"إعادة تأهيل للأسد".. هكذا يرى ناشطون الدعوة الأممية للتصالح بسوريا

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن وسيط الأمم المتحدة الرابع لسوريا "غير بيدرسون"، سيلحق بأسلافه الدبلوماسيين الذين فشلوا في إنجاز مهمتهم في الوصول لعملية سلام بسوريا، إذ أثارت إحاطته الأخيرة عن سير عمل اللجنة الدستورية أمام مجلس الأمن غضبا واسعا.

النرويجي "بيدرسون" الذي تولى مهامه الدبلوماسية في 8 يناير/كانون الثاني 2018، عمد في 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى استخدام مصطلح "العدالة التصالحية" خلال مناقشة عودة اللاجئين في إحاطته.

وقال "بيدرسون": إن أعضاء من قائمة المجتمع المدني قدموا نقاطا تتعلق بعودة اللاجئين الطوعية والكريمة والقضايا المتعلقة بها، ومنها إعادة المساكن والأراضي والممتلكات، و"العدالة التصالحية"، والآليات الدستورية المستقلة والحيادية ذات الصلة.

الإعدام لبشار

"العدالة التصالحية" أثارت غضب ناشطين على "تويتر"، ودفعتهم لمهاجمة "بيدرسون" عبر وسم #محاسبة_الأسد_لامصالحته، مؤكدين أن السوريين أزالوا كلمة "مصالحة" من قاموسهم، بعد اختناق الأطفال بالكيماوي وقتل المدنيين بالبراميل المتفجرة، واستبدلوها بكلمات "المحاسبة والقصاص".

ورد الناشطون على بيدرسون بصور تبرز جرائم الأسد سواء الأطفال الذين ماتوا في مجازر القصف الكيماوي، وأخرى للسوريين أثناء تهجيرهم من منازلهم وإجبارهم أن يعيشوا لاجئين في المخيمات أو على حدود البلدان الأخرى، مؤكدين أن "الشعب السوري يريد إعدام بشار".

وحث ناشطون على التوقيع على العريضة الموجهة للأمم المتحدة الرافضة لعبارة "العدالة التصالحية" والمطالبة بتصحيح المسار السياسي، وتفعيل هيئة الحكم الانتقالي، وإطلاق سراح المعتقلين، ومحاسبة الأسد وأعوانه. 

وهاجم ناشطون الأمم المتحدة لفشلها في التوصل إلى أي اتفاق حول مخرج سياسي للأزمة السورية، وعدم تبنيها أي قرار في مصلحة الشعب السوري، واعتبروها شريكا في سفك دماء السوريين، معلنين رفضهم إدراج مصطلح "العدالة التصالحية" في وثائقها حول سوريا.

الغضب المتصاعد على تويتر، سبقه تحركات رافضة لاستخدام المصطلح من التكتلات الثورية، رغم تراجع "بيدرسون" وتوضيحه أن المصطلح لم يكن في السياق والمعنى الذي ذكره، كما وجه معارضون عريضة رفض إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وطالبوه خلال العريضة التي فتحوها لجمع التوقيعات عليها، بمحاسبة الأسد وأركان نظامه المتورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتصحيح المسار السياسي، وتفعيل هيئة الحكم الانتقالي، وإطلاق سراح المعتقلين، وعودة المهجرين السوريين بضمانات دولية.

فيما أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة، نصر الحريري، أن "العدالة في سوريا واحدة لا نقبل الانزياح عنها، وهي عدالة انتقالية تأخذ لملايين السوريين حقوقهم حسب ما تقتضيه العهود والأعراف الدولية وما نصت عليه قرارات مجلس الأمن".

عدالة انتقالية

"العدالة الانتقالية" مطلب تبناه أيضا الناشطون خلال تغريداتهم، وأعلنوا رفضهم لمصطلح "العدالة التصالحية"، وطالبوا بـ"عدالة انتقالية" تقتص لهم من الأسد وأعوانه.

وأكد المفكر الإسلامي عبد الكريم بكار، أن "لا بديل عن العدالة الانتقالية ومحاسبة القتلة والمجرمين"، مشيرا إلى أن "مصطلح العدالة التصالحية نوع من الضحك على الناس ومرفوض جملة وتفصيلا".

وقال الكاتب والصحفي السوري قتيبة ياسين: إن "العدالة التصالحية التي طُبّقت على (الليبي الراحل معمر) القذافي هي العدالة التي ينشدها الشعب السوري مع بشار الأسد".
بدوره، قال المتحدث باسم هيئة أركان "جيش الإسلام"، حمزة بيرقدار: إن "العدالة المنشودة هي العدالة المُلزَمة بمحاسبة نظام الأسد المجرم الكيماوي وحلفائه والتي يمكن تسميتها العدالة الانتقامية"، واصفا ما يدعون إليه اليوم من عدالة تصالحية بـ"الدعوة المقيتة الدنيئة والخيانة لدماء قرابة المليون شهيد ومعاناة الملايين من اللاجئين".

دور بيدرسون

وهاجم ناشطون المبعوث الأممي، واتهموه بتبني كلمات وشعارات قتلة الشعب السوري، ومحاولة إعادة تأهيل نظام الأسد وحمايته من المساءلة.

ولفت المغرد خالد الإبراهيم، إلى أن "الشعب السوري كان يأمل أن يكون المبعوث الأممي وسيطا نزيها لا أن يردد مصطلحات قاتل الشعب السوري الإرهابي بوتين".

فيما قال الناطق باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، ناجي أبو حذيفة: إن "محاولات بيدرسون ومن وراءه لتأهيل عصابة بشار الإرهابية وإفلاتها من العقاب، لن تنفع"، متعهدا بـ"الوفاء للثورة حتى النصر وألا ينسى دماء الشهداء أو يترك المعتقلين". من جانبه، أكد الحقوقي السوري حسن شاشو، أن "ما قدمه بيدرسون أمام مجلس الأمن ليست إحاطة مجردة بل هي أشبه بدور وظيفي منحاز لنظام المجرم بشار، وسلسلة قديمة ممتدة منذ مدة للالتفاف على القرارات الدولية". ورأى مغرد يدعى "الثائر أبو قدور" أن "ما يحاول طرحه بيدرسون من عدالة تصالحية هي إعادة تعويم هذا النظام المجرم عالميا على حساب (الضحية) الشعب السوري"، موضحا أن "العدالة الحقيقية هي محاسبة نظام الأسد الذي ارتكب أفظع الجرائم الإنسانية من قتل واعتقال وتعذيب بحق الشعب السوري".

جرائم الأسد

وصب ناشطون غضبهم على رئيس النظام بشار الأسد وعددوا جرائمه، وطالبوا بمحاكمته.

وبحسب منظمات غير حكومية، أفادت في تقارير لها مطلع يناير/كانون الثاني 2020، بأن الحرب المستمرة في سوريا منذ مارس/آذار 2011، أدت إلى سقوط 380 ألف قتيل بينهم 115 ألف مدني و22 ألف طفل، و13 ألفا و612 امرأة، وتشريد أكثر من نصف السكان من منازلهم.

وخاطب المحامي والناشط الحقوقي عبد الناصر حوشان، بيدرسون قائلا: "بشار الأسد مجرم حرب تقتضي العدالة محاكمته جنائيا وليس إبرام تسويات ومصطلحات".

وأكد مغرد بحساب "المتفائل" أن "محاسبة المجرم بشار ليس شعارا رومنسيا يطرحه السوريون، إنه جزء من عملية التعافي التي يحتاجها المجتمع لكي يستطيع الناس العودة إلى ممارسة حياتهم بشكل قريب من الطبيعي". وأوضح المعتقل السوري السابق عبد الناصر الحميدي، أن "محاسبة الأسد تبدأ من عزله وسجنه، يتبعها تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، ثم إطلاق سراح المعتقلين، وانتخابات في بيئة آمنة مستقرة، وكتابة دستور حقيقي يمثل مطالب الشعب، وإعدام بشار كمجرم حرب".

منظمة عاجزة

وهاجم ناشطون، الأمم المتحدة، واتهموها بالانحياز إلى الأسد وإعادة تأهيله وإنتاج النظام، معلنين تمسكهم بثورتهم المستمرة منذ 2011، ومطالبها العادلة.

يشار أن وسطاء الأمم المتحدة الثلاثة السابقين لبيدرسون أخفقوا في صنع السلام في سوريا، وهم الدبلوماسي الإيطالي-السويدي ستيفان دي ميستورا، والأمين العام الأممي الأسبق، كوفي عنان، والدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي.

وأشار الباحث في الشأن السوري ونزاعات الشرق الأوسط، فراس فحام، إلى أن "مهمة الأمم المتحدة تيسير اللقاءات بين الأطراف لبحث الحلول، لكن وساطة المنظومة الأممية غالبا ما تراعي موازين القوى الدولية، وتبحث عن الحل لا العدل".

وأضاف: أن "روسيا صاحبة الثقل الأكبر بالملف السوري، وتصريحات المبعوث بيدرسون الأخيرة تعبر عن رؤية روسيا للحل".

من جهته، قال رسام الكاريكاتير عمار آغا القلعة: إن "الأمم المتحدة لن تنفذ أي قرار يفيد الشعب السوري"، مؤكدا أن "القرار لليد وليس للأداة التي تستعملها، واليد هي مجلس الأمن بأصابعها الخمسة، والأمم المتحدة أداة".

فيما أكدت الناشطة في الثورة السورية، دارين العبد الله أن "دول العالم من شرقها لغربها لو قبلت ببشار فلن يفرضوه على السوريين"، قائلة: إن أهداف ثورتهم "لن تسقط عبر مصطلحات ومؤتمرات واتفاقات تعقد خارج حدود الوطن".