"تطويق كامل".. مركز تركي يعرض إستراتيجية أميركا لمحاصرة الصين

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على التطورات الأخيرة في الشرق الأقصى والإستراتيجية التي تطبقها الولايات المتحدة الأميركية لـ"حصار" الصين في ظل صراع عالمي بين القوى العظمى.

ونشر مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات"، مقالا للكاتب جينك تامير، قال فيه إن "قيام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأول زيارة له إلى اليابان وكوريا الجنوبية في المنطقة حول الصين، تظهر مدى إصرار الولايات المتحدة على تنفيذ إستراتيجيتها لحصار بكين، وقد أخذت بالفعل بعدا جديدا".

وتابع موضحا: "فبعد كل شيء ترغب الولايات المتحدة في عزل الصين عن المنطقة، وسجنها داخل حدودها وكسرها من الداخل، وبعبارة أخرى، تتبع إدارة البيت الأبيض إستراتيجية تحاصر فيها الصين من الخارج وتدمرها من الداخل".

تطويق كامل

وأشار تامير إلى أنه "وبينما تعمل الولايات المتحدة على تعميق علاقات التحالف مع الهند واليابان وأستراليا في المنطقة من ناحية، تركز على القضايا الداخلية مثل شينغيانغ والتبت وهونغ كونغ وتايوان، والتي يمكننا وصفها بالنقاط الحساسة لبكين من ناحية أخرى، لتنفيذ هذه الإستراتيجية". 

وأضاف أن "تأكيد واشنطن على الديمقراطية وحقوق الإنسان في سياساتها الإقليمية وتحديدها إستراتيجيتها بالعمل من أجل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ، مهم جدا، وقد اجتمع قادة المجموعة الرباعية (QUAD) المكونة من أميركا والهند واليابان وأستراليا معا لأول مرة على منصة عبر الإنترنت وشكلوا بالفعل تحالفا رباعيا ضد الصين".

وتزداد المنافسة العالمية عمقا بين الولايات المتحدة والصين وتصبح متعددة الأبعاد، وهنا من المفيد الحديث عن أهم قضايا الاختلاف والصراع على خط واشنطن-بكين.

فقبل كل شيء تعتبر مسألة الحروب التجارية التي ورثتها أميركا عن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، أول وأهم التحديات التي ستواجهها إدارة بايدن في العلاقات مع الصين، بحسب الكاتب التركي.

وأردف قائلا: "يمكن القول إن بايدن سيعمل على تنفيذ إستراتيجية الحصار الاقتصادي لبكين لقمع الصين اقتصاديا والضغط عليها بالتعاون مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، واللواتي تعتبرن من بين أكبر الاقتصادات في العالم، وتحمل زيارات بلنكين إلى سيول وطوكيو أهمية كبيرة في هذا الصدد".

وقد تحول التشكيل "الرباعي" الذي أطلقته الولايات المتحدة باسم "الحوار الأمني" إلى إستراتيجية لتطويق وحصار الصين سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

ومع ذلك، فإن الاستثمارات الاقتصادية التي تقوم بها أميركا في شبه جزيرة الهند الصينية ودول جنوب شرق آسيا، تتخلف كثيرا عن الاستثمارات الصينية التي تمت بالمنطقة في نطاق مبادرة "الحزام والطريق".

لهذا، تريد الولايات المتحدة أن تكون الهند واليابان أكثر نشاطا في شبه جزيرة الهند الصينية ودول جنوب شرق آسيا، أي في المنطقة القريبة من الصين.

واستدرك الكاتب: "هناك قضية مهمة أخرى تصعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين تتعلق ببحر الصين الجنوبي، فقد رافق وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بلينكن في زياراته إلى سيول وطوكيو، ووفقا للخبراء، ستكون التوترات في بحر الصين الجنوبي أهم قضية سيتناولها كل من بلنكين وأوستن مع حلفائهم خلال رحلاتهم إلى الشرق الأقصى".

وشرح ذلك بالقول: "ذلك لأن ادعاء الصين سيادتها على الخطوط التسعة في البحار المذكورة، وتحويلها العديد من الجزر في المنطقة إلى قواعد عسكرية، ودخول قوات البحرية وخفر السواحل الصينية في تقارب خطير مع فيتنام والفلبين وتعريض أمن الملاحة البحرية للخطر، كل ذلك يرفع من تصور التهديد الذي تشكله الصين بالنسبة للولايات المتحدة".

حرب باردة جديدة

واستطرد تامير: "أما في التطورات الأخيرة، فقد أدى اقتراب سفن خفر السواحل الصينية من جزر سينكاكو المتنازع عليها إلى رفع التهديد الأمني ​​الذي تتصوره اليابان والولايات المتحدة من الصين إلى الذروة، وبسبب كل هذه المخاوف، قررت البنتاغون إنشاء مظلة أمنية شبيهة بحلف الناتو من خلال التحالف الرباعي في المحيطين الهندي والهادئ".

ويبرز ضغط الصين المتزايد على فيتنام ولاوس وكمبوديا وميانمار كسبب آخر مهم لينتقل الوفد الأميركي الدبلوماسي والعسكري رفيع المستوى إلى اليابان وكوريا الجنوبية.

وتعد فيتنام إحدى الدول التي تحاول الصين الوصول لحل دبلوماسي بشأنها بسبب التوترات في بحر الصين الجنوبي، وبالمثل، تعد لاوس وكمبوديا في شبه جزيرة الهند الصينية من بين الدول التي استثمرت فيها الصين بشكل كبير في نطاق مبادرة "الحزام والطريق".

من ناحية أخرى، أصبحت ميانمار جزءا مهما من محور القوة الذي أنشأته الصين في المنطقة من خلال أنظمة الوصاية العسكرية أو الدول المعادية للديمقراطية.

وتعاني الولايات المتحدة في الوقت الحالي، قلقا كبيرا بشأن كوريا الشمالية وعلاقاتها مع الصين، وقد زاد انضمام ميانمار إليها الطين بلة، حسب وصف الكاتب تامير.

وباختصار، تشكل ميانمار وكوريا الشمالية "عقبة رئيسة" أمام الولايات المتحدة للوصول إلى منطقة "حرة ومفتوحة" في المحيطين الهندي والهادئ. 

ويشكل الهدف الإستراتيجي الآخر لزيارة كبار المسؤولين الأميركيين لليابان وكوريا الجنوبية في ضرب الصين بدينامياتها الداخلية من خلال "إثارة خطاب" الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.

وقد قال بلنكين، الذي أدلى ببيان حول الاتصالات المذكورة، "عندما تتصرف الصين بشكل قمعي وعدواني للحصول على ما تريد، سنضع حدا لذلك إذا لزم الأمر"، يقول الكاتب التركي.

وأضاف: "وقد أدى محاولات الولايات المتحدة فتح قنصلية في التبت ومطالبها بانتخاب الدلاي لاما، ومطالبها الديمقراطية على هونغ كونغ وعقوباتها على الصين، وادعاءات إدارة البيت الأبيض حول الإبادة الجماعية للصين في شينغيانغ والمساعدات العسكرية المتزايدة من البنتاغون لتايوان، إلى رفع التوتر بين واشنطن وبكين إلى مستوى حرج".

فيما صرح المتحدث باسم الخارجية الصينية، تساو ليسين، قائلا: إن "البيان الأميركي الياباني المشترك يهاجم بخبث السياسة الخارجية للصين ويتدخل في شؤوننا الداخلية بشكل خطير وعبثا يضر بمصالح الصين"، ويكشف هذا البيان أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين "قد تطورت إلى استقطاب عالمي". يلفت الكاتب. 

وختم تامير مقاله بالقول: "لقد فتح الباب على مصراعيه في النظام العالمي، أمام فترة من الحرب الباردة الجديدة، وأصبح الهيكل الدولي ينقسم إلى قطبين بشكل تدريجي، ويذكر التحالف الرباعي للولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا الاستقطاب والائتلافات التي حدثت قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية".