"آفيازابشاست".. شركة روسية ارتكبت جرائم بسوريا وتدعم متطرفي أوروبا

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

"آفيازابشاست" شركة روسية عملاقة متخصصة في شؤون الدفاع، وتوريد وخدمة ما بعد البيع لمعدات الطيران ذات الاستخدام المزدوج، بدأ اسمها يتردد بقوة مؤخرا في وسائل الإعلام العالمية.

في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركة، بسبب تقارير تؤكد تورطها في أنشطة غير قانونية بسوريا، وكذلك دعمها لبعض أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، على رأسهم حزب "التجمع الوطني" اليميني الفرنسي.

فما هو طبيعة الدور الذي تقوم به الشركة؟، ومن مالكها؟، ومدى علاقته بجهاز الاستخبارات الروسية؟ وما هي إستراتيجيتها وامتدادات أنشطتها خارج نطاق روسيا؟.

عقوبات أميركية

في 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، تقريرا بعنوان "شركة آفيازابشاست الروسية، مالكة ديون اليمين الفرنسي المتطرف، تعاقب من قبل واشنطن".

المجلة قالت: إن "مكتب الأمن الدولي ومنع الانتشار، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، فرض العقوبات على خلفية أنشطة الشركة في سوريا".

وأضافت المجلة أن الشركة المملوكة لرجل الأعمال "فاليري زاخارينكوف"، المقرب من الاستخبارات الروسية، "قامت بتوريد قطع غيار ونفط ووقود لمروحيات القوات الجوية السورية في السنوات الأخيرة".

وأوردت: أن "آفيازابشاست أصلحت المحركات التوربينية من طراز (دي 30 كيه بي-2 D30KP-2)، وطائرة النقل من طراز (إليوشن-76 Il-76) التابعة لوزارة الدفاع السورية".

وأوضحت أن التقرير السنوي للشركة الروسية لعام 2015. أدرج سوريا، إلى جانب الجزائر والهند والصين، كواحدة من أكبر زبائنها، وفي عام 2017، عندما نشرت الشركة تقريرها السنوي الأخير، جاءت أكثر من 10٪ من أرباح الشركة من العقود مع سوريا. 

في 17 يونيو/حزيران 2020، اعتمدت الإدارة الأميركية قانون "حماية المدنيين في سوريا" أو ما يعرف بـ"قانون قيصر" على سوريا وحليفتيها روسيا وإيران.

ونص القانون على فرض عقوبات على الحكومة السورية، والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات، في مجالات الطاقة والهندسة والأعمال والنقل الجوي.

ويمكن للرئيس الأميركي بموجب القانون، فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية، أو توفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن، وهو ما حدث مؤخرا مع شركة "آفيازابشاست" الروسية.

اليمين المتطرف 

أزمات "آفيازابشاست" تجاوزت سوريا إلى قلب أوروبا، حيث توصلت الاستخبارات الأميركية لمعلومات، تؤكد تمويل روسيا للأحزاب الأوروبية المناهضة للسلطات والمؤسسات على مدى السنوات الأربع الماضية.

الاستخبارات الأميركية رصدت أن الشركة الروسية "آفيازابشاست" تمتلك في فرنسا الديون التي تعاقد عليها حزب "التجمع الوطني" اليميني الفرنسي لتمويل أنشطته السياسية.

وفي 2 يونيو/حزيران 2020، قرر القضاء الروسي استدعاء "حزب التجمع الوطني" اليميني الفرنسي، الذي تتزعمه "مارين لوبان"، للمساءلة حول عدم تسديد سلفة أخذها من شركة آفيازابشاست.

وحسب المعلومات التي تم تداولها في وسائل إعلام فرنسية، فإن حزب التجمع الوطني كان قد أخذ قرضا بقيمة 9.14 ملايين يورو عام 2014. من أفيازابشاست، وتم الاشتباه حينها في أن المبلغ كان في شكل دعم من الكرملين لحزب مارين لوبان، حيث ينتقد الحزب العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية.

وأظهر موقع "محكمة التحكيم" في موسكو أن مؤسسة آفيازابشاست التي يديرها عسكريون روس سابقون، والمتخصصة في قطع غيار الطائرات تقدمت بشكوى يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2019، ضد حزب التجمع الوطني، بهدف استعادة القرض، وتم إبلاغ الحزب بالإجراءات القضائية.

تلك الأزمة جاءت في وقت ازدادت فيه الدعوات إلى تحقيق شامل، بشأن تدخل روسيا في انتخابات البلدان الأوروبية، وعلاقة الكرملين مع أحزاب وحركات يمينية متطرفة وشعبوية، بعد تسريبات صوتية وفضائح طالت قادة هذه الأحزاب في إيطاليا والنمسا وفرنسا.

كانت واحدة من أشهر وقائع الفضائح الخاصة باليمين المتطرف في أوروبا، وتلقيه دعما من الروس، ما يعرف بـ "فضيحة إيبيزا" في النمسا، في 17 مايو/آيار 2019.

وسائل إعلام ألمانية نشرت وقتها مقطعا مصورا بكاميرا خفية قبل سنتين، يُظهر "هاينتس شتراخه" نائب المستشار النمساوي (آنذاك)، وهو يناقش في فيلا بجزيرة إيبيزا الإسبانية، امرأة يعتقد أنها مرتبطة بشخصية روسية، احتمال تقديم مساعدات مالية مقابل منحها مدخلا لعقود حكومية مع النمسا.

وعلى خلفية هذه الفضيحة، دعا المستشار النمساوي، إلى انتخابات مبكرة عقب استقالة نائبه المتورط هاينتس شتراخه.

وفي السنوات الأخيرة عملت أجهزة الأمن الأوروبية، وتحديدا في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، على مواجهة التهديدات الروسية للديمقراطية الليبرالية. 

وعلى مدار الدورات الانتخابية الأخيرة، أثبت الكرملين نجاحه في الإضرار بالعملية الديمقراطية، وتلويث الخطاب العام في عموم أوروبا، وهو ما ظهر من خلال صعود الشعبويين من أقصى اليمين في بلدان رئيسية.

آفيازابشاست 

هي شركة حكومية روسية تأسست عام 1968، كوكالة تصدير تابعة لوزارة صناعة الطيران في الاتحاد السوفيتي لدعم أسطول الطائرات.

تعتبر "آفيازابشاست" حاليا من أكبر شركات تشغيل الطائرات في العالم، وترتبط بعلاقات تعاقدية مستقرة مع أكثر من 250 شركة في روسيا، بالإضافة إلى كثير من الدول مثل الهند والجزائر والصين وفيتنام وبيرو وكازاخستان وبنغلاديش.

وفي عام 2017. دخلت الشركة مرحلة جديدة مع تطوير أنشطتها، بافتتاح مركز طائرات الهليكوبتر "Ermolino" المصمم لخدمة معدات الطائرات الروسية والأجنبية في منطقة كالوغا. 

الشركة الروسية مملوكة لرجل الأعمال "فاليري زاخارينكوف" المقرب من جهاز الاستخبارات الروسية "KGB"، وهو من الرجال النافذين داخل الدولة، ويترأس عددا من شركات الطيران الروسية، منها "آيرو إلكتروماش" و"إليب آفيا"، كما يحظى بموطئ قدم راسخ في أيرلندا، التي تعتبر قاعدته الأوروبية، حيث يمتلك شركتي "أوميجا هليكوبترز" و"فاب جروب".

وفي عام 1995، اشتبهت الشرطة الروسية في تورط شركة "أوميجا" في بيع 3 مقاتلات جوية من طراز "سوخوي 22 SU-22" لليمن. 

ويعتقد أن "زاخارينكوف" أبرم الصفقة مع يوري ماكاروف، الكولونيل (العقيد) السابق في "وكالة أمن الدولة الفيدرالية (FSB)" أو جهاز الاستخبارات الداخلية الروسي، الذي تحول للعمل كتاجر أسلحة.

وتظل "آفيازابشاست" هي درة تاج رجل الأعمال الروسي، حيث تتلقى الدعم المطلق من الكرملين، الذي يستخدمها في كثير من الأعمال في الداخل والخارج. 

أما مدير الشركة فهو "فيكتور دزيروك إيفانوفيتش"، وهو ضابط سابق في الجيش الروسي، تخرج عام 1989. من مدرسة "غوركي" العسكرية العليا للخدمات اللوجستية. 

وتضم الشركة مجموعة من الموظفين ورؤساء الأقسام، تم رصدهم عبر موقع "لينكد إن"، منهم "بوريس كولبيشكين" رئيس قسم التطوير، و"أوكسانا أفانيسوفا" أخصائي رئيسي بالشركة، و"إيغور بوبين" كرئيس لقسم الاتصالات.

وعبر موقعها الرسمي أوردت "آفيازابشاست" أن إستراتيجيتها قائمة على تعزيز الشراكات مع العملاء الأجانب، وتوسيع جغرافية الإمدادات من المعدات التقنية للطيران الروسية الصنع، وتحسين العلاقات مع الشركات المصنعة المحلية لمنتجات الطائرات، والبحث عن مشاريع وأنشطة جديدة للشركة وتطويرها في الداخل والخارج.