يحرض مليشيا حفتر.. هكذا شكك إعلام السيسي في شرعية انتخابات ليبيا

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سنوات من الحرب والكر والفر شهدتها الأراضي الليبية، أوقعت قتلى من أبناء الشعب الواحد، ودمرت العديد من المدن والقرى، حتى بدأت إرهاصات صلح منتظر، تتجاوز صيحات الحرب.

في 5 فبراير/ شباط 2021، أسفر تصويت أجراه أعضاء ملتقى الحوار الليبي، برعاية أممية في جنيف بسويسرا، عن فوز قائمة تضم عبد الحميد دبيبة رئيسا للوزراء، ومحمد يونس المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي.

السلطة التنفيذية الجديدة مهمتها الرئيسة إدارة شؤون البلاد مؤقتا، حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وسط ترحيب أممي وإقليمي ظاهر للعيان، أما ما وراء الكواليس فتبعثه رسائل إعلامية تابعة لأنظمة لا يروقها الوضع القائم في ليبيا، ولا مخرجات ملتقى حوار جنيف.

ظهر ذلك داخل أروقة منظومة إعلام رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، حيث عبرت الأذرع الإعلامية التابعة لجهاز الاستخبارات المصرية عن امتعاضهم، وبثوا رسائل غضب وتحريض، حتى وصل الأمر ببعضهم لتحريض مليشيا اللواء الانقلابي خليفة حفتر المدعومة من مصر والإمارات لإشعال فتيل الحرب مرة أخرى في ليبيا.

رفض ووقيعة 

الصحفي المقرب من أجهزة الاستخبارات مصطفى بكري، وصف انتخابات السلطة التنفيذية الليبية الجديدة بـ "المؤامرة"، وغرد يوم 5 فبراير/ شباط 2021، عبر حسابه بتويتر، قائلا: "لا تنسوا أن الجيش الليبي (جيش حفتر) لن يسمح بتمرير المؤامرة ، هذه مؤامرة هدفها إطالة أمد الإرهاب على أرض ليبيا".

ووصف بكري الانتخابات بـ"الوهمية والغير شرعية" مضيفا أنها "مؤامرة إخوانية تركية دولية، تستهدف الجيش الوطني الليبي وقائده المشير خليفة".

  أما عمرو أديب، فتجنب خلال حلقته على قناة "mbc" يوم 6 فبراير/ شباط 2021، أن يطلق عليها "انتخابات" قائلا: "تم الوصول إلى قيادة جديدة لليبيا"، ووصف أفراد تلك القيادة بـ "غير المتوقعين".

وتساءل أديب عن مدى علاقتهم بـ "تركيا والإخوان؟ وهل هذا الأمر جيد بالنسبة إلى مصر؟"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الجديد عبد الحميد دبيبة، يمتلك علاقات جيدة بأنقرة.

وفي 7 فبراير/ شباط 2021، استضاف الإعلامي نشأت الديهي، عبر قناة "TeN" الممولة من الإمارات، الشيخ السنوسي الحليق، نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية، الموالي لحفتر، والمتورط في مذابح ترهونة.

الحليق قال للديهي: "لا يوجد في ليبيا غير الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر" مستنكرا وجود القوات الحكومية التي نجحت في هزيمة مليشيات حفتر وطرده من غرب ليبيا حتى خط سرت والجفرة قبل أشهر.

وعلى قناة "ON" شككت الإعلامية لميس الحديدي في قدرة الفريق الجديد للسلطة الليبية على تفكيك المليشيات، وإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل، قائلة: "خاصة أنهم أكثر قربا للنظام التركي".

وهاجمت الحديدي أنقرة ودعمها القوي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، وتساءلت عن "ثمن الخروج التركي من ليبيا".

سر الغضب

قلق وامتعاض إعلام السيسي، من نتائج الانتخابات، قد يعود لمجموعة من الأسباب على رأسها العلاقة الودية التي تجمع رئيس الوزراء الجديد عبد الحميد دبيبة، بأنقرة، وهو ما عبر عنه دبيبة يوم 7 فبراير/ شباط 2021 في لقاءه مع وكالة الأناضول التركية، بقوله: "حكومتنا ستتضامن مع تركيا الصديقة والحليفة".

وأضاف: "تركيا فرضت وضعها ووجودها في العالم وليس في ليبيا فقط، وهي الدولة الوحيدة التي استطاع الليبيون الذهاب إليها بحرية خلال فترة الحرب".

ودبيبة ابن مدينة مصراتة التي تعتبر معقل الثورة الليبية، ويحظى بدعم قبائل الغرب، التي تحمل للسيسي العداء بسبب دعمه لمليشيات حفتر.

الصحفي الليبي عمر الحاسي، قال لـ"الاستقلال": "هؤلاء هم الأذرع الإعلامية لنظام السيسي وهم لا يتحدثون من بنات أفكارهم، بل هم لسان السلطة، والمعبر عن موقفها الحقيقي".

مضيفا: "سياسيا رأينا السيسي ووزارة خارجيته تعلن ترحيبها بنتائج مؤتمر جنيف، وانتخابات السلطة التنفيذية، لكن الحقيقة أن النتائج لم تعجبهم وخسارة كثير من الرموز السياسية الموالية لمصر والإمارات وعلى رأسهم عقيلة صالح أقلقهم وحفزهم ضد الوضع برمته، لا سيما مع نجاح قائمة عبد الحميد دبيبة،  حيث ترى مصر والإمارات أنه محور على علاقة وطيدة بتركيا".

وأضاف الحاسي: "الخطر الحقيقي أن ليبيا الآن تمر بمرحلة عنق زجاجة، والسلطة التنفيذية أمامها مرحلة انتقالية يجب أن تنجزها لإقامة مؤسسات الدولة، لكن يبدو أن بعض الأطراف الإقليمية لن تقف مكتوفة الأيدي"

ويتوقع الحاسي أن تقوم هذه الأطراف كما في السابق "بتحريض جيش حفتر، وإشعال الأوضاع، وسيعودون لمؤامرات 2014، حيث بدأت الحرب الأهلية في ليبيا، فهي أطراف تمرست على المؤامرات والانقلابات العسكرية، ولا تعترف بدستور ولا انتخابات، كما فعلوا في بلادهم، وبنفس التحريض من أولئك الإعلاميين".

وأردف: "الآن عادوا إلى الحديث عن المرتزقة وعن الجيش الليبي مرة أخرى، وبعد إجراءات انتخابية حظيت بموافقة وشهادة العالم، ولم يذكروا وجود آلاف المرتزقة من غرب السودان وتشاد وتنزانيا، بالإضافة إلى وحدات فاغنر الروسية، وجميعهم يقاتلون إلى جانب حفتر".

وسائل الإعلام هذه تجاهلت أيضا الحديث عن ميلشيا الكاني التي شاركت في حصار طرابلس وارتكبت المذابح في ترهونة وقصر بن غشير، وضربت سيارات الإسعاف والمستشفيات في ظل جائحة كورونا، كل ذلك تغافله إعلام النظام في مصر، ويحرض للعودة إلى المربع صفر مرة أخرى، وشعب ليبيا يدفع وحده الثمن غاليا، وفق الحاسي.

"محور الشر"

ومنذ اندلاع الثورة الليبية في 17 فبراير/ شباط 2011، عمل "محور الشر" المضاد لثورات الربيع العربي والذي ضم مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل، على تقويض نتائجها.

لعب السيسي الدور الأبرز في إفشال العملية الديمقراطية الليبية، وساهم مع الإمارات في إشعال الأوضاع داخل أراضي الجارة الغربية، وتعميق الانقسام، وصولا إلى الحرب الدائرة بين الأطراف المتنازعة.

أبرز نقطة في هذا التدخل الفج جاءت مساء الخميس 4 أبريل/ نيسان 2019، حينما أطلق حفتر، ما أسماه "عملية الكرامة" لتحرير طرابلس، لتبدأ قواته المتمركزة في شرق ليبيا، هجوما كاسحا على العاصمة، والسيطرة على الحاجز العسكري المعروف باسم (كوبري 27)، الذي يقع على بعد 27 كم، من البوابة الغربية للعاصمة.

بعدها بدأت قوات حكومة الوفاق الوطني بدعم من الفصائل المسلحة التصدي والصمود أمام هجوم حفتر، حتى جاء المدد التركي بعد ذلك وساهم في إيقاف النزيف، وإعادة الكرة ضد مليشيات حفتر الذي تراجع إلى خط سرت الجفرة في يونيو/ حزيران 2020، ومع تلك الهزائم بدأت مرحلة جديدة قائمة على المفاوضات والمواءمات.