وسط تغول روسي.. ما أهداف تركيا من توثيق علاقاتها مع أوكرانيا؟
تحدث موقع "إيران ديبلوماسي" عن مساعي تركيا لإقامة علاقات مع أوكرانيا باعتبارها جارة لها، وتشابكات تلك العلاقة مع روسيا.
كما تطرق الموقع الفارسي، إلى التطور التكنولوجي التركي في استخدام الطائرات بدون طيار، وقيمتها المنخفضة إلى حد ما بالنسبة إلى تركيا.
وفي مقال نشره الموقع، قال "علي مفتح" طالب الدراسات الأوروبية في جامعة لوفان في بلجيكا: "تسعى تركيا منذ فترة إلى تعزيز تعاونها مع أوكرانيا، مع أخذ الأوضاع الحساسة لكييف في الوقت الحالي بالاعتبار".
وهنا يجب طرح هذا السؤال: ما الأهداف التي تسعى إليها أنقرة بالتقرب من كييف؟ ويرى الكاتب أن تطور التحالف بين تركيا وأوكرانيا شرق أوروبا يصاحبه دوافع عسكرية، سياسية، واقتصادية هامة بالنسبة لأنقرة.
عرض الأسلحة
ويقول الكاتب: "كانت تجربة سوريا بالنسبة لروسيا من خلال عرض الأسلحة والمعدات الحربية تجربة ناجحة، حيث تشتري الدول الأسلحة والمعدات الحربية بثقة أكبر عندما يتم تجربتها في ميدان الحرب".
وبالمثل، اعتبرت تركيا الأراضي الليبية، قرة باغ، وسوريا بمثابة امتحان واختارتها كعرض للطيارات بدون طيار. ومن اللافت للذكر أن في كل هذه الأراضي كانت توجد روسيا على الناحية الأخرى.
وكان قد شدد في النهاية وزير الدفاع البريطاني بن والاس في ديسمبر/كانون الأول 2020، على لزوم التعلم من خبرة الأتراك في استغلال قوة الطائرات بدون طيار من أجل عمليات تحديد الهوية، والجاسوسية، والتجسس، وكذلك العمليات العسكرية.
ويقال إن الولايات المتحدة بدأت في الاستفادة من خبرة تركيا من أجل تعليم جنودها ولكن ليس فقط في مجال حروب الطائرات بدون طيار التي قامت بها عند مواجهتها العسكرية مع روسيا، وفق الكاتب.
وذكر أن "هناك أسبابا كثيرة لنجاح صناعة الطائرات بدون طيار التركية. فعلى سبيل المثال، بسبب إنتاج كتلة من هذه الطائرات، فإن سعر طائرة بيرقدار نوع TB2 أقل من مليون دولار أو مليون دولار ونصف إلى نصف مليون فقط بالنسبة لتركيا، لذلك استغلت أنقرة هذه الصناعة".
ويجب القول ضمن ذلك أن الحروب الحالية غير المنظمة وعمل القوات نيابة عن استغلال الطائرات بدون طيار صار معقولا بالنسبة إلى الدول والجماعات العسكرية.
وسواء من ناحية التكلفة، أو من الناحية العسكرية، من الممكن للجماعات الصغيرة أن تصل إلى الطائرات دون طيار.
تجربة الطائرات بدون طيار والحرب الإلكترونية التركية زادت من جرأة أوكرانيا أمام روسيا، خاصة بعد هزيمة المعدات الحربية الروسية (التي اشترتها أرمينيا) واستعادة الأراضي الأذربيجانية المحتلة.
الطاقة والمصالح الاقتصادية
وأردف الكاتب: "بعد القرار الأخير المبني على إلغاء التأشيرات بين البلدين، أظهر وزير التجارة التركي (مصطفى ورانك) خلال رحلته إلى باكو أن حجم المبادلات الثنائية من الممكن أن يصل إلى 15 مليار دولار".
ووفقا للأخبار نفسها، أعلنت كييف اتفاق تركيا وأوكرانيا على زيادة حجم تجارتهما إلى 10 مليار دولار أي ضعف المقدار الحالي".
وكذلك أعلنت كييف عن رغبتها في وجود تركيا في مشروع البناء الكبير الذي يحتوي على 24 ألف كيلو متر من إنشاء الطرق. ومن المقرر أن يتم إبرام اتفاقية تجارة حرة بين البلدين هذا العام.
واستكمالا يجب أخذ دافع تركيا في تغيير مركز الطاقة في الاعتبار، وفق الكاتب. ويرى أن ذلك يأتي "على الرغم من أن أنقرة فشلت في سوريا، ولم تستطع تحقيق حلم اتصال أنابيب الطاقة الخاصة بالخليج العربي بتركيا عن طريق سوريا".
ولكن يجب القول أن أنقرة نجحت في دعم أذربيجان بالبترول الغني وكذلك في إتمام العمليات الاستكشافية في البحر المتوسط، وفق قوله.
في أواخر العام 2020، تحدث رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان عن اكتشاف مصادر غاز جديدة في البحر الأسود تبلغ 405 مليارات متر مكعب ويعد أكبر مخزن للغاز في تركيا حتى الآن.
وفي النهاية أجرت شركة نفتا الإسرائيلية مباحثات مع شركة البترول والغاز الأوكرانية من أجل التعاون في مجال اكتشاف والاستفادة من الغاز في البحر الأسود. لخبرة هذه الشركة العملية في البحر المتوسط تعد من المطالبين الرؤساء للتحالف مع أوكرانيا.
ومن ناحية تسعى الدول الساحلية الأخرى إلى تثبيت موقعها في هذا البحر. فعلى سبيل المثال، في شهر فبراير/شباط 2021 أبرمت شركة بترم الرومانية وشركة البترول والغاز الأوكرانية معاهدة تعاون في مجال اكتشاف الغاز في عمق البحر.
ويبدو أن تركيا تسعى إلى تعزيز التعاون مع أوكرانيا لكي ترفع من شأنها السياسي في هذا البحر أمام روسيا ومنافسيها الصغار، وكذلك زيادة المنفعة الاقتصادية في مجال الطاقة، وفقا لما ذكره الكاتب.
ويجب القول في هذا الشأن أنه من المقرر خلال شهر أبريل/نيسان 2021 التوقيع على اتفاقية مهمة لتطوير أسطول القوات البحرية بين أوكرانيا وتركيا.
وتابع: التعاون بين تركيا وأوكرانيا ليس مربحا للدولتين من الناحية الاقتصادية ومن حيث الطاقة فقط حيث إنه يزيد من القوة العسكرية والسياسية لكييف وأنقرة في مقابل روسيا التي تعد نظاما عسكريا للبحر الأسود.
زيادة واستمرارية وجود روسيا في الشرق الأوسط والبحر المتوسط بحاجة إلى وجود هذه الدولة في البحر الأسود، يقول الكاتب.
فبعد عام ونصف من ضم القرم الأوكرانية إلى أرضها دخلت روسيا إلى سوريا. ويبدو أن وجودها في البحر المتوسط في الحقيقة هو وزن مقابل لتوسع وجود حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة في شرق أوروبا.
وخلال هذه الأثناء، تعلم تركيا جيدا أن روسيا تريد تحسين وتقريب العلاقات بينهما من أجل الوصول إلى مضيق البوسفور والدردنيل والعبور إلى البحر المتوسط بدون مشاكل، وربما يوضح هذا الأمر أحد أسباب عدم صرامة موسكو أمام تدخل أنقرة في حرب قره باغ الأخيرة.
واختتم الكاتب مقاله قائلا: يبدو أن تركيا تسعى إلى إقامة علاقات وتحالفات مع أوكرانيا أكثر من ذي قبل.
يرجع هذا إلى أن أوكرانيا ليست جارة لتركيا فقط ومكانا لوجود قوى مختلفة، ومن هنا دخلت أنقرة اللعبة كي تؤدي دورها بمهارة في تحقيق خطتها القديمة كواسطة أو موازنة أو من الأفضل أن نقول سلطة في المنطقة باصطحاب حلم العالمية.