مظاهرات كولومبيا.. هل يطيح "الإصلاح الضريبي" بالرئيس إيفان دوكي؟
سلط موقع إيطالي الضوء على أسباب الاشتباكات العنيفة التي تشهدها كولومبيا منذ أسابيع بين المتظاهرين والشرطة على خلفية مشروع إصلاح ضريبي كان قد طرحه الرئيس إيفان دوكي.
قال موقع معهد تحليل العلاقات الدولية إن الاضطرابات في كولومبيا ضد القرار الحكومي بزيادة الضرائب، اندلعت منذ 28 من أبريل/نيسان لتشهد على إثر ذلك تصعيدا اتخذت معه منعطفا عنيفا بسبب تدخل الشرطة، ما أدى إلى عمليات سطو ونهب وإغلاق الطرقات وخاصة العنف ضد المتظاهرين.
آمال التهدئة
وأشار إلى أنه على الرغم من سحب الرئيس دوكي مشروع القانون، على أمل تهدئة الاحتجاجات ووضع حد لتنظيمها، إلا أنه لم يكن لهذا الإجراء الأثر المنشود، وذلك بعد أن اشتدت المظاهرات بشكل أكبر.
أفاد الموقع بأن البلاد تشهد منذ بداية العام ارتفاعا في أعمال العنف التي تسببها الجماعات العسكرية وشبه العسكرية.
وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام، نزح أكثر من 27 ألف شخص، بعد وقوع 31 مجزرة ذهب ضحيتها 116 على الرغم من توقيع اتفاق السلام ومحادثات هافانا.
أورد الموقع أن الاحتجاجات الحالية أدت إلى مقتل ضابط شرطة، في حين ذكرت بعض منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أن عدد القتلى بلغ عشرين شخصا، بينما أكد مدير الشرطة أنه سيحرص على تقديم جميع المعلومات اللازمة للنائب العام قصد التحقيق.
كما أدى تواصل الاحتجاجات إلى قيام 30 من الزعماء من أميركا اللاتينية بالتدخل، وتوقيع دعوة أعربوا فيها عن تضامنهم مع "الشعب الشقيق" الكولومبي، آملين تغليب الحوار بين الطرفين ونبذ العنف.
بدورهما، أعلنت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إدانتهما للاستخدام المفرط للقوة من قبل الحكومة الكولومبية.
ودعا الرئيس جو بايدن إلى حظر بيع الأسلحة إلى حكومة كولومبيا بسبب استخدام القوة أثناء المظاهرات.
أوضح الموقع أن السبب الرئيس لوقوع الاضطرابات في كولومبيا يتعلق بمشروع الإصلاح الضريبي الذي روجت له الحكومة الكولومبية، وقد أدى تفاقم الوضع إلى استقالة وزير المالية، ألبرتو كاراسكويلا.
وتابع بأنه تم الإعلان عن مناورة تقشفية كبيرة بالتزامن مع خطة الإصلاح الضريبي لمواجهة العجز العام الذي تضاعف ثلاث مرات، منذ بداية وباء كورونا، وبلغ حوالي 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الكولومبي.
أزمات كبيرة
يشرح الموقع بأنه لسوء الحظ، لم يأخذ الإجراء في الاعتبار الوضع الاقتصادي الصعب للبلاد والذي تضرر بشدة بسبب جائحة كوفيد.
وبسبب انخفاض إيرادات الدولة، أخذ الإصلاح الضريبي في الاعتبار زيادة الضرائب على المستوى العام وخاصة ضريبة القيمة المضافة، وهو ما أدى إلى إلحاق الضرر بشكل أساسي بالطبقة الوسطى التي استهدف المشروع إيراداتها.
وأضاف بأن اقتراح الإصلاح الضريبي تسبب في انقسام بين الحكومة المحافظة وقطاعات الاقتصاد المتضررة من الوباء، وهو ما تطلب تدابير لدعم الفقراء والعاطلين عن العمل.
وبالنظر إلى المعدل المرتفع للبطالة والفقر، فقد قدر ارتفاعه بنحو 10 بالمئة إضافية إذا ما طبق الإصلاح. كما من المتوقع حدوث زيادات في تكاليف الخدمات الأساسية مثل الغذاء والغاز والكهرباء والمياه.
من جانبهما، حاول الرئيس إيفان دوكي والحكومة الدفاع عن الإصلاح الضريبي من خلال محاولة الترويج له كضرورة.
وفقا لوزير المالية السابق، تهدف الخطة إلى جمع أموال كافية للاستثمار في البرامج الاجتماعية لفائدة محتملة لقرابة 19 مليون كولومبي مما قد يسهم في انخفاض عدد من يعيش تحت خط الفقر بنسبة 6 بالمئة.
أكد الموقع أن خطة الإصلاح الضريبي تم الإعلان عنها في أسوأ فترة تمر بها كولومبيا، تراجعت أثناءها نسبة الرضا على الأداء الحكومي بسبب الإدارة السيئة للوباء.
أفاد بالقول إنه على الرغم من أن الاستياء عم طبقات المجتمع المختلفة، إلا أن فئة الشباب هي من قادت الاحتجاجات الأخيرة.
وهو ما يتضح من خلال ما أبرزته استطلاعات رأي مختلفة أكدت أن نسبة 74 بالمئة ممن يعارضون قرارات الحكومة والرئيس دوكي، تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاما.
علاوة على ذلك، وفقا لوكالة الاستطلاعات Invamer، يؤيد 89 بالمئة من الكولومبيين الاحتجاجات، بينما 56 بالمئة لديهم صورة سلبية تجاه الشرطة. رغم ذلك، يوافق أكثر من 60 بالمئة تحركات الشرطة في "التصدي للمخربين أثناء الاحتجاجات".
في الختام، أكد موقع المعهد الإيطالي أن الرئيس دوكي لا يبدو في الوقت الحالي، مرشحا للفوز بانتخابات عام 2022، حيث تمنح استطلاعات الرأي أسبقية الفوز لخصمه في انتخابات 2018 الاشتراكي غوستافو بيترو.
في غضون ذلك، يجري الرئيس حوارا مع المعارضة لفهم النقاط التي يمكن أن تحدث تغييرا في الإصلاح لكي يلبي احتياجات السكان.