صحيفة إسبانية: الناس في سوريا يفضلون الموت بسبب تفشي كورونا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "إلموندو" الإسبانية: "إن مناطق شمال غرب سوريا تمكنت من التحصن من الموجة الأولى لفيروس كورونا، لكنها الآن تواجه انتشارا للوباء، خرج عن نطاق السيطرة". 

ونقلت "الصحيفة" أنه حول مخيمات اللاجئين في هذه المنطقة، يمكن ملاحظة حدائق صغيرة زرعوا فيها بعض الخضار.  

تعليقا على ذلك، أوضح أحد السوريين في محادثة عبر تطبيق واتساب مع الصحيفة أن "العناية بهذه الحدائق الصغيرة ليست هواية، بل طريقة يتبعها اللاجئون من أجل تكملة نظام غذائي هش للغاية"؛ حيث تعتبر اللحوم - بما في ذلك الدجاج - "رفاهية" لا يمكن الوصول إليها. 

وأضافت "الصحيفة" أنه في ظل حالة الخصاصة المطلقة التي يعيشها السوريون، تعتبر الأقنعة الجراحية وكأنها ضرورة يمكن التضحية بها.  

وفي هذا السياق، قال "أحمد عمر بكور" من مخيم دير حسن السوري: إن "الناس لا يملكون النقود. كما يقضي الأطفال يومهم في جمع الأوراق والكرتون ليتمكنوا من إشعال النار التي تسمح لهم بمقاومة البرد والطهي".

أما القناع الصحي، فتقدر تكلفته بحوالي اثنين ليرة تركية أي حوالي 0.20 يورو؛ "ولهذا السبب تفضل العائلات إنفاق هذا المال لشراء الخبز لأطفالهم بدل شراء وسائل للحماية من الوباء". 

وأضافت "الصحيفة" أن جميع النازحين في مدينة "حارم" شمال إدلب يشعرون بحالة من اليأس بسبب فيروس كورونا.  

ونقلت عن أحد هؤلاء النازحين، الذي توفيت والدته بسبب هذا الوباء العالمي دون أن يتمكن من نقلها إلى المستشفى، تعبيره عن حالة الإحباط التي يعيشها قائلا: "كيف سأتمكن من اصطحاب والدتي إلى المستشفى إذا لم يكن لدينا ما يكفي لشراء الخبز؟". 

وأفادت بأنه "بعد حوالي عقد من الحرب الأهلية المدمرة، يواجه أكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون في شمال غرب سوريا، تحت سيطرة القوات المناهضة لنظام بشار الأسد، الانتشار العشوائي لفيروس كورونا".

وأكدت، أن هؤلاء يعيشون "في بيئة تبدو فيها التوصيات مثل التباعد الاجتماعي أو حماية الوجه بمثابة وهم مستحيل؛ خاصة عندما يكون الهاجس الوحيد لهذه العائلات هو معرفة ما إذا كان لديهم طعام لأطفالهم".

خارج نطاق السيطرة 

وفي محادثة مع رئيس "نقابة أطباء الشمال الأحرار" الدكتور "محمد وليد تامر"، عبر الهاتف، قال: إن "التحدي الأكبر لسكان شمال شرق سوريا يتمثل في البقاء على قيد الحياة بشكل يومي".

 وواصل متسائلا: "فكيف نوصي الناس بغسل أيديهم بالماء والصابون إذا لم يكن لديهم صابون ولا ماء؟".

وأضافت "الصحيفة" أن المنطقة المنكوبة نجت بشكل غير متوقع من الموجة الأولى من "فيروس كوفيد19" ولم تسجل أول حالة مؤكدة حتى التاسع من يوليو/ تموز 2020.

مع ذلك، بالتزامن مع وصول الخريف، ارتفعت حالات الإصابة بالوباء. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، سجل بالفعل ما بين 300 و500 حالة في اليوم.

وبشكل عام، وجد المرض أرضية مثالية لانتشاره خاصة بين مئات الآلاف من الأشخاص المتجمعين في مخيمات النازحين المكتظة في جميع أنحاء المنطقة.  

وفي هذا الصدد، يضيف الدكتور تامر قائلا: "لقد تسبب البرد في انتشار العدوى بشكل كبير وأصبح الآن خارج نطاق السيطرة".

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، اعتبارا من 21 ديسمبر/كانون الأول، كانت الحالات الإيجابية المسجلة في شمال غرب تلك المنطقة في حدود حوالي 20 ألف حالة، بزيادة قدرها 47  بالمئة مقارنة بالتقرير الأخير لهذه المنظمة. 

من ناحية أخرى، وصل عدد القتلى الآن إلى حوالي 300. ونقلت الصحيفة أنه في اتصال لها عبر "واتساب" مع "مرام الشيخ"، رئيسة دائرة الصحة في مناطق شمال سوريا التي تسيطر عليها تركيا، حذرت من أن كل هذه الأرقام تقريبية و"منخفضة للغاية". 

وقالت: إن "هذه الأرقام يمكن أن تمثل فقط نسبة 30 بالمئة، حيث إنه لا يوجد نظام يسمح بجمع بيانات موثوقة". ووفقا لتحليل "الشيخ" فإن الوضع ببساطة "كارثي". 

ووفقا للمتحدث باسم فرق "الخوذ البيضاء" للإنقاذ في إدلب "أحمد الشيخو"، فإن "الكثيرين يدفنون أقاربهم المتوفين بسبب الوباء، دون الإعلام عن هذه الحالات". 

فوضى عارمة

أوردت "الصحيفة" أن وحدة تنسيق الدعم السورية حذرت منذ أشهر من أوجه القصور الهائلة في منطقة غارقة في الفوضى لسنوات وغير قادرة على مواجهة تحد مثل "كوفيد19".

 وبحسب أرقامهم، فإن المستشفيات التسعة التي تم تركيبها في المنطقة، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020، كان لديها فقط 164 جهاز تنفس صناعي، و47 أسطوانة أكسجين لسكان يتجاوز عددهم أربعة ملايين نسمة.  علاوة على ذلك، يوجد في هذا الإقليم أقل من 800 طبيب، بحسب تقدير "وليد تامر".

وأوضحت "الصحيفة" أن الدكتور "طراف الطراف"، من مستشفى إدلب المركزي، قال في رسالة نشرها مؤخرا على الإنترنت: إن سنوات الحرب أكسبتهم الخبرة في كيفية التعامل مع التفجيرات، لكن لم يكن لديهم أي شيء في التعامل مع "تهديد آخر غير مسبوق: الوباء". 

ولفت الطبيب أن المنشأة الصحية التي يعمل بها أجبرت على قبول المرضى المصابين على الرغم من عدم تخصصها للعلاج، مما تسبب في "إصابة نصف الموظفين".  وأضاف: أن "النظام الصحي في إدلب في خطر كبير، كما أنه على وشك الانهيار".

وأردفت "الصحيفة" أن الدكتور تامر يتفق مع هذا الرأي. ويقول: إن "نصف" الأطباء والعاملين الصحيين في إدلب وشمال حلب أصيبوا بالعدوى. ويعتقد أن الخيار الوحيد المتاح أمامهم هو "المناعة الجماعية"، حتى وإن ترك هذا البديل نسبة وفيات عالية جدا في دول أخرى. 

أوضحت "الصحيفة" أن محاولات الجمعيات المدنية والسلطات المحلية وحتى الجماعات المسلحة لرفع مستوى الوعي بين السكان حتى يحافظوا على الحد الأدنى من تدابير الحماية الذاتية، كان لها تأثير محدود في ظل الأزمة التي استقرت في البلاد منذ سنوات.

وفي هذا السياق، يعترف الدكتور "تامر" بأن محاولة إغلاق الأسواق والمدارس أو الحد من الوصول إلى الجنازات لم تنجح في ظل مقاومة السكان. 

ويضيف: "إذا حاولنا فرض حظر تجوال، سنسجل حالات وفيات كثيرة"، في إشارة إلى المقاومة المسلحة الأكثر احتمالا التي قد يثيرها مثل هذا الإجراء.  

وأفادت "الصحيفة" بأن نفس الوفيات بسبب الوباء العالمي، "كوفيد19"، تخلق حلقة مفرغة لأن الجنازات، وفقا للتقاليد العربية، تفرض تجمع العشرات أو المئات من الناس.

ومن جهته، يقول أحمد عمر بكور: "إن الحياة هنا رهيبة لدرجة أن الكثير من الناس يفضلون الموت: سواء بسبب كوفيد19 أو أي سبب كان".