتحاد الأوروبي متضامن مع إسبانيا".
وفي إطار تحليله للوضع، قال الخبير السياسي إيزياس بارينيادا، من جامعة كومبلوتنسي بمدريد إنه "في ضوء الأزمة الحالية، هناك حاجة إلى إعادة تفسير سياسي لتدفق 20 ألف مهاجر إلى جزر الكناري الخريف الماضي، في خضم وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية".
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، شن المغرب عملية عسكرية لإعادة حركة المرور بين المغرب وموريتانيا، التي أغلقها مسلحون من جبهة "البوليساريو".
وبالتالي فإن الأزمة "ليست أزمة هجرة، والمغرب لا يطرح تساؤلات حول السياسة الأوروبية في الاستعانة بمصادر خارجية، ويقول دائما إنه مستعد للتعاون كما كان دائما"، وفق "لاكروا".
معرضة للانهيار
أستاذة العلوم السياسية في جامعة إكستر البريطانية، إيرين فرنانديز مولينا، قالت: "من ناحية أخرى، كان لدى المغرب فكرة أن تعاونه مع الاتحاد الأوروبي في مراقبة الحدود يجب أن يكافأ عليها".
وأضافت أنه "من وجهة نظر المغرب، ينبغي على مدريد أن تنحاز إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي أعطى الضوء الأخضر لضم المغرب للصحراء الغربية نهاية عام 2020، مقابل تطبيع الأخيرة مع إسرائيل".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هناك أمرين على غاية من الأهمية بالنسبة للمملكة، الأول، هو الموقف المجهول لإدارة الرئيس جو بايدن، وثانيهما أن السياسة المغربية للأمر الواقع معرضة للانهيار إذا ما شككت محكمة الاتحاد الأوروبي -في الأسابيع المقبلة- في شرعية الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والتي تشمل أراضي ومياه الصحراء".
وذكرت أن "95 بالمئة من عمليات الصيد البحري المغربي تأتي من المياه الصحراوية".
من جهته، قال جيل ديفيرز، محامي "البوليساريو" المسؤول عن الاستئناف، "إذا أجبر المغرب على المغادرة، فسيكون هناك زلزال".
ففي 2016، جادلت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بأن المغرب والصحراء الغربية هما منطقتان منفصلتان، لكن تم تجاوز شرط موافقة الشعب الصحراوي المسبقة لإعادة المصادقة على الاتفاقات.
ويشهد جيل ديفيرز على ذلك بقوله: "منذ 2016، خسر المغرب الكثير من الحلفاء: بلجيكا وألمانيا والبرتغال لم يأتوا هذه المرة للدفاع عن هذه الاتفاقات".
ومنذ أن أنهت إسبانيا وجودها في إقليم الصحراء عام 1975، تتنازع الرباط و"البوليساريو" السيادة على الإقليم الخاضع حاليا لسيطرة مغربية.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.