يوري موسيفيني.. رئيس يحكم أوغندا منذ 35 عاما ويعد ابنه للتوريث
سلطت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية الضوء على فوز الرئيس الحالي في أوغندا يوري موسيفيني، بولاية جديدة هي السادسة منذ توليه الحكم، وسط أجواء مشحونة بعد رفض المعارضة نتائج الانتخابات.
وقالت الصحيفة، إن "35 عاما لم تكف لإرواء تعطش موسيفيني للسلطة، وكما كان متوقعا، فاز بولاية سادسة بعد أن نفذ قمعا شرسا للمعارضة مستفيدا من موافقة البرلمان (يتمتع حزبه "حركة المقاومة الوطنية" بالأغلبية داخله) على إجراء تعديلين للدستور".
وألغى التعديل الدستوري الأول تحديد فترات الرئاسة، وأقر الثاني إلغاء الحد الأقصى لسن الترشح، بعدما كان لا يسمح لمن تجاوز سنهم 75 عاما الترشح للانتخابات الرئاسية.
من النضال للقمع
ولد موسيفيني عام 1944 ويبلغ من العمر 76 عاما، وبعد أن شارك بنشاط في النضال من أجل تحرير البلاد من حكم دكتاتوريين هما، عيدي أمين عام 1979 وميلتون أوبوتي عام 1985، يتولى السلطة في البلاد منذ 29 يناير/كانون الثاني 1986.
وبفوزه في الانتخابات الأخيرة، سيظل في منصبه حتى عام 2026 إلى أن يبلغ من العمر 81 عاما، محكما قبضته بذلك على السلطة لمدة أربعين سنة.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن "الشائعات تتزايد، داخل البلاد وخارجها، حول استعداده لتوريث ابنه الحكم".
وفي هذا الصدد، عنونت صحيفة "ديلي نيشن" الكينية، في صفحتها الخاصة بالانتخابات الأوغندية أن هناك "مصادر موثوقة تؤكد أن الرئيس يُعد ابنه ليحل محله في الزعامة".
وتجدر الإشارة إلى أن توريث الحكم حدث بالفعل في المنطقة تحديدا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عندما خلف الرئيس "جوزيف كابيلا" والده، ''لوران ديزيريه كابيلا،'' الذي تم اغتياله.
وبحسب الصحيفة الإيطالية، تبرهن حياة موسيفيني السياسية أمرا بات شائعا في إفريقيا، لمناضل من أجل الحرية تحول إلى مستبد.
وقد أُعلن عن فوز موسيفيني بنسبة 58.6 بالمئة من الأصوات، على إثر حملة انتخابية اتسمت بانتهاكات خطيرة للغاية، على غرار التهديدات ضد المعارضين واعتقالهم لمرات عدة (كان هناك عشرات المرشحين للرئاسة)، بالإضافة إلى استهداف الصحفيين والإعلاميين، وتنفيذ رقابة صارمة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أسفر القمع العنيف الذي شنته قوات الأمن ضد المسيرات التي نظمتها المعارضة عن مقتل ما لا يقل عن 54 شخصا.
من جهتها، بررت السلطات الحملات الأمنية بالضرورية لتجنب التجمعات في إطار الوقاية من خطر جائحة كورونا، في المقابل، اشتكت المعارضة من أن الإجراءات المتخذة لاحتواء الفيروس، كانت بهدف التضييق على إجراء الحملات الانتخابية.
مهزلة انتخابية
وأردفت الصحيفة أن أكبر وأشهر مرشح معارض، الموسيقي والبرلماني روبرت كياغولاني، المعروف باسمه المسرحي ''بوبي واين''، حصل على 34.83 بالمئة من أصوات الناخبين، وقد اعترض على النتائج قبل نهاية فرز الأصوات، منددا بأنها شهدت تزويرا واسعا.
من جانبه، رد رئيس لجنة الانتخابات علانية بأن على المدعي إثبات ذلك، مؤكدا على حسن سير عملية التصويت.
وعلى إثر الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات 14 يناير/كانون الثاني الجاري، بينما حاصرت قوات الأمن منزل كياغولاني، وأجبرته على الإقامة الجبرية مع عائلته، نزل أنصار المعارض الأوغندي إلى شوارع بعض ضواحي العاصمة كامبالا.
وبحسب ما ورد من أنباء، قُتل شخصان على الأقل في الاشتباكات مع الشرطة واعتقل 23، لكن المعلومات الواردة من البلاد تصل متأخرة وبطريقة محدودة بسبب قطع وسائل التواصل الاجتماعي وندرة وجود الصحفيين خاصة الأجانب منهم، وفق الصحيفة الإيطالية.
وفي مؤتمر صحفي أقيم الأحد 17 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلن 'ماثياس مبوغا'، المتحدث باسم حزب بوبي واين، حزب الوحدة الوطنية، عن "اتخاذ جميع السبل القانونية الممكنة للطعن في هذا التزوير".
وذكرت الصحيفة الإيطالية أن "العملية الانتخابية جرت دون مراقبين رسميين، وسُمح فقط بوجود مراقبي الاتحاد الإفريقي الذين وصلوا إلى البلاد في اليوم السابق للتصويت وتمكنوا فقط من مراقبة أقسام العاصمة والمناطق المحيطة بها مباشرة. وذكروا في أحد بياناتهم، أن مهمتهم تضامنية أكثر من كونها مراقبة الانتخابات".
بينما تمكنت مجموعة إفريقية تنتمي إلى المجتمع المدني متخصصة في مراقبة الانتخابات بالقارة، من نشر ما لا يقل عن 2000 مراقب، جميعهم أوغنديين، أبلغوا عن حدوث تجاوزات، فيما دعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إجراء تحقيق مستقل.
بدوره، اعتبر مرشح المعارضة الرئيس في الانتخابات الأربعة السابقة، كيزا بيسيجي، أن "العملية برمتها ليست أكثر من مجرد مهزلة، ولا يعد موسيفيني فيها مرشحا عاديا وبالتالي لا يمكن الإطاحة به بالتصويت"، وفق رأيه.
وفور إعلان فوزه، ألقى موسيفيني أول خطاب شديد اللهجة مرتديا سترة عسكرية، مما يشير إلى استيائه من تهم التزوير، ووعد بأنه لن يسمح بأي نوع من الاحتجاج الشعبي.
كما دافع -موسيفيني- عن نزاهة العملية الانتخابية التي جرت باستخدام آلات التصويت البيومترية متهما "واين" بالطائفية، مشيرا أن النتائج التي سجلها المغني في منطقة بوغندا التي ينحدر منها تؤكد ذلك.
وختمت الصحيفة الإيطالية تقريرها بالقول: إن "بوبي واين مرشح يمثل الشباب (75 من مجموع السكان)، وعلى الأرجح سيبقى كذلك"، والعلامات على التجديد القادم منهم بدأت في الظهور".