تشوه المقاومة الفلسطينية وتشيطنها.. لصالح من تعمل قناة العربية؟
تواصل قناة العربية السعودية هجمتها المنظمة المعادية للفلسطينيين والمساندة للرواية الصهيونية، حيث روجت العديد من الأخبار ضد المقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية.
آخر هذه الأخبار كان تقريرا بثته مطلع أبريل/نيسان 2021، بالتزامن مع الإفراج عن الأسير الفلسطيني منصور الشحاتيت من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وساقت قناة العربية أن أسرى حركة المقاومة الإسلامية حماس عذبوا الشحاتيت داخل السجون، بحجة حصول خلاف بينه وبين قائد الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار خلال أسره، وفق مزاعمها.
أن تكذب أكثر
من جهتها، كذبت أسرة الأسير المحرر مزاعم قناة العربية وروايتها، قائلة في بيان لها "إنها قناة معروفة بالفتن وتحريف الأمور لصالح الاحتلال، وأن الكيان الصهيوني يتحمل المسؤولية الكاملة عما حصل للأسير منصور داخل السجون"، محذرة من حرف البوصلة عن الاحتلال.
وكشفت والدة الأسير الشحاتيت، ردا على ما أوردته العربية في تقريرها، أن ابنها تعرض خلال التحقيق في سجون الاحتلال إلى تعذيب قاس وضرب شديد، الأمر الذي أدى إلى إصابته باضطراب في القلب وعدم انتظام دقاته وضيق في التنفس نتيجة العزل لفترة طويلة.
ورغم خروج الأسير منصور الشحاتيت بجسد هزيل فاقدا للذاكرة مع علة ذهنية بعد 17 عام من العزل الانفرادي والتعذيب في السجون الإسرائيلية، عجز بعدها عن التعرف على أهله، لم تتردد القناة في تحويل حالته الإنسانية إلى مادة إعلامية تهاجم من خلالها المقاومة وتشيطنها، وهو ما رآه الفلسطينيون محاولة لتبرئة الاحتلال من جرائمه بحق الأسرى.
وطالبت الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس كافة الجهات المعنية بملاحقة قناة العربية قانونيا وإعلاميا، وتجريمها أخلاقيا لاستغلالها معاناة شخص مريض من ضغط السجن وسياط السجان.
وأشارت في بيان لها إلى أن قيام العربية بهذا الفعل يأتي "من أجل ضرب اسم المقاومة اللامع الراسخ".
ومن جانبه، قال الإعلامي الفلسطيني إبراهيم الدلول في حديث لـ "الاستقلال" إن سياسة قناة العربية الإعلامية تجاه القضية الفلسطينية ليست مهنية وتفتقر لأدنى معايير الشفافية والإنصاف، حيث باتت تصطف بشكل واضح وفج لجانب الرواية الإسرائيلية الرسمية والإعلامية.
وتابع: "حتى الحياد لم تعد تلتزم به هذه القناة رغم أن الدور المرتقب من الإعلام العربي هو نصرة القضية وكشف الجرائم الدموية للاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، وليس تبرئته منها كما هو حاصل حاليا مع قناة العربية".
وأضاف "مع طرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب صفقة القرن بات واضحا أن قناة العربية تلقت تعليمات بتسويق الصفقة والتمهيد للتطبيع، وهو ما لوحظ من خطها التحريري الذي انحدر إلى بث أفلام وثائقية تدعم الرواية الصهيونية لقيام دولة الاحتلال ومهاجمة المقاومة الفلسطينية إعلاميا وشيطنتها وتسليط الضوء على علاقتها بإيران".
وكذلك عملت على التسويق لاتفاقيات التطبيع من خلال تغطيتها الإعلامية واستضافة خبراء اقتصاديين ليتحدثوا عن حجم النهضة الاقتصادية المزعومة للدول المطبعة بعد هذه الاتفاقيات.
وأكد الدلول أن الواجب المهني والوطني يحتم على كافة الصحفيين الفلسطينيين عدم التعاون الإعلامي معها، مشددا على أن هناك دورا شعبيا مرتقبا ومهما بمقاطعة القناة عبر التلفاز ومنصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ومعاملتها معاملة الإعلام العبري.
محاربة المقاومة
وتكثف قناة العربية منذ سنوات من دعايتها ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، وبالأخص كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في فلسطين، حيث تصفه بأنه "تنظيم إرهابي تابع لإيران".واتهمت قناة العربية في اغسطس/آب 2020، كتائب القسام بشراء "المخدرات" و"غسل الأموال" في تقرير لها، حول ما أسمته بـ"عصر إرهاب البيتكوين".
تناولت القناة في التقرير لجوء الكتائب إلى العملة الرقمية المشفرة في الحصول على التمويل والدعم، مشيرة إلى تصنيف القسام "منظمة إرهابية" لدى حكومات غربية.
وادعت العربية في يوليو/تموز 2020 هروب قائد في القوة البحرية التابعة لحركة حماس وبحوزته وثائق خاصة بالحركة، بعد اكتشاف تجسسه عليها من عام 2009.
وادعت القناة اعتقال وزارة الداخلية 16 عنصرا، أغلبهم من كتائب عزالدين القسام، بتهمة التعامل والتخابر مع إسرائيل، وهو الأمر الذي فندته الداخلية في غزة مباشرة مؤكدة أنها اخبار مضللة وأن من ينشرها يروج للشائعات والأكاذيب.
وعقب التقرير قررت وزارة في غزة منع قناتي "العربية" و"الحدث" السعوديتين من العمل في قطاع غزة، وذلك لضلوعهما فيما اعتبرته الوزارة "بث أخبار مفبركة تسيء للمقاومة الفلسطينية".
ولم تستهدف العربية المقاومة الفلسطينية فحسب، بل طالت سياستها جذور القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع مع الحركة الصهيونية.
إذ بثت القناة في يوليو/تموز 2018 - بالتزامن مع بدء ترامب الترويج لصفقة القرن - فيلما وثائقيا يروج للرواية الصهيونية، شرح ظروف نشأة دولة الاحتلال، متحدثا عما أسمته "نكبة اليهود" التي اضطرتهم لإقامة وطن لهم في فلسطين، وحل مسمى "ولادة إسرائيل" بدلا من النكبة الفلسطينية.
وبدوره، قال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، حازم قاسم إنه اتضح جليا دور قناة العربية الساعية لإثارة الفتن ونشر الأكاذيب ومحاولة إحداث حالات شقاق داخل الشعب الفلسطيني.
وأضاف في حديث لـ"الاستقلال" أن القناة "لم تترك فرصة إلا وبثت فيها دعايتها المناهضة للقضية وكان آخرها محاولة تبرئة الاحتلال من جرائمه تجاه الأسرى وبث الفتنة في صفوفهم وهو الأمر الذي تصدت له عائلة المجاهد الأسير المحرر منصور الشحاتيت التي كشفت زيف رواية العربية".
وأكد أن "الوعي العالي لدى الشعب الفلسطيني هو الكفيل بمحاربة سلوك قناة العربية وفضحها إعلاميا على المستوى الشعبي ومقاطعتها ومنعها من تحقيق أهدافها المشبوهة، كتشويه النضال الفلسطيني وروايته لصالح رواية الاحتلال، وتبرير وتمرير مسار التطبيع وكذلك تحميل الفلسطينيين بدل دولة الاحتلال مسؤولية المأساة التي يمر بها شعبنا".
غضب شعبي
وشدد قاسم على أن هذه السياسة الإعلامية المشبوهة المناهضة للمقاومة الفلسطينية تخدم وتلتقي مع هدف الاحتلال لتشويه المقاومة ونزع حاضنتها الشعبية.
وهو أمر تنفق عليه دولة الاحتلال ميزانيات ضخمة عبر كافة الوسائل الإعلامية ومع ذلك منيت بالفشل الذريع، حيث تثبت كل مواجهة حجم الحاضنة الشعبية للمقاومة والتفاف الشعب الفلسطيني حول مقاومته في معركة التحرر الوطني، وفق قوله.
وتصاحب كل هجمة إعلامية تنظمها قناة العربية ردة فعل شعبية غاضبة في الشارع الفلسطيني، كما حصل مؤخرا عقب نشر القناة تقريرها عن المحرر الشحاتيت.
وفي أولى ردات الفعل على التقرير، أعلن الصحفي الفلسطيني معتصم سقف الحيط إنهاء عمله مع قناة "العربية فلسطين"، التابعة لقناة العربية؛ احتجاجا على سياستها تجاه القضية الفلسطينية، على حد تعبيره.
وبدوره قال مدير الأخبار في قناة الأقصى المحلية شادي أبو صبحة في مقال نشره مؤخرا عبر صحيفة الرسالة، إن قناة العربية تلعب دورا مهما في تنفيذ مخططات نظام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سعيا وراء إضفاء شرعية على الاحتلال الصهيوني وتهيئة المنطقة لسيطرته.
وهو ما يشجعه على قتل الفلسطينيين وتعذيب الأسرى في سجونه، ومواصلة جرائمه ضد الإنسانية. وأكد أن العربية "مع كل جريمة يرتكبها الاحتلال تتبنى الرؤية الإسرائيلية، ومبرراتها الكاذبة لتبعد عنها الاتهام، وتحاول تشويه صورة المقاومة ".
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين غضبا تجاه قناة العربية عقب التقرير الأخير، حيث تصدر وسم (#العربية_أن_تكذب_أكثر).
لو كانت (قناة العربية) في زمن النبوة ما اجتمع المنافقون إلا فيها، ولا أُنفقت أموال بني قريظة إلا عليها قاطعوا قناة العربية وإحذفوها من التلفزيون .#العربية_أن_تكذب_أكثر #منصور_الشحاتيت pic.twitter.com/c2VM6nIulB
— ♤Sarah ♡p.s����✌ (@sara7fayez) April 10, 2021
وتستمر العبرية الوسخة في بث سمومها وأحقادها على فلسطين ومقاومتها.. وتقوم كما كل مرة بتبرئة الاحتلال من جرائمه بحق الأسرى والمقدسات.#العربية_أن_تكذب_أكثر #فريق_مجاهدون pic.twitter.com/CMz2s50ESd
— Yahya Abu Maslma✌����Gaza (@abu_maslma) April 9, 2021
وبدوره قال الناشط محمد السلطان "إن تآمر قناة العربية التابعة للسعودية ضد الأسرى والشعب الفلسطيني بما نشرته حول قضية الأسير المحرر الشحاتيت ليس أمرا جديدا، بل هو نهج مستمر منذ سنوات والفلسطينيون يدركون دور هذه القناة ببث السموم والانحياز للاحتلال".
وأوضح في حديث لـ "الاستقلال" أن ردة الفعل الشعبية كانت موحدة تجاه ما بثته القناة ضد الأسرى وتصدرت هاشتاغات مناهضة للقناة وسياستها عقب التقرير، كان أبرزها ( العربية أن تكذب أكثر – العبرية وليست العربية – عبرية ناطقة بالعربية).
وأكد أن الرأي العام بات يعرف جيدا أجندة قناة العربية وأهدافها؛ ولذلك تفشل في تمرير دعايتها كل مرة.