تبون يتراجع عن وعوده.. لوموند: سجون الجزائر تعج بسجناء الرأي من جديد
تحدثت صحيفة لوموند الفرنسية عن امتلاء السجون الجزائرية مرة أخرى بسجناء الرأي، مؤكدة وجود أكثر من 60 منهم حاليا خلف القضبان.
بعد شهرين من قرار الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالعفو عن ناشطي الحراك المدانين بالفعل، ومنح الإفراج المؤقت لمن لم يحاكموا نهائيا، عادت السجون لتعج بسجناء الرأي.
وتقول لوموند إن عددهم يبلغ الآن 66 سجينا، بحسب البيانات التي تم تحديثها من قبل موقع المعتقلين الجزائريين.
السلطات الجزائرية تختار التشديد ضد عودة المتظاهرين إلى الشوارع كل ثلاثاء وجمعة، وفق الصحيفة.
ونهاية فبراير/شباط 2021، استؤنفت حركة الاحتجاج الشعبي، التي بدأت مطلع 2019، بعد عام من التوقف بسبب تفشي جائحة كورونا.
ويتهم النظام الحراك بأنه مخترق من قبل "دوائر انفصالية" و"حركات غير شرعية قريبة من الإرهاب" تسعى لجره إلى أعمال عنف، كما قال الرئيس تبون في 6 أبريل/نيسان، عقب اجتماع لمجلس الأمن الأعلى.
كان خطابه ذلك يستهدف بشكل خاص حركة تقرير المصير في منطقة القبائل (حركة انفصالية) المحظورة، غير المعترف بها في الحراك، وحركة رشاد التي تضم عناصر معينة من جبهة الإنقاذ الإسلامية سابقا.
الحراك الحقيقي
بالإضافة إلى الاتهامات المعتادة بالتجمعات غير المسلحة وتقويض الوحدة الوطنية، تمت إضافة اتهامات متكررة بإقامة صلات وعلاقات خارجية.
جرى وضع ناصر مغنين، رئيس الجمعية الثقافية النشطة للغاية (إس أو إس باب الواد)، على ذمة الإيقاف التحفظي يوم 20 أبريل/نيسان، وأعضاء آخرين تحت إشراف قضائي.
ووصف بيان للشرطة الجزائرية الجمعية بأنها "جماعة إجرامية" متهمة إياها بالقيام بأنشطة تخريبية ممولة من سفارة أجنبية لدولة كبيرة في الجزائر وهو ما لم يتم الاستشهاد به.
وأخذت الشرطة صورا لأعضاء الجمعية في أسلوب الإعلانات الرسمية عن قضايا السرقة واللصوصية، وبثتها حيث يظهر الموقوفون من الخلف مقيدي الأيدي، بجانب طاولة وضعت عليها طابعات وكاميرات، بالإضافة إلى لافتات حملها متظاهرو الحراك.
تتماشى هذه العملية التي أثارت غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، مع خطاب النظام الذي يعتقد أنه استجاب لمطالب "الحراك الحقيقي الأصيل".
واليوم، وبحسب وزير الاتصالات والمتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، لم يبق سوى "حراك زائف" تستخدمه "أطراف خارجية معينة في حربها ضد الجزائر".
وسجن رابح كاريش، مراسل صحيفة ليبرتيه الجزائرية في تمنراست أقصى جنوب البلاد في 19 أبريل/نيسان، لتغطية مظاهرة للطوارق (الأمازيغ البربر) تطعن في التقسيم الإداري الجديد الذي قررته السلطات العامة.
وهو متهم بنشر "معلومات من شأنها إثارة التفرقة والكراهية في المجتمع"، و"تعمد نشر معلومات كاذبة من شأنها المساس بالنظام العام" و"استخدام وسائل مختلفة لتقويض الأمن والوحدة الوطنية".
التدبير المعتاد
ردت صحيفة ليبرتيه لصاحبها رجل الأعمال أسعد ربراب، رئيس مجموعة سيفيتال بقوله: إن تلك الاتهامات "كاذبة وتخفي رغبة شديدة في إسكات الصحفي ومنعه من القيام بعمله بكل موضوعية".
تتزايد المخاوف أيضا بشأن مصير 22 محتجزا من الحراك مضربين عن الطعام منذ 6 أبريل/نيسان.
إذ اعتقلوا بعد مظاهرة في 3 أبريل/نيسان، وأعيدوا إلى الإيقاف التحفظي وتجري الآن محاكمتهم بتهمة "تقويض الوحدة الوطنية والتجمع غير المسلح".
كما استذكرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "الحالتين المأساوية للصحفي محمد تامالت والطبيب الناشط كمال الدين فخار، اللذين توفيا رهن الاعتقال (عامي 2016 و 2019)".
بالنسبة للخبيرة السياسية لويزا دريس آيت حمادوش، فإن القمع هو جزء من إدارة النظام المعتادة للحراك ولم يتوقف أبدا، حتى أثناء الحجر الصحي.
وحددت في مقابلة مع صحيفة "الوطن"، أنه يتم تسجيل "ذروة" عامة فيما يتعلق بالمواعيد النهائية التي تحددها السلطة بنفسها.
وبينت هذه المسألة بقولها إن ذروة الاعتقالات قد سجلت "وقت الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2019، ومرة أخرى أثناء الاستفتاء على تعديل الدستور في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والآن يتم مشاهدتها مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في 12 يونيو/حزيران 2021".
وتكافح الانتخابات التشريعية من أجل إثارة اهتمام الجزائريين وسط كل هذا القمع والفوضى.
ولفتت الخبيرة السياسية الى أن خيار السلطات هذا متناقض، لأن النظام يواجه نسبة اقتراع منخفضة جدا ومقاطعة وامتناعا عن التصويت.
وقالت: "سيكون لدى النظام فرص أكبر في جذب الناخبين من خلال تحرير وسائل الإعلام والسماح بالحريات الفردية بدلا من ملء السجون".