بعد تفشي كورونا.. هذه المخاطر تواجه الأطفال بسبب الدراسة الإلكترونية
.jpg)
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في أبريل/نيسان 2020، من تزايد مخاطر تعرض الأطفال للأذى على الإنترنت، بسبب قضائهم لوقت أطول أمام الشاشات خلال الالتزام بالتدابير التي فرضتها "جائحة كورونا".
تدرك الأسر خطورة وجود الأطفال أمام الإنترنت، ولهذا السبب تحرص على مراقبتهم باستمرار، غير أن وجودهم لساعات أمام الجهاز بمفردهم، بسبب الدراسة عن بعد، جعلت الآباء غير قادرين على التحكم في الوضع.
في بداية الحجر الصحي، تمسكت الأسر بمراقبة أبنائها، ومجالستهم خلال دروسهم عن بعد، لكن مع طول المدة، فقدت هذا الامتياز، خصوصا بعد عودة الكثير منهم للعمل.
تحذيرات متزايدة
قالت "يونيسيف" في تقريرها: إن "ملايين الأطفال يواجهون مستوى أكبر من خطر التعرض للأذى، إذ تنتقل أنشطتهم اليومية على نحو مطرد إلى شبكة الإنترنت أثناء فترة ملازمة المنازل بسبب جائحة كوفيد-19".
واعتبر المدير التنفيذي بالمنظمة للشراكة العالمية من أجل إنهاء العنف الدكتور، "هاوارد تايلور" أن "كورونا أدت إلى زيادة غير مسبوقة في الوقت الذي يمضيه الأفراد أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية".
وتابع: أن "إغلاق المدارس والإجراءات المشددة لاحتواء انتشار الفيروس، دفعت عددا متزايدا من الأسر إلى الاعتماد على التقنيات والحلول الرقمية، لمواصلة تعليم الأطفال وترفيههم وربطهم بالعالم الخارجي". واستطرد "تايلور" قائلا: "لا يمتلك جميع الأطفال المعارف والمهارات والموارد الضرورية، للمحافظة على أمانهم على شبكة الإنترنت".
في تقرير سابق لها، أفادت "يونيسيف" أن أكثر من 1.5 مليون طفل ويافع، تأثروا بإغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم. وقد يؤدي إمضاء وقت أكبر على المنصات الافتراضية إلى تعريض الأطفال إلى الاستغلال الجنسي والاستدراج عبر شبكة الإنترنت، إذ يسعى المعتدون لاستغلال الظروف التي تفرضها "جائحة كوفيد-19".
وقد يقود نقص التواصل وجها لوجه مع الأصدقاء والوالدين، إلى زيادة المخاطرة من قبل بعض الأطفال، من قبيل إرسال صور جنسية عبر الإنترنت، في حين قد تؤدي زيادة الوقت غير المراقب على الإنترنت لتعريض الأطفال لمحتوى ضار وعنيف، إضافة إلى زيادة خطر تعرضهم للتنمر الرقمي.
وأطلقت "يونيسيف" شراكة عالمية لإنهاء العنف ضد الأطفال، شارك فيها الاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والتحالف العالمي "نحن نوفر الحماية"، ومنظمة الصحة العالمية، ومؤسسة الطفولة العالمية بالولايات المتحدة.
توصيات عامة
وأصدرت المؤسسات تقنية جديدة تهدف إلى حث الحكومات، وشركات تقنيات المعلومات والاتصالات، والتربويين، والوالدين، أن يتوخوا الحرص ويتخذوا إجراءات عاجلة للحد من الأخطار المحتملة، ويضمنوا أن تكون تجارب الأطفال على شبكة الإنترنت آمنة وإيجابية أثناء "جائحة كوفيد-19".
ومن بين الأنشطة الأولية الموصى بها للحد من أخطار استخدام الإنترنت على الأطفال أثناء "جائحة كوفيد-19"، ما يلي:
- الحكومات: دعم خدمات حماية الطفل الأساسية لضمان أن تظل مفتوحة وفاعلة طالما استمرت الجائحة؛ وتدريب العاملين في الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية على التعامل مع التأثيرات التي قد تتركها "جائحة كوفيد-19" على عافية الأطفال، بما في ذلك ازدياد الأخطار عبر شبكة الإنترنت؛ والارتقاء بالتوعية والمبادرات التعليمية حول أمان الأطفال على شبكة الإنترنت.
- شركات تقنيات المعلومات بما فيها منصات التواصل الاجتماعي: التحقق من احتواء منصات الإنترنت على تدابير محسنة للأمان والحماية، خصوصا في أدوات التعلّم الافتراضي، وضمان أن هذه التدابير متاحة بسهولة للتربويين والوالدين والأطفال؛ وتعزيز وتيسير خدمات الإحالة في مجال حماية الطفل، والخطوط الهاتفية المخصصة للمساعدة؛ وتطوير سياسات موحدة لإدارة المنصات الرقمية، بحيث تتماشى مع حقوق الطفل.
- المدارس: تحديث سياسات الحماية القائمة، لتعكس الواقع الجديد لتعلم الأطفال في منازلهم؛ وترويج المسلكيات الجيدة على الإنترنت ورصدها، لضمان وصول الأطفال المستمر إلى خدمات الإرشاد الاجتماعي التي توفرها المدارس.
- الآباء: التحقق من أن الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها الأطفال، مزودة بآخر تحديثات البرامج الحاسوبية وبرامج مكافحة الفيروسات الإلكترونية؛ والشروع في حوارات مفتوحة مع الأطفال حول كيفية تواصلهم على شبكة الإنترنت، ومع من يتعين عليهم التواصل؛ والعمل معهم لوضع قواعد حول كيفية استخدام الإنترنت ومواعيده وأماكن استخدامه.
تطبيقات غير آمنة
في الوقت الذي وجهت فيه المنظمة توصياتها لكل هذه الهيئات، لاستحداث طرق آمنة لاستخدام الأطفال للإنترنت، قامت هيئة اختبار السلع والمنتجات الألمانية، في سبتمبر/أيلول 2020، باختبار تطبيقات حماية الأطفال، ولكنها أكدت في النهاية أنه حتى التطبيقات "الجيدة" لا توفر حماية بنسبة 100 بالمئة من مخاطر الإنترنت.
وقد اختبرت الهيئة الألمانية 9 تطبيقات للهواتف الذكية والحواسيب اللوحية، بما في ذلك تطبيق حماية الأطفال في نظام تشغيل "آبل" للأجهزة الجوالة "آي أو إس" وتطبيق غوغل "فاميلي لينك" للأجهزة الجوالة المزودة بنظام "أندرويد".
ووفقا لنتائج الهيئة الألمانية، فقد نال تطبيقان تقييم "جيد"، أحدهما يعمل على الأجهزة الجوالة المزودة بنظام آبل "آي أو إس" ونظام غوغل أندرويد.
ويمتاز تطبيق جسبروغ (Jusprog) المجاني بحماية الأطفال من تصفح مواقع الويب المشبوهة مع تقديم الدعم التربوي، في حين يوفر التطبيق سالفيلد (Salfeld) المدفوع المزيد من الوظائف مثل تتبع الموقع وقفل تثبيت التطبيقات.
ولكن لا يوجد إصدار من هذا التطبيق لأجهزة "آبل"، وعادة ما تتوفر تطبيقات حماية الأطفال نظير تكاليف.
وانتقد الخبراء الألمان اعتماد الكثير من تطبيقات حماية الأطفال على عناصر التحكم والمحظورات بدرجة كبيرة، وتقديم الدعم التربوي المفيد للمراهقين بدرجة أقل.
وكشفت دراسة -نشر نتائجها موقع "في بي إن مينتور" المتخصص في التكنولوجيا- عن أرقام "مذهلة"، تفيد بأن "68 بالمئة من الآباء لا يتحققون أبدا من نشاط أطفالهم على الإنترنت"، مع الإشارة إلى أن هذا النشاط يزيد عاما تلو الآخر.
لكن الموقع المتخصص، يرى أنه ليس من الصعب وضع ضوابط تقنية معينة لحماية أطفالك من الإنترنت.
وشدد على أن أفضل ما يمكن للآباء القيام به لحماية أطفالهم، هو التحدث إليهم، ووضع حدود واضحة لما يمكنهم الوصول إليه عبر الإنترنت، قبل أن يزيد في توصياته للآباء: "لكن عليك أن تكون موجودا معهم عندما يرتكبون أي خطأ، أو عند تخطيهم للحدود".
وبهذا تبقى مراقبة الوالدين هي الوسيلة الأضمن لحماية الأطفال من المخاطر التي حذرت منها منظمة "يونيسف".
استدراج مخطط
في حوار أجرته وكالة "الأناضول"، مع خبير مواقع التواصل الاجتماعي، "دنيز أوناي"، تحدث عن "الاستدراج عبر الشبكة العنكبوتية"، في ظل ضعف مراقبة الأهل لنشاط الأبناء في هذا الفضاء.
وأفاد الخبير أن "المستدرجين على الإنترنت يختارون فريستهم، ويبدؤون بتحضيرها من أجل استغلالها (جنسيا) لاحقا". وأوضح، أن مصطلح "الاستدراج عبر الإنترنت" يعني استخدام التكنولوجيا الإلكترونية بهدف التنمر على الأطفال.
وأضاف أوناي: أن "مستدرجي الأطفال يتصيدون فرائسهم بشكل خفي وخبيث، هم يستغلون أي فرصة يتواصلون تحت أسماء مستعارة، ويجوبون الشبكة العنكبوتية باستخدام قناع". وتابع قائلا: "لا نستطيع تجاهل أنهم يريدون إشباع شهواتهم في الحياة الحقيقية عبر الإنترنت، لأنهم يعتقدون أنه لن يتم كشفهم".
وفيما يتعلق بالفئة المستهدفة، قال الخبير: إن "المستدرجين يختارون فريستهم، ومن ثم يبدؤون بتحضيرها من أجل الاستغلال (الجنسي)، هم يستهدفون عادة الأطفال الضعفاء الذين يعانون من تدني احترامهم لذاتهم، والذين لا يخضعون لمراقبة كافية من الآباء والأمهات".
ووفقا لمجموعة من الدراسات انطلق منها، وصل موقع "ميديوم" الأميركي إلى استنتاج يفيد بأنه ليس من السهل مراقبة أنشطة الأطفال على الإنترنت.
ورأى المتخصصون أن الأطفال أذكياء في إخفاء الأشياء على هواتفهم المحمولة، لكن كلما زاد عدد الآباء الذين يراقبون ويحاولون مواكبة الأمر، سيكون من الصعب على الأطفال إخفاء اهتماماتهم في عالم الإنترنت.
لكن في المقابل، يعتقد فريق آخر، أن معرفة الأطفال بأن الآباء يراقبون سلوكهم عبر الإنترنت، سيجعلهم أكثر حرصا بشأن ما ينشرونه.
وفقا لاستطلاع أجرته منظمة "التحالف الوطني للأمن السيبراني" الأميركية، عام 2017، فإن 28 بالمئة من المراهقين الذين يستخدمون الإنترنت، لا يحدد آباؤهم قواعد لاستخدامهم للأجهزة. أما العائلات التي تحدد قواعد، فإن أكثر من 70 بالمئة منهم يشعرون أنها فعالة.
وتنصح "المنظمة" بأن يعمل الآباء على وضع قواعد لاستخدام أطفالهم للأجهزة، وأن تمتد هذه القواعد إلى ما هو أبعد من مجرد عدم استخدام أجهزتهم في أوقات معينة، وأن تتضمن عقوبات لعدم اتباعها.
وتستخدِم المدارس عبر العالم الحلول التكنولوجية لضمان استمرارية الدراسة. تشمل هذه الحلول أخذ الدروس عبر الإنترنت والتعامل مع أدوات التعلم.
وتشمل أيضا توسيع استخدام تقنيات مؤتمرات الفيديو للاجتماعات الافتراضية التي يشارك فيها المعلمون والإداريون والطلاب وأولياء الأمور، وهذا يطرح تحد آخر بشأن الخصوصية.
بالنظر إلى الوقت والمال الكبيرين اللذين يتم استثمارهما، يتوقع موقع "ذا كونفرزيشن" أن تؤثر خيارات اليوم على الخصوصية والمساواة في التعليم، بعد فترة طويلة من انتهاء الوباء، على اتخاذ خيارات تحترم خصوصية الطلاب، والاستثمار في مستقبلهم ومستقبل الأنظمة التعليمية.
المصادر
- دليل الآباء الشامل لحماية طفلك على الإنترنت في 2020
- Children at increased risk of harm online during global COVID-19 pandemic
- استدراج الأطفال على شبكة الإنترنت.. وغياب الرقابة الأسرية
- children and the internet
- ما عدا تطبيقين.. فشل معظم تطبيقات حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت
- PROTECTING CHILDREN IN HUMANITARIAN SETTINGS
- 5 tips to monitor your child’s online activities
- Remember, It Is Important To Monitor Your Child’s Online Activity