"استثمارات غير مرئية".. لوموند: الإمارات تنافس فرنسا في السنغال

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، عن تضاعف الاستثمارات الإماراتية في السنغال، من خلال اهتمام أبوظبي المتزايد بالقارة السمراء في السنوات الأخيرة، كما يتضح من مشروع "ميناء ندايان للمياه العميقة" الذي تديره مجموعة "موانئ دبي العالمية".

وقالت الصحيفة، إن مجموعة "موانئ دبي العالمية" الإماراتية تستثمر أكثر من 840 مليون دولار لاستكمال المرحلة الأولى من ميناء ندايان للمياه العميقة على بعد 70 كيلومترا من العاصمة داكار. 

وأضافت أنه "تم التوقيع على اتفاقية إنشاء هذا الميناء والمنطقة الاقتصادية الخاصة به على مساحة 1200 هكتار نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، مع ثالث أكبر مشغل للموانئ في العالم". 

وفي السياق، قال الرئيس ماكي سال إن المشروع يجسد "أكبر استثمار خاص في تاريخ السّنغال".

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا المشروع الطموح يعكس رغبة البلاد في تنويع شركائها الأجانب"، إذ قال الأستاذ الباحث في وحدة تحليل البحوث الاقتصادية والمالية خادم بامبا دياني: "لقد عملنا كثيرا مع فرنسا والغرب، لجأنا أيضا إلى الصين عام 2000، ثم إلى تركيا والآن الشرق الأوسط".

وذكرت الصحيفة أنه "مع 43 بالمئة من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر، تظل فرنسا المستثمر الرئيس في البلاد، لكن ثقلها يتقلص في مواجهة هؤلاء الوافدين الجدد".

فيما اعتبر الخبير الاقتصادي دياني أن "مضاعفة الشركاء الماليين يسمح للسنغال بتقدير العروض والاختيار وفقا لمصالحها الخاصة".

من جانبه، أراد رئيس الدولة ماكي سال أن يطمئن نفسه بشأن الآثار المترتبة على سيادة هذا الاستثمار غير المسبوق، وشدد على أن السنغال "ستكون مساهما في الشركة، صاحبة الامتياز، كما هو الحال الآن بالنسبة للطرق السريعة"، بحسب "لوموند".

نفط ينضب

وتعود الشراكة مع الإمارات إلى عام 2008، عندما تم اختيار "موانئ دبي العالمية" لإدارة ميناء داكار المُستقل.

وأشار سفير الإمارات في السنغال، علي سلطان راشد الحربي، إلى أنه "تم خلق 500 فرصة عمل دائمة يشغلها السنغاليون بشكل أساسي، وإجمالا، تم تعبئة 125 مليار فرنك إفريقي (190.5 مليون يورو)، لشراء مواد ومعدات عالية القيمة، ولتعزيز تنافسية داكار في غرب إفريقيا".

ومن المفترض أن يُخفف الميناء المستقبلي، الازدحام في العاصمة السنغالية ويسمح بنقل حركة مرور الشاحنات إلى مالي، الدولة التي تعتمد في وارداتها على داكار.

ومع هذه المحطة، تهدف السنغال إلى أن تصبح "مركزا لوجستيا دوليا"، ولتحقيق ذلك، فهي تعتمد على خبرة الإمارات، وهي "همزة وصل حقيقية بين إفريقيا وآسيا"، وفق الصحيفة الفرنسية.

وقد انضمت داكار إلى مبادرة "جواز السفر اللوجستي العالمي" (Global Logistics Passport)، بقيادة دبي، والتي يتمثل هدفها المعلن منذ إطلاقها عام 2019، في تعزيز التجارة البينية في مناطق الجنوب عبر ربط مناطق الشحن.

لكن المشاريع الإماراتية لا تقتصر على البنية التحتية للموانئ، كما أنها لا تقتصر على السنغال، فقد أظهرت الإمارات، التي توجد في نيجيريا وأنغولا ورواندا وجيبوتي، اهتماما متزايدا بالقارة لعدة سنوات.

وقال الخبير الاقتصادي، دياني: إن "آبار النفط آخذة في الجفاف، ودول الشرق الأوسط تبحث عن فرص مثل إفريقيا لتحويل المواد الخام، فيما السنغال كدولة مستقرة سياسيا واقتصاديا، تعمل على ترسيخ نفسها كبوابة للقارة". 

وقال السفير الإماراتي الحربي عن ذلك أن "القوى العاملة مؤهلة وغير مكلفة، والإطار الإداري ومناخ الأعمال مطمئنون، وقد تم توقيع اتفاقيات تعاون بين البلدين مثل عدم الازدواج الضريبي على الدخل".

بالإضافة إلى ذلك، هناك إعفاء من التأشيرة والرحلات الأسبوعية الخمس التي توفرها شركة طيران الإمارات، المستقرة في السنغال منذ 2010.

ويواصل الدبلوماسي في ذات السياق أن "هذا الخط له مساهمة في التجارة، قدرت بنحو 625 مليون دولار عام 2019 بين بلدينا، مقابل 115 مليون في 2012 ".

استثمارات غير مرئية

وحرصا على الاستفادة من هذا الاهتمام، ذهب الرئيس سال للقاء رجال الأعمال الإماراتيين خلال زيارته إلى دبي في فبراير/شباط 2020.

وقال السفير الحربي عن ذلك أنه قد “تم إجراء اتصالات في مجالات الفنادق والنقل الجوي، وما زلنا في المرحلة الأولى من المفاوضات"، دون مزيد من التوضيحات. 

وفي قطاع آخر، أنشأت الشركة الإماراتية الخاصة "زوارق حديثة" Pirogues Modernesفي السنغال لإنتاج القوارب المصنوعة من الألياف الزجاجية.

ولفتت "لوموند" إلى أن "صندوق خليفة لتطوير الأعمال الإماراتي يساعد في تمويل العديد من مشاريع البنية التحتية، مثل بناء طريق وطني على طول وادي نهر السنغال". 

في بداية 2020، قام الصندوق أيضا بتمويل مركز حاضن للشركات الناشئة في داكار بمبلغ 20 مليون دولار.

وأكد لمين با، مدير مناخ الأعمال في (آبيكس) Apix، الوكالة الوطنية المسؤولة عن تشجيع الاستثمار والأعمال الكبرى في السنغال، أن "الاستثمارات الإماراتية ليست مرئية دائما". 

ويحلل الخبير ذلك بقوله أنه "غالبا ما تستثمر دول الشرق الأوسط في قطاعات ذات الامتيازات الإستراتيجية، أو الزراعة أو العقارات"، من خلال صناديق الاستثمار.

وذكر أن "الإمارات تستند على ذلك من خلال شركة Expresso السنغالية للاتصالات، التي يقع مقر شركتها الاستثمارية الفرعية في دبي". 

وكشف "با" أن "الإمارات موجودة أيضا من خلال البنوك المغربية أو شركات التأمين، حيث لا نشك في وجودها".

فيما قالت الصحيفة الفرنسية: إنه "وللمضي قدما، يمكن للإمارات أن تتموضع في مشروعين لاستغلال النفط والغاز قيد التطوير في السنغال، ومن المتوقع أن يدخلا الإنتاج التجاري عام 2023". 

وختمت "لوموند" تقريرها بالقول: إن "الخبير الاقتصادي دياني يُراهن أيضا على إنشاء مرتقب لبنوك مقرها دبي لاحتواء طائلة هذه الاستثمارات في السنغال، إذا استمرت في الزيادة".