تخوفات من القمع.. دعوات عراقية للتظاهر تنديدا بـ"جرائم الصدريين"

12

طباعة

مشاركة

تطويق ساحات الاحتجاج في العراق واعتقال واغتيال الناشطين لقمع التظاهرات المطالبة بمحاسبة قتلة العشرات منهم خلال الأشهر الماضية وإجراء إصلاحات حقيقية في البلاد ومحاربة الفساد.. هذا ما تشهده العراق.

وتزايدت حدة التوتر في مدينة الناصرية التي تعرض فيها المتظاهرون للقمع على يد أنصار "التيار الصدري" الجمعة الماضية، دفع ناشطون عبر "تويتر"، للحشد إلى تظاهرات جمعة 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، رفضا لمحاولة قمعهم.

وأعلنوا عبر مشاركتهم في وسم #جمعة_الناصرية، أن تظاهراتهم لنصرة ومؤازرة متظاهري الناصرية واستنكارا لقمعهم وترهيبهم واعتقالهم وتهديد عائلاتهم، مستنكرين عجز رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته عن التصدي لـ"مليشيات ‏الصدر".

وأكدوا أن شباب العراق يستعدون للانطلاق "سلميا" في جميع المحافظات، منددين باعتداء مسلحين تابعين للتيار الصدري عليهم في ساحة الحبوبي بالناصرية، بالقنابل الحارقة وإطلاق النار عليهم وإحراق خيامهم مما أسفر عن سقوط قتلى ومصابين.

ديكتاتورية جديدة

وأفادت تقارير بأن المتظاهرين في مدينة الكوت التابعة لمحافظة واسط جنوبي العراق، نصبوا خيامهم في ساحة اعتصام المدينة الرئيسية، رافضين توجيهات الحكومة المحلية، وقيادة الشرطة التي منعت أي اعتصام في المحافظة.

وأعرب ناشطون عن استيائهم من استهداف تظاهراتهم السلمية والناشطين المشاركين فيها واعتقالهم وإخفائهم قسريا، متهمين الكاظمي وحكومته والأحزاب العراقية بالسعي لإنهاء الثورة وعزل الساحات قسريا وفرض ديكتاتورية جديدة عبر وسيلة القتل والخطف والاعتقال. 

والجمعة الماضية، شهدت ساحة الحبوبي، معقل المتظاهرين المناهضين للنخبة السياسية المتهمة بالفساد، أعمال عنف دامية، أسفرت عن قتل 5 أشخاص وإصابة 80 آخرين إثر هجوم أنصار مقتدى الصدر على المحتجين.

على إثرها، اتخذ الكاظمي إجراءات اعتبرها الناشطون مناهضة لهم، ولا تتصدى لجرائم مليشيات الصدر، واتهموا الحكومة والقوات العراقية بالتواطؤ مع الصدر، ومنها فرض حظر التجوال، وإرسال وفد حكومي أمني للتفاوض مع المحتجين وذوي الضحايا؛ لوقف التظاهرات.

وفي إطار بحث الحكومة عن التهدئة، أرسلت وفدا حكوميا بينهم مستشارون في مكتب الكاظمي، التقوا مع مسؤولين وشيوخ عشائر وناشطين فاعلين في ساحات التظاهر، لمحاولة إقناعهم بالتخلي عن العودة لساحة "الحبوبي" وتعليق أنشطتهم الاحتجاجية ولو بشكل مؤقت.

كما شكلت حكومة الكاظمي، فريق "أزمة الطوارئ" مفترضا أنه يمنح صلاحيات إدارية ومالية وأمنية لحماية المتظاهرين السلميين، لكن فور الإعلان عنها زادت حملة الاعتقال وملاحقة الناشطين، واضطروا على إثرها إلى تغيير أماكن إقامتهم مؤقتا.

جمعة موحدة

كل ذلك، دفع الناشطين لتأكيد استعدادهم لجمعة موحدة في بغداد؛ لدعم ومساندة الناصرية وشبابها، ورفض "التصرفات الميليشياوية" التي تقوم بها الحكومة وأحزابها، محذرين من خطورة الصمت على تلك التصرفات.

وأعلن الكاتب العراقي عمر الجنابي، دعمه للمظاهرات في العراق الجمعة المقبلة، "في ظل ما يواجهه أبطال ساحة الحبوبي من هجمة لأحزاب وميليشيات وأجهزة قمع".

 فيما اعتبر المحامي والمستشار القانوني علي العبد الله، من أن "ما حصل لشباب الناصرية من قتل واعتقال وترهيب سيكون مصير كل الشباب في الأيام القادمة!".

رفض التفاوض

وندد ناشطون بمحاولات الكاظمي لوقف التظاهرات، والالتفاف على مطالبهم ومحاولة التفاوض مع الشيوخ، واتهموا الحكومة بالتحول لأداة ضغط على المتظاهرين بعدما فشلت في التصدي للصدر وأنصاره.

وتفيد تقارير إعلامية بأن حكومة الكاظمي "لديها معلومات تؤكد مساعي الصدر ومليشياته لمهاجمة ساحات التظاهر واقتلاع الخيام بالجرافات مجددا". 

وانتقد الإعلامي زيد عبد الوهاب الأعظمي، حكومة الكاظمي، مؤكدا أنها أساءت التقدير مرة أخرى في أكثر الساحات حساسية وفاعلية حين بعثت وفدا حكوميا بمطالب مرفوضة.  

 وتوقع الإعلامي والكاتب السياسي والروائي عامر الكبيسي أن تكون "جمعة الناصرية حدثا مهما".

 رفض الاعتقالات

وندد ناشطون بعودة "عمليات الغدر" بالناشطين العراقيين المناهضين للحكومة، وأعربوا عن استيائهم من لجنة التحقيق التي أرسلها الكاظمي.

وتداولوا مقطع فيديو يظهر مداهمات منازل الناشطين، وبثته المغردة ريما قائلة: "هذا ما أرسله الكاظمي للناصرية، أنا شخصيا لا ألوم الكاظمي ولا قاسم الأعرجي (رئيس خلية الطوارئ) ولكن ألوم (رئيس جهاز الأمن الوطني، عبد الغني)الأسدي الذي يعتبر ضابطا مهنيا، ولكن الأحزاب استطاعت استدراجه إليهم مداهمة منزل المتظاهر غانم الزهيري واعتقاله في الناصرية".

 ونشرت مغردة باسم "سرى ضمير قاسم" صورة لتهديدات محسوب على تيار الصدر كتبه على أحد الجدران، معقبة بالقول: "هذا التهديد الرسمي والواضح للمتظاهر السلمي في ساحة اعتصام الحبوبي في محافظة ذي قار، لم تره خلية أزمة الكاظمي ولا قائد شرطة المحافظة.. يتركون القاتل ويطاردون الضحية.. نعم هذه هي حكومة الميليشيات". واختصر الصحفي مهدي عزيز الأزمة قائلا: "لجنة التحقيق التي أرسلها الكاظمي ذهبت لاعتقال من لم يقتل أو يجرح في يوم الجمعة الماضي، الغاية هي كسر شوكة التظاهرات بالقضاء على تظاهرات الناصرية، وهذا الذي لن يحدث وهيهات أن يحدث". يذكر أن المتظاهرين رفعوا مطالبهم إلى الحكومة، الاثنين الماضي، وأضافوا إليها مطالب جديدة على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها الناصرية.

ودعا المحتجون إلى تأمين حماية ساحة الحبوبي، ورفض التفاوض مع الحكومة بشأن إزالة خيم المعتصمين، وإقالة الحكومة المحلية لتقصيرها في الجانبين الخدمي والأمني، والكشف عن مصير المتظاهرين المغيبين وإطلاق سراحهم.

وطالبوا بمنع تدخل الأحزاب السياسية في المؤسسات الأمنية وإعادة النظر ببعض القادة، ومحاسبة المتسببين بقتل المتظاهرين في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وشمول شهداء وجرحى التظاهرات بكافة امتيازات مؤسسة الشهداء، والإسراع بتنفيذ مطالب ذويهم.

وحثوا على إلزام الشركات النفطية الأجنبية بتقليص عدد العمالة الأجنبية فيها، وإتاحة الفرصة لأبناء محافظة ذي قار للعمل في حقل الغراف النفطي، وتوفير درجات وظيفية في موازنة 2021 لاستيعاب أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل.

كما طالب المتظاهرون أيضا بتحديد وتثبيت موعد الانتخابات المبكرة، وإنجاز مسودة قانون الأحزاب، وإعادة المباني التي تشغلها الأحزاب إلى الدولة، وإلغاء لجنة متابعة المشاريع التي يرأسها الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء حميد الغزي، التابع للتيار الصدري، واستبدالها بمجلس لإعادة إعمار "ذي قار".