واشنطن تهرع لتقوية "قبة" إسرائيل.. هل تنجح بحمايتها من صواريخ المقاومة؟
.jpg)
غدا الجيش الإسرائيلي في أمس الحاجة لمساعدة عسكرية، من أجل تطوير منظومة دفاعه الجوي وتعزيز "قبته الحديدية" التي فشلت في اعتراض معظم صواريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال المواجهة الأخيرة الممتدة من 10-21 مايو/أيار 2021.
هذه الانتكاسة الإسرائيلية، دفعت وزير الدفاع بيني غانتس، إلى جدولة زيارة عاجلة لواشنطن في 3 يونيو/حزيران 2021، لطلب الدعم المالي العسكري.
وكشف موقع "أكسيوس" الأميركي أنه "من أجل تطوير نظام الدفاع الصاروخي، فإنه من المقرر أن تطلب إسرائيل من الولايات المتحدة مليار دولار كمساعدة عسكرية عاجلة هذا الأسبوع"، بناء على تصريح السيناتور ليندسي غراهام لمحطة "فوكس نيوز" الأميركية ومسؤولين إسرائيليين.
تصريحات غراهام جاءت بعد يوم من لقائه في إسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع غانتس، في 31 مايو/أيار 2021.
وقال غراهام: "سيكون هناك طلب قدمه الإسرائيليون إلى البنتاغون، للحصول على مليار دولار كمساعدة لتجديد بطاريات القبة الحديدية، وسيكون استثمارا جيدا للشعب الأميركي"، مضيفا: "سأحرص في مجلس الشيوخ على حصولهم على المال".
"أكسيوس" نشر تقريرا للصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، في 1 يونيو/حزيران 2021، قال فيه إن "مسؤولين إسرائيليين أفادوا بأن هناك حاجة ماسة وعاجلة لتجديد نظام الدفاع الجوي للقبة الحديدية وشراء ذخائر لسلاج الجو الإسرائيلي، خصوصا قنابل دقيقة التوجيه".
وبحسب "أكسيوس" فإن عددا من الأعضاء الديمقراطيين رفضوا تقديم أسلحة إضافية لإسرائيل بعد استشهاد ما لا يقل عن 280 فلسطينيا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وبناء على ذلك، تأتي تحركات غانتس، لإجراء محادثات مع نظيره لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
طوق نجاة
في 20 مايو/أيار 2021، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن لنتنياهو بتجديد وتعزيز منظومة القبة الحديدية، خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، عقب التوصل لإعلان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وأكد بايدن خلال المؤتمر الصحفي، دعم واشنطن الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة الهجمات الصاروخية لـ"حماس" وغيرها.
وقبيل الإعلان عن وقف إطلاق النار، أعلنت إدارة بايدن أنها أبلغت الكونغرس بصفقة بيع أسلحة لإسرائيل قيمتها 735 مليون دولار.
غير أن شبكة "سي إن إن" الأميركية في 18 مايو/أيار 2021 قالت إن إدارة بايدن قد وافقت على الصفقة قبل اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وفلسطين.
وأوضحت أن "الصفقة تشمل صواريخ دقيقة التوجيه، وقد تم النظر فيها من قبل الكونغرس، وسط قلق بين الديمقراطيين بالتزامن مع إصرار بايدن على أن لإسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية التي تنفذها حماس، في حين رأى آخرون أنه بمثابة طوق نجاة ألقاه بايدن لإسرائيل".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" أول من أثارت هذا الأمر في "وقت حساس للغاية"، حيث نشرت تقريرا لها في 17 مايو/أيار 2021، قبيل وقف إطلاق النار بنحو 3 أيام، قالت فيه: إن "إدارة بايدن أبلغت الكونغرس في 5 مايو/أيار موافقتها على بيع إسرائيل صواريخ دقيقة التوجيه، وتعرف أيضا باسم ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM) بقيمة 735 مليون دولار".
وأضافت الصحيفة أن "عددا من أعضاء الكونغرس من الجناح الديمقراطي منزعجون من الصفقة، وقالوا إن الموافقة عليها دون الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف إطلاق النار سيؤدي إلى استمرار المذابح بحق الفلسطينيين".
وهذه ليست المرة الأولى التي أعلنت واشنطن أنها ستطور القبة الحديدية الإسرائيلية، ففي فبراير/شباط 2019، أعلن الجيش الأميركي عن خطط لتطوير نظام القبة الذي تنتج كثيرا من أجزائه شركات أميركية.
رعاية أميركية
تأتي المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل والمقدرة بمليار دولار، ضمن المساعدات الطارئة لتطوير القبة الحديدية، وهي مساعدة عاجلة نصت عليها اتفاقية 2016 التي وافق عليها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ولا تندرج ضمن المساعدات السنوية الدائمة.
ففي عام 2016، وقعت إسرائيل والولايات المتحدة اتفاقية بقيمة 3.8 مليارات دولار كمساعدات عسكرية سنوية لإسرائيل على مدى 10 سنوات، مع إمكانية طلب إسرائيل لتمويل إضافي في حالة الطوارئ، منها ما تحتاجه لتطوير منظومة الدفاع الصاروخية.
ووفقا لتلك الاتفاقية، فإن دافعي الضرائب الأميركان سيمنحون إسرائيل ما مجموعه 38 مليار دولار من الأسلحة على مدى 10 سنوات (من 2019 وحتى 2028)، ويمنح دافع الضرائب العادي 25.25 دولارا من الأسلحة لإسرائيل كل عام.
ومنذ 1949، بدأت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، أي عقب إعلان دولة إسرائيل بنحو عام واحد، وفي 1952 تم توقيع اتفاقية دعم لوجستي بين أميركا وإسرائيل، وتلتها اتفاقية أخرى للتعاون السياسي والأمني، وقد وصلت حتى 2020 لأكثر من 25 اتفاقية عسكرية.
وفي عام 1985، اتفق شمعون بيرس عندما كان وزيرا للخارجية في حكومة إسحاق رابين، مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق جورج شولتز، على تلقي منحة سنوية قدرها 3 مليارات دولار، معظمها للأمن وشراء المعدات العسكرية.
وفي المجموع، تشكل المساعدات الأميركية لإسرائيل 55 بالمئة من إجمالي مساعداتها للعالم، في حين تشكل المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل 18 بالمئة من الميزانية العسكرية الإسرائيلية، والتي بموجبها يشتري الكيان المحتل أسلحة بقيمة 815 مليون دولار سنويا.
أمان زائف
ورغم المساعدات الهائلة التي تلقتها إسرائيل من الولايات المتحدة لتعزيز منظومة دفاعها الجوي، خصوصا المساعدات التي بدأ سريانها منذ 2019، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين لم يعلنوا بشكل صريح "فشل منظومة الدفاع الجوي في اعتراض الصواريخ الفلسطينية بالشكل المطلوب".
وكانت تصريحات الجانب الإسرائيلي عن ضرورة إعادة تقييم عمل وفاعلية القبة الحديدية، بالإضافة إلى تصريحات بايدن عن نوايا تطوير وتعزيز منظومة الدفاع الصاروخي وأحقية إسرائيل في حماية مواطنيها، "قد مثلت مؤشرا على أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض صواريخ الفصائل الفلسطينية بشكل كامل".
الجدير بالإشارة أن منظومة الدفاع الصاروخي كانت قد طورتها شركة "رافائيل" الإسرائيلية، ودخلت الخدمة صيف 2011، وتم نشر بطاريات المنظومة الصاروخية قرب قطاع غزة لاعتراض الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية، لكن إنشاءها الذي كلف 210 مليون دولار، قد تطلب تطويرها بتكلفة بلغت مليارات الدولارات.
ومنذ ذلك الحين، تفاخر إسرائيل بأن قبتها الحديدية "فخر الصناعة الإسرائيلية"، وكتب جيش الاحتلال عبر حسابه بـ"تويتر": إن "نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي له هدف واحد وهو اعتراض الصواريخ في الجو قبل أن تتمكن من قتل مدنيين إسرائيليين. ولن نعتذر عن إنقاذ الأرواح"، غير أنها أخفقت في ذلك.
وبحسب "سي إن إن"، فإن الجيش الإسرائيلي يصرح أن القبة الحديدية اعترضت أكثر من 90 بالمئة من الصواريخ، غير أنه في الواقع، ووفقا للبيانات الرسمية للجيش، قد اعترضت أقل من نصف الصواريخ وقذائف الهاون التي أطلقتها "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
وأوضحت أنه من بين الـ2650 صاروخا التي أطلقتها "حماس"، تم اعتراض حوالي 1210 صواريخ فقط، ما يعني أن القبة الحديدة قد منحت الإسرائيليين "أمانا زائفا" عندما تم الحديث عن كفاءتها العالية في اعتراض الصواريخ، وهو الأمر الذي دفع الإسرائيليين للبحث عن ملاجئ آمنة بدلا من القبة الحديدية.

تهديد قائم
مع إخفاق القبة الحديدية في اعتراض مئات الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية فإن "التهديد يظل قائما"، وبالتالي فإن نوايا تطوير القبة الحديدية جاء كإجراء لإنهاء الفشل والتهديد الذي يطال إسرائيل.
وقد نقلت شبكة "بي بي سي" البريطانية عن خبير الدفاع بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، جيفري وايت، قوله: "لا تمثل القبة الحديدية تحولا إستراتيجيا، فهي تعطي إسرائيل بعض الميزات الهامة في التعامل مع القذائف الصاروخية، بما يقلل من معدلات الضحايا والدمار، ويوفر مرونة في التعامل مع الهجمات، كما تساعد على تقويض أهداف العدو، لكنها لا تنهي التهديدات".
وفي 12 مايو/أيار 2021، نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرا بعنوان "كيف اخترقت حماس درع القبة الحديدية الشهير لإسرائيل"، مشيرة إلى أن "مصادر استخباراتية قد حذرت سابقا من أن حركة حماس حسنت بشكل كبير أسلحتها لدرجة أنها قد تخترق درع القبة الحديدية" .
ونقلت الصحيفة عن محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "جيروزاليم بوست"، يونا جيريمي بوب، قوله إن "القبة الحديدية كانت تعاني دائما من نقاط ضعف"، مضيفا: "إذا كانت حماس تملك المزيد من الصواريخ طويلة المدى، فقد يؤثر ذلك على خطط إسرائيل لهذه الجولة من العنف وخاصة مسألة المدة التي تريدها أن تستمر فيها".
المحاضر في الأمن الدولي في جامعة برونيل بلندن، ستيفن واغنر، أفاد: "رغم أن أداء القبة الحديدية ملفت، لكن يجب أن يكون ذلك أيضا تذكيرا صارخا بعدم تكافؤ هذا الصراع".
وختم حديثه مع "سي إن إن" بالقول: "ذخيرة حماس بسيطة ورخيصة ويمكن أن تخترق من حين لآخر نظاما دفاعيا أنفق عليه مئات ملايين الدولارات بتمويل من الولايات المتحدة".
المصادر
- Israel to ask U.S. for $1 billion in emergency military aid
- هل فشلت منظومة "القبة الحديدية" في حماية إسرائيل من الصواريخ؟
- القبة الحديدية الإسرائيلية: كيف تعمل وما مدى فعاليتها؟
- فاعليتها لا تتجاوز 40%.. هكذا هدمت صواريخ المقاومة أسطورة القبة الحديدية
- لماذا لا تتصدى القبة الحديدية الإسرائيلية لكل صاروخ يُطلق من غزة؟
- 30 عاما على صواريخ صدام.. إسرائيل "واثقة" من قوة القبة الحديدية
- بايدن يعد نتنياهو بتجديد "القبة الحديدية"
- مصدران لـCNN: إدارة بايدن أبلغت الكونغرس بصفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار مطلع مايو
- صفقة أسلحة أميركية لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار
- U.S. MILITARY FUNDING TO ISRAEL
- 38 مليار دولار مساعدات أمريكية لإسرائيل